|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#13
|
|||
|
|||
![]()
أعرف ان المزاج العام في مصر لم يعد مُهيا للقراءة فضلا عن النقاش البناء فالكل أٌصيب بتصلب في شرايين الفكر وصار المنطق غريبا في النقاشات التي علا ضجيجها وقل نفعها ومثل هذا المناخ هو أولى بالإعتزال (وليس الفتنة التي يتخذها البعض مبررا لصمتهم عن بيان الحق) لكن ضرورة التنبيه الدائم على ما نفرط فيه الآن من حق أجيال قادمة وما نحن سائرون اليه مخيرون لا مجبرون بتقويض الأسس الديمقراطية للدولة هو ما يدفع لطرح هذه الأفكار للنقاش و ليس على قبيل أنها الوجه الوحيد للحقيقة و هو الصفة الذى يصر كل طرف على إضفائها على ما يتبناه هو دون سواه و ذلك أصل الداء. أبدأ الكلام من حيث انتهيت في مرة سابقة أن تقويض السلطة المنتخبة في مواجهة سلطات غير منتخبة هو البداية لخلق كيانات لا يمكن محاسبتها قصدت وقتها أن الساعين لإنتقاص قدرة الرئيس (وهو أعلى سلطة منتخبة في البلاد) في مواجهة العسكريين والقضاء كفيل بجعل الأخيريْن فوق أي حساب ولا سبيل لمجابهة أي فساد يعتريهم بمرور الوقت فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة ولم يكن الحل يوما بِغْل يد الرئيس عنهما دون بديل والتعلل بأن هذه الأجهزة تُطّهر نفسها بنفسها هو ضرب من الكلام السجع الذي يطرب ولكن لا أثر له في الواقع و إن كان الحل في نظرى أن تزيد من سلطة الحكومة تحت رئاسة رئيس الوزراء (المنتخب على درجتين أو حتى بإنتخاب مباشر) ليصير وحده رأس السلطة التنفيذية بينما يبقى الرئيس (وهو المنتخب إنتخابا مباشرا اى درجة واحدة) حكما بين السلطات فيصير من يحكم لا يملك و من يملك لا يحكم و ينفصل القضاء و الشرطة و الجيش تماما عن السلطة التنفيذية و مجلس الوزراء لضمان عدم تسَيُسهم و يبقى محاسبتهم بأعلى سلطة منتخبة و هو الرئيس و من وراءه أو لازما لإنفاذ قرارته في مثل هذه الأمور مجلس النواب لكن الجميع كان يؤسس لدستور و عينه على ما بين يده كيف يُعظّمه و ينتقص مما لا يمتلكه في حينه ضاربا مصالح البلاد و العباد حتى مهدنا الطريق لعودة فرعون (أو قل عدة فراعين) و نحن مسبحون مهللون. الأمر الثانى الذى تأسس في الدستور هو دغدغة مشاعر طوائف في الشعب ضماناً لولائها حتى و إن باع لهم الوهم كما كان يتميز به نظام مبارك فالطائفة الأولى و هم الأقباط جعل لهم التهجير القسرى جريمة لا تسقط بالتقادم (رغم أن مثل هذه الأمور محلها القانون) كما وعدهم بالتمثيل اللائق في أول مجلس نيابى و قبل أن أبدأ لا أحد يجادل على حرمة التهجير القسرى و أن يحاسب جَمْع بشرى بذنب فرد أو أفراد }َ و لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى{ و مثل هذه الأمور لا يحلها نص قانونى (و إن كان ضرورة) و لا حتى دستورى فالتمييز في المواطنة الذى أعمى المتعصبين من الطرفين هو أساس كل بلية نادى به من طبق آراء (و ليس أحكام) في عهود لها خصوصيتها في عصرنا الذى له خصوصيته كما نادى به أقباط المهجر في أعقاب أحداث 9/11 سواء هربا من دمغهم بأنهم شرق أوسطيون أو طمعا في طيب العيش في الغرب لكن في كل الأحوال كان يدفع فاتورته المواطن القبطى البسيط في عمق الريف المصرى هذا المواطن الذى غالبا ما يمتهن العمل الحر (خصوصا مهنة النجارة تيمنا بيوسف النجار) و يعتمد أساسا على العلاقات العامة في عيشه اليومى و أنتشاره بين العامة و يضمحل عمله بان يتميز عنهم فيكون منهم كالغريب. وعى ذلك الآباء والكهنة الذين حضروا جلسات الصلح العرفى في الصعيد فلم يخونوا قضية الأقباط ولكنهم وعوا أن قدرة القانون (وحتى الدستور) مغلولة أمام قوة العرف في بعض المجتمعات لم يخن هؤلاء كما لم يخن البابا بطرس السابع ومكرم باشا عبيد حق شعبهم القبطى عندما رأوا أن التمييز مفتاح كل الشرور. دافعت طويلا عن رأيي ان كلا المسيحى والمسلم المتدينين في نفس الخندق في مواجهة من يقدس الشهوات على أنها حرية وأنهما (مع عدم الرضا عن الإعتقاد الآخر فالرضا عن الإعتقاد أصل العقيدة) يمكنهما التقدم لإصلاح الأمة من آفة الفساد إن عادوا إلى مورثاتهم من عدم الكذب والخيانة وإتقان العمل. الطائفة الثانية وهم النوبيون و أعترف أن لا أعلم عددهم كما لا أعلم كثيرا عند قضيتهم التي بالغ الكثيرون في تضخيمها حتى صارت في أذهان كثيرون أكبر و أعقد من القضية الفلسطينية و سواء كان مطالبتهم بأراضى على ضفاف النيل (فأراضيهم الأصلية غرقت في بحيرة ناصر بحسب علمى) هروبا من جدب الاراضى التي منحت لهم أو طمعا في قيمة أعلى فليس القانون أو الدستور هو الحائل بل هم عصابات تصقيع الأراضى من كبار المستثمرين المقربين من النظام البائد و الذين أشتروا أراضى مصر من حلايب إلى سيدى برانى و من توشكى و العوينات إلى رفح المصرية و هم العائدون بقوة في ظل النظام الجديد فهم الذين أعادوه (و ليس من توهم بأنه ساهم في 30 يونيو) و لن يعجزهم قانون و لا حتى دستور أما هذه النصوص فليست إلا كالجزرة التي لن ينالها أحد. ليست الفئات والطوائف المختلفة التي تلفت إلى مطالبها فوق مطالب وطن ينبغي تأسيسه على أسس قوية من العدل والمساواة وسيادة الشعب المطلقة التي تعلو فتحاسب الجميع بلا إستثناء بل أن التيارات نفسها إنقلبت على أفكارها بحسابات المكسب والخسارة الفردية على حساب الوطن ككل. فمجموعة حزب النور (من صلحت نيته منهم قلوا أو كثروا) كان هما الأول أن يرثوا شعبية الإخوان في الشارع بعد الإطاحة بهم خارج الحلبة السياسية فنقضوا مبادئ و آراء صدعونا بكثرة ما تحدثوا عنها و الدكتور أبوالفتوح الذى أعجب بفكرة أن يكون الليبرالى وسط الإسلاميين و الإسلامي وسط الليبراليين صار إعجابه بالفكرة أقوى من إيمانه بالمبدأ أما اليسار و اليمين و الاشتراكيين و الليبراليين صارت مهمتهم الأولى الإطاحة بخصومهم السياسيين أهم من قيم لايزال ضجيج حديثهم عنها يملأ الآذان و لكنها كقرع الطبول كلما علا علمت بخوائها و تنازلوا طواعية (وبلا أية مقابل) عن كل مصالح للأمة في سبيل الإطاحة بأعدائهم التقليديين. الدستور ببساطة هو أبواب السلطات وتنظيم العلاقة بينها وما عدا ذلك هو ديباجة وعبارات عامة فما أسهل أن تعد بنسبة للصرف على الصحة ثم تضيع في مكافئات كبار الموظفين والمستشارين (كسابق العهد) لم يهتم أحد بمناقشة أبواب السلطات ومدى تأسيسها لدعائم حكم رشيد يضمن المحاسبة لكل مفسد والرقابة على مقدرات الشعب عاب بعض المنصفين هذه المواد في الدستور السابق والحق أنها صارت أسوأ لكن الجميع أنصرفوا كلٌ يغنى على ليلاه سعيدا بما أصاب. دائما ما تكون الصورة السينمائية أقدر على التعبير واقوى على التأثير وفي هذا المضمار يحضرنى مشهدين في فيلم و مسرحية سوريتين الأول وهو (العائد إلى حيفا) رغم أن قصته حصدت عدة جوائز وهي غنية بالإيحاءات والمعانى بداية من الطبيب الفلسطيني زمن حرب 48 و الذى لبى نداء مريضة على حساب حياته و زوجته التي شهدت مصرعه على يد العصابات الصهيونية المسلحة قبل مصرعها ثم طفله الذى عثر عليه المستوطنان الذين تسلما بيت الأسرة كمسكن لهما ثم قلب الحقائق بالإعلام الذى يتحدث عن الطفل موشيه (الأسم العبرى لموسى) الذى فر أبواه و أنقذه المستوطنون ثم جدته التي إلتحقت بالعمل لدى هذه الأسرة لترعى حفيدها و تردد الجيران (الأسرة المسيحية) في البوح بحقيقتها للملاك الجدد و الذين يرون أن لا خوف منهم عليهم لأنهم لا يعادوهم (لأنهم مسيحيون) و فاتهم أنهم وراء الأرض حتى جاء الدور عليهم وقت أن فرغ المستوطنين من بيوت كل الذين فروا من المدينة فقاموا بتهجير البقية لأخذ منازلهم المشهد الذى أريده هو نهاية الفيلم و هو لحظة أن فجرت الجدة القطار الذى كان يقل عتاد للجيش المحتل و القت بالطفل فرحان (وهو أسمه الحقيقى) إلى خارج القطار لتنقذه و هي اللحظة التي لم يجرؤ الكاتب أن يخط كلمة بعدها و لا أن ينقل المخرج مشهدا آخر غير مشهد فرحان على الأرض في المجهول. المشهد الآخر هو من مسرحية كأسك يا وطن (على ما أذكر) وقت أن إنشغل الطبيب بالمقويات التي يحتاجها المسئول المسافر إلى الخارج لتعينه على رفع أسم الوطن عاليا (بكل ما توحيه الكلمة من معان غير بريئة) لينشغل عن الطفل الذى يموت في أحضان والده. نهاية القول أننا في خضم اللجج في الخصومة السياسية و تمجيد الفراعين الجدد نرمى بمستقبل إبنائنا إلى المجهول إن لم نكن فعلا قد قضينا عليه.
اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : http://almesryoon.com/%D8%A7%D9%84%D...AF%D9%8A%D8%AF
__________________
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|