اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-10-2013, 06:43 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New أين نحن من أطفال السلف؟!

أين نحن من أطفال السلف؟! (1)


عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن عمرو بن سلمة - رحمه الله - قال: "قال لي أبو قِلابة: ألا تلقاه فتسأله؟ قال: فلقيتُه فسألته فقال: كنا بماءٍ ممرَّ الناس، وكان يمرُّ بنا الركبان فنسألهم: ما للناس، ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعُم أن اللهَ أرسله، أوحى إليه، أو: أوحى الله بكذا، فكنت أحفظُ ذلك الكلام، وكأنما يقر في صدري، وكانت العرب تلوَّم بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومَه، فإنَّه إن ظهَر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح، بادر كل قوم بإسلامِهم، وبدر أبي قومي بإسلامِهم، فلما قدِم قال: جئتُكم والله من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - حقًّا، فقال: ((صلُّوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاةُ فليؤذِّن أحدُكم، وليؤمَّكم أكثركم قرآنًا))، فنظروا فلم يكن أحدٌ أكثرَ قرآنًا مني؛ لما كنت أتلقى من الركبان، فقدَّموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بردة، كنت إذا سجدتُ تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا اسْتَ قارئكم؟ فاشتَروا فقطعوا لي قميصًا، فما فرِحْتُ بشيء فرَحي بذلك القميص؛ (رواه البخاري رقم: 4051).

وقدم إياسُ بن معاوية - رحمه الله - الشام وهو غلام، فقدَّم خصمًا له إلى قاضٍ لعبدالملك بن مروان، وكان خصمه شيخًا كبيرًا، فقال له القاضي: أتقدِّم شيخًا كبيرًا؟ فقال له إياس: الحقُّ أكبر منه، قال: اسكُت، قال: فمَن ينطق بحجَّتي؟ قال: ما أظنُّك تقول حقًّا حتى تقوم، قال: أشهَد أن لا إله إلا الله، فقام القاضي فدخل على عبدالملك فأخبَره بالخبر، فقال: اقضِ حاجتَه وأخرِجْه من الشام لا يفسد عليَّ الناس؛ (عيون الأخبار 1 /112).

إنها نماذج مضيئة من تاريخنا المنسي، أهدت لأمتنا أروعَ الرجال، فما لنا نقصر في التعريف بهم لأبنائنا، بدلاً من تركهم فريسةً لقدوة مزعومة باطلة فجة، يهرولون إليها في شخصياتٍ تغمر الفضاء غمرًا، بما لا يتناسب وقِيَمنا ومبادئنا، فيتخيلون القدوة في راكلٍ للكرة، أو ممثِّل، أو غيرهم ممن تعِجُّ بهم سماء الإعلام المتناهية الفوضى!

لا بد لنا من آلةٍ إسلاميةٍ إعلاميةٍ قوية (ترسم القدوة) بألوان الحقِّ والخير والجمال، التي يمتلئ بها تاريخُ السلف الصالح.

ينبغي أن نضع أبناءَنا على طريق (القدوة الحسنة) التي يفوح شذاها كلما عانقت أعيننا قصص (أطفال السلف) وسيرتهم، فهل نحنُ فاعلون؟!


__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27-10-2013, 06:44 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New

أين نحن من أطفال السلف؟! (2)


الحمد لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على خير البشر أجمعين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

وبعد:
فمع توالي مظاهر التقصير من كثيرٍ من الكبار، ووصولاً إلى أسباب التقصير، لا بد لنا من البحث عن أوجه القصور التي انتابت الشخصية المسلمة؛ فلا هي علِمَت ما كان من السَّلف، فانتهجوا نهجَهم، ولا هي نَأَتْ عن التشبُّهِ بالغير، فحافظت على هويَّتِها الجميلة شكلاً وموضوعًا، واللافت للنظر هو ذاك (التهافت الفج) نحو أساليبَ تربوية غربيَّة، وكأننا (معدومو الهويَّةِ أو عديمو الحضارة)، مع أن نظرة بسيطة جدًّا للخلف، تكفي لأن نفخَرَ بدِيننا وقِيَمِنا وثوابتِنا التي التزم بها السَّلفُ، فأهدَوْا للبشرية أروعَ القِيَم.

إن تنشئة الجيل الواعد لإعزاز الدين هي أمل المصلحين، ولننظر كيف تربى أطفال السَّلف؟
لقد ربَّاهم الكتاب، وأضاءت دروبَ حياتهم السنَّةُ الطاهرة، فقد تربَّوا على العبادة بمختلف صُوَرِها, فعرَفوا الله فوحَّدوه، وما تركوا طريقًا للعلم النافع إلا سلَكوه؛ إعزازًا لدِينهم السامي، ورسمًا لشخصيَّةِ المسلم في أبهى صورة، على مبادئِ الحب والخير والجمال، وإثراءً للفكر البشري بأنبلِ القِيَم، فقد وعَوُا المسؤولية، فأدَّوُا الأمانة وأعلَوْا راية الدِّين.

لقد تعلَّموا قولَ: لا إلهَ إلا اللهُ، وفهِموه، ووعَوْه؛ قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "حافظوا على أبنائِكم في الصلاة، ثم تعوَّدوا الخير؛ فإن الخيرَ بالعادة"، وكان عروةُ يأمُر بنيه بالصيام إذا أطاقوه، والصلاة إذا عقَلوا، وكان السلفُ يشجِّعون أطفالهم بمكافأتهم إن أحسَنوا والتزموا، فغرَسوا فيهم مبدأ (الالتزام يؤدي إلى النجاح)، وروى البخاريُّ ومسلم عن الرُّبيِّع بنت مُعوِّذ قالت: "فكنا نصُومُه ونصوِّم صبيانَنا، ونجعل لهم اللُّعبةَ مِن العِهن، فإذا بكى أحدُهم على الطعام، أعطَيْناه ذلك حتى يكونَ عند الإفطار".

إن إيماننا بـ: (جودة الحياة) في ظل (النظام الإسلامي فكرًا وسلوكًا) ينبغي أن يكونَ دافعًا لنا للحرصِ على التشبُّهِ بأسلافنا، والوقوف على (كيف ربَّوْا أطفالهم)، فهؤلاء هم مَن سادوا العالمَ ونشروا الفِكر الإسلامي الهادف، وسط أصعب الظروف، فما بالُنا بنا نحن وقد تيسَّر لنا ما لم يتيسَّرْ لهم، ومع ذلك نجحوا وأخفقنا؟!

إنها (التُّربة الإيمانية الصالحة) التي غرَسوا فيها (شذاهم)، فعطَّروا الكون، كل الكون, فماذا نحنُ فاعلون؟!




__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27-10-2013, 06:46 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New

أين نحن من أطفال السلف؟! (3)


الحمد لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على خير الأنام سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:
فقد ذكَر ابن الجوزي عن نفسه أنه كان يتأثَّر ببكاء بعضِ شيوخه أكثرَ من تأثُّره بعلمهم، وقال عتبةُ بن أبي سفيان لمؤدِّب ولده: "ليكن أولَ إصلاحك لولدي إصلاحُك لنفسك؛ فإنَّ عيونهم معقودةٌ بك، فالحسَنُ عندهم ما صنعتَ، والقبيح عندهم ما تركتَ"، ولا يفوتنا في هذا الصدد أن نذكرَ كيف أهمل الكثيرون مبدأ (القدوة الحسنة) وأثرَها في تربية النشء، وتشكيل شخصياتهم، بعدما تفشَّت ظاهرة (الخَدَم)، وانتشرت بين المسلمين، وبالأخص الخدم غير المسلمين، فأُوكِل الأمرُ إلى غير أهله، فضُيِّعت أماناتٌ عظامٌ وسط الغفلة، فأنَبْنا (الذئاب) في رعاية (الحملان)، وغيرُ خافٍ على الجميع القصص المُروعة التي ضُيِّع فيها الشباب نتيجة التساهل، وعدم الالتفات لخطورة ترك أبنائنا لمن لا يملِكون قِيَمنا لتربيتهم، والنظرة الضيقة للأمر رغم خطورته، وكأنَّ الوجاهةَ الاجتماعية لا تكتمل إلا باستيراد (خدم) - دون الاكتراث بخطورة تأثيرهم في تكوين شخصية أطفالنا وشبابنا - يتولَّون إدارة منازل المسلمين، فأداروها طبقًا لثقافتهم ومِلَّتهم، وسط (تغييب كامل) لمفهوم (القدوة الحسنة) كما علَّمنا إياه دِينُنا، وأرشدنا إليه نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم.

إن من تمام الأمانة التي كلَّف الله بها المسلمين تجاه أطفالهم تربيتَهم على المُثُل العليا والقِيَم، وجاء في الأثر: ((ما نحَل والدٌ ولدًا من نُحْلٍ أفضلَ مِن أدب حسنٍ)).

ولنرَ كيف كان السلف يشجِّعون أبناءهم بمكافأتهم لترغيبهم في العلم؛ فقد روى النضرُ بن شُميل قال: سمعتُ إبراهيم بن أدهم يقول: قال لي أبي: يا بنيَّ، اطلب الحديثَ، فكلما سمعتَ حديثًا وحفِظْتَه فلك درهم، فطلبتُ الحديث على هذا، وأرسل معاويةُ - رضي الله عنه - ابنه يزيدَ إلى عالم، فعلَّمه العربية وأنسابَ قريش، والنجوم، وأنساب الناس، ولما دفَع عبدالملك وُلْده إلى الشَّعبي يؤدِّبهم قال: "علِّمْهم الشِّعر يمجُدوا وينجُدوا، وحسِّن شعورهم تشتدَّ رقابُهم، وجالِسْ بهم عِلْية الرجال يناقضوهم الكلام"، والشاهد هنا هو ضرورة احترام عقول الصغار بالسماح لهم بطرح أفكارهم؛ مما يؤدي إلى تكوينِ شخصيةٍ قوية؛ فمن أكبرِ الأخطاء في التربية منعُ الصغار من حضور مجالس الكبار - من باب تأديبهم وتعليمهم وإكسابهم الخبرة - ولنرَ عمرو بن العاص -رضي الله عنه - عندما مرَّ على حلقة من قريش وقال: "ما لكم قد طرَحْتم هذه الأُغيلمة؟ لا تفعلوا، أوسِعوا لهم في المجلس، وأسمِعوهم الحديثَ، وأفهِموهم إياه؛ فإنهم صغارُ قومٍ أوشَك أن يكونوا كبارَ قوم، وقد كنتم صغارَ قوم فأنتم اليوم كبارُ قوم".

كم هو رائعٌ تاريخُ أسلافنا، يهدينا أروع سُبُل تربية (شخصية سوية قوية)، تُعِزُّ الدِّينَ في وقتٍ نحن أحوجُ ما نكونُ فيه للاقتداءِ بهم، فماذا نحنُ فاعلون؟!




__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27-10-2013, 06:47 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New

أين نحن من أطفال السلف؟! (4)


الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

وبعد:
فلنتأمَّلْ في هذه القصة التي رواها أحمد:
روى أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- خرَج إلى طعام كان قد دُعي إليه مع بعض أصحابه، فاستقبَل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمام القوم، وحسينٌ مع غلمان يلعب، فأراد رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أن يأخُذَه، فطفِق الصبيُّ ها هنا مرة، وها هنا مرة، فجعل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُضاحِكُه حتى أخذه، فهذه وسيلةٌ تربوية سهلة، توصل إلى المقصود؛ حيث يظن البعضُ أن الضربَ وسيلةُ تقويم للصغار؛ فقد أثبتت دراساتٌ حديثة أن هناك وسائلَ أخرى غير الضرب أفضل وأنفع، فلماذا نهرول نحو مكتبات الغرب (بدون تفكير)، ولا نُعطي لأنفسنا الفرصة أن نغُوص داخل تراثنا الثقافي الذي سبَق ما توصل إليه علماءُ التربية المعاصرون.

قال أنسُ بن مالك - رضي الله عنه -: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من أحسنِ الناسِ خُلُقًا، فأرسَلني يومًا لحاجة، فقلت: واللهِ لا أذهب، وفي نفسي أن أذهَب لما أمرني نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فخرجتُ حتى أمُرَّ على الصبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قابضٌ بقفاي من ورائي، فنظرتُ إليه وهو يضحك، فقال: ((يا أُنَيس، اذهَبْ حيث أمرتُك))، قلت: نعم، أنا أذهبُ يا رسول الله.

وعن عقبةَ بن الحارث قال: رأيتُ أبا بكر - رضي الله عنه - يحمل الحسنَ بن عليٍّ ويقولُ:
بأبي شبيهٌ بالنبي
ليس شبيهًا بعلي


وعليٌّ معه يتبسمُ، قال الحافظُ في الفتح: وكان عُمُرُ الحسنِ إذ ذاك سبعَ سنين.

وعندما تزوَّج النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عائشة - رضي الله عنها - كانت صغيرةً؛ ولذلك كان -صلى الله عليه وسلم- يعطيها حقَّها من اللهوِ؛ فقد أذِن لها برؤية الحبشةِ وهم يلعَبون بالحِرابِ في المسجد، وسابَقها مرة فسبقَتْه، ثم سابَقها بعد أن حمَلتِ اللحمَ فسبَقها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((هذه بتلك)).

إن جودة الشخصية المسلمة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالالتزام بما كان يفعَلُه أسلافُنا في ظلِّ التزامهم بما جاء به الكتاب والسنَّة، وبراعتهم في (صياغة الهوية الإسلامية) الراقية فكرًا وسلوكًا، والهادفة إلى خلق (جيلٍ قوي) يذبُّ عن دِينه وسَط (صراعاتٍ فكرية) تُحاكُ من خلالها (مخططات التَّغييب)، لطمس الهوية، بصورٍ شتى، ولو من خلال (أساليب تربوية)، ظاهرُها (الرحمة)، وباطنُها (زعزعة الثقة) في أننا نملِكُ الأفضلَ والأرقى منذ بُعِث رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم.

بحارُنا مليئةٌ بالدُّرَر، فماذا نحنُ فاعلون؟!




__________________
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27-10-2013, 06:48 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New

أين نحن من أطفال السلف؟! (5)


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:

فكيف سأنتصر لديني؟!
سؤال كان محورَ تفكير (زيد بن ثابت الأنصاري)، وهو يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - خارجًا لقتال المشركين يوم بدر، وعزَّ عليه ألا يشارك!

كان زيد طفلاً عندما هاجر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة (أمُّه النوار بنت مالك، وزوج أمه عمارة بن حزم أسلم في بيعة العقبة الثانية)، وكانت طفولته مبدعة، حيث لم يكن طفلاً عاديًّا، بل كان - رغم صغر سنه - ذا غيرةٍ على دينه، وهو يرى أذى الكفار، ورغبتهم في إطفاء نور الدين، بيد أنَّ زيدًا لا يستطيع أن يحارب؛ إذ كيف يُمسِك بسيفٍ أطول منه؟!

فكَّر زيد في طريقة أخرى يجاهد بها، وينصر بها دينه، فحفظ القرآن كله، ولم يكتفِ بذلك بل تذكَّر أيضًا رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - وهو يقول له: ((يا زيدُ، تعلَّمْ لي كتاب يهود؛ فإني والله ما آمنُهم على كتابي))، فتعلَّمها في نصف شهر!

ثم احتاجه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في تعلُّم السريانية والفارسية لمراسلة الملوك، فتعلَّمهما في فترة وجيزة تقارب الأسبوعين!

وتعلَّم زيد علم الفرائض - وعلمُ الفرائض يشبه الحساب اليوم، واحتاجه المسلمون؛ ليقسِّموا أموال الميراث بالعدل الذي أمر به الله تعالى؛ لأنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - يقول: ((تعلَّموا الفرائض وعلِّموها؛ فإني امرؤ مقبوض، وإنَّ العلم سيُقبض، حتى يختلف الاثنان في الفريضة، فلا يجدا أحدًا يفصل بينهما)).

إنها طفولة مبدعة، أنتجت شبابًا وقَّادًا، غيورًا على دينه، باحثًا عن عزته بالطريقة التي يستطيعها، فلا يُسلمه عجزُه في أمرٍ ما إلى تبرير عدم مشاركته، ولننظر إلى طريقة تفكير زيد عندما رأى أنَّ السيف أطول منه، هل استسلم؟! أم بحث عن طريقةٍ أخرى يخدم بها دينه وينصر بها نبيَّه - صلى الله عليه وسلَّم؟!

إنَّ طفولة زيدٍ صنعت منه الشخصية القوية، فاستحق احترامَ كبار الصحابة، ولننظر ماذا فعل عبدالله بن عباس (ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم) عندما يرى زيدًا - رضي الله عنهما - وقد همَّ بركوب دابته: يقف بين يديه، ويمسك له بركابه، ويأخذ بزمام دابته، فيقول زيد: دعْ عنك يا بن عم رسول الله.

فيقول ابن عباس: هكذا أُمِرنا أن نفعل بعلمائنا.

فيقول زيد: أرني يدك.

فيُخرج له ابنُ عباس يده، فيميل عليها زيد ويقبِّلها، قائلاً: هكذا أُمِرنا أن نفعل بآل نبيِّنا!

إنها صفحات ناصعة البياض في سيرة أسلافنا، نحن أحوج ما نكون لقراءتها، وأخذ الحكمة منها، والاستفادة بمدلولاتها؛ لرفع راية ديننا ونصرة نبينا، كلٌّ بالطريقة التي يستطيعها.

فهل نحنُ فاعلون؟!




__________________
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 27-10-2013, 06:49 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New

أين نحنُ من أطفال السلف؟! (6)


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المُرسَلين، سيدنا محمدٍ الأمين، وعلى آله وصحبِه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:
فقدروى البُخاري وغيره عن عبدِالله بن عُمر - رضي الله عنهما - وكان دون الحُلُم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنَّ من الشجر شجرةً لا يَسقُط ورقُها، وإنها مثل المُسلم، فحدِّثوني ما هي؟)) فوقع الناس في شجر الناس في شجرِ البَوادي، قال عبدُالله: ووقَع في نفسي أنها النخلة، فاستحيَيتُ، ثم قالوا: حدِّثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: ((هي النخلة))، وفي رواية: فأردتُ أن أقول: [هي النخلة] فإذا أنا أصغرُ القومِ، وفي رواية: ورأيتُ أبا بكر وعمر لا يتكلَّمان، فكرهتُ أن أتكلم، فلمَّا قُمنا حدَّثتُ أبي بما وقع في نفسي، فقال: "لأن تكون قلتَها أحب إلى من أن يكون لي حُمْرُ النَّعم".

لنتأمل جيدًا الحديث، ولننظر كيف فكر الطفل عبدالله؟! وكيف تفاعل مع سؤال النبي - صلى الله عليه وسلَّم؟! ولنُلاحظ الحرص على حضور مجالس الكبار والتعلُّم منهم واحترام وجودهم.

ما لنا إلا أن نخجَلَ نحن الكبارَ أمام ما كان يفعله أطفال السلف، وما لنا سوى الاعتراف بالتقصير، إن كنا نريد حقًّا عزةَ دينِنا.

لنرَ كيف تصرَّف عبدالله - الطفل - ولم تَستهوِه نشوةُ التميُّز عن الكبار، في وقتٍ يلهث فيه كبار زماننا نحو أي تميزٍ ولو شكليًّا.

لنر كيف كان عبدالله يَحضر مع الكبار، ويُحسن الفهمَ والاستِماع، وكيف كان أبوه يُعطيه فرصة مجالسة الكبار، وكيف كان يتصرَّف؟


إنَّ كثيرًا من آباء هذا الزمان، لا يُخرِج أطفاله من حيز "البلاي ستيشن"، ولم يَمنحهم فرصة مجالسة الكبار، على اعتبار أنهم لا زالوا أطفالاً.

لنتأمل جيدًا "السلوك الراقي" لعبدِالله في حضرة الكبار، ولنخجَل - نحن معشرَ الكبار - إن فكَّرنا في مقارنة ما كان بما هو كائن.

إن كُنا نحن قد فوَّتنا الفرصة، يجب أن نعضَّ عليها بالنواجذ تجاه أطفالنا، فالأمل في صحوتنا الإسلامية هو ذاك الطفل رجل المستقبل، فماذا نحنُ فاعلون؟!




__________________
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 27-10-2013, 11:30 AM
tata441 tata441 غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 27
معدل تقييم المستوى: 0
tata441 is on a distinguished road
افتراضي

مشكووووووووووووووووووور
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 27-10-2013, 11:36 AM
أ.محمد النجار أ.محمد النجار غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
المشاركات: 54
معدل تقييم المستوى: 12
أ.محمد النجار is on a distinguished road
افتراضي

صحييييييييييييييييييييييييييييح
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:16 PM.