فلو فكر الإنسان وتأمل هذه الأحاديث التي ذكرها النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحث على تلاوة القرآن والإقبال عليه وقراءته ما سمحت له نفسه أن يضيع لحظة واحدة في حياته إلا وفيها عمل صالح يقدمه لربه -جل وعلا- إما عمل قاصد أو عمل متعدي نفع.
فالذي يحرص على هذا فإنه قد قدم أعمال الدنيا على الآخرة، ومَن حرص على الآيات وحفظها على تلك قدم أعمال الآخرة على الأولى، وقد قال الله –تعالى- للنبي: ﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى﴾(38)، وقال: ﴿وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾(39)، فعمل الآخرة هو الذي يبقى ويدوم ويزيد وينفع الإنسان في دنياه وأخراه، وهذا كله في القرآن الكريم؛ ولهذا جاء الحث والترغيب في فضل هذا القرآن الكريم وتعلمه، وكان الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- متميزون بالاهتمام بالقرآن وحفظه وتلاوته وتعليمه، كما كانأبيٌّ(40) -رضي الله عنه- وسماه النبي -عليه الصلاة والسلام- في قوله: « أَقْرَأُكُمْ أُبَيٌّ»، وأثنى على أبي موسى الأشعري(41) وعبد الله بن مسعود ومعاذ(42) وعليٍّ وعثمان بما عندهم من القرآن الكريم: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ﴾(43)(44).