التعبير الشائع الساخر “المخرج عاوز كده” قد تكون فيه فكاهة، أو مبالغة، إلا مع مخرج هوليوود “جون فورد”، ففى عام 1937 تقدم شاب قوي وسيم يدعي “جون هال” إلى استديو مترو جولدوين، وسجّل اسمه للعمل كبديل عن بطل فيلم “عاصفة” فى المشاهد الخطرة وكان هذا الشاب يأمل فى شق طريق للشهرة بضربة حظ تدفعه للنجومية.
قبله جون فورد لأداء المهمة، لكن أحلامه الوردية تلاشت واستحالت إلى آلام جسام، وكسور فى العظام، فقد قرر المخرج أن تكون المتاعب والأهوال والتى يبدو بطل الفيلم فى بحار الجنوب وكأنه يصرخ ويكابد ويكاد يهلك منها، آلاما حقيقية واقعية.
ألقي “هال” نفسه يصارع أمواج المحيط ، وهو متشبث بسمكة قرش حقيقية ضخمة مفترسة تحوم حوله، وفى مشهد آخر كان على “هال” أن يأخذ مكان البطل فى صراع عنيف، حقيقي أيضا، مع مقاتلين محليين شرسين.
وفى مشهد ثالث صدع بالأمر، وانطلق يعدو هاربا فوق أرض موحلة، يسقط مرارا وينهض، ومطاردوه يلاحقونه بطلقات بنادقهم، وأصر السيد المخرج على أن تكون طلقات الرصاص حقيقية.
وكل ذلك يهون إزاء المحنة الأشد، حين وصل المسكين “هال” إلى مشهد ال***** بعد أن وقع فى قبضة المطاردين، فقد أصدر المخرج العظيم أمرا لا رجعة ولا هوادة فيه أن يضرب “هال” فى أثناء التصوير بالسياط فوق ظهره العاري، حتى يسيل منه الدم، ومكث هذا الحالم البائس بضع ليال بعدها لا يستطيع النوم إلا على بطنه.
إلا أن الفاجعة المؤلمة بعد كل ذلك، أن الرقابة حذفت جميع اللقطات التى يبدو فيها إفراط الآلام الموجعة، وأهوال الصراعات المفزعة، وضربات السياط المبرحة، وحذف معها “جون هال” من ذهنه إلى الأبد أحلام الشهرة.