ذم البخل والشح في واحة الشعر
قال المقنع الكندي:
إني أحرِّضُ أهلَ البخل كلَّهم *** لو كان ينفعُ أهلَ البخلِ تحريضي
ما قلَّ مالي إلا زادني كرمًا *** حتى يكونَ برزقِ اللهِ تعويضي
والمالُ يرفعُ مَن لولا دراهمُه *** أمسى يقلِّب فينا طرفَ مخفوضِ
لن تخرجَ البيضُ عفوًا مِن أكفِّهمُ *** إلا على وجعٍ منهم وتمريضِ
كأنها مِن جلودِ الباخلين بها *** عندَ النوائبِ تحذى بالمقاريضِ
وقال أبو دلامة:
ما أحسنَ الدينَ والدُّنيا إذا اجتمعا *** وأقبحَ الكفرَ والإفلاسَ بالرجلِ
وقال آخر:
فلا الجودُ يفني المالَ والجدُّ مقبلٌ *** ولا البخلُ يبقي المالَ والجدُّ مدبرُ
وقال إسحاق الموصلي:
وآمرةٌ بالبخلِ قلتُ لها اقصري *** فليس إلى ما تأمرين سبيلُ
أرى الناسَ خلانَ الجوادِ ولا أرى *** بخيلًا له في العالمين خليلُ
ومن خيرِ حالاتِ الفتى لو علمته *** إذا قال شيئًا أن يكون ينيلُ
فإني رأيتُ البخلَ يُزري بأهلِه *** فأكرمتُ نفسي أن يقالَ بخيلُ
عطائي عطاءُ المكثرين تجمُّلًا *** ومالي كما قد تعلمين قليلُ
وقال عمرو بن الأهتم:
ذريني فإنَّ البخلَ يا أُمَّ هيثمٍ *** لصالحِ أخلاقِ الرجالِ سروقُ
لعمرُك ما ضاقتْ بلادٌ بأهلِها *** ولكنَّ أخلاقَ الرجالِ تضيقُ
وقال ابن الزقاق:
لا يحمدُ البخلُ أن دان الأنامُ به *** وحامدُ البخلِ مذمومٌ ومدحورُ
وقال علي بن ذكوان:
أنفقْ ولا تخشَ إقلالًا فقد قُسمتْ *** بين العبادِ مع الآجالِ أرزاقُ
لا ينفعُ البخلُ معْ دنيا موليةٍ *** ولا يضرُّ مع الإقبالِ إنفاقُ
وقال عبد الله بن المعتز:
أعاذلُ ليس البخلُ مني سجيةً *** ولكن رأيتُ الفقرَ شرَّ سبيلِ
لموتُ الفتى خيرٌ مِن البخلِ للفتى *** ولَلبخلُ خيرٌ من سؤالِ بخيلِ
وقال العثماني:
فلا الجودُ يفني المالَ قبل فنائِه *** ولا البخلُ في مالِ الشحيحِ يزيدُ
فلا تلتمسْ رزقًا بعيشٍ مقتَّرٍ *** لكلِّ غدٍ رزقٌ يعودُ جديدُ
وقال قيس بن الخطيم:
وليس بنافعٍ ذا البخلِ مالُ *** ولا مزرٍ بصاحبِه السخاءُ
وبعضُ الداءِ مُلتمَسٌ شفاهُ *** وداءُ النَّوكِ ليس له شفاءُ
وقال آخر:
ويظهرُ عيبَ المرءِ في الناسِ *** بخلُه ويسترُه عنهم جميعًا سخاؤُه
تغطَّ بأثوابِ السخاءِ فإنني *** أرَى كلَّ عيبٍ فالسخاءُ غطاؤُه
وقال آخر:
وهبني جمعتُ المالَ ثم خزنتُه *** وحانتْ وفاتي هل أُزادُ به عُمرا
إذا خزن المالَ البخيلُ فإنَّه *** سيورثُه غمًّا ويُعقبُه وِزرا