#1
|
|||
|
|||
![]() الجحيم رؤية من الداخل
المقدمة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} (آل عمران:102) {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً} (النساء:1) {يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} (الأحزاب:70-71) وبعـد،،، سأنقل لحضراتكم رؤية للجحيم من الداخل رؤية لأحد الإخوة جزاه الله خيراً وهذه أول مشاركة في هذا الموضوع وأرجوا منكم متابعة الباقي بارك الله فيكم وجزاكم خيراً 1- في أول الطريق: الفردوس هي الأمل: عندما كنت في بداية الطريق، طريق الإسلام، وكان هذا بحمد الله في أول مراحل الشباب، كنت أرى أن الفردوس هو المكان الذي يجب أن تتعلق همتي بـه. وربما كان يخالجني الشعـور لا الأمل فقط بأنني جدير به!! وكنت أظن أن مسألة النار، والتفكير بالنجاة منها خـارج عن سعي مثلي ودعائه؛ فمثلي ليس من أهلها -إن شاء الله- ولا يدخلها!! وبالتالي، فهو غني عن الخوف منها، والاستعاذة بالله منها، وإن دعا الله بالنجاة منها، فإنما ذلك تأسياً بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي يدعو بالنجاة من النار مع القطع أنه ليس من أهلها. وكان كثيراً ما يخالجني الشعور عند الاستغفار أنني لم أعمل ما يوجب النـدم الطويل، ولا الأسف البالغ، فإن ما وقعت فيه من الذنب قد وفقني الله للإقلاع عنه، والاعتذار منه، وهذا كاف في باب التوبة!! وقـد استمر بي هذا الظن مرحلة من عمري في الدين. ثم لما بدأت في فقه القرآن، وعرفت حقيقة معنى الإيمـان، وحقيقة معنى المعصية، ودرست أخلاق الرسل والصالحين وأهل الإيمان، بدأ هذا الشعور يتلاشى شيئاً فشيئاً. ثم أصبح الهاجس الأول والأخير هو التفكير في كيفية النجاة من النـار، والفرار مما قبلها من أهوال وأما الجنة؛ كل الجنة؛ ولا سيماً الفردوس فلهـا حسابات أخرى!! وسعي آخر رأيت أن همتي وعزمي وعملي دونه بكثير. وأن المعاصي التي ارتكبتها والذنوب التي قارفتها لا يكفيها البكاء من يومي هذا إلى الممات، وأنني إن لم تتداركني رحمة الله بالمغفرة، أصبحت من الخاسرين. فكيف كان ذلك؟! 2- إدراك مفهوم الذنب: لقد اجتمعت مجموعة من الأمور جعلتني أراجع حساباتي السابقة، وأنظر إلى الأمر نظرة جديدة، وكان أول ما أيقظ شعوري بخطأ تصوراتي السابقة حول الجنة والنار -وأنا في بداية الطريق- هو إدراكي لمعنى الذنب، وأن معصية الله سبحانه وتعالى شيء كبير، وكان مما أشعل في نفسي هذا المعنى كلمةٌ لأحد الصالحين يقول فيها: "لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر من عصيت"!! ووجدت مصداق ذلك فيما يتصف الله به من صفات كماله وأنعامه وتفضله على عباده. وأن حقه سبحانه وتعالى على عباده أن يتقوه حق تقاتـه، وأن يطيعوه ولا يعصوه، وأن يشكروه ولا يكفروه، وأن يذكروه ولا ينسـوه. ومن الذي يستطيع أن يقوم بذلك على وجهه الكامل؟ ووجدت أن الله سبحانه وتعالى يحذر عباده من عقوبته. وأنه يؤاخذ بالذنب صغيره وكبيره!! وتيقنت أن حق الله على عبـاده أعظم وأكبر من كل ما يأمرهم به. وأن الجميع تحت رحمته وطوع أمره، وأنه سبحانه {لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد}. 3- لماذا كانت المعصية شيئاً عظيماً؟: المعصية في ذاتها شيء عظيم لأنها مخالفة لأمر الرب الإله الذي لا إله إلا هو، خالق السموات والأرض، وخالق كل شيء، وهو رب كل شيء ومليكه الذي خضع له كل شيء، وذل له كل شيء، فهو القاهر فوق عباده، وهو الحكيم الخبير الذي لا يغيب عنه من شؤون عباده صغير ولا كبير.. فهو القائم على كل نفس بما كسبت، والذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض... الذي تخافـه الملائكة العظام الكرام، وتكاد السموات أن يتفطرن من فوقهن فرقاً وخوفاً منه. والذي يمسك السموات والأرض أن تزولاً... والذي لا يحيط أحد من خلقه علماً به، وهو يحيط علماً بكل مخلوقاته، ولا يغيب عنه سبحانه خطرات قلوبهم ولا نزغات نفوسهم، ولا وساوس صدورهـم، الذي وسع كل شيء رحمة وعلماً، والذي لا يقبل من أحد من مخلوقاته إلا الإذعان له، والاستسلام لأمره. والذي يكرم من شاء من خلقه وعباده فلا يكون لإكرامه منتهى ولا لعطائه حد. ويهين من شاء من خلقــه، فلا تكون لإهانته مثيل، ويعذب من أراد من عبيده فلا يكون لعذابه نهاية، ولا لعذابه شبيه {فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد}. وهو الرب الإله الذي جعل الخلق كله له والأمر كله له، فلا يخلق إلا هو، ولا يستطيع غيره أن يخلـق ذَرَّة، ولا بُرَّةً، ولا ذباباً. والذي يملك نفع خلقه وضرهم فلا يملك غيره لأحد من خلقه لنفسه نفعـاً ولا ضراً إلا ما شاء هو.. وهو الرب الإله خالق السماوات والأرض الذي لا يكرثه ولا يتعبه خلق السموات والأرض ولا حفظهما في أماكنها ومداراتها. فمن ذا يستطيع أن يضع الشمس في مكانها غيره؟ وأن يضع القمر في مكانه غيره؟ والنجوم في مسـاراتها، والمجرات في مجاريها؟ ومن الذي أتقن كل ذلك. قال تعالى: {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليماً غفوراً} فهو مالك الملك كله، ومدبر الكون كله لم يساعده أحد و لم يعاونه أحد في خلق الكون، ولا حفظه، بل هو الخالق لكل ما في الكون والحافظ له، والمقيم له، وهو الذي يفرط عقد هذا الكون وقتما يشاء، ويبدل السموات والأرض وقتما يريد. قال تعالى: {إذا السماء انفطرت* وإذا الكواكب انتثرث* وإذا البحار فجرت* وإذا القبور بعثرت* علمت نفس ما قدمت وأخرت} وقال تعالى: {إذا الشمس كورت* وإذا النجوم انكدرت* وإذا الجبال سيرت* وإذا العشار عطلت* وإذا الوحوش حشرت* وإذا البحار سجرت* وإذا النفوس زوجت* وإذا الموءودة سئلت* بأي ذنب قتلت* وإذا الصحف نشرت* وإذا السمـاء كشطت* وإذا الجحيم سعرت* وإذا الجنة أزلفت* علمت نفس ما أحضرت} (التكوير:1-14) وقال تعـالى: {إذا السماء انشقت* وأذنت لربها وحقت* وإذا الأرض مدت* وألقت ما فيها وتخلت* وأذنت لربها وحقت} (الانشقاق:1-5) هذا الرب الإله سبحانه وتعالى الذي وصف نفسه في القرآن فقال: {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} (الأعراف:54) وقال جل وعلا: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنه ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بأيديهم وما خلفهـم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم} (البقرة:255) وقـال جل وعلا: {الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش مالكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون* يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون* ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم* الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين* ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين* ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون} (السجدة:4-9) وقـال جل وعلا: {الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماءاً فأخرج به من الثمرات رزقـاً لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار* وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار* وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار} (إبراهيم:32-34) وهكذا فإن معصية هذا الرب العظيم الكبير المتعالي أمر عظيم، ومخالفته فيما أوجب على عباده ذنب كبير جداً. |
العلامات المرجعية |
|
|