|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#18
|
||||
|
||||
![]() العلمانيون المسلمون فى الثقافة العربية بدأت الحركة العلمانية بين المسلمين بعيد الحركة السياسية التى قادتها حركة تركيا الفتاة . و قد تكونت فئات هؤلاء من عناصر مختلفة من مهنيين و مدرسين و أطباء و محاميين و تجار و ضباط جيش ، و قد تسنى للبعض منهم الدراسة فى مدارس حديثة إما فى مصر أو فى القسطنطينية أو فى الخارج و عادوا بانطباعات جديدة و تصورات جديدة . إلا أن الموقف من الغرب لم يكن دائما ايجابيا ، بل ان بعض العائدين قد عبر عن خيبة أمل قاسية و عن نقد عنيف يترجم عدم تكيفه مع الواقع الجديد .إلا أن النتائج لم تكن جميعها رافضة ، فقد برز تيار عريض يتقبل الافكار العلمانية و يسعى الى ادخالها مجالات الحياة الاجتماعية والعلمية والسياسية . و لعل أهم هذه الدعوات التى ارتبطت بهذه الحركة كانت الدعوة المزدوجة الى المزيد من الحرية و الى المزيد من العلم . فقد أدرك العلمانيون المسلمون أن صراعهم هو صراع مزدوج . صراع منع الاستبداد الذى تمثله الدولة العثمانية بنظامها المطلق . و صراع مع الغرب الذى تمثلت قوته الأساسية فى تقدمه العلمى و الصناعى والتقنى . من هنا كانت الدعوة للاستزادة من العلوم و اطلاق التربية و تنظيمها من الدعوات العلمانية المبكرة سواء كانت دعوة عامة لما لدى عبد الرحمن الكواكبى 1849 – 1902 ، أو دعوة مبرمجة الى حد ما ، كما نجدها لدى قاسم أمين 1863 – 1908 الذى يعتبر من أوائل العلمانيين المسلمين ، و من رواد التربية الحديثة . قاسم أمين ( 1863 – 1908 ) كان قاسم أمين جريئا و صاحب حس نقدى متميز ، و قد أدرك شأن سائر المتنورين الآخرين أن العلم هو السبيل الوحيد الذى يكفل تحقيق المساواة مع الغرب ، و العلم لايتحقق إلا من خلال منهج تربوى متكامل يشارك فيه كل أفراد المجتمع ، بما فى ذلك المرأة . . و لكى يشارك الجميع فى هذه العملية التربوية الشاملة لابد من مناخ معين تكون الحرية فيه البند الأول . الا أن هذه النظرة على بساطتها لابد لها أن تستند الى نظرة فى الاجتماع الانسانى ككل . و قد اختار قاسم أمين دراسة الظاهرة الاجتماعية دراسة كاملة ، و فى علاقاتها بالسياسة ، فلا يرى أن الأحداث تقع عبثا ، بل لابد لها من مسوغات أملت وجودها بالشكل الذى وجدت فيه . و قد آمن قاسم أمين بتطور المجتمع وفق قوانين معينة ، و كان منسجما مع مذهب سبنسر فى نظرته الى معنى الاجتماع الانسانى و فى تحديده للتطور والترقى وان لم يحدد هذه العبارات فى وضوح تام . و فى تحديده لمعنى الصراع الاجتماعى كان قاسم أمين أقرب لمذهب داروين من المذاهب الأخرى . ترافقت دعوة قاسم أمين هذه مع دعوات مماثلة ، قال بها محمد عبده صديق قاسم أمين ، لكن دعوة قاسم أمين كانت أكثر برمجة و أكثر تحديدا ، إذ أدرك قاسم أمين أن العلم وحده هو الذى يحرر الانسان من الخوف و ذلك بتحرره من الجهل ، و هذا ما أشار اليه عبد الرحمن الكواكبى أيضا ، و التحرر يعنى تحقيق نوع من الحرية الفردية ، الحرية التى تمكن الانسان من التعبير عن معتقداته و مبادئه ونشر أفكاره دون إعاقة ودون معارضة ، انها تشبه ذك النمط من الحرية الليبرالية التى سادت أوساط المثقفين جميعا تقريبا فى مطالع القرن العشرين . اعتمد قاسم أمين الى جانب ذلك الى نقد الماضى معتبرا التقليد من جملة الأمراض التى تؤخر نمو المجتمع ، فتجعله يعيش فى الماضى عقلية و سلوكا . و رأى أن العلم و تطور المجتمع لابد أن يساعدا على فرز قيم إجتماعية و أخلاقية جديدة ، لذلك لايجب التمسك بقيم الماضى و يجب مواكبة الحضارة و الرقى و التقدم . ساطع الحصرى ( 1880 – 1968 ) إن قاسم أمين ليس الا نموذجا معينا من العلمانية الاسلامية التى برزت آنذاك . و هو لم يكن النموذج الوحيد رغم تميزه ، و ذلك لتوسع المواضيع التى طرحتها هذه العلمانية . ففى اطار التفكير بالقومية يبرز اسم ساطع الحصرى 1880 – 1968 كممثل للقومية العلمانية ، بشكل تفوق فيه على الأجيال السالفة من العلمانيين المسيحيين . و قد وضع الحصرى نظرية منهجية منسجمة فى بحثه فى القومية العربية ، إذ أدرك و بتجربته أن الدين ليس ليس بالضرورة الرابط الأول الذى تقوم على أساسه القوميات . بل إن رابط اللغة والثقافة المشتركة والمتميزة عن ثقافات الجوار لمن أقوى الروابط و من أشدها لحمة . فهى التى صهر المجتمع و تجعل منه أمة واحدة و دولة واحدة . فالعرب أو الشعب العربى ، هم من يتكلم لغة واحدة حتى لو بدت هذه الأمة فى مرحلة من تاريخها مجزأة الى أوطان . فلابد أن تتحد هذه الأوطان ضمن أمة واحدة ، كذلك رفض الحصرى النظرية العرقية فى تكون القومية ، إذ لا وجود لأمة صافية العروق ، و بالتالى فالقومية لا تخلق الا ببث الوعى القومى و إبراز الروابط الروحية و الفكرية التى تتشكل منها القومية ، و أهم هذه الروابط التاريخ و اللغة . فباللغة يتوحد الشعور و يتوحد التفكير ، و التاريخ هو الذى يخلق نوعا من القرابة المعنوية تشد أبناء القومية الواحدة الى بعضهم بعضا . و التاريخ ليس تذكر أمجاد الماضى بقدر ماهو فعل من أجل المستقبل . إذ القومية ليست حلما رومانسيا بل عملا فى المحيط الذى تنشأ فيه . فقومية الحصرى و إن تشابهت مع قومية العلمانيين المسلمين من حيث النتائج إلا أنها كانت موضوعا مستقلا مشيعا بالدراسة و غنيا بالتفاصيل ، و لم تكن مجرد أمنية أو ردا على الحركات السياسية الأخرى كالعثمانية ، أو دعوة للانفصال عن الدولة الأم . بكل الأحوال لقد كانت هذه الدولة فى طريقها الى التفكك حين كانت أفكر الحصرى تشق طريقها . لذلك تبدو دعوته دعوة للتوحيد أكثر مما هى دعوة للاستقلال . على عبد الرازق ( 1888 – 1966 ) و من الأسماء البارزة فى إطار العلمانية الاسلامية يطالعنا اسم على عبد الرازق 1888 – 1966 الذى يعتبر من أشد الأسماء بروزا لما التصق باسمه من ثورة اعتبرت فى حينها ثورة على الاسلام بالذات . و كان السبب فى ذلك وضعه لكتابه ( الاسلام و أصول الحكم ) الذى ألفه بعد اعلان النظام الكمالى فى تركيا ، فصل الدين عن الدولة و انهاء الخلافة رسميا . فظهرت محاولة على عبد الرازق بمثابة تبرير لهذه الدعوة و محاولة نظرية أراد من خلالها الإثبات أن الخلافة ليست ضرورية لأنها ليست من صلب الاسلام . و قد حاول على عبد الرازق إثبات ذلك بكل الوسائل ، و خاصة بالرجوع الى المصادر عينها التى استعملت سابقا لتبرير الخلافة ، أى بالعودة الى النص و الحديث و هما مصدرا كل تشريع فى الأساس . و قد أثبت أن ماجاء فى هذه المصادر من إشارات الى الخلافة لاتقوم كمبرر كاف لتسويقها . إذ أن الهدف من نظام الحكم هو تحقيق رفاهية المواطنين و تحقيق سعادتهم . فإن استطاع نظام سياسى آخر تحقيق ذلك كان نظاما محمودا ، و لا حاجة بعده للخلافة . أما فصل السلطة الدينية عن السلطة السياسية فيرى على عبد الرازق أن ذلك قد تحقق فعلا بعد وفاة الرسول . فرسالة النبى الدينية انتهت بوفاته ، و انتخاب أبى بكر كان سابقة أرست الحياة السياسية ، و مركز الخلافة كان سياسيا و لم يكن دينيا ، و إن تم بعد ذلك اللجوء الى تقديم الجوانب الدينية ، بل و تغليبها فلأسباب سياسية أهمها إضفاء مزيد من اللحمة على مجتمع كان التفكك يصارعه فى كل أجزائه ، فالخلافة لم تكن أكثر من منصب سياسى فرضته ظروف معينة ، و مع تغير كل ظرف يجوز أن تتغير الأشكال السياسية المرافقة له . يؤدى ذلك بطبيعة الحال لنوع من فصل الدين عن الدولة ، و هذا ما ذهب إليه على عبد الرازق ، بل ما أكده فى كتابه معتبرا أن التشريعات المدنية التى تستند الى أحاديث نبوية يجوز تغييرها . فأحاديث النبى ليست معصومة كالنص القرآنى ، و قد أشار على عبد الرازق الى أحاديث متعددة أكد فيها الرسول على الطابع الزمنى أى الوقتى ، و بالتالى لابد من تغيير ذلك تبعا لتغير الأوقات كما أشار الى أحاديث لاتجنب الرسول من الخطأ . أما الأهم من ذلك فهو وجوب التمييز بين دور الرسول كنبى و دوره كقائد سياسى ، ثم ان الخلفاء أصدروا تشريعات جديدة استندوا فيها الى إجماع الصحابة و لم يقم أحد ضد ذلك . إذن ، إن مبدأ التجديد قائم فى الاسلام ، فلماذا لانجدد فى الحياة السياسية . أثارت آراء على عبد الرازق عاصفة شديدة ، فحوكم و صودر كتابه و منع من مزاولة مهنته و من التعليم فى الأزهر ، و هو أحد شيوخه . و مع ذلك فآراؤه من أبرز الآراء العلمانية التى دعت فصل الدين عن الدولة و حاولت إثبات ذلك بالطرق المنهجية نفسها التى يستخدمها العلماء و المجتهدون فى وضع فتاويهم . طه حسين ( 1889 – 1974 ) لم يكن تيار العلمنة القاضى بهذا الفصل التام بين الدين و الدولة قصرا عى الشيخ على عبد الرازق و إن كان من أكثرهم دقة و جرأة . فالدعوة هذه استمرت بعده وان إتخذت أشكالا أقل تماسكا . نشير هنا الى طه حسين 1889 – 1974 الذى شكك بأنماط الفكر التقليدية حتى فى كتاباته المبكرة . و لكن أشد الهجوم له نجده فى كتابه ( فى الشعر الجاهلى ) الذى شكك فيه بمعظم هذا الشعر معتبرا أنه من نسج شعراء لاحقين نسب الى الجاهلية لمزيد من الانتشار . اعتمد طه حسين أسلوب الشك الديكارتى و منهجية ديكارت التى تقضى بأن لايسلم الانسان بشئ حق مالم يبدو له بسيطا مقنعا و يقينيا . و قد يكون نقده للشعر محقا أو لايكون ، لو لم يوسع طه حسين دائرة شكه لطول قسما من مقدسات الدين الاسلامى . إذ أبدى شكا قويا فى بعض القصص الواردة فى القرآن الكريم ، و منها أيضا مايتعلق بوجود ابراهيم و ابنه اسماعيل و اليهما يعود العرب فى الأصل كما تورد التواريخ و الديانة الاسلامية بالذات . بل لقد رفض طه حسين قصة الحجر الأسود و هذا مايعتبر خرقا لأهم مقدسات الدين . و قد أثارت هذه الآراء ضجة قوية فتداعى العديد من الكتاب للرد على طه حسين ، حتى اضطر هو بالذات للاعتذار من الجامعة معلنا تمسكه بالاسلام و بأن آراءه محض أدبية و لا علاقة لها بالدين . و لكن طه حسين لم يتوقف بعد ذلك من الدعوة الى آراء تحديثية فى مجال الأدب أو فى مجالات الحياة السياسية و الاجتماعية ، بل لقد دعا الى ربط تراث مصر الحضارى بتراث البحر المتوسط داعيا الى مزيد من الإشراف الحكومى على التعليم بهدف رفعه و تطويره و تحديثه . اسماعيل مظهر ( 1891 – 1962 ) من المساهمين الآخري فى نشر هذه الروح العلمانية ، يشار الى اسماعيل مظهر 1891 – 1962 صاحب مجلة العصور التى انبرت لنشر الآراء التحديثية و نشر العلوم و المبتكرات الجديدة . و كانت منبرا للدعوة الى إحياء حياة برلمانية حقة تعتمد الأسس التمثيلية الصحيحة . و قد حفلت المجلة بآراء نقدية جريئة طالت الفكر الدينى التقليدى و دعت الى خلق عقلية جديدة تقوم على الأخذ بالمبادئ الفلسفية و السياسية السائدة فى الغرب . عبد الرازق السنهورى (1895 – 1964 ) أخيرا نشير الى ذلك النوع من العلمانية التشريعية ، الذى برز مع عبد الرازق السنهورى الذى اطلع على القوانين الاوروبية ، و على التشريع الاسلامى ، و قد عمل فى هذا المجال مشاركا فى وضع قوانين و دساتير متعددة خاصة فى العراق و فى مصر . إلا أن مايمتاز به السنهورى هو اعتماده الدمج بين التشريعات الدينية و القوانين الوضعية الأوروبية بهدف الاستفادة من أفضل مانجده فى التشريعات و فى القوانين . و تجربة السنهورى تجربة رائدة مازالت تلقى المزيد من الاهتمام . أهم العلمانيين المسلمين : قاسم أمين 1863 – 1908 ، عبد الرحمن الكواكبى 1849 – 1902 ، ولى الدين يكن 1873 – 1921 ، محمد كرد على 1876 – 1953 ، شكيب أرسلان 1869 – 1945 ، رفيق العظم 1865 – 1924 ، أحمد لطفى السيد 1872 – 1963 ، محمد حسن هيكل 1888 – 1956 ، معروف الرصافى 1875 – 1945 ، صدقى الزهاوى 1863 – 1936 . يضاف اليهم : ساطع الحصرى 1880 – 1966 ، طه حسين 1889 – 1974 ، اسماعيل مظهر 1891 – 1962 ، عبد الرازق السنهورى 1895 – 1964 . *** انتهى ***
الموسوعة الفلسفية العربية آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 12-06-2012 الساعة 07:45 PM |
العلامات المرجعية |
|
|