اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-07-2010, 10:21 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
Icon114 الكبائر

أقدم لحضراتكم كتاب الكبائر للامام الذهبى أرجو أن تستفيدوا منه
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم ـ الحمد لله رب العالمين ، و لا عدوان إلا على الظالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد سيد المرسلين و إمام المتقين و على آله و صحبه أجمعين . أما بعد فهذا كتاب مشتمل على ذكر جمل في الكبائر و المحرمات و المنهيات
الكبائر : ما نهى الله و رسوله عنه في الكتاب و السنة و الأثر عن السلف الصالحين ، و قد ضمن الله تعالى في كتابه العزيز لمن اجتنب الكبائر و المحرمات أن يكفر عنه الصغائر من السيئات لقوله تعالى
" إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخلاً كريماً " .
فقد تكفل الله تعالى بهذا النص لمن اجتنب الكبائر أن يدخله الجنة .
و قال تعالى : " الذين يجتنبون كبائر الإثم و الفواحش و إذا ما غضبوا هم يغفرون " . و قال تعالى : " الذين يجتنبون كبائر الإثم و الفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة" " .
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الصلوات الخمسة و الجمعة إلى الجمعة ، و رمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " ، فتعين علينا الفحص عن الكبائر ، ما هي لكي يجتنبها المسلمون ، فوجدنا العلماء رحمهم الله تعالى قد اختلفوا فيها ، فقيل هي سبع . و احتجوا بقول النبي صلى الله تعالى عليه و على آله و سلم " اجتنبوا السبع الموبقات " فذكر منها الشرك بالله و السحر ، و قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، و أكل مال اليتيم ، و أكل الربا ، و التولي يوم الزحف ، و قذف المحصنات الغافلات المؤمنات . متفق عليه . و قال ابن عباس رضي الله عنهما : هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع ، و صدق و الله ابن عباس . و أما الحديث فما فيه حصر الكبائر ، و الذي يتجه و يقوم عليه الدليل أن من ارتكب شيئاً من هذه العظائم مما فيه حد في الدنيا كالقتل و الزنا و السرقة ، أو جاء فيه وعيد في الآخرة من عذاب أو غضب أو تهديد ، أو لعن فاعله على لسان نبينا محمد صلى الله عليه و سلم فإنه كبيرة . و لا بد من تسليم أن بعض الكبائر أكبر من بعض . ألا ترى أنه صلى الله عليه و سلم عد الشرك بالله من الكبائر ، مع أن مرتكبه مخلد في النار و لا يغفر له أبداً . قال الله تعالى : " إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء " .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18-07-2010, 10:30 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

الشرك بالله
الكبيرة الأولى :
فأكبر الكبائر الشرك بالله تعالى و هو نوعان : أحدهما ـ أن يجعل لله نداً و يعبد غيره من حجر أو شجر أو شمس أو قمر أو نبي أو شيخ أو نجم أو ملك أو غير ذلك ، و هذا هو الشرك الأكبر الذي ذكره الله عز و جل قال الله تعالى : " إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء " و قال الله تعالى : " إن الشرك لظلم عظيم " . و قال الله تعالى : " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة و مأواه النار " .
و الآيات في ذلك كثيرة .
فمن أشرك بالله ثم مات مشركاً فهو من أصحاب النار قطعاً ، كما أن من آمن بالله و مات مؤمناً فهو من أصحاب الجنة و إن عذب بالنار .و في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ـ ثلاثاً ـ قالوا : بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله و عقوق الوالدين ، و كان متكئاً فجلس فقال : ألا و قول الزور ، ألا و شهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت . و قال صلى الله عليه و سلم " اجتنبوا السبع الموبقات " فذكر منها الشرك بالله ، و قال صلى الله عليه و سلم " من بدل دينه فاقتلوه " الحديث .
و النوع الثاني من الشرك : الرياء بالأعمال كما قال الله تعالى : " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً و لا يشرك بعبادة ربه أحدا " .
أي لا يرائي بعمله أحداً . و قال صلى الله عليه و سلم : " إياكم و الشرك الأصغر ، قالوا يا رسول الله و ما الشرك الأصغر ؟ قال : الرياء . يقول الله تعالى يوم يجازى العباد بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤونهم بأعمالكم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء " و قال صلى الله عليه و سلم " يقول الله : من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري فهو للذي أشرك و أنا منه بريء " . و قال " من سمع سمع الله به و من رايا رايا الله به " . و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه و آله و سلم قال : " رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع و العطش ، و رب قائم ليس له من قيامه إلا السهر " يعني أنه إذا لم يكن الصلاة و الصوم لوجه الله تعالى فلا ثواب له ، كما روي عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : " مثل الذي يعمل للرياء و السمعة كمثل الذي يملأ كيسه حصى ثم يدخل السوق ليشتري به ، فإذا فتحه قدام البائع فإذا هو حصى و ضرب به وجهه ، و لا منفعة له في كيسه سوى مقالة الناس له ما أملا كيسه و لا يعطي به شيئاً . فكذلك الذي يعمل للرياء و السمعة فليس له من عمله سوى مقالة الناس و لا ثواب له في الآخرة " . قال الله تعالى : " و قدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا " . يعني الأعمال التي عملوها لغير وجه الله تعالى أبطلنا ثوابها و جعلناها كالهباء المنثور و هو الغبار الذي يرى في شعاع الشمس . و روى عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يؤمر بفئام ـ أي بجماعات ـ من الناس يوم القيامة إلى الجنة حتى إذا دنوا منها و استنشقوا رائحتها ، و نظروا إلى قصورها و إلى ما أعد لأهلها فيها ، نودوا أن اصرفوهم عنها فإنهم لا نصيب لهم فيها فيرجعون بحسرة و ندامة ما رجع الأولون و الآخرون بمثلها ، فيقولون : ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من ثواب ما أعددت لأوليائك كان أهون علينا . فيقول الله تعالى : ذلك ما أردت بكم . كنتم إذا خلوتم بارزتموني بالعظام ، و إذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين تراؤون الناس بأعمالكم خلاف ما تعطوني من قلوبكم . هبتم الناس و لم تهابوني و أجللتم الناس و لم تجلوني ، و تركتم للناس و لم تتركوا لي ـ يعني لأجل الناس ـ فاليوم أذيقكم أليم عقابي مع ما حرمتكم من جزيل ثوابي " . و سأل رجل رسول الله ما النجاة ؟ فقال صلى الله عليه و سلم : " أن لا تخادع الله . قال : و كيف يخادع الله ؟ قال : أن تعمل عملاً أمرك الله و رسوله به و تريد به غير وجه الله . و اتق الرياء فإنه الشرك الأصغر ، و إن المرائي ينادى عليه يوم القيامة على رؤوس الخلائق بأربعة أسماء : يا مرائي ، يا غادر ، يا فاجر ، يا خاسر ضل عملك و بطل أجرك ، فلا أجر لك عندنا ، اذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له يا مخادع " . و سئل بعض الحكماء رحمهم الله من المخلص : فقال : المخلص الذي يكتم حسانته كما يكتم سيئاته . و قيل لبعضهم : ما غاية الإخلاص ؟ قال : أن لا تحب محمدة الناس . و قال الفضيل بن عباس رضي الله عنه : ترك العمل لأجل الناس رياء ، و العمل لأجل الناس شرك ، و الإخلاص أن يعافيك الله منهما . اللهم عافنا منهما و اعف عنا .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18-07-2010, 10:33 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

الإصرار على ترك صلاة الجمعة و الجماعة من غير عذر
الكبيرة السادسة و الستون : الإصرار على ترك صلاة الجمعة و الجماعة من غير عذر
قال الله تعالى : " يوم يكشف عن ساق و يدعون إلى السجود فلا يستطيعون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة و قد كانوا يدعون إلى السجود و هم سالمون " .
قال كعب الأحبار : ما نزلت هذه الآية إلا في الذين يتخلفون عن الجماعات .
و قال سعيد بن المسيب إمام التابعين رحمه الله : كانوا يسمعون حي على الصلاة حي على الفلاح فلا يجيبون و هم سالمون أصحاء .
و في الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : و الذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب يحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة في الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " . و في رواية لمسلم من حديث أبي هريرة : " لقد هممت أن آمر فتيتي أن يجمعوا لي حزماً من حطب ثم آتي قوماً يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم " . و في هذا الحديث الصحيح و الآية التي قبله وعيد شديد لمن يترك صلاة الجماعة من غير عذر فقد روى أبو داود في سننه " بإسناد إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من سمع المنادي فلم يمنعه من إتيانه عذر ـ قيل و ما العذر يا رسول الله قال خوف أو مرض ـ لم تقبل منه الصلاة التي صلى " يعني في بيته .
و روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل يصوم النهار و يقوم الليل و لا يصلي في جماعة و لا يجمع ، فقال : إن مات هذا فهو في النار .
و روى مسلم " أن رجلاً أعمى جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فرخص له ، فلما ولى دعاه فقال : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم ، قال : فأجب " . و في رواية أبي داود " أن ابن أم مكتوم جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم و قال : يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام و السباع و أنا ضرير البصر فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح ؟ قال : نعم . قال : فأجب ، فحي هلا " . و في رواية " أنه قال : يا رسول الله إني ضرير شاسع الدار و لي قائد لا يلائمني فهل لي رخصة " : و قوله ( فحي هلا ) أي تعال و أقبل .
و روى الحاكم في مستدركه على شرط الصحيحين " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : و من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر فلا صلاة له . قالوا و ما العذر يا رسول الله ؟ قال : خوف أو مرض " . و جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " لعن الله ثلاثة ـ من تقدم قوماً و هم له كارهون ، و امرأة باتت و زوجها عليها ساخط ، و رجلاً سمع حي على الصلاة حي على الفلاح ثم لم يجب " .
قال أبو هريرة : لأن تمتلىء أذن ابن آدم رصاصاً مذاباً خير من أن يسمع حي على الصلاة حي على الفلاح ثم لا يجيب .
و قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ، قيل من جار المسجد ؟ قال : من يسمع الآذان ، قال أيضاً : من سمع النداء فلم يأته لم تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر .
و قال ابن مسعود رضي الله عنه : من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هذه الصلوات الخمس حيث ينادى بهن ، فإن الله تعالى شرع لنبيكم صلى الله عليه و سلم سنن الهدى ، و إنها من سنن الهدى ، و لو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، و لو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، و لقد رأيتنا و ما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض . و لقد كان الرجل يؤتى به يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف ، يعني يتكىء عليهما من ضعفه حرصاً على فضلها و خوفاً من الإثم في تركها .
( فصل ) : و فضل صلاة الجماعة عظيم كما في تفسير قوله تعالى : " و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " . إنهم المصلون الصلوات الخمس في الجماعات . و في قوله تعالى : " و نكتب ما قدموا و آثارهم " . أي خطاهم .
و في الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته أحدهما تحط خطيئة و الأخرى ترفع درجة ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه الذي صلى فيه يقولون : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ما لم يؤذ فيه أو يحدث فيه " .
و قال صلى الله عليه و سلم : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا و يرفع به الدرجات ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، و كثرة الخطا إلى المساجد ، و انتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط فذلكم الرباط " . رواه مسلم .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18-07-2010, 10:34 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

إفطار يوم من رمضان بلا عذر
الكبيرة السادسة : إفطار يوم من رمضان بلا عذر
قال الله تعالى :
" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون * أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر " .
و ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " بني الإسلام على خمس :شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ، و إقام الصلاة ، و إيتاء الزكاة ، و حج البيت ، و صوم رمضان " .
و قال صلى الله عليه و سلم :" من أفطر يوماً من رمضان بلا عذر لم يقضه صيام الدهر و إن صامه " ، و عن ابن عباس رضي الله عنهما " عري الإسلام و قواعد الدين ثلاث : شهادة أن لا إله إلا الله و الصلاة و صوم رمضان " فمن ترك واحدة منهن فهو كافر . نعوذ بالله من ذلك .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18-07-2010, 10:36 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

أكل الحرام و تناوله على أي وجه كان
الكبيرة الثامنة و العشرون : أكل الحرام و تناوله على أي وجه كان
قال الله عز و جل : " و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " .
أي لا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل . قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني باليمين الباطلة الكاذبة يقتطع بها الرجل مال أخيه بالباطل و الأكل بالباطل على وجهين ، أحدهما أن يكون على جهة الظلم نحو الغصب و الخيانة و السرقة . والثاني على جهة الهزل و اللعب كالذي يؤخذ في القمار و الملاهي و نحو ذلك ، و في صحيح البخاري : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة " . و في صحيح مسلم حين ذكر النبي صلى الله عليه و سلم : " الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و ملبسه حرام ، و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك " و " عن أنس رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله : ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال صلى الله عليه و سلم : يا أنس أطب كسبك تجب دعوتك ، فإن الرجل ليرفع اللقمة من الحرام إلى فيه فلا يستجاب له دعوة أربعين يوماً " ، و روى البيهقي باسناده إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ، و إن الله يعطي الدنيا من يحب و من لا يحب و لا يعطي الدين إلا من يحب ، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه و لا يكسب عبد مالاً حراماً فينفق منه فيبارك له فيه و لا يتصدق منه فيقبل منه و لا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار . إن الله لا يمحو السيء بالسيء و لكن يمحو السيء بالحسن " . و " عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : الدنيا حلوة خضرة من اكتسب فيها مالاً من حله و أنفقه في حقه أثابه الله و أورثه جنته ، و من اكتسب فيها مالاً من غير حله و أنفقه في غير حقه أدخله الله تعالى دار الهوان . و رب متخوض فيما اشتهت نفسه من الحرام له النار يوم القيامة " . و جاء عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال الله من أي باب أدخله النار " . و " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لأن يجعل أحدكم في فيه تراباً خير من أن يجعل في فيه حراماً " . و قد روي عن يوسف بن أسباط رحمه الله قال : إن الشاب إذا تعبد قال الشيطان لأعوانه : انظروا من أين مطعمه ، فإن كان مطعم سوء قال : دعوه يتعب و يجتهد فقد كفاكم نفسه . إن إجهاده مع أكل الحرام لا ينفعه و يؤيد ذلك ما ثبت في الصحيحين من قوله صلى الله عليه و سلم " عن الرجل الذي مطعمه حرام و مشربه حرام و ملبسه حرام و غذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك ؟ " . و قد روي في حديث أن ملكاً على بيت المقدس ينادي كل يوم و كل ليلة : من أكل حراماً لم يقبل الله منه صرفاً و لا عدلا . الصرف : النافلة ، و العدل : الفريضة . و قال عبد الله بن المبارك : ( لأن أرد درهماً من شبهة أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف و مائة ) . و جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من حج بمال حرام فقال لبيك ، قال ملك : لا لبيك و لا سعديك حجك مردود عليك " . و روى الإمام أحمد في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من اشترى ثوباً بعشرة دراهم و في ثمنه درهم من حرام لم يقبل الله له صلاة ما دام عليه " . و قال وهب بن الورد : لو قمت قيام السارية ما نفعك حتى تنظر ما يدخل بطنك أحلال أم حرام . و قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( لا يقبل الله صلاة امرىء و في جوفه حرام حتى يتوب إلى الله تعالى منه ) . و قال سفيان الثوري : من أنفق الحرام في الطاعة كمن طهر الثوب بالبول ، و الثوب لا يطهره إلا الماء ، و الذنب لا يكفره إلا الحلال ، و قال عمر رضي الله عنه : ( كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام ) . و " عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ، لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام " . و عن زيد بن أرقم قال : كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج ـ أي قد كاتبه على مال ـ و كان يجيئه كل يوم بخراجه فيسأله : من أين أتيت بها ؟ فإن رضيه أكله و إلا تركه . قال فجاءه ذات ليلة بطعام و كان أبو بكر صائماً فأكل منه لقمة و نسي أن يسأله ، ثم قال له : من أين جئت بهذا ؟ فقال: كنت تكهنت لأناس بالجاهلية و ما كنت أحسن الكهانة ، إلا أني خدعتهم . فقال أبو بكر : أف لك كدت تهلكني ! ثم أدخل يده في فيه فجعل يتقيأ و لا يخرج ، فقيل له : إنها لا تخرج إلا بالماء ، فدعا بماء فجعل يشرب و يتقيأ حتى قاء كل شيء في بطنه . فقيل له : يرحمك الله كل هذا من أجل هذه اللقمة ؟ فقال رضي الله عنه : لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها . إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به " . فخشيت أن ينبت بذلك في جسدي من هذه اللقمة . و قد تقدم قوله صلى الله عليه و سلم : " لا يدخل الجنة جسد غذي بحرام " . و إسناده صحيح . قال العلماء رحمهم الله : و يدخل في هذا الباب : المكاس ، و الخاتن ، و الزغلي ، و السارق ، و البطال ، و آكل الربا و موكله ، و آكل مال اليتيم ، و شاهد الزور ، و من استعار شيئاً فجحده ، و آكل الرشوة ، و منقص الكيل و الوزن ، و من باع شيئاً فيه عيب فغطاه ، و المقامر ، و الساحر ، و المنجم ، و المصور ، و الزانية ، و النائحة و العشرية ، و الدلال ، إذا أخذ أجرته بغير إذن من البائع ، و مخبر المشتري بالزائد و من باع حراً فأكل ثمنه .
( فصل ) روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : " يؤتى يوم القيامة بأناس معهم من الحسنات كأمثال جبل تهامة ، حتى إذا جيء بهم جعلها الله هباءً منثورا ثم يقذف بهم في النار . فقيل يا رسول الله : كيف ذلك ؟ قال : كانوا يصلون و يصومون ، و يزكون ، و يحجون ، غير أنهم كانوا إذا عرض لهم شيء من الحرام أخذوه فأحبط الله أعمالهم " . و عن بعض الصالحين أنه رؤي بعد موته في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ قال : خيراً ، غير أني محبوس عن الجنة بإبرة استعرتها فلم أردها . فنسأل الله تعالى العفو و العافية و التوفيق لما يحب و يرضى إنه جواد كريم رءوف رحيم .
( موعظة ) عباد الله أما الليالي و الأيام تهدم الآجال ؟ أما مآل المقيم في الدنيا إلى زوال ، أما آخر الصحة يؤول إلى الإعتلال ، أما غاية السلامة نقصان الكمال أما بعد استقرار المنى هجوم الآجال ، أما أنبئتم عن الرحيل و قد قرب الإنتقال أما بانت لكم العبر و ضربت لكم الأمثال ؟
و عزيز ناعم ذل له كل صعب المرتقى وعر المرام
فكساه بعد لين ملبس خشناً بالرغم منه في الرغام
و وجوه ناضرات بدلت بعد لون الحسن لوناً كالقتام
و شموس طالعات أفلت بعد ذاك النور منها بالظلام
و منيف شامخ بنيانه لين الأعطاف مهتز القوام
أف للدنيا فما شيمتها غير نقض العقد أو خفر الذمام
فاستعدوا الزاد تنجوا و اعملوا صالحاً من قبل تقويض الخيام
يا متعلقاً بزخرف يروق بقاؤه كلمح البروق ، يا مضيعاً في الهوى واجبات الحقوق ، تبارز الخالق و تستحي من المخلوق ؟ يا مؤثراً أعلى العلالي ساتراً ذلك الفسوق ، ألا سترى ذلك الفسوق ! يا متولهاً مهاد الهوى و هو في سجن الردى مرموق ، إبك على نفسك العليلة فإنك بالبكاء محقوق ، عجباً لمن رأى فعل الموت لصحبه ، و أيقن بتلفه و ما قضى نحبه ، و سكن الإيمان بالآخرة في قلبه ، و نام غافلاً على جنبه ، و نسي جزاءه على جرمه و ذنبه و أعرض إلى ربه من الهوى عن ربه ، كأني به و قد سقي كأس حمام يستغيث من شربه ، و أفرده الموت عن أهله و سربه ، و نقله إلى قبره ذل فيه بعد عجبه . فياذا اللب جز على قبره و عج به . لقد خرقت المواعظ المسامع و ما أراه انتفع به السامع ، لقد بدا نور المطالع لكنه أعمى المطالع ، و لقد بانت العبر بآثار الغير لمن اغتر بالمصارع . فما بالها لا تسكب المدامع ؟ يا عجبا لقلب عند ذكر الحق غير خاشع ، لقد نشبت فيه مخالب المطامع . يا من شيبه قد أتى هل ترى ما مضى من العمر براجع ؟ انتبه لما بقي و انته و راجع ، فالهول عظيم و الحساب شديد و الطريق شاسع ، إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18-07-2010, 10:39 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

قذف المحصنات
الكبيرة الحادية و العشرون : قذف المحصنات
قال الله تعالى :
" إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون " .
و قال الله تعالى : " و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة و لا تقبلوا لهم شهادة أبداً و أولئك هم الفاسقون " .
بين الله تعالى في الآية أن من قذف امرأة محصنة حرة عفيفة عن الزنا و الفاحشة إنه ملعون في الدنيا و الآخرة و له عذاب عظيم ، و عليه في الدنيا الحد ثمانون جلدة و تسقط شهادته و إن كان عدلاً . و في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " اجتنبوا السبع الموبقات " فذكر منها قذف المحصنات الغافلات المؤمنات و القذف أن يقول لامرأة أجنبية حرة عفيفة مسلمة : يا زانية ، أو يا باغية ، أو يا **** . أو يقول لزوجها : يا زوج ال**** ، أو يقول لولدها : يا ولد الزانية أو يا ابن ال**** . أو يقول لبنتها يا بنت الزانية أو يا بنت ال**** . فإن ال**** عبارة عن الزانية ، فإذا قال ذلك أحد من رجل أو امرأة كمن قال لرجل : يا زاني ، أو لصبي حر يا علق ، أو يا منكوح ، وجب عليه الحد ثمانون جلدة ، إلا أن يقيم بينة بذلك ، و البينة كما قال الله : أربعة شهداء يشهدون على صدقه فيما قذف به تلك المرأة أو ذاك الرجل ، فإن لم يقم بينة جلد إذا طالبته بذلك التي قذفها أو إذا طالبه بذلك الذي قذفه ، و كذلك إذا قذف مملوكه أو جاريته بأن قال لمملوكه : يا زاني أو لجاريته يا زانية أو يا باغية أو يا **** ، لما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من قذف مملوكه بالزنا أقيم عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال " و كثير من الجهال واقعون في هذا الكلام الفاحش الذي عليهم فيه العقوبة في الدنيا و الآخرة و لهذا ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها النار أبعد مما بين المشرق و المغرب . فقال له معاذ بن جبل يا رسول الله و إنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ و هل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ؟ " و في الحديث : " من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " . و قال الله تبارك و تعالى في كتابه العزيز : " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " و قال عقبة بن عامر : يا رسول الله ما النجاة ؟ قال : " أمسك عليك لسانك و ليسعك بيتك ، و ابك على خطيئتك ، و إن أبعد الناس إلى الله القلب القاسي " .
و قال صلى الله عليه و سلم : " إن أبغض الناس إلى الله الفاحش المبذي الذي يتكلم بالفحش و رديء الكلام " ، وقانا الله و إياكم شر ألسنتنا بمنه و كرمه إنه جواد كريم .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18-07-2010, 10:40 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

أكل مال اليتيم و ظلمه
الكبيرة الثالثة عشرة : أكل مال اليتيم و ظلمه
قال الله تعالى : " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً و سيصلون سعيراً " ، و قال الله تعالى : " و لا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده " .
و " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في المعراج : فإذا أنا برجال و قد وكل بهم رجال يفكون لحالهم ، و آخرون يجيئون بالصخور من النار فيقذفونها بأفواههم و تخرج من أدبارهم . فقلت : يا جبريل من هن هؤلاء ؟ قال : الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً " رواه مسلم .
و " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : يبعث الله عز و جل قوماً من قبورهم تخرج النار من بطونهم تأجج أفواههم ناراً ، فقيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : ألم تر أن الله تعالى يقول : " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً " " .
و قال السدي رحمه الله تعالى : يحشر آكل مال اليتيم ظلماً يوم القيامة و لهب النار يخرج من فيه و من مسامعه و أنفه و عينه كل من رآه يعرفه أنه آكل مال اليتيم .
قال العلماء : فكل ولي ليتيم إذا كان فقيراً فأكل من ماله بالمعروف بقدر قيامه عليه في مصالحه و تنمية ماله فلا بأس عليه ، و ما زاد على المعروف فسحت حرام لقول الله تعالى : " و من كان غنياً فليستعفف و من كان فقيراً فليأكل بالمعروف " .
و في الأكل بالمعروف أربعة أقوال : أحدهما : أنه الأخذ على وجه القرض و الثاني : الأكل بقدر الحاجة من غير إسراف ، و الثالث : أنه أخذ بقدر إذا عمل لليتيم عملاً ، و الرابع : أنه الأخذ عند الضرورة فإن أيسر قضاه و إن لم يوسر فهو في حل . و هذه الأقوال ذكرها ابن الجوزي في تفسيره .
و في البخاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " أنا و كافل اليتيم في الجنة هكذا و أشار بالسبابة و الوسطى و فرج بينهما " . و في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه و سلم قال : " كافل اليتيم له أو لغيره أنا و هو كهاتين في الجنة و أشار بالسبابة و الوسطى " .
كفالة اليتيم هي القيام بأموره و السعي في مصالحه من طعامه و كسوته و تنمية ماله إن كان له مال ، و إن كان لا مال له أنفق عليه و كساه ابتغاء وجه الله تعالى و قوله في الحديث : له أو لغيره ـ أي سواء كان اليتيم قرابة أو أجنبياً منه ، فالقرابة مثل أن يكفله جده أو أخوه أو أمه أو عمه أو زوج أمه أو خاله أو غيره من أقاربه ، و الأجنبي من ليس بينه و بينه قرابة .
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من ضم يتيماً من المسلمين إلى طعامه و شرابه حتى يغنيه الله تعالى أوجب الله له الجنة إلا أن يعمل ذنباً لا يغفر " و قال صلى الله عليه و سلم : " من مسح رأس يتيم لا يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنة ، و من أحسن إلى يتيم أو يتيمه عنده كنت أنا و هو هكذا في الجنة " .
و قال رجل لأبي الدرداء رضي الله عنه : أوصني بوصية . قال : ارحم اليتيم و أدنه منك و أطعمه من طعامك ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم أتاه رجل يشتكي قسوة قلبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أردت أن يلين قلبك فادن اليتيم منك و امسح رأسه و أطعمه من طعامك ، فإن ذلك يلين قلبك و تقدر على حاجتك .
و مما حكي عن بعض السلف قال : كنت في بداية أمري مكباً على المعاصي و شرب الخمر ، فظفرت يوماً بصبي يتيم فقير فأخذته و أحسنت إله و أطعمته و كسوته و أدخلته الحمام و أزلت شعثه ، و أكرمته كما يكرم الرجل ولده بل أكثر فبت ليلة بعد ذلك فرأيت في النوم أن القيامة قامت و دعيت إلى الحساب ، و أمر بي إلى النار لسوء ما كنت عليه من المعاصي ، فسحبتني الزبانية ليمضوا بي إلى النار و أنا بين أيديهم حقير ذليل يجروني سحباً إلى النار ، و إذا بذلك اليتيم قد اعترضني بالطريق ، و قال : خلو عنه يا ملائكة ربي حتى أشفع له إلى ربي ، فإنه قد أحسن إلي و أكرمني . فقالت الملائكة : إنا لم نؤمر بذلك ، و إذا النداء من قبل الله تعالى يقول : خلوا عنه فقد وهبت له ما كان منه بشفاعة اليتيم و إحسانه إليه . قال : فاستيقظت و تبت إلى الله عز و جل ، و بذلت جهدي في إيصال الرحمة إلى الأيتام و لهذا قال أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه و سلم : خير البيوت بيت فيه يتيم يحسن إليه ، و شر البيوت بيت فيه يتيم يساء إليه ، و أحب عباد الله إلى الله تعالى من اصطنع صنعاً إلى يتيم أو أرملة . و روي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود كن لليتيم كالأب الرحيم ، و كن للأرملة كالزوج الشفيق ، و اعلم كما تزرع كذا تحصد : معناه أنك كما تفعل كذلك يفعل معك ، أي لا بد أن تموت و يبقى لك ولد يتيم أو امرأة أرملة . و قال داود عليه السلام في مناجاته : إلهي ما جزاء من أسند اليتيم و الأرملة ابتغاء وجهك ؟ قال : جزاؤه أن أظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي . معناه ظل عرشي يوم القيامة.
و مما جاء في فضل الإحسان إلى الأرملة و اليتيم عن بعض العلويين ـ و كان نازلاً ببلخ من بلاد العجم و له زوجة علوية و له منها بنات و كانوا في سعة و نعمة ، فمات الزوج و أصاب المرأة و بناتها بعده الفقر و القلة ، فخرجت ببناتها إلى بلدة أخرى خوف شماتة الأعداء ، و اتفق خروجها في شدة البرد فلما دخلت ذلك البلد أدخلت بناتها في بعض المساجد المهجورة ، و مضت تحتال لهم في القوت فمرت بجمعين : جمع على رجل مسلم و هو شيخ البلد ، و جمع على رجل مجوسي و هو ضامن البلد . فبدأت بالمسلم و شرحت حالها له ، و قالت : أنا امرأة علوية و معي بنات أيتام أدخلتهم بعض المساجد المهجورة ، و أريد الليلة قوتهم . فقال لها : أقيمي عندي البينة أنك علوية شريفة . فقالت : أنا امرأة غريبة ما في البلد من يعرفني فأعرض عنها ، فمضت من عنده منكسرة القلب فجاءت إلى ذلك الرجل المجوسي فشرحت له حالها ، و أخبرته أن معها بنات أيتام و هي امرأة شريفة غريبة ، و قصت عليه ما جرى لها مع الشيخ المسلم فقام و أرسل بعض نسائه ، و أتوا بها و بناتها إلى داره فأطعمهن أطيب الطعام ، و ألبسهن أفخر اللباس و باتوا عنده في نعمة و كرامة . قال فلما انتصف الليل رأى ذلك الشيخ المسلم في منامه كأن القيامة قد قامت ، و قد عقد اللواء على رأس النبي صلى الله عليه و سلم ، و إذا القصر من الزمرد الأخضر شرفاته من اللؤلؤ و الياقوت و فيه قباب اللؤلؤ و المرجان ، فقال : يا رسول الله لمن هذا القصر ؟ قال لرجل مسلم موحد . فقال : يا رسول الله أنا رجل مسلم موحد .
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أقم عندي البينة أنك مسلم موحد . قال : فبقي متحيراً فقال له صلى الله عليه و سلم : لما قصدتك المرأة العلوية قلت أقيمي عندي البينة أنك علوية ، فكذا أنت أقم عندي البينة أنك مسلم : فانتبه الرجل حزيناً على رده المرأة خائبة ، ثم جعل يطوف بالبلد و يسأل عنها حتى دل عليها أنها عند المجوسي ، فأرسل إليه فأتاه فقال له : أريد منك المرأة الشريفة العلوية و بناتها . فقال : ما إلى هذا من سبيل و قد لحقني من بركاتهم ما لحقني . قال : خذ مني ألف دينار و سلمهن إلي ، فقال لا أفعل فقال : لا بد منهن . فقال : الذي تريده أنت أنا أحق به و القصر الذي رأيته في منامك خلق لي . أتدل علي بالإسلام ؟ فوالله ما نمت البارحة أنا و أهل داري حتى أسلمنا كلنا على يد العلوية ، و رأيت مثل الذي رأيت في منامك ، و قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : العلوية و بناتها عندك ؟ قلت : نعم يا رسول الله . قال : القصر لك و لأهل دارك و أنت و أهل دارك من أهل الجنة خلقك الله مؤمناً في الأزل . قال : فانصرف المسلم و به من الحزن و الكآبة ما لا يعلمه إلا الله . فانظر رحمك الله إلى بركة الإحسان إلى الأرملة و الأيتام نا أعقب صاحبه من الكرامة في الدنيا !
و لهذا ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : " الساعي على الأرملة و المساكين كالمجاهد في سبيل الله " . قال الراوي أحسبه قال : " و كالقائم لا يفتر و كالصائم لا يفطر " ، و الساعي عليهم هو القائم بأمورهم و مصالحهم ابتغاء وجه الله تعالى . وفقنا لله لذلك بمنه و كرامه أنه جواد كريم رؤوف غفور رحيم .
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18-07-2010, 10:41 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

الاستطالة على الضعيف و المملوك و الجارية و الزوجة و الدابة
الكبيرة الحادية و الخمسون : الاستطالة على الضعيف و المملوك و الجارية و الزوجة و الدابة
لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى :
" و اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئاً و بالوالدين إحساناً و بذي القربى و اليتامى والمساكين و الجار ذي القربى و الجار الجنب و الصاحب بالجنب و ابن السبيل و ما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً " .
قال الواحدي : في قوله تعالى " و اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئاً " : أخبرنا أحمد بن إبراهيم المهرجاني بإسناده " عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت رديف النبي صلى الله عليه و سلم على حمار ، فقال : يا معاذ ، لبيك و سعديك يا رسول الله . قال : هل تدري ما حق الله على العباد و ما حق العباد على الله ؟ قلت : الله و رسوله أعلم ، قال : فإن حق الله على العباد أن يعبدوه و لا يشركوا به شيئاً ، و حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً " .
و " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أتى النبي صلى الله عليه و سلم أعرابي فقال : يا نبي الله أوصني ، قال : لا تشرك بالله شيئاً و إن قطعت و حرقت ، و لا تدع الصلاة لوقتها فإنها ذمة الله ، و لا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر " .
قوله : " و بالوالدين إحساناً " يريد البر بهما مع اللطف و لين الجانب ، و لا يغلظ لهما الجواب ، و لا يحد النظر إليهما ، و لا يرفع صوته عليهما ، بل يكون بين أيديهما مثل العبد بين يدي السيد تذللاً لهما . قوله : " و بذي القربى " قال يصلهم و يتعطف عليهم ، " و اليتامى " يرفق بهم و يدنيهم و يمسح رؤوسهم ، " و المساكين " ببذل يسير ورد جميل ، " و الجار ذي القربى " يعني الذي بينك و بينه قرابة فله حق القرابة و حق الجوار و حق الإسلام ، و " و الجار الجنب " هو الذي ليس بينك و بينه قرابة يقال رجل جنب إذا كان غريباً متباعداً أهله ، و قوم أجانب و الجنابة : البعد . " عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " . و " عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الجار ليتعلق بالجار يوم القيامة يقول : يا رب أوسعت على أخي هذا و اقترب علي ، أمسي طاوياً و يمسي هذا شبعان ، سله لم أغلق بابه و حرمني ما قد أوسعت به عليه " .
" و الصاحب بالجنب " قال ابن عباس و مجاهد : هو الرفيق في السفر له حق الجوار و حق الصحبة . " و ابن السبيل " : هو الضعيف يجب اقراؤه إلى أن يبلغ حيث يريد ، و قال ابن عباس : هو عابر السبيل تؤويه و تطعمه حتى يرحل عنك . " و ما ملكت أيمانكم " : يريد المملوك يحسن رزقه و يعفو عنه فيما يخطىء قوله : " إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً " ، قال ابن عباس : يريد بالمختال العظيم في نفسه الذي لا يقوم بحقوق الله ، و الفخور هو الذي يفخر على عباد الله بما خوله الله من كرامته و ما أعطاه من نعمه . " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : بينما رجل شاب ممن كان قبلكم يمشي في حلة مختالاً فخوراً إذ ابتلعته الأرض فهو يتجلجل فيها حتى تقوم الساعة " . و " عن أسامة قال : سمعت ابن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من جر ثوبه خيلاً . لم ينظر الله إليه يوم القيامة " هذا ما ذكره الواحدي .
" و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم عند خروجه من الدنيا في آخر مرضه يوصي بالصلاة ، و بالإحسان إلى المملوك ، و يقول : الله الله الصلاة و ما ملكت أيمانكم " .
و في الحديث : " حسن الملكة يمن و سوء الملكة شؤم " و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا يدخل الجنة سيء الملكة " .
قال " أبو مسعود رضي الله عنه : كنت أضرب مملوكاً لي بالسوط فسمعت من صوتاً من ورائي : اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام . قال ، قلت يا رسول الله لا أضرب مملوكاً لي بعده أبداً " . و في رواية سقط السوط من يدي من هيبة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و في رواية : فقلت هو حر لوجه الله ، فقال : " أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار يوم القيامة " رواه مسلم . و روى مسلم أيضاً من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من ضرب غلاماً له حداً لم يأته أو لطمه فكفارته أن يعتقه " ، و من حديث حكيم بن حزام قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا " .
و في الحديث من ضرب بسوط ظلماً اقتص منه يوم القيامة ، و قيل لرسول الله صلى الله عليه و سلم كم نعفو عن الخادم ؟ قال : " في اليوم سبعين مرة " . و كان في يد النبي صلى الله عليه و سلم يوماً سواك فدعا خادماً له فأبطأ عليه فقال : : " لولا القصاص لضربتك بهذا السواك " ، و كان لأبي هريرة رضي الله عنه جارية زنجية فرفع يوماً عليها السوط فقال : لولا القصاص لأغشيتكيه و لكن سأبيعك لمن يوفيني ثمنك ، اذهبي فأنت حرة لوجه الله .
و جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالت يا رسول الله إني قلت لأمتي يا زانية ، قال : " و هل رأيت عليها ذلك ؟ قالت : لا . أما أنها ستستقيد منك يوم القيامة فرجعت إلى جاريتها فأعطتها سوطاً ، و قالت : اجلديني . فأبت الجارية فأعتقتها ثم رجعت إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته بعتقها فقال : ( عسى ) أي عسى أن يكفر عتقك لها ما قذفتها به " .
و في الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من قذف مملوكه و هو بريء مما قاله جلد يوم القيامة حداً إلا أن يكون كما قال " . و في الحديث " للملوك طعامه و كسوته و لا يكلف ما لا يطيق " . و كان صلى الله عليه و سلم يوصيهم عند خروجه من الدنيا و يقول : " الله الله في الصلاة و ما ملكت أيمانكم ، أطعموهم مما تأكلون و اكسوهم مما تكتسون ، و لا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون ، فإن كلفتموهم فأعينوهم و لا تعذبوا خلق الله ، فإنه ملككم إياهم و لو شاء لملكهم إياكم " .
و دخل جماعة على سلمان الفارسي رضي الله عنه و هو أمير على المدائن فوجدوه يعجن عجين أهله ، فقالوا له : ألا تترك الجارية تعجن ؟ فقال رضي الله عنه : إنا أرسلناها في عمل فكرهنا أن نجمع عليها عملاً آخر . و قال بعض السلف : لا تضرب الملوك في كل ذنب و لكن احفظ له ذلك ، فإذا عصى الله فاضربه على معصية الله و ذكره الذنوب التي بينك و بينه .
( فصل ) و من أعظم الإساءة إلى الملوك و الجارية التفريق بينه و بين ولده ، أو بينه و بين أخيه لما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من فرق بين والدة و ولدها فرق الله بينه و بين أحبته يوم القيامة " . قال علي كرم الله وجهه : " وهب لي رسول الله صلى الله عليه و سلم غلامين أخوين فبعث أحدهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : رده رده " و من ذلك أن يجوع الملوك و الجارية و الدابة . يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم " كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته " . و من ذلك أن يضرب الدابة ضرباً وجيعاً أو يحبسها و لا يقوم بكفايتها ، أو يحملها فوق طاقتها فقد روي في تفسير قول الله تعالى : " و ما من دابة في الأرض و لا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم " الآية . قيل : يؤتى بهم و الناس وقوف يوم القيامة فيقضي بينهم ، حتى أنه ليؤخذ للشاة الجلحاء من الشاة القرناء حتى يقاد للذرة من الذرة ، ثم يقال لهم : كونوا تراباً ، فهنالك يقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا . و هذا من الدليل على القضاء بين البهائم و بينها و بين بني آدم ، حتى إن الإنسان لو ضرب دابة بغير حق أو جوعها أو عطشها أو كلفها فوق طاقتها فإنها تقتص منه يوم القيامة بقدر ما ظلمها أو جوعها و الدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : عذبت امرأة في هرة ربطتها حتى ماتت جوعاً لا هي أطعمتها و سقتها إذ حبستها ، و لا تركتها تأكل من خشاش الأرض " أي من حشراتها .
و في الصحيح " أنه صلى الله عليه و سلم رأى امرأة معلقة في النار و الهرة تخدشها في وجهها و صدرها و هي تعذبها كما عذبتها في الدنيا بالحبس و الجوع ، و هذا عام في سائر الحيوان ، و كذلك إذا حملها فوق طاقتها تقتص منه يوم القيامة لما ثبت في الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت : إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث " . فهذه بقرة أنطقها الله في الدنيا تدافع عن نفسها بأنها لا تؤذى و لا تستعمل في غير ما خلقت له ، فمن كلفها غير طاقتها أو ضربها بغير حق فيوم القيامة تقتص منه بقدر ضربه و تعذيبه
قال أبو سليمان الداراني : ركبت مرة حماراً فضربته مرتين أو ثلاثاً ، فرفع رأسه و نظر إلي و قال يا أبا سليمان هو القصاص يوم القيامة فإن شئت فأقلل و إن شئت فأكثر : قال : فقلت لا أضرب شيئاً بعده أبداً .
و مر ابن عمر بصبيان من قريش قد نصبوا طيراً و هم يرمونه و قد جعلوا لصاحبه كل خاطئة من نبلهم ، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال من فعل هذا ؟ " لعن الله من فعل هذا إن رسول الله صلى الله عليه و سلم لعن من اتخذ فيه الروح غرضاً و الغرض كالهدف و ما يرمى إليه " . و نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم " أن تصبر البهائم يعني أن تحبس للقتل " ، و إن كان مما أذن الشرع بقتله كالحية و العقرب و الفأرة و الكلب العقور ، قتله بأول دفعة و لا يعذبه لقوله عليه الصلاة و السلام " إذا قتلتم فأحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته " .
و كذلك لا يحرقه بالنار لما ثبت في الحديث الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً و فلاناً بالنار ، و إن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما" .
قال ابن مسعود : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفره فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها ، فجاءت الحمرة فجعلت ترفرف ، فجاء النبي صلى الله عليه و سلم و قال : من فجع هذه بولدها ؟ ردوا عليها ولديها " ، و رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم قرية نمل ـ أي مكان نمل ـ قد أحرقناها فقال : " من حرق هذه ؟ قلنا : نحن ، فقال عليه الصلاة و السلام : إنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بالنار إلا ربها " . و فيه من النهي عن القتل و التعذيب بالنار حتى في القملة و البرغوث و غيرهما .
فصل : و يكره قتل الحيوان عبثاً لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من قتل عصفوراً عبثاً عج إلى الله يوم القيامة ، و قال : يا رب سل هذا لم قتلني عبثاً و لم يقتلني لمنفعة ؟ " .
و يكره صيد الطير أيام فراخه لما روي ذلك في الأثر ، و يكره ذبح الحيوان بين يدي أمه لما روي عن إبراهيم بن أدهم رحمه الله ، قال : ذبح رجل عجلاً بين يدي أمه فأيبس الله يده .
فصل : في فضل عتق المملوك . " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو من أعضائه عضواً من أعضائه من النار حتى يعتق فرجه بفرجه " أخرجه البخاري .
و " عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : أيما امرىء مسلم أعتق امرأ مسلماً كان فكاكاً له من النار يجزى كل عضو منه عضواً منه ، و أيما امرىء مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار يجزي كل عضوين منهما عضواً منه ، و أيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة إلا كانت فكاكها من النار يجزى كل عضو منها " رواه الترمذي و صححه .
اللهم اجعلنا من حزبك المفلحين و عبادك الصالحين .
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18-07-2010, 10:48 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

ترك الصلاة
الكبيرة الرابعة : في ترك الصلاة
قال الله تعالى : " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا * إلا من تاب و آمن و عمل صالحاً " .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية ، و لكن أخروها عن أوقاتها . و قال سعيد بن المسيب إمام التابعين رحمه الله : هو أن لا يصلي الظهر حتى يأتي العصر . و لا يصلي العصر إلى المغرب ، و لا يصلي المغرب إلى العشاء ، و لا يصلي العشاء إلى الفجر ، و لا يصلي الفجر إلى طلوع الشمس . فمن مات و هو مصر على هذه الحالة و لم يتب وعده الله بغي ، و هو واد في جهنم بعيد قعره خبيث طعمه . و قال الله تعالى في آية أخرى : " فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون " أي غافلون عنها ، متهاونون بها . و قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الذين هم عن صلاتهم ساهون قال : " هو تأخير الوقت " أي تأخير الصلاة عن وقتها ، سماهم مصلين لكنهم لما تهاونوا و أخروها عن وقتها وعدهم بويل و هو شدة العذاب . و قيل : هو واد بجهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره ، و هو مسكن من يتهاون بالصلاة و يؤخرها عن وقتها إلا أن يتوب إلى الله و يندم على ما فرط . و قال الله تعالى في آية أخرى : " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر الله ، و من يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون " .
قال المفسرون : المراد بذكر الله في هذه الآية الصلوات الخمس . فمن اشتغل بماله في بيعه و شرائه و معيشته و ضيعته و أولاده عن الصلاة في وقتها كان من الخاسرين . و هكذا قال النبي صلى الله عليه و سلم : " أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة فإن صلحت فقد أفلح و أنجح ، و إن نقصت فقد خاب و خسر " .
و قال الله تعالى مخبراً عن أصحاب الجحيم :
" ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * و لم نك نطعم المسكين * و كنا نخوض مع الخائضين * و كنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة الشافعين " .
و قال النبي صلى الله عليه و سلم : " العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " . و قال النبي صلى الله عليه و سلم : " بين العبد و بين الكفر ترك الصلاة " . حديثان صحيحان .
و في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من فاتته صلاة العصر حبط عمله " . و في السنن أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله " و قال صلى الله عليه و سلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها و حسابهم على الله " متفق عليه . و قال صلى الله عليه و سلم : " من حافظ عليها كانت له نوراً و برهاناً و نجاة يوم القيامة ، و من لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً و لا برهاناً و لا نجاة يوم القيامة و كان يوم القيامة مع فرعون و قارون و هامان و أبي بن خلف " .
و قال عمر رضي الله عنه : أما أنه لا حظ لأحد في الإسلام أضاع الصلاة .
قال بعض العلماء رحمهم الله : و إنما يحشر تارك الصلاة مع هؤلاء الأربعة ، لأنه إنما يشتغل عن الصلاة بماله أو بملكه أو بوزارته أو بتجارته فإن اشتغل بماله حشر مع قارون ، و إن اشتغل بملكه حشر مع فرعون ، و إن اشتغل بوزارته حشر مع هامان ، و إن اشتغل بتجارته حشر مع أبي بن خلف تاجر الكفار بمكة . و روى الإمام أحمد " عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من ترك صلاة مكتوبة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله عز و جل " .
و روى البيهقي بإسناده : " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله تعالى في الإسلام ؟ قال الصلاة لوقتها ، و من ترك الصلاة فلا دين له ، و الصلاة عماد الدين " و لما طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيل له : الصلاة يا أمير المؤمنين قال : نعم أما إنه لا حظ لأحد في الإسلام أضاع الصلاة . و صلى رضي الله عنه و جرحه يثعب دماً . و قال عبد الله بن شقيق التابعي رضي الله عنه : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يرون من الأعمال تركه كفر غير الصلاة . و سئل علي رضي الله عنه عن امرأة لا تصلي ، فقال : من لم يصلي فهو كافر . و قال ابن مسعود رضي الله عنه من لم يصل فلا دين له . و قال ابن عباس رضي الله عنهما : من ترك صلاة واحدة متعمداً لقي الله تعالى و هو عليه غضبان . و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من لقي الله و هو مضيع للصلاة لم يعبأ الله بشيء من حسناته ـ أي ما يفعل و ما يصنع بحسناته ـ إذا كان مضيعاً للصلاة " . و قال ابن حزم : لا ذنب بعد الشرك أعظم من تأخير الصلاة عن وقتها ، و قتل مؤمن بغير حق . و قال إبراهيم النخعي : من ترك الصلاة فقد كفر ، و قال أيوب السختياني مثل ذلك . و قال عون بن عبد الله : إن العبد إذا أدخل قبره سئل عن الصلاة أول شيء يسأل عنه ، فإن جازت له نظر فيما دون ذلك من عمله ، و إن لم تجز له لم ينظر في شيء من عمله بعد . و قال صلى الله عليه و سلم : " إذا صلى العبد الصلاة في أول الوقت صعدت إلى السماء و لها نور حتى تنتهي إلى العرش فتستغفر لصاحبها إلى يوم القيامة و تقول : حفظك الله كما حفظتني . و إذا صلى العبد الصلاة في غير وقتها صعدت إلى السماء و عليها ظلمة ، فإذا انتهت إلى السماء تلف كما يلف الثوب الخلق و يضرب بها وجه صاحبها ، و تقول : ضيعك الله كما ضيعتني . " . و روى أبو داود في سننه :
" عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاتهم ـ من تقدم قوماً و هم له كارهون ، و من استعبد محرراً ، و رجل أتى الصلاة دباراً " و الدبار أن يأتيها بعد أن تفوته . و جاء عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من جمع بين صلاتين من غير عذر فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الكبائر " فنسأل الله التوفيق و الإعانة إنه جواد كريم و أرحم الراحمين .
فصل ـ متى يؤمر الصبي بالصلاة :
روى أبو داود في السنن أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها " . و في رواية : " مروا أولادكم بالصلاة و هم أبناء سبع و اضربوهم عليها و هم أبناء عشر . و فرقوا بينهم في المضاجع " .
قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله : هذا الحديث يدل على إغلاظ العقوبة له إذا بلغ تاركاً لها .
و كان بعض أصحاب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يحتج به في وجوب قتله إذا تركها متعمداً بعد البلوغ ، و يقول : إذا استحق الضرب و هو غير بالغ ، فيدل على أنه يستحق بعد البلوغ من العقوبة ما هو أبلغ من الضرب و ليس بعد الضرب شيء أشد من القتل .
و قد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم تارك الصلاة ، فقال مالك و الشافعي و أحمد ، رحمهم الله : تارك الصلاة يقتل ضرباً بالسيف في رقبته . ثم اختلفوا في كفره إذا تركها من غير عذر حتى يخرج وقتها ، فقال إبراهيم النخعي و أيوب السختياني و عبد الله بن المبارك و أحمد بن حنبل و اسحاق بن راهوية : هو كافر . و استدلوا بقول النبي صلى الله عليه و سلم : " العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر " . و بقوله صلى الله عليه و سلم : " بين الرجل و بين الكفر ترك الصلاة " .
فصل ـ . و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا كان يوم القيامة يؤتى بالرجل فيوقف بين يدي الله عز و جل فيأمر به إلى النار ، فيقول : يا رب لماذا ؟ فيقول الله تعالى : لتأخير الصلاة عن أوقاتها و حلفك بي كاذباً .
وعن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال يوماً لأصحابه : " اللهم لا تدع فينا شقياً و لا محروما . " ثم قال صلى الله عليه و سلم : " أتدرون من الشقي المحروم ؟ قالوا : من هو يا رسول الله ؟ قال : تارك الصلاة " .
و روي أنه أول من يسود يوم القيامة وجوه تاركي الصلاة ، و أن في جهنم وادياً يقال له الملحم فيه حيات ، كل حية ثخن رقبة البعير ، طولها مسيرة شهر تلسع تارك الصلاة فيغلي سمها في جسمه سبعين سنة ثم يتهرى لحمه .
حكاية : روي أن امرأة من بني إسرائيل جاءت إلى موسى عليه السلام فقالت : يا رسول الله إني أذنبت ذنباً عظيماً و قد تبت منه إلى الله تعالى ، فادع الله أن يغفر لي ذنبي و يتوب علي : فقال لها موسى عليه السلام : و ما ذنبك ؟ قالت : يا نبي الله إني زنيت و ولدت ولداً فقتلته فقال لها موسى عليه السلام : اخرجي يا فاجرة لا تنزل نار من السماء فتحرقنا بشؤمك ، فخرجت من عنده منكسرة القلب ، فنزل جبريل عليه السلام و قال : يا موسى الرب تعالى يقول لك لما رددت التائبة يا موسى ، أما وجدت شراً منها ، قال موسى : يا جبريل و من هو شر منها ؟ قال : تارك الصلاة عامداً متعمداً .
حكاية أخرى عن بعض السلف أنه أتى أختاً له ماتت ، فسقط كيس منه فيه مال في قبرها فلم يشعر به أحد حتى انصرف عن قبرها ، ثم ذكره فرجع إلى قبرها فنبشه بعدما انصرف الناس ، فوجد القبر يشعل عليها ناراً فرد التراب عليها و رجع إلى أمه باكياً حزيناً فقال : يا أماه أخبريني عن أختي و ما كانت تعمل ؟ قالت : و ما سؤالك عنها ؟ قال : يا أمي رأيت قبرها يشتعل عليها ناراً . قال : فبكت و قالت يا ولدي كانت أختك تتهاون بالصلاة و تؤخرها عن وقتها . فهذا حال من يؤخر الصلاة عن وقتها ، فكيف حال من لا يصلي ؟ فنسأل الله تعالى أن يعيننا على المحافظة عليها في أوقاتها إنه جواد كريم .
فصل : في عقوبة من ينقر الصلاة و لا يتم ركوعها و لا سجودها ، و قد روي في تفسير قول الله تعالى : " فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون " . أنه الذي ينقر الصلاة و لا يتم ركوعها و لا سجودها .
و ثبت في الصحيحين " عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رجلاً دخل المسجد و رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس فيه ، فصلى الرجل ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم فرد عليه السلام ، ثم قال له : ارجع فصل فإنك لم تصل . فرجع فصلى كما صلى ، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم فرد عليه السلام ثم قال : ارجع فصل فإنك لم تصل ، فرجع فصلى كما صلى ، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم فرد عليه السلام ، و قال : ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاث مرات . فقال في الثالثة : و الذي بعثك بالحق يا رسول الله ما أحسن غيره فعلمني. فقال صلى الله عليه و سلم : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم اجلس حتى تطمئن جالساً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، و افعل ذلك في صلاتك كلها " . و روى الإمام أحمد رضي الله عنه عن البدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تجزىء صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع و السجود " و رواه أبو داود أيضاً و الترمذي ، و قال : حديث حسن صحيح . و في رواية أخرى : " حتى يقيم ظهره في الركوع و السجود " .
و هذا نص عن النبي صلى الله عليه و سلم في أن من صلى و لم يقم ظهره بعد الركوع و السجود كما كان ، فصلاته باطلة ، و هذا في صلاة الفرض و كذا الطمأنينة أن يستقر كل عضو في موضعه .
و ثبت عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : " أشد الناس سرقة الذي يسرق من صلاته : قيل و كيف يسرق من صلاته ؟ قال : لا يتم ركوعها و لا سجودها و لا القراءة فيها " .
و روى الإمام أحمد " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا ينظر الله إلى رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه و سجوده " .
و قال صلى الله عليه و سلم : " تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلا " .
و عن أبي موسى قال : صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يوماً بأصحابه ثم جلس ، فدخل رجل فقام يصلي ، فجعل يركع و ينقر سجوده ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" ترون هذا لو مات مات على غير ملة محمد صلى الله عليه و آله و سلم ينقر صلاته كما ينقر الغراب الدم ! " أخرجه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه .
و عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :" ما من مصل إلا و ملك عن يمينه و ملك عن يساره ، فإن أتمها عرجا بها إلى الله تعالى ، و إن لم يتمها ضربا بها وجهه " .
و روى البيهقي بسنده عن " عبادة بن الصامت : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من توضأ أحسن الوضوء ثم قام إلى الصلاة فأتم ركوعها و سجودها و القراءة فيها قالت الصلاة : حفظك الله كما حفظتني ، ثم صعد بها إلى السماء و لها ضوء و نور ، ففتحت لها أبواب السماء حتى ينتهي بها إلى الله تعالى فتشفع لصاحبها . و إذا لم يتم ركوعها و لا سجودها و لا القراءة فيها قالت الصلاة : ضيعك الله كما ضيعتني ، ثم صعد بها إلى السماء و عليها ظلمة ، فأغلقت دونها أبواب السماء ، ثم تلف كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجه صاحبها " .
و " عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : الصلاة مكيال ، فمن وفي وفي له ، و من طفف فقد علمتم ما قال الله في المطففين : قال الله تعالى : " ويل للمطففين " و المطفف هو المنقص للكيل أو الوزن أو الذراع أو الصلاة ، وعدهم الله بويل و هو واد في جهنم تستغيث جهنم من حره ، نعوذ بالله منه " .
و " عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا سجد أحدكم فليضع وجهه و أنفه و يديه على الأرض فإن الله تعالى أوحى إلي أن أسجد على سبعة أعضاء : الجبهة و الأنف و الكفين و الركبتين ، و صدور القدمين ، و أن لا أكف شعراً و لا ثوباً ، فمن صلى و لم يعطي كل عضو منها حقه لعنه ذلك العضو حتى يفرغ من صلاته " .
و روى البخاري عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه رأى رجلاً يصلي و لا يتم ركوع الصلاة و لا سجودها فقال له حذيفة صليت و لو مت و أنت تصلي هذه الصلاة ، مت على غير فطرة محمد صلى الله عليه و سلم .
و في رواية أبي داود أنه قال : منذ كم تصلي هذه الصلاة ؟ قال : منذ أربعين سنة . قال : ما صليت منذ أربعين سنة شيئاً ، و لو مت مت على غير فطرة محمد صلى الله عليه و آله سلم !
و كان الحسن البصري يقول : يقول يا ابن آدم أي شيء يعز عليك من دينك إذا هانت عليك صلاتك و أنت أول ما تسأل عنها يوم القيامة كما تقدم من قول النبي صلى الله عليه و سلم : " أول ما يحاسب العبد يوم القيامة من عمله صلاته ، فإن صلحت فقد أفلح و أنجح ، و إن فسدت فقد خاب و خسر ، فإن انتقص من الفريضة شيء يقول الله تعالى : انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل به ما انتقص من الفريضة ، ثم يكون سائر عمله كذلك " .
فينبغي للعبد أن يستكثر من النوافل حتى يكمل به ما انتقص من فرائضه و بالله التوفيق .
فصل : في عقوبة تارك الصلاة في جماعة مع القدرة قال الله تعالى : " يوم يكشف عن ساق و يدعون إلى السجود فلا يستطيعون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة و قد كانوا يدعون إلى السجود و هم سالمون " .
و ذلك يوم القيامة يغشاهم ذل الندامة و قد كانوا في الدنيا يدعون إلى السجود .
قال إبراهيم التيمي : يعني إلى الصلاة المكتوبة بالأذان و الإقامة ، و قال سعيد بن المسيب : كانوا يسمعون : حي على الصلاة حي على الفلاح ، فلا يجيبون و هم أصحاء سالمون .
و قال كعب الأحبار : و الله ما نزلت هذه الآية إلا في الذين تخلفوا عن الجماعة ، فأي وعيد أشد و أبلغ من هذا لمن ترك الصلاة في الجماعة مع القدرة على إتيانها ؟ و أما من السنة فما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة في الجماعة ، فأحرق بيوتهم عليهم بالنار " و لا يتوعد بحرق بيوتهم عليهم إلا على ترك واجب مع ما في البيوت من الذرية و المتاع .
و في صحيح مسلم أن رجلاً أعمى أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد و سأل النبي صلى الله عليه و سلم أن يرخص له أن يصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم . قال : فأجب " .
و رواه أبو داود " عن عمرو بن أم مكتوم أنه أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام و السباع و أنا ضرير البصر شاسع الدار ـ أي بعيد الدار ـ و لي قائد لا يلائمني فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فقال : هل تسمع النداء ؟ قال ، نعم . قال : فأجب فإني لا أجد لك رخصة " .
فهذا ضرير البصر شكى ما يجد من المشقة في مجيئه إلى المسجد و ليس له قائد يقوده إلى المسجد ، و مع هذا لم يرخص له النبي صلى الله عليه و سلم في الصلاة في بيته فكيف بمن يكون صحيح البصر سليماً لا عذر له ؟ و لهذا لما سئل ابن عباس رضي الله عنهما : عن رجل يصوم النهار و يقوم الليل و لا يصلي في جماعة و لا يجمع فقال : إن مات على هذا فهو في النار .
و قال أبو هريرة رضي الله عنه لأن تمتلىء أذن ابن آدم رصاصاً مذاباً خير له من أن يسمع النداء و لا يجيب .
و روي " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من سمع المنادي بالصلاة فلم يمنعه من اتباعه عذر ، قيل و ما العذر يا رسول الله ؟ قال خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى يعني في بيته " .
و أخرج الحاكم في مستدركه عن " ابن عباس أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : و ثلاثة لعنهم الله : من تقدم قوماً و هم له كارهون ، و امرأة باتت و زوجها عليها ساخط ، و رجل سمع حي على الصلاة حي على الفلاح ثم لم يجب " .
و قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قيل : و من جار المسجد ؟ قال : من سمع الأذان .
و روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : من سره أن يلقى الله غداً مسلماً ـ يعني يوم القيامة ـ فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادي بهن ، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى ، و إنهن من سنن الهدى ، و لو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، و لو تركتم سنة نبيكم لضللتم . و لقد رأيتنا و ما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض ، و لقد كان الرجل يؤتى به يهادي بين رجلين حتى يقام في الصف أو حتى يجيء إلى المسجد لأجل صلاة الجماعة .
و كان الربيع بن خيثم قد سقط شقه في الفالج ، فكان يخرج إلى الصلاة يتوكأ على رجلين ، فيقال له : يا أبا محمد قد رخص لك أن تصلي في بيتك أنت معذور . فيقول : هو كما تقولون ، و لكن أسمع المؤذن يقول : حي على الصلاة حي على الفلاح ، فمن استطاع أن يجيبه و لو زحفاً أو حبواً فليفعل .
و قال حاتم الأصم : فاتتني مرة صلاة الجماعة فعزاني أبو اسحاق البخاري وحده ، و لو مات لي ولد لعزاني أكثر من عشرة آلاف إنسان ، لأن مصيبة الدين عند الناس أهون من مصيبة الدنيا ! .
و كان بعض السلف يقول : ما فاتت أحداً صلاة الجماعة إلا بذنب أصابه و قال ابن عمر خرج عمر يوماً إلى حائط له فرجع و قد صلى الناس العصر فقال عمر : إنا لله و إنا إليه راجعون فاتتني صلاة العصر في الجماعة . أشهدكم أن حائطي على المساكين صدقة ليكون كفارة لما صنع عمر رضي الله عنه ، و الحائط البستان فيه النخل .
فصل ـ:
و يكون اعتناؤه بحضور صلاة العشاء و الفجر أشد ، فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين ، يعني العشاء و الفجر ، و لو يعلمون ما فيهما من الأجر لأتوهما و لو حبواً " .
و قال ابن عمر : كنا إذا تخلف منا إنسان في صلاة العشاء و الصبح في الجماعة أسأنا به الظن أن يكون قد نافق .
حكاية : عن عبيد الله بن عمر القواريري رضي الله عنه قال : لم تكن تفوتني صلاة العشاء في الجماعة قط ، فنزل بي ليلة ضيف فشغلت بسببه و فاتتني صلاة العشاء في الجماعة ، فخرجت أطلب الصلاة في مساجد البصرة ، فوجدت الناس كلهم قد صلوا و غلقت المساجد ، فرجعت إلى بيتي و قلت : قد ورد في الحديث : إن صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفرد بسبع و عشرين درجة ، فصليت العشاء سبعاً و عشرين مرة ثم نمت ، فرأيت في المنام كأني مع قوم على خيل و أنا أيضاً على فرس و نحن نستبق ، و أنا أركض فرسي فلا ألحقهم ، فالتفت إلى أحدهم فقال لي : لا تتعب فرسك فلست تلحقنا : قلت : و لم ؟ قال : لأنا صلينا العشاء في جماعة و أنت صليت وحدك . فانتبهت و أنا مغموم حزين لذلك ، فنسأل الله المعونة و التوفيق إنه جواد كريم .
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 18-07-2010, 10:49 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

اباق العبد
الكبيرة السابعة و الخمسون : اباق العبد
روى مسلم في صحيحه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة " . و قال صلى الله عليه و سلم : " أيما عبد أبق فقد برئت منه الذمة " . و روى ابن خزيمة في صحيحه " من حديث جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة و لا يصعد لهم إلى السماء حسنة : العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه ، و المرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى ، و السكران حتى يصحو " . و " عن فضالة بن عبيد مرفوعاً : ثلاثة لا يسأل عنهم : رجل فارق الجماعة و عصى إمامه و عبد آبق و مات عاصياً ، و امرأة غاب عنها زوجها و قد كفاها المؤونة فتبرجت بعده ـ أي أظهرت محاسنها كما يفعل أهل الجاهلية " و هم ما بين عيسى و محمد صلى الله عليه و سلم كذا ذكره الواحدي رحمه الله .
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 18-07-2010, 10:51 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

أخذ الرشوة على الحكم
الكبيرة الثانية و الثلاثون : أخذ الرشوة على الحكم
قال الله تعالى : " و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل و تدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم و أنتم تعلمون " .
أي لا تدلو بأموالكم إلى الحكام ، أي لا تصانعوهم بها و لا ترشوهم ليقتطعوا لكم حقاً لغيركم و أنتم تعلمون أنه لا يحل لكم . و " عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لعن الله الراشي و المرتشي في الحكم " . أخرجه الترمذي و قال حديث حسن . و " عن عبد الله بن عمرو : لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم الراشي و المرتشي " .
قال العلماء : فالراشي هو الذي يعطي الرشوة ، و المرتشي هو الذي يأخذ الرشوة و إنما تلحق اللعنة الراشي إذا قصد بها أذية مسلم أو ينال بها ما لا يستحق ، أما إذا أعطى ليتوصل إلى حق له و يدفع عن نفسه ظلماً فإنه غير داخل في اللعنة ، و أم الحاكم فالرشوة عليه حرام أبطل بها حقاً أو دفع بها ظلماً و قد روي في حديث آخر : إن اللعنة على الرائش أيضاً و هو الساعي بينهما ، و هو تابع للراشي في قصده خيراً لم تلحقه اللعنة و إلا لحقته .
فصل : و من ذلك ما روى أبو داود في سننه " عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من شفع لرجل شفاعة فأهدى له عليها هدية فقد أتى باباً كبيراً من أبواب الربا " . و " عن ابن مسعود قال : السحت أن تطلب لأخيك الحاجة فتقضى فيهدى إليك هدية فتقبلها منه ، و عن مسروق أنه كلم ابن زياد في مظلمة فردها فأهدى إليه صاحب المظلمة و صيفاً فردها و لم يقبلها ، و قال سمعت ابن مسعود يقول : من رد عن مسلم مظلمة فأعطاه على ذلك قليلاً أو كثيراً فهو سحت . فقال الرجل : يا أبا عبد الرحمن ما كنا نظن أن السحت إلا الرشوة في الحكم . فقال : ذلك كفر نعوذ بالله منه و نسأل الله العفو و العافية من كل بلاء و مكروه " .
الحكاية : عن الإمام أبي عمر الأوزعي رحمه الله ـ و كان يسكن ببيروت ـ أن نصرانياً جاء إليه فقال : إن والي بعلبك ظلمني بمظلمة ، و أريد أن تكتب إليه و أتاه بقلة عسل ، فقال الأوزاعي رحمه الله : إن شئت رددت القلة و كتبت لك إليه ، و إن شئت أخذت القلة . فكتبت له إلى الوالي أن ضع عن هذا النصراني من خراجه . فأخذ القلة و الكتاب و مضى إلى الوالي فأعطاه الكتاب فوضع عنه ثلاثين درهماً بشفاعة الإمام ، رحمه الله و حشرنا في زمرته.
موعظة : عباد الله : تدبروا العواقب ، و احذروا قوة المناقب ، و اخشوا عقوبة المعاقب ، و خافوا سلب السالب ، فإنه و الله طالب غالب . أين الذين قعدوا في طلب المنى و قاموا ، و داروا على توطئة دار الرحيل و حاموا ؟ ما أقل ما لبثوا و ما أوفى ما أقاموا ! لقد وبخوا في نفوسهم في قعر قبورهم على ما أسلفوا و لاموا .
أما والله لو علم الأنام لما خلقوا لما هجموا و ناموا
لقد خلقوا لأمر لو رأته عيون قلوبهم تاهوا و هاموا
ممات ، ثم قبر ، ثم حشر ، و توبيخ ، و أهوال ، عظام
ليوم الحشر قد عملت رجال فصلوا من مخافته و صاموا
و نحن إذا أمرنا أو نهينا كأهل الكهف إيقاظ نيام
يا من بأقذار الخطايا قد تلطخ ، و بآفات البلايا قد تضمخ ، يا من سمع كلام من لام و وبخ ، يعقد عقد التوبة حتى إذا أمسى يفسخ ، يا مطلقاً لسانه و الملك يحصى و ينسخ ، يا من طير الهوى في صدره قد عشش و فرخ ، كم أباد الموت ملوكاً كالجبال الشمخ ، كم أزعج قواعد كانت في الكبر ترسخ ، و أسكنهم ظلم اللحود و من ورائهم برزخ ، يا من قلبه من بدنه بالذنوب أوسخ ، يا مبارزاً بالعظائم أتأمن أن يخسف بك أو تمسخ ، يا من لازم العيب بعد اشتماله الشيب ففعله يؤرخ . و الحمد لله دائماً و أبداً .
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 18-07-2010, 10:54 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

أذى الجار
الكبيرة الثانية و الخمسون : أذى الجار
ثبت في الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : و الله لا يؤمن و الله لا يؤمن قيل من يا رسول الله ؟ قال من لا يأمن جاره بوائقه " . أي غوائله و شروره ، و في رواية : " لا يدخل الجنة من لا يؤمن جاره بوائقه " .و سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أعظم الذنب عند الله فذكر ثلاث خلال : " أن تجعل لله نداً و هو خلقك ، و أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ، و أن تزني بحليلة جارك " . و في الحديث : " من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يؤذ جاره " . و الجيران ثلاثة : جار مسلم قريب له حق الجوار و حق الإسلام و حق القرابة ، و جار مسلم له حق الجوار و حق الإسلام . و الجار الكافر له حق الجوار . و كان ابن عمر رضي الله عنهما له جار يهودي ، فكان إذا ذبح الشاة يقول : احملوا إلى جارنا اليهودي منها . و روي أن الجار الفقير يتعلق بالجار الغني يوم القيامة ، و يقول : يا رب سل هذا لم منعني معروفه و أغلق عني بابه .
و ينبغي للجار أن يحمل أذى الجار ، فهو من جملة الإحسان إليه . " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله دلني على عمل إذا قمت به دخلت الجنة . فقال : كن محسناً ، فقال : يا رسول الله كيف أعلم أني محسن ؟ قال : سل جيرانك فإن قالوا أنك محسن فأنت محسن ، و إن قالوا أنك مسيء فأنت مسيء " ذكره البيهقي من رواية أبي هريرة ، و جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من أغلق بابه عن جاره مخافة على أهله و ماله فليس بمؤمن ، و ليس بمؤمن من لا يأمن جاره بوائقه " .
و قيل : لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر من أن يزني بامرأة جاره ، و لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر من أن يسرق من بيت جاره . و في سنن أبي داود " من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يشكوه جاره فقال له اذهب فاصبر ، فأتاه مرتين أو ثلاثاً ثم قال اذهب فاطرح متاعك على الطريق ، ففعل فجعل الناس يمرون به ، و يسألونه عن حاله فيخبرهم خبره مع جاره ، فجعلوا يلعنون جاره و يقولون : فعل الله به و فعل و يدعون عليه ، فجاء إليه جاره و قال : يا أخي ارجع إلى منزلك فإنك لن ترى ما تكره أبداً " .
و أن يحتمل أذى جاره و إن كان ذمياً ، فقد روي عن سهل بن عبد الله التستري رحمه الله أنه كان له جار ذمي ، و كان قد انبثق من كنيفه إلى بيت في دار سهل بثق ، فكان سهل يضع كل يوم الجفنة تحت ذلك البثق فيجتمع ما يسقط فيه من كنيف المجوسي و يطرحه بالليل حيث لا يراه أحد فمكث رحمه الله على هذه الحال زماناً طويلاً إلى أن حضرت سهلاً الوفاة ، فاستدعى جاره المجوسي و قال له : ادخل ذلك البيت و انظر ما فيه ، فدخل فرأى ذلك البثق و القذر يسقط منه في الجفنة ، فقال ما هذا الذي أرى ؟ قال سهل : هذا منذ زمان طويل يسقط من دارك إلى هذا البيت و أنا أتلقاه بالنهار و ألقيه بالليل ، و لولا أنه حضرني أجلي ، و أنا أخاف أن لا تتسع أخلاق غيري لذلك و إلا لم أخبرك فافعل ما ترى ، فقال المجوسي : أيها الشيخ أنت تعاملني بهذه المعاملة منذ زمان طويل و أنا مقيم على كفري ؟ مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ، ثم مات سهل رحمه الله .
فنسأل الله أن يهدينا و إياكم لأحسن الأخلاق و الأعمال و الأقوال ، و أن يحسن عاقبتنا إنه جواد كريم رؤوف رحيم
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 18-07-2010, 10:55 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

أذى المسلمين و شتمهم
الكبيرة الثالثة و الخمسون : أذى المسلمين و شتمهم
قال الله تعالى : " و الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً و إثماً مبينا " و قال الله تعالى : "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم و لا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن و لا تلمزوا أنفسكم و لا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان و من لم يتب فأولئك هم الظالمون " .
و قال الله تعالى : " و لا تجسسوا و لا يغتب بعضكم بعضا " .
و قال صلى الله عليه و سلم : " إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه الناس أو تركه الناس اتقاء فحشه " . و قال صلى الله عليه و سلم : " عباد الله إن الله وضع الحرج إلا من افترض بعرض أخيه فذلك الذي حرج أو هلك " .
و في الحديث " كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه " . و قال عليه الصلاة و السلام " المسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يخذله و لا يحقره ، بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم " . و فيه أيضاً " سباب المسلم فسوق و قتاله كفر " .
و " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله إن فلانة تصلي الليل و تصوم النهار و تؤذي جيرانها بلسانها فقال : لا خير فيها هي في النار " . صححه الحاكم . و في الحديث أيضاً " اذكروا محاسن موتاكم و كفوا عن مساوءهم " . و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من دعا رجلاً بالكفر أو قال يا عدو الله و ليس كذلك إلا حار عليه " . و قال عليه الصلاة و السلام : " مررت ليلة أسري بي بقوم لهم أظافر من النحاس يخمشون بها وجوههم و صدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس و يقعون في أعراضهم " .
( فصل ) في الترهيب من الإفساد و التحريش بين المؤمنين و بين البهائم و الدواب : صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب و لكن في التحريش بينهم " ، فكل من حرش بين اثنين من بني آدم و نقل بينهما ما يؤذي أحدهما فهو نمام من حزب الشيطان من أشر الناس ، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم : " ألا أخبركم بشراركم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : شراركم المشاؤون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة ، الباغون للبرءاء العنت " . و العنت المشقة . و صح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : " لا يدخل الجنة نمام " . و النمام هو الذي ينقل الحديث بين الناس و بين اثنين بما يؤذي أحدهما أو يوحش قلبه على صاحبه أو صديقه بأن يقول له : قال عنك فلان كذا و كذا و فعل كذا و كذا ، إلا أن يكون في ذلك مصلحة أو فائدة ، كتحذيره من شر يحدث أو يترتب . و أما التحريش بين البهائم و الدواب و الطير و غيرها ، فحرام كمناقرة الديوك و نطاح الكباش و تحريش الكلاب بعضها على بعض و ما أشبه ذلك و قد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فمن فعل ذلك فهو عاص لله و رسوله . و من ذلك إفساد قلب المرأة على زوجها ، و العبد على سيده . لما روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ملعون من خبب امرأة على زوجها أو عبداً على سيده " نعوذ بالله من ذلك .
( فصل ) في الترغيب في الإصلاح بين الناس ، قال الله تعالى : " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس و من يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً " . قال مجاهد : هذه الآية عامة بين الناس ، يريد أنه لا خير فيما يتناجى فيه الناس و يخوضون فيه من الحديث إلا ما كان من أعمال الخير ، و هو قوله " إلا من أمر بصدقة " ثم حذف المضاف " أو معروف " ، قال ابن عباس : بصلة الرحم و بطاعة الله ، و يقال لأعمال البر كلها معروف لأن العقول تعرفها . قوله تعالى : " أو إصلاح بين الناس " هذا مما حث عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال " لأبي أيوب الأنصاري ألا أدلك على صدقة هي خير لك من حمر النعم قال : بلى يا رسول الله . قال : تصلح بين الناس إذا تفاسدوا و تقرب بينهم إذا تباعدوا " . و روت " أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ما كان من أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر لله " .
و روي أن رجلاً قال لسفيان : ما أشد هذا الحديث ، قال سفيان : ألم تسمع إلى قول الله تعالى : " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف " الآية . فهذا هو بعينه .
ثم علم سبحانه أن ذلك إنما ينفع من ابتغى به ما عند الله قال الله تعالى : " و من يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً " . أي ثواباً لا حد له .
و في الحديث " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيرا " رواه البخاري . و قالت أم كلثوم . " و لم أسمعه صلى الله عليه و سلم يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاثة أشياء : في الحرب و الإصلاح بين الناس و حديث الرجل زوجته و حديث المرأة زوجها " . و " عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بلغه أن بني عمرو بن عوف كان بينهم شر ، فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلح بينهم في أناس معه من أصحابه " . رواه البخاري .
و " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما عمل شيء أفضل من مشي إلى الصلاة أو إصلاح ذات البين و حلف جائز بين المسلمين " .
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من أصلح بين اثنين أصلح الله أمره و أعطاه بكل كلمة تكلم بها عتق رقبة و رجع مغفوراً له ما تقدم من ذنبه " . و بالله التوفيق .
اللهم عاملنا بلطفك و تداركنا بعفوك يا أرحم الراحمين .
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 18-07-2010, 10:58 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

أذية عباد الله و التطول عليهم
الكبيرة الرابعة و الخمسون : أذية عباد الله و التطول عليهم
قال الله تعالى : " و الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً و إثماً مبينا " .
و قال الله تعالى : " و اخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين " .
و " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله تعالى قال : من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب " و في رواية : " فقد بارزني بالمحاربة أي أعلمته أني محارب له " . و في الحديث " أن أبا سفيان أتى على سلمان و صهيب و بلال في نفر فقالوا : ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : أتقولون هذا لشيخ قريش و سيدهم ؟ فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره ، فقال : يا أبا بكر لعلك أغضبتهم ، لقد أغضبت ربك . فأتاهم أبو بكر رضي الله عنه فقال : يا أخوتاه أغضبتكم ؟ قالوا : لا . يغفر الله لك يا أخي " . و قولهم مأخذها : أي لم تستوف حقها منه .
( فصل ) في قوله تعالى :
" و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه " . الآيات . و هذه الآيات في تفضيل الفقراء ، و سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه و سلم أول من آمن به الفقراء ، و كذلك كل نبي أرسل أول من آمن به الفقراء ، فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجلس مع فقراء أصحابه مثل سلمان و صهيب و بلال و عمار بن ياسر رضي الله عنهم ، فأراد المشركون أن يحتالوا عليه في طرد الفقراء لما سمعوا أن علامة الرسل أن يكون أول أتباعهم الفقراء ، فجاء بعض رؤساء المشركين فقالوا : يا محمد اطرد الفقراء عنك ، فإن نفوسنا تأنف أن تجالسهم ، فلو طردتهم عنك لآمن بك أشراف الناس و رؤساؤهم فأنزل الله تعالى : " و لا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه " .
فلما أيس المشركون من طردهم قالوا : يا محمد إن لم تطردهم فاجعل لنا يوماً و لهم يوماً فأنزل الله تعالى :
" و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه و لا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا " .
أي لا تتعداهم و لا تتجاوز بنظرك رغبة عنهم و طلباً لصحبة أبناء الدنيا .
" و قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر " .
ثم ضرب لهم مثل الغني و الفقير بقوله " و اضرب لهم مثلاً رجلين " . " و اضرب لهم مثل الحياة الدنيا " . فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعظم الفقراء و يكرمهم .
و لما هاجر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة هاجروا معه فكانوا في صفة المسجد مقيمين متبتلين فسموا أصحاب الصفة ، فكان ينتمي إليهم من يهاجر من الفقراء حتى كثروا رضي الله عنهم . هؤلاء شاهدوا ما أعد الله لأوليائه من الإحسان و عاينوه بنور الإيمان فلم يعلقوا قلوبهم بشيء من الأكوان بل قالوا : إياك نعبد و لك نخضع و نسجد و بك نهتدي و نسترشد ، و عليك نتوكل و نعتمد و بذكرك نتنعم و نفرح ، و في ميدان ودك نرتع و نسرح و لك نعمل و نكدح و عن بابك أبداً لا نبرح ، فحينئذ عمر لهم سبيله و خاطب فيهم رسوله فقال : " و لا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة " . الآية ، أي : و لا تطرد قوماً أمسوا على ذكر ربهم يتقلبون ، و إن أصبحوا فلبابه ينقلبون . لا تطرد قوماً المساجد مأواهم و الله مطلوبهم و مولاهم ، و الجوع طعامهم و السهر إذا نام الناس أدامهم ، و الفقر و الفاقة شعارهم ، و المسكنة و الحياء دثارهم . ربطوا خيل عزمهم على باب مولاهم ، و بسطوا وجوههم في محاريب نجواهم ، فالفقر عام و خاص ، فالعام الحاجة إلى الله تعالى و هذا وصف كل مخلوق مؤمن و كافر ، و هو معنى قوله تعالى " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله " الآية ، و الخاص وصف أولياء الله و أحبائه خلو اليدين من الدنيا و خلو القلب من التعلق بها ، اشتغالاً بالله عز و جل و شوقاً إليه ، و أنساً بالفراغ و الخلوة مع الله عز و جل .
اللهم أذقنا حلاوة مناجاتك ، و أن تسلك بنا طريق مرضاتك ، و اقطع عنا كل ما يبعدنا من حضرتك ، و يسر لنا ما يسرته لأهل محبتك ، و اغفر لنا و لوالدينا و للمسلمين .
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 18-07-2010, 11:02 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

إسبال الإزار و الثوب و اللباس و السراويل تعززاً و عجباً و فخراً و خيلاء



الكبيرة الخامسة و الخمسون : إسبال الإزار و الثوب و اللباس و السراويل تعززاً و عجباً و فخراً و خيلاء



قال الله تعالى : " و لا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور " .


و قال النبي صلى الله عليه و سلم : " ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار " .


و قال عليه الصلاة و السلام : " لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً " . و قال عليه الصلاة و السلام : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة و لا ينظر إليهم و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم : المسبل و المنان و المنفق سلعته بالحلف الكاذب " .


و في الحديث أيضاً : " بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل رأسه يختال في مشيه إذ خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة " .


و قال عليه الصلاة و السلام : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " ، و قال صلى الله عليه و سلم " الإسبال في الإزار و العمامة من جر شيئاً منها خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " .


و قال عليه الصلاة و السلام : " إزرة المؤمن إلى نصف ساقيه و لا حرج عليه فيما بينه و بين الكعبين ، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار" .


و هذا عام في السراويل و الثوب و الجبة و القباء و الفرجية و غيرها من اللباس . فنسأل الله العافية ، و " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينما رجل يصلي مسبلاً إزاره قال له رسول الله : اذهب فتوضأ ، ثم جاء فقال اذهب فتوضأ فقال له رجل يا رسول الله ما لك أمرته أن يتوضأ ؟ ثم سكت عنه فقال : إنه كان يصلي و هو مسبل إزاره ، و لا يقبل الله صلاة رجل مسبلاً إزاره " .


و لما قال صلى الله عليه و سلم : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده ، فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنك لست ممن يفعله خيلاء " .


اللهم عاملنا بلطفك الحسن الجميل برحمتك يا أرحم الراحمين .
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:16 AM.