اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-01-2013, 06:57 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي حلقات برنامج "مع التابعين" للدكتور عمرو خالد








برنامج
"مع التابعين"
للدكتور عمرو خالد


وتطرق عمر خالد إلى تعريف معنى كلمة "تابعين"، قائلاً: "هم الذين لم يروا الرسول، لكنهم رأوا الصحابة، وساروا على إثرهم"، مشيرًا إلى أن القرآن وصفهم في آيته الكريمة: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، مضيفًا أن الله رفع مكانتهم إلى مكانة المهاجرين الأنصار.

كنز التابعين

واعتبر الداعية عمرو خالد أنه ببحثه في حياة التابعين، وقع على كنز غال وثمين؛ نظرًا للتضحيات الضخمة والمكاسب التي حققتها تلك الشخصيات في الحضارة الإسلامية.

وفند خالد المقولات التي تتحدث أن القرون الأولى لم تكن سوى صراعات وحروب، وأن التاريخ الإسلامي السوي توقف عند الأربعين سنة الأولى فقط، قائلاً إن جيل الصحابة بذلوا دماءهم من أجل الدين ولترسيخ دعائمه، فيما كان للتابعين دورهم في نشر الإسلام وإرساء الحضارة الإسلامية.

وأكد الداعية عمرو خالد أن التابعين كانوا منفتحين بشكل كبير، وهو ما تجلى في فتوحاتهم التي امتدت شرقًا وغربًا، كما ضربوا مثلاً في استيعاب الحضارات الأخرى، سواء في إيران أو مصر، وغيرهما.

وذكر عمرو خالد نماذج من التابعين الذين يعرض سيرهم طول شهر رمضان؛ منهم الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وعبد الله ابن الزبير، والمثنى بن الحارثة، وزينب بنت علي ابن أبي طالب، وسعيد بن جبير الأسدي، وزين العابدين بن الحسين، والقاضي شريح، وغيرهم.

وأكد خالد أن "أجيال التابعين لعبوا دورًا كبيرًا في الحفاظ على الإسلام ونشر الحديث الشريف وحفظ القرآن، فيجب على أجيالنا الحالية نشر الإسلام والثقافة الإسلامية بمواكبة روح العصر والحفاظ على الإسلام على الفضائيات والإنترنت ووسائل التكنولوجيا الحديثة".








  #2  
قديم 31-01-2013, 06:59 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي

  #3  
قديم 31-01-2013, 07:07 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي














  #4  
قديم 31-01-2013, 07:10 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي الحسن البصري

يروى أن رجلاً اغتابه، فما كان منه إلا أنه أرسل له بطبق من الحلوى
قائلاً له: بلغني أنك نقلت حسناتك إلى ديواني وهذه مكافأتك!!
إنه (الحسن البصري بن أبي الحسن يسار) وكنيته (أبو سعيد) ولد في المدينة
عام واحد وعشرين من الهجرة،
كان أبوه من سبي (ميسان) من بلاد فارس،
سكن المدينة وبها أعتق،
وتزوج بمولاة أم سلمة -رضي الله عنها- (خيرة) فكانت أم سلمة -رضي الله عنها- تبعث أم الحسن البصري لتقضي لها الحاجة،
وتترك (الحسن) فيبكي وهو طفل فترضعه أم سلمة، وتخرجه إلى أصحاب رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- وهو صغير فكانوا يدعون له،
فأخرجته إلى عمر -رضي الله عنه-
فدعا له وقال: (اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس).
تعلم في مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحفظ القرآن في العاشرة من
عمره،
وتتلمذ على أيدي كبار الصحابة في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-
روى الحديث عن علي وعثمان وعبد الله بن عمرو وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم،
ثم رحل إلى البصرة، فكان فقيهها وعالمها، وشيخ القراء فيها، أقبل الناس عليه يتلقون عنه العلم،
ويأخذون منه الحكمة، فقد كان موضع إعجاب العلماء والتلاميذ، فقد قال أنس بن مالك: سلوا الحسن،
فإنه حفظ ونسينا، وقال عنه أحد تلاميذه: ترددت على مجلس الحسن عشر سنين، فليس من يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع قبل ذلك.
وكانت حلقته في المسجد يدرس فيها الحديث والفقه وعلوم القرآن واللغة، وكان من تلاميذه من يصحبه للحديث،
ومنهم من يصحبه للقرآن، ومنهم من يصحبه للبلاغة واللغة، وكان دائمًا ينصح تلاميذه قائلاً: إذا طلب الرجل العلم فينبغي أن يرى ذلك في تخشعه وزهده ولسانه وبصره.
لقد نذر الحسن البصري حياته لله تبارك وتعالى، فكان همُّه الأول النصح
والإرشاد، فأقبل عليه طلاب العلم إقبالاً عظيمًا، فذاع صيته، واتسعت حلقاته بالمسجد حتى لقِّب بـ(إمام البصرة).
.لازمته ظاهرة البكاء والخشية من الله، وعندما سئل عن ذلك
قال: (نضحك ولا ندري، لعل الله قد اطلع على أعمالنا، فقال لا أقبل منكم شيئًا)
وسجَّل له التاريخ على صفحاته البيضاء موقفه من الحجاج بن
يوسف، وقد كـان الحسـن البصــري من أشد الناس وأشجعهم،
وكان (المهلب بن أبي صفرة) إذا قاتـل عدوًّا يجعله في مقدمة الجيش.
وكان الحسن البصري يعتبر أن حياة القلب وسلامته طريق الإيمان الحق،
وفي ذلك كان يراسل أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز في هذا الشأن فيقول له: (سلام
عليك، أما بعد فكأنك بآخر من كتب عليه الموت قد مات، فأجابه عمر: (سلام عليك كأنك بالدنيا ولم تكن، وكأنك بالآخرة لم تزل).
وجلس الحسن ذات يوم في مسجد البصرة الكبير
يفسر قوله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} [الحديد: 16]
ثم وعظ الناس وعظًا بليغًا حتى أبكاهم،
وكان من بينهم شاب يقال له (عتبة) فقام وقال أيها الشيخ: أيقبل الله تعالى الفاسق الفاجر مثلي إذا تاب؟ فقال الحسن: نعم، يقبل توبتك عن فسقك
وفجورك، فلما سمع الشاب ذلك صاح صيحة وخرَّ مغشيًّا عليه،
فلما أفاق دنا الحسن البصري منه وقال له:
أيا شاب لرب العرش عاصـــــي
أتدري ما جزاء ذوي المعاصـــي
سعير للعصاة لها زفيـــــــــر
وغيظ يوم يؤخذ بالنواصــــــي
فإن تصبر على النيران فاعصــــه
وإلا كن عن العصيان قاصـــــي
وفيم قد كسبت من الخطايــــا
رهنت النفس فاجـهر في الخـــلاصِ

فخرَّ الشاب مغشيًّا عليه، ثم أفاق،
فسأل الحسن: هل يقبل الرب الرحيم توبة لئيم مثلي؟
فقال الحسن: هل يقبل توبة العبد الجافي إلا الرب المعافي؟!
ثم رفع رأسه، ودعا له؛ فأصلح الله حال الشاب.
ومن أقواله لتلاميذه:
لا تخرج نفس ابن آدم من الدنيا إلا بحسرات ثلاثة: أنه لم يشبع بما جمع، ولم يدرك ما أمل، ولم يحسن الزاد لما قدم عليه، يابن آدم إنما أنت
أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك،
الفقيه هو الزاهد في الدنيا، البصير بدينه المداوم على عبادة ربه، تفكر في الله ساعة خير من قيام ليلة، يا عجبًا من ضاحك ومن ورائه النار، ومن مسرور ومن ورائه الموت.
وقال ناصحًا تلميذًا له:
إذا جالستَ العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الصمت، ولا تقطع على أحد حديثه وإن طال حتى يمسك.

وفارق الحسن دنيا الناس سنة 110 هـ عن نحو ثمان وثمانين سنة، وكانت جنازته مشهودة، صلوا عليه عقيب الجمعة، وشيعه خَلْق كثير.



  #5  
قديم 31-01-2013, 07:12 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي

  #6  
قديم 31-01-2013, 07:14 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي الرجاء بن حيوة تابعي نسيناه ولم نوفه قدره

مقولة قالها مسلمة بن عبد الملك عن رجاء بن حيوة :


وقد قال مسلمة بن عبد الملك:
((إن في كندا لثلاثة رجال؛ ينزل الله بهم الغيث، وينصر بهم على الأعداء، أحدهم رجاء بن حيوة))
فمن هو هذا التابعي؟.

على كل؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة))
باب الخير مفتوح، وفضل الله عميم، لا يُحد لا بزمان ولا بمكان، ولا بأمة ولا بقرن، ولا بجيل، وإنّ الله هو هو، وعطاؤه مبذول، ورحمته واسعة، والطريق إليه سالك، وثمن الجنة معروف .

هذا يؤكد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ)) .

فهذا التابعي ربما لم يَرِد في ذهنكم من قبل، فمن هو؟

أين ولد رجاء بن حيوة, وفي أي عهد من الخلفاء الراشدين, وكيف نشأ ؟

هذا رجل وُلِد في بيسان من أرض فلسطين، وكانت ولادته في أواخر خلافة عثمان بن عفان، أو نحواً من ذلك، وكان ينتمي إلى قبيلة كندة العربية، وعلى هذا فرجاء بن حيوة فلسطيني الوطن، عربي الأرومة، كندي العشيرة .

وقد نشأ الفتى الكندي في طاعة الله، ودائماً وأبداً أؤكد لكم، مَن لم تكن له بداية محرقة، لم تكن له نهاية مشرقة، وتغمرني السعادة حينما أرى شاباً ناشئاً في طاعة الله، فالخير يتراكم، والقناعات تتراكم، والإيمان يتراكم، فإذا كان في هذا السن ملتزمًا مطبقًا منيبًا، فكيف إذا رأيته في الأربعين، وفي الخمسين؟ فالزمن لصالح المؤمن، يزيده تألقاً وعلماً، ويزيده هيبةً ومكانة، ويزيده قرباً مِن الجنة، فلذلك ما من تابعي كما ترون، وما من صحابي في الأعمّ الأغلب, إلا وقد نشأ في طاعة الله النشأة المبكرة .

نشأ هذا الفتى الكندي في طاعة الله منذ حداثة سنه، فأحبه الله، وحبَّبه إلى خلقه .

بالمناسبة؛
إذا أردتَ أن يحبّك الناس لِمَا عندك من أخلاق وإيمان، فهذه في الحقيقة محبة الله لك, صدق القائل:

ينادى له في الكون أنا نحبه فيسمع من في الكون أمر محبنا

محبة الله تتجسد بمحبة الخلق، وإذا أبغض اللهُ الإنسانَ لانحرافه ومعصيته، ألقى بغضه في قلوب العباد، فلا أحد يحبه، أما إذا كان قوياً مُدِح في وجهه، أما العبرة فبما يُقال في غيبته، فلا تأبه، ولا تلقي بالاً، ولا تهتمّ لِمَا يقال في حضرتك، أنت أحد رجلين؛ إما أن يخافك الناس، وإما أن يرجو ما عندك، وفي الحالتين يتملقونك، ويكيلون لك المديح جزافاً، ويمدحونك بما ليس فيك، لكن الذي يُعوَّل عليه ما يُقال في غيبتك .
متى أقبل رجاء على العلم, وعمن أخذ ؟
أقبل هذا الفتى على العلم من نعومة أظفاره، فوجد العلم فؤاده غضاً طرياً خالياً، فتمكن منه، واستقر فيه .

أنت كالوعاء، وقد قيل:

أَتَانِي هَوَاهَا قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ الْهَوَى فَصَادَفَ قَلْبًا خَالِيًا فَتَمَكَــنَّا

الإنسان إذا طلب العلم في وقت مبكر، يكون وعاؤه فارغًا، فحينما يُلقى العلم فيه يتمكن، والعلم في الصغر كالنقش في الحجر، أما إذا امتلأ بمشاغل الدنيا، وشهواتها، وطموحاتها، فلم يعُد العلمُ يصادف محلاًّ فيه .

قال الشاعر المتنبي يتحدث عن المصائب :

رَمَانِي الدَّهْرُ بِالأَرْزَاءِ حَتَّى فُؤَادِي فِي غِشَاءٍ مِنْ نِبَــالِ

فَكُنْتُ إِذَا أَصَابَتْنِي سِهَــامٌ تَكَسَّرَتِ النِّصَالُ عَلَى النِّصَالِ


لم يَعُد ثمة محلٌّ شاغر، فالقلب إذا امتلأ بمحبة الدنيا لم يبقَ شيء لمحبة الله، والله عز وجل قال في القرآن الكريم:

﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾

[سورة الأحزاب الآية: 4]



فهو قلب واحد, هذا القلب وعاء، إذا كان فارغاً مما سوى الله, امتلأ كله بمعرفة الله، وإذا كان معبَّأ إلى ثلاثة أرباعه من الدنيا لم يبق منه إلاّ الربع .

فالبطولة كما قال الله عز وجل:

﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية: 1-3]



وجد العلم فؤاده غضاً طرياً خالياً، فتمكن منه، واستقر فيه، وجعل همَّه الأكبر التضلعَ من كتاب الله .

أقول هذا الكلام كثيراً:
فَضُل كلامِ اللهِ على خلقه كفضل الله على خلقه، وأيّ كتاب تقرأه, فمؤلِّفه بشر محدود، لكنك إذا قرأت كتاب الله عز وجل فقد قرأتَ كتاب خالق البشر .

فكان همه الأول التضلعَ من كتاب الله، والتزودَ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

تصور إنسانًا وعاؤه ممتلئ بالقرآن والسنة، هذا كيفما تكلم، وكيفما تحرك, لا ينطق إلا بالحق، ولا يتكلم إلا بالحكمة، ولا يقف إلا الموقف الكامل .

أتيح لهذا التابعي الجليل أن يأخذ عن طائفة كبيرة من جلّة علماء الصحابة, هذه الفكرة توقفنا عند حقيقة، وهي أن العلم لا يؤخذ إلا من الرجال، ولو أمكن أن يؤخذ العلم من الكتب مباشرةً, لاستغنت وزارات التربية في العالم عن ألوف ألوف المعلمين، هذه حقيقة ثابتة، اقرؤوا كتاب أصل من أصول الفقه (الموافقات للشاطبي)، في المقدمة التاسعة يقول: العلم لا يؤخذ إلا عن طريق عالم ورع متحقق، فالورع صفة نفسية، والتحقق صفة فكرية، متحقق من علمه، ورع في سلوكه، هذا هو السبيل .

أخذ عن أبي سعيد الخدري، وأبي الدرداء، وأبي أمامة، وعبادة بن الصامت، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن عمر بن العاص، وغيرهم، فكان هؤلاء الأساتذة العلماء الأجلاء مصابيح هداية، ومشاعل عرفان، وضع هذا الفتى التابعي لنفسه دستوراً ظل يلتزمه طوال حياته، فكان يقول: ((ما أحسن الإسلام يزينه الإيمان، وما أحسن الإيمان يزينه التُّقى, وما أحسن التقى يزينه العلم، وما أحسن العلم يزينه العمل، وما أحسن العمل يزينه الرفق)) هذا منهج هذا التابعي؛ إسلام، وإيمان، وتقوى، وعلم، وعمل، ورفق .

ما هو المنصب الذي كان يشتغل به رجاء لخلفاء بني أمية, وهل نصح أولي الأمر في هذا المنصب ؟

لكن الشيء الذي يلفت النظر في سيرة هذا التابعي, هو أنه كان وزيراً لعدد كبير من خلفاء بني أمية، وقد تعجبون كيف وفَّق بين مقتضيات منصبه، وبين كونه من التابعين الأجلاء الورعين العاملين؟ وسوف ترون أنه ما مِن عمل على وجه الأرض يستعصي أنْ يكون في خدمة الحق .

كان لهذا التابعي صلة متينة بسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز, فاقت صلاته بمَن سبقه من الخلفاء، أدناه من قلوب الخلفاء رجاحةُ عقله، وصدقُ لهجته، وإخلاصُ نيته، وحكمتُه في معالجة الأمور .

أيها الأخوة الأكارم، الإنسان يوفَّق إلى أقصى درجة حينما يكون إلى جانبه من يُعِينُه على الخير، ويدُلُّه عليه، دعاء رسول الله لأمراء المسلمين: ((اللهم هيئْ لهم بطانة خير تدلهم إليه، وتعينهم عليه)) .

وأنت كإنسان حاول أن يكون لك مستشار، يدلُّك على الخير، ويعينك عليه، وإياك وبطانة السوء؛
الذين اشتروا دنياك بدينهم، ورضاك بسخط ربهم .

أحياناً الإنسان يكون مدير مدرسة، عنده ثلاثون أو أربعون مدرسًا، مدير مستشفى عنده ثلاثون أو أربعون طبيبًا، ترى واحداً تقرَّب منه زيادة، خدمه زيادة، كان بجانبه، لطيف دائماً، هذا الشخص سنُسَمِّيهِ مستشارًا، سنُسَمِّيهِ من البطانة، ومن الحاشية، هناك شخص بطانة سوء, يوغر صدره دائماً على بقية الناس، يدلّه دائماً على عملٍ يؤذي المصلحة, يقول له: هذه أقوى لمركزك، فلان اعمل معه كذا، فلان تكلم عليك بغيابك كذا، فهذا الرجل من بطانة السوء.

أحياناً يكون الإنسان مدير معمل، مدير مستشفى، مدير مدرسة، رئيس دائرة صغيرة ، وحوله موظفون، هذه هي الحاشية،
فاحذَرْ أن يكون أقرب الناس إليك رجلَ سوء .

سيدنا عمر بن عبد العزيز عيَّن مستشارًا عالمًا جليلاً، اسمه: عمر بن مزاحم، قال له : ((يا عمر كنْ إلى جانبي دائماً، وراقبْ ما أفعل، وانظرْ ما أقول، فإنْ رأيتني ضَللتُ, فأمسكني من تلابيبي، وهُزَّني هزًّا شديداً، وقل لي: اتَّقِ اللَّهَ يا عمر، فإنك ستموت)) .

والله لو كُشِف الغطاء لرأيت الذي ينتقدك، وينصحك، ولو كان قاسياً، لرأيتَ فضله عليك لا حدود له، فالذي ينتقدك يرفعك، والذي يمدحك بما ليس فيك يضعك، هكذا قال سيدنا عمر, قال:
((أحب الناس إلي من رفع إلي عيوبي)) .

وطِّن نفسَك على سماع النقد، وطِّن نفسك على سماع النصيحة، ولو كانت قاسية, لأنها تنطلق من حبٍّ، ومن حرص، ومن غيرة، ولا تعوِّد نفسك على سماع المديح، اطلب النقد، واطلب المآخذ، واطلب المثالب، واطلب السقطات، واطلب الهنات وتلافاها، فإنّك سترقى بها بسرعة، أمّا إنْ عوَّدتَ نفسك على سماع المديح والثناء, لم تَعُدْ حينئذٍ تقبل أن يذمك أحد أبداً، ولا ترضى، بل تريد تحطيمه، لأنّك تعوّدتَ على المديح، وصار بك إدمان مثل المخدرات، فوطِّن نفسك على سماع النقد، وعلى سماع النصيحة، وعلى سماع المآخذ، وبهذا ترقى .

اسمع كلام سيدنا عمر:
((أحب الناس إلي من رفع إلي عيوبي)) .

أعدائي لهم فضل عليَّ ومِنّة، فلا أعدم الله لي الأعادي، ذكروني بالعيوب فبرئت منها ، فالأبطال دائماً يصغون إلى النقد باهتمام، ويشكرون، ويثنون .

قلت لكم سابقاً:
طريق القمة صعب، ومع أنه صعب فقد تصل إلى القمة؛ في عملك ، في دراستك، في تدريسك، في تجارتك، في زعامتك، في قيادتك، ولكن بعد أن تصل إلى هذه القمة, البطولة ليس أنك وصلت إليها، لكنّ البطولة أن تبقى فيها، لأن في القمة آلاف الطرق التي توصلك إلى الحضيض، فإذا كان طريق الصعود طريقًا وعرًا, فطريق النزول كله سيراميك مع صابون، لأنّ الغرور يهلكك، ورفضُ النقد يهلكُك، والاعتداد بالرأي يهلكك، لذلك البطولة أن تبقى في القمة، وهذا يحتاج إلى معارضة، وإلى نصيحة، وإلى بطانة خير تدلُك على الخير، وتعينك عليه .

فهذا التابعي وزير لخلفاء بني أمية:

أولاً: دعاهم إلى الخير ودلّهم عليه .

ثانياً: ثنّاهم عن الشر، وأوصد دونهم أبوابه .

ثالثاً: أراهم الحق، وزيّن لهم اتِّباعه، وبصّرهم بالباطل، وكره إليهم إتيانه، ونصح لله وللرسول، ولأئمة المسلمين وعامتهم .

الآن عندنا مرض يفتِّت جموع المسلمين،
إنّه المجاملة، يقول لك: أعطه جَمَلَه, يقول لك: هذا الشخص إذا جلس مع شخص لا دين له, يخرج من عنده ملحدًا، إنْ جلس مع شخص له دين يخرج ولِيًّا، ترى عنده قدرة ومرونة عجيبة جداً، يتكلم بكلام يوافق الحاضرين، هذا منتهى النفاق، فمن استطاع أن يرضي الناس جميعاً فهو منافق، أليس لك اتّجاه، أم تسبح مع كل التيّارات، ما هذا الإنسان؟ ليس له اتجاه، يجامل هذا وذاك، فإن كان مع شخص من أصحاب الفكر الحر تراه صار حراً أكثر منه .

رجاء بن حيوة


هو رجاء بن حيوة بن جندل بن الأحنف بن السمط بن امرئ القيس بن كندة،
ولد في مدينة بيسان الغور، وعاش في فلسطين وسكنها، ودخل الكوفة والأندلس،
وكان يصاحب الخلفاء لنصحهم فلما مات عمر بن عبد العزيز أبى أن يصاحب أحدًا من الخلفاء،
ولما قدم يزيد بن عبد الملك بيت المقدس فسأل رجاء بن حيوة أن يصحبه فأبى واستعفاه
فقال له عقبة بن وساج: إن الله ينفع بمكانك فقال: إن أولئك الذين تريد قد ذهبوا فقال له عقبة: إن هؤلاء القوم قل ما باعدهم رجل بعد مقاربة إلا ركبوه قال: إني أرجو أن يكفيهم الذي أدعوهم له.


تعلم علي يدي أمهات المؤمنين،
وكان رجاء يقول: طفنا في نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناهن هل رأيتن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي هاتين ركعتين قبل المغرب حين يؤذن المؤذن فقلن لا غير أم سلمة قالت صلاها عندي حين أذن بلال للمغرب فقلت يا نبي الله ما هذه الصلاة هل حدث شيء قال: "لا ولكن كنت أصليهما ركعتين قبل العصر فنسيتهما فصليتهما الآن". وأخذ عن عدد من الصحابة، وروى عن معاوية، وعبد الله بن عمر، وأبي أمامة، وجابر بن عبد الله، وقبيصة بن ذؤيب وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتعلم على يديه خلق كثير، وروى له مسلم والأربعة.
كان أحد الأئمة التابعين، وضعه أصحاب السير في الطبقة الثانية من التابعين وأورده صاحب تهذيب التقريب في الطبقة الثالثة.

أهم ملامح شخصيته:


علمه وفقهه:


تعلم رجاء بن حيوة على يد ثلة من الصحابة الأخيار، وعلى يد أمهات المؤمنين، فبلغ من العلم مكانة كبيرة دفعت مكحول - أحد أئمة التابعين - عندما تعرض له مسألة يقول سلوا شيخنا يريد رجاء بن حيوة، ومن مواقفه التي تدل على عمق فقهه وفهمه ما ذكره القرطبي في تفسيره عن إدريس بن يحيى قال: كان الوليد بن عبد الملك يأمر جواسيس يتجسسون الخلق يأتونه بالأخبار قال: فجلس رجل منهم في حلقة رجاء بن حيوة فسمع بعضهم يقع في الوليد فرفع ذلك إليه فقال: يا رجاء! أذكر بالسوء في مجلسك ولم تغير! فقال: ما كان ذلك يا أمير المؤمنين فقال له الوليد: قل: آالله الذي لا إله إلا هو قال: الله الذي لا إله إلا هو فأمر الوليد بالجاسوس فضربه سبعين سوطًا فكان يلقى رجاء فيقول: يا رجاء بك يستقى المطر وسبعون سوطا في ظهري! فيقول رجاء: سبعون سوطا في ظهرك خير لك من أن ي*** رجل مسلم. فهو هنا قد أخذ بحكم الرخصة فيمن حلفه سلطان ظالم على نفسه أو على أن يدله على رجل أو مال رجل وهذا يد ل على مدى علمه وفقهه. ولما دخل في نفس هشام بن عبد الملك شيئًا من ***ا غيلان وصالح (وكانا يتكلمان في القدر) فقال له رجاء: ل***هما أحب إلي من *** ألفين من الروم، وذلك لأن ضررهما على الأمة كبير، وذلك يدل على غزارة فقهه وعلمه.

إنكاره للبدع:


ورد في كتاب [الباعث علي إنكار البدع] عن رجاء بن جميل قال شهدت رجاء بن حيوة في جنازة عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الملك بعسقلان فسمع رجلاًًًًً يقول: استغفروا له غفر الله لكم فقال رجاء: اسكت دق الله عنقك، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا اتبع جنازة أكثر الصمت ورؤى عليه الكآبة وأكثر حديث النفس.

نصحه لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم:


لو لم يكن لرجاء بن حيوة موقف غير موقفه الذي أشار به على سليمان بن عبد الملك بولاية عمر بن عبد العزيز لكفاه، فقد كان صادقًا في نصيحته له، يروى عن رجاء بن حيوة أنه قال: لما ثقل سليمان بن عبد الملك رآني عمر في الدار أخرج وأدخل وأتردد فدعاني فقال لي: يا رجاء، أذكرك الله والإسلام أن تذكرني لأمير المؤمنين أو تشير بي عليه إن استشارك فوالله ما أقوى على هذا الأمر فأنشدك الله إلا صرفت أمير المؤمنين عني فانتهرته وقلت: إنك لحريص على الخلافة لتطمع أن أشير عليه بك فاستحيا ودخلت فقال لي سليمان: يا رجاء من ترى لهذا الأمر وإلى من ترى أن أعهد؟ قلت: يا أمير المؤمنين، اتق الله فإنك قادم على الله، وسائلك عن هذا الأمر وما صنعت فيه قال: فمن ترى؟ فقلت: عمر بن عبد العزيز قال: كيف أصنع بعهد أمير المؤمنين عبد الملك إلى الوليد وإلي في ابني عاتكة أيهما بقي؟ قلت: تجعلهما من بعده قال: أصبت ووفقت جئني بصحيفة فأتيته بصحيفة فكتب عهد عمر ويزيد من بعده وختمها، ثم دعوت رجالاً فدخلوا عليه فقال لهم: إني قد عهدت عهدي في هذه الصحيفة ودفعتها إلى رجاء وأمرته أمري وهو في الصحيفة اشهدوا واختموا الصحيفة؛ فختموا عليها وخرجوا فلم يلبث سليمان أن مات؛ فكففت النساء عن الصياح وخرجت إلى الناس فقالوا: يا رجاء، كيف أمير المؤمنين؟ قلت: تعلمون منذ اشتكى أسكن منه الساعة قالوا: لله الحمد فقلت: ألستم تعلمون أن هذا عهد أمير المؤمنين وتشهدون عليه؟ قالوا: بلى قلت: أفترضون به؟ قال هشام: إن كان فيه رجل من ولد عبد الملك وإلا فلا، قلت: فإن فيه رجل من ولد عبد الملك قال: فنعم إذا، قال: فدخلت فمكثت ساعة ثم قلت: للنساء اصرخن، وخرجت فقرأت الكتاب والناس مجتمعون.

تقواه وورعه:



عن العلاء بن روبة قال: كانت لي حاجة إلى رجاء بن حيوة فسألت عنه فقالوا: هو عند سليمان بن عبد الملك قال: فلقيته فقال: ولى أمير المؤمنين اليوم ابن موهب القضاء ولو خيرت بين أن ألي وبين أن أُحمل إلى حفرتي لاخترت أن أًحمل إلى حفرتي قلت: إن الناس يقولون إنك أنت الذي أشرت به قال: صدقوا إني نظرت للعامة ولم أنظر له. ومن ورعه أنه كان لا يُفتي خوفًا من الفتوى فقد أورد ابن خيثمة في مؤلفه العلم. كان رجاء ومحمد والقاسم شيئًا واحدًا لا يكادون يفتون في الشيء.

الموالاة لله والبغض في الله:



عن عبيد بن أبي السائب حدثني أبي قال قال: لي رجاء بن حيوة إذا أتيت بلال بن سعد فقل له إن رجاء بعثني إليك وقد كره أن يقرأ عليك السلام ويقول اللهم إنه بلغني أنك تكلم قال ابن السمرقندي تكلمت بكلام من كلام المكذبين بمقادير الله عز وجل فإن كان وقع ذلك في نفسك شيء وإن يك ذلك زيغا أو خطأ فراجع من قريب حتى يعلم المكذبون بمقادير الله أن قد فارقتهم وتركت ما هم عليه.

الحلم والأناة:



أورد الغزالي في إحياء علوم الدين مما يدل علي حلم رجاء بن حيوة "أتى عبد الملك بن مروان بأسارى فيهم ابن الأشعث فقال لرجاء بن حيوة ما ترى قال إن الله تعالى قد أعطاك ما تحب من الظفر فأعط الله ما يحب من العفو فعفا عنهم".

من كلماته:



يقول رجاء:
الحلم أرفع من العقل لأن الله تسمى به.

وقال: ما أكثر عبد ذكر الموت إلا ترك الحسد والفرح.

وقال: يقال ما أحسن الإسلام يزينه الإيمان وما أحسن الإيمان يزينه التقى وما أحسن التقى يزينه العلم وما أحسن العلم يزينه الحلم وما أحسن الحلم يزينه الرفق.

وكان يقول: من لم يؤاخ من الإخوان إلا من لا عيب فيه قل صديقه ومن لم يرض من صديقه إلا بإخلاصه له دام سخطه ومن عاتب إخوانه على كل ذنب كثر عدوه

قالوا عنه:


قال مطر الوراق: ما رأيت شاميًا أفقه منه.

وقال مكحول: رجاء سيد أهل الشام في أنفسهم.

وقال مسلمة الأمير: برجاء وبأمثاله ننصر.

وقال ابن سعيد: كان رجاء فاضلاً ثقة كثير العلم.

وقال أبو أسامة: كان بن عون إذا ذَكَرَ من يُعجبه ذكر رجاء بن حيوة.

وقال بن عون: لم أر مثل رجاء بالشام.

وسأل هشام بن عبد الملك فقال: من سيد فلسطين؟ قالوا: رجاء بن حيوة.



ثناء العلماء عليه:
قال أبو نعيم الأصبهاني: ومنهم الفقيه المفهم المطعام مشير الخلفاء والأمراء رجاء بن حيوة أبو المقدام ،...وقال مطر الوراق : مارأيت شامياً أفضل من رجاء بن حيوة ، وكان ابن عون إذا ذكر من يعجبه ذكر رجاء بن حيوة ، وقال أيضاً : ثلاث لم أر مثلهم كأنهم التقوا فتواصوا : ابن سيرين بالعراق ، وقاسم بن محمد بالحجاز ، ورجاء بن حيوة بالشام.
وقال عبيد بن أبي السائب ثنا أبي قال : ما رأيت أحدا أحسن اعتدالاً في الصلاة من رجاء بن حيوة.
قال ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة ما من رجل من أهل الشام أحب إلي أن أقتدي به من رجاء بن حيوة[3] .

من أقوال رجاء بن حيوة :

1- يروى أنه قال من لم يؤاخ إلا من لاعيب فيه قل صديقه ، ومن لم يرض من صديقه إلا بالإخلاص له دام سخطه ، ومن عاتب إخوانه على كل ذنب كثر عدوه) [4].
2- وأنه قالما أحسن الإسلام ويزينه الإيمان وما أحسن الإيمان ويزينه التقوى وما أحسن التقوى ويزينه العلم ، وما أحسن العلم ويزينه الحلم وما أحسن الحلم ويزينه الرفق).[5]

رجاء بن حيوة سيد أهل فلسطين:
قال أبو مسهر حدثنا كامل بن سلمة الكندي قال سألهم هشام بن عبد الملك من سيد أهل فلسطين؟ قالوا: رجاء بن حيوة ، قال فمن سيد أهل الأردن؟ قالوا: عبدة بن نسي قال: فمن سيد أهل دمشق؟ قالوا: يحيى بن يحيى الغساني...[6].

دوره في بناء قبة الصخرة:




قال الإمام ابن كثير رحمه الله : ولما أراد عبد الملك عمارة بيت المقدس وجه إليه بالأموال والعمال،
ووكل بالعمل رجاء بن حيوة ويزيد بن سلام مولاه وجمع الصناع من أطراف البلاد وأرسلهم إلى بيت المقدس ،
وأرسل إليه بالأموال الجزيلة الكثيرة، وأمر رجاء بن حيوة ويزيد أن يفرغا الأموال إفراغاً، ولا يتوقفا فيه؛ فبثوا النفقات وأكثروا، فبنوا القبة فجاءت من أحسن البناء، وفرشاها بالرخام الملون، وعملا للقبة جلالين أحدهما: من اليود الأحمر للشتاء ،وآخر: من أدم للصيف وحفا القبة بأنواع الستور، وأقاما لها سدنة، وخداماً بأنواع الطيب والمسك والعنبر والماورد والزعفران، ويعملون منه غالية ويبخرون القبة والمسجد من الليل ،وجعل فيها من قناديل الذهب والفضة والسلاسل الذهب والفضة شيئاً كثيراً ، وجعل فيها العود القمارى المغلف بالمسك وفرشاها والمسجد بأنواع البسط الملونة وكانوا إذا أطلقوا البخور شم من مسافة بعيدة.
وكان إذا رجع الرجل من بيت المقدس إلى بلاده توجد منه رائحة المسك والطيب والبخور أياماً ويعرف أنه قد أقبل من بيت المقدس وأنه دخل الصخرة ،وكان فيه من السدنة والقوم القائمين بأمره خلق كثير ،ولم يكن يومئذ على وجه الأرض بناء أحسن ولا أبهى من قبة صخرة بيت المقدس بحيث إن الناس التهوا بها عن الكعبة والحج وبحيث كانوا لا يلتفتون فى موسم الحج وغيره إلى غير المسير إلى بيت المقدس.
وافتتن الناس بذلك افتناناً عظيماً، وأتوه من كل مكان وقد عملوا فيه من الإشارات والعلامات المكذوبة شيئاً كثيراً مما فى الآخرة فصوروا فيه صورة الصراط وباب الجنة وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووادى جهنم وكذلك في أبوابه ومواضع منه فاغتر الناس بذلك وإلى زماننا .
وبالجملة أن صخرة بيت المقدس لما فرغ من بنائها لم يكن لها نظير على وجه الأرض، وقد كان فيها من الفصوص والجواهر والفسيفساء وغير ذلك شى ء كثير وأنواع باهرة، ولما فرغ رجاء بن حيوة، ويزيد بن سلام من عمارتها على أكمل الوجوه فضل من المال الذى أنفقاه على ذلك ستمائة ألف مثقال، وقيل ثلاثمائة ألف مثقال، فكتبا إلى عبد الملك يخبرانه بذلك، فكتب إليهما قد وهبته منكما فكتبا إليه إنا لو استطعنا لزدنا فى عمارة هذا المسجد من حلى نسائنا، فكتب إليهما إذ أبيتما أن تقبلاه فأفرغاه على القبة والأبواب فما كان أحد يستطيع أن يتأمل القبة مما عليها من الذهب القديم والحديث، فلما كان فى خلافة أبى جعفر المنصور قدم بيت المقدس فى سنة أربعين ومائة فوجد المسجد خراباً فأمر أن يقلع ذلك الذهب والصفائح التى على القبة والأبواب وأن يعمروا بها ما تشعت فى المسجد ففعلوا ذلك وكان المسجد طويلاً فأمر أن يؤخذ من طوله ويزداد فى عرضه ولما أكمل البناء كتب على القبة مما يلى الباب القبلى أمر ببنائه بعد تشعيثه أمير المؤمنين عبد الملك سنة اثنتين وستين من الهجرة النبوية وكان طول المسجد من القبلة إلى الشمال سبعمائة وخمسة وستون ذراعاً وعرضه أربعمائة وستون ذراعاً .[7]



ورد في طبقات خليفة بن خياط أن "رجاء بن حيوة مات سنة اثنتي عشرة ومائة"


 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:41 PM.