اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > الأدب العربي

الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #23  
قديم 22-07-2008, 11:51 AM
الصورة الرمزية الجويرية
الجويرية الجويرية غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 4,576
معدل تقييم المستوى: 22
الجويرية is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
قمنا ببيع البيت كما ذكرت سالفا وسكنا بعدها بشقة راقية .. المنطقة ؟ .. ( الرميثية ) طبعا .. فـ ( الرميثية ) هي جزء من روحي كما أخبرتكم في المقدمة ..
لا أنسى إن أخبركم إنني عرفت فيما بعد إن البيت قد نجح بطرد ثلاث اسر ظنت أنها لا تعبأ بكل هذا الهراء !!
كنت أظن إن الأزمة التي مررت بها ستنتهي .. لكني كنت واهما .. كنت واهما إلى أقصى حد .
فالقصة الفعلية ( وأرجو إلا يثير هذا غيظكم ) .. لم تبدأ بعد !!
لقد قضينا بضعة أيام ونحن نجمع أشياءنا من المنزل محاولين الخروج في أسرع وقت ممكن وكنت اذهب إلى المدرسة بعد إن انتهت العطلة منهيا فروضي بسرعة .. وبعدها ابدأ بجمع أغراضي الخاصة بحماس شديد .. كما إنني كنت أقوم بمساعدة جدتي لتوضيب كل أغراضها من غرفتها ووضعها في صندوق تمهيدا لنقلها وذلك حتى نخرج من البيت بأسرع وقت ..
وفي هذه الإثناء .. وجدت خزانة حديدية صغيرة الحجم شبيهة بالخزانات الحديدية الصغيرة التي نراها في السينما .. لم انتبه قط إلى وجودها من قبل !! .. فقد كانت موجودة في دولاب جدتي الذي لا أفتحة أبدا بطبيعة الحال ..
سألت جدتي بدهشة :
منذ متى وأنتي تملكين هذه الخزنة الصغيرة يا أمي ؟!
إنها قديمة جدا يا ولدي .. لقد اشتراها جدك في فترة الستينيات ووضعها بالغرفة .. كان يحفظ فيها أوراقنا الرسمية وبعض المصوغات .
وما الذي تحويه ألان ؟!
قالت دون اهتمام :
لا ادري .. إنني لم افتحها منذ عشرون عاما .. لقد كان والدك يستخدمها بعد وفاة جدك رحمهما الله .. ولم يستعملها احد بعده ..
أثار هذا الشيء استغرابي فسألت جدتي بلاإهتمام :
ولكن .. الم يثير هذا فضولك يا أمي ؟
في الواقع .. لا .. فلا اعتقد إنها تحوي شيئا هاما .. كما إنني لا اعلم أين مفتاحها أصلا ..
هل تمانعين لوقمت بفتحها أو كسرها يا أمي ؟
بالطبع يا بني .. افعل ما يحلو لك .
وهكذا قمت بكسر الخزينة بعد جهد جهيد .. فتحتها ملهوفا لأرى ما فيها !! ...
أوراق كثيرة .. سندات وشروط جزائية وعقود .. الخ .. كلها قديمة جدا تعود إلى ما قبل ولادتي .. أي عمرها أكثر من 17 عاما .. كما وجدت النقود الكويتية القديمة التي قبل الاجتياح الصدامي الغاشم على ( الكويت ) .. تحتاج هذه الأوراق إلى مزاج لقراءتها رائق وسأفعل ذلك لاحقا بعد الانتقال إلى السكن الجديد ..
وبعد يومين انتهينا من كل شيء .. وخرجنا من المنزل المشئوم الذي كان وداعنا له متباين المشاعر .. فجدتي الحبيبة لم تنس سنوات عمرها الطويلة التي قضتها هنا .. إما أنا .. فانتم تستطيعون تخمين مشاعري جيدا بعد الأهوال التي رأيتها ...
شقتنا الجديدة فقد كانت عمارة راقية حديثة البناء تبعد عنك فكرة الجن والأشباح .. وقد احتاج منا الأمر أسبوعا كاملا لنتأقلم مع السكن الجديد بعد إن قمنا بإيصال خط الهاتف وكابل التلفزيون مع باقي الخدمات الأخرى . . و . . فرغت تمام من كل المسؤوليات حتى جاء يوم ( الخميس ) وهو من الأيام السعيدة والمفضلة لدي ولدى الكثيرين ففي هذا اليوم لا أعمال ولا دراسة .. ولا فروض منزلية .. ولا أي شيء من أي نوع .
من جهاز التسجيل ينبعث صوت موسيقي هادئة جدا ... وذلك المذاق الحزين للهواء المغسول الذي يدخل عبر شرفة غرفتي ويشتهر بع فصل الشتاء .. شعرت إن الوقت مناسبا والمزاج رائق للاطلاع على الأوراق التي وجدتها في الخزنة الحديدية .. وهذا ما حدث بالفعل فقد أخرجت كل الأوراق وال*****ات القديمة التي تعود عمرها إلى ما قبل ولادتي كما ذكرت لكم .. أريد إن اعرف ما تحويه بالضبط بدافع الفضول لا أكثر .. وليتني لم افعل !!
فقد أثارت هذه الأوراق في نفسي حزنا شديدا جدا مع مرارة غصة في الحلق لماس ومصائب لم أعيشها لحسن الحظ .. لكنها أثرت على حياتي بشكل كبير !! ..
هنا يجب إن أعود بكم إلى الوراء .. إلى الماضي .. لاكتشف أسرار حياتي العائلية التي كنت أحاول إن أتجنب الحديث عنها قدر المستطاع .. ولكن لا بد من ذلك حتى تعيشون معي أجواء القصة !! ..
لقد كان والدي إنسانا عاديا جدا إلا انه مقطوع من شجرة فلم يكن له في هذه الدنيا سوى والدته التي هي جدتي .. وكان موظفا عاديا في احد الدوائر الحكومية .. ودون إن اعرف أي تفاصيل أخرى ... وقع في حب امرأة من عائلة ثرية جدا ومعروفة في ( الكويت ) .. هذه المرأة هي أمي وبادلته أمي الحب .. إلا إن المشكلة التي تواجههما هي المشكلة الأزلية في الكويت ودول الخليج عموما : عدم التكافؤ لأسباب قبلية أو اجتماعية أو مالية .. الخ .. فهناك تقسيمات كثيرة جدا بين المواطنين على الرغم من إن عدد سكان ( الكويت ) لم يتجاوز المليون حتى ألان .. وبالنسبة لوالدي فقد كان عدم التكافؤ واضحا جدا بينهما وكانت أسرة والدتي ترى في أبي شخصا استقلاليا يريد الوصول إلى طموحة من خلال الزواج من امرأة ثرية .. بينما كان أبي يحاول جاهدا إقناعهم بحبة لامي وانه لا يهتم لثروتها .. أما أمي فقد قاتلت أهلها بشراسة واستماتة من اجل حبيبها .. حتى أنهم لم يملكوا بعدها سوى الموافقة وان كانوا لم يبتلعوا الفكرة ..
وتزوج الحبيبين .. انتم تعرفون كيف تحدث هذه الأمور يسمونه ( النصيب )
مرت أربع سنوات دون إن يرزقهما الله بأطفال .. ومع مرور الوقت تغيرت والدتي كثيرا .. وبدأت تعامل أبي بكبرياء شديد ولسان حالها يقول : أنت لا شيء من دوني ..
وفتر حبها له بصورة واضحة .. قد يكون السبب هو تأثير أهلها عليها .. وقد رسخوا في دماغها طوال سنوات زواجهما فكرة إن والدي إنسان وصولي يريد إن يصل إلى طريق الثراء من خلالها .. لذا بدأت معاملة أمي لأبي تتغير شيئا فشيئا بعد عملية غسيل المخ هذه .. وبدأت توجه له اهانات كثيرة خصوصا بعد إن افتتحت له – وبناء على طلبه – شركة كبر اسمها مع مرور الوقت بجهد أبي ومساعدات أمي المالية .. وأصبحت أمي مع مرور الوقت نموذجا جيدا للزوجة التي تصنع من زوجها رجلا عظيما في عملة .. ولكن بالصورة التي لا تتوقعونها .. فقد كانت تصنع منه ذلك عن طريق تعذيبه وارغامة على إن يغرق همومه في العمل .. ومزيد من العمل .. ولم تكف عن إشعار أبي بالفشل وبأنها منحته أكثر بكثير مما يستحق .. وكبرت المشاكل بينهما وأصبحت حياتهما لا تطاق .. فإذا تحدث والدي تثاءبت والدتي .. وإذا لم يتحدث اتهمته بأنه لا يرغب في استمرار هذا الزواج !! .. وإذا كانت الأخطاء بلا عدد والقرف بلا حدود .. فان الصبر له حدود والاحتمال له حدود .. لذا فقد طفح الكيل بوالدي .. ولكنه لم يقم بأي رد فعل ايجابي
يظهر إن حالة أبي النفسية أثرت كثيرا على عملة على الرغم من أخلاصة وتفانيه .. فبدأ شيئا فشيئا بإهمال الشركة .. وبدأ وكأن مشاكلة الأسرية قد جعلت حاسة الكسب عنده اقل رهافة .. حتى انه خسر مبالغ هائلة في فترة قصيرة وتراكمت عليه الديون فكان الحل الأخير هو السفر إلى ( أوروبا ) للملمة شتاته ومحاولة الحصول على مساعدة من بعض شركاءه هناك ولكن يبدو إن الأمور لم تسر بالشكل المطلوب .. فبعد أسبوع من سفرة .. وجد انه سيقضي عمرة في السجن بسبب تراكم الديون التي عجز عن سدادها وكان واثقا إن أسرة زوجته لن تقف بجانبه .. لذا فقد اختار حلا رهيبا .. الانتحار !! .. فقد وجدوا ثيابه على احد شواطئ ( هولندا ) .. وقال شهود عيان أنهم شاهدوا رجلا يجتاز الأمواج العاتية في جو شديدة البرودة مما اثأر استقراب الناس الذين تجمعوا حول الشاطئ مناجين به العودة إلا إن أبي اجتاز الأمواج غير عابئ بصرخات المنذرين واختفى بعدها تماما .. وأعيدت ثيابه إلى ( الكويت ) مع خطابا مكتوب بخط يده في جيب بذلته وموجها إلى والدتي يقول فيه :
(( اغفري لي يا ( . . . . ) .. حياتي معك أصبحت مستحيلة .. لا املك شيئا ألان .. ولا جدوى من الحياة بعد إن خسرت . . خسرت حبي . . وخسرت ثروتي بعد إن فاضت بي الديون )) .
إنها غريزة المنتحرين الشهيرة : كل منتحر يحاول جاهدا إن يبرر نفسه لعالم .. برغم انه فارقة باختياره إلى عالم لا يحتاج إلى هذه المبررات !! … وطبعا كان لابد من بعض الصراخ والبكاء وانهارت جدتي تماما وقتها.. فقد كان أبي هو ولدها الوحيد الذي ربته على أفضل القيم لكنه بفعلته الشنيعة هذه قد خذلها كثيرا .. وقامت والدتي بتسديد ديون أبي فهي زوجته أولا وأخيرا .. وليتها اختارت إن تسدد له ديونه قبل إن يقدم على الانتحار .. ولكنها لم تتوقع منه شيئا كهذا .. الأمر الذي جعلها تفيق من سباتها وتعرف كم كانت قاسية معه .. وما زاد القصة تعقيدا هو إن والدتي اكتشفت بعد أيام قليلة من انتحار أبي أنها حامل بطفلها الأول !! .. الذي هو أنا واكتملت بعدها المأساة .. فبعد ولادتها لي بشهرين تقريبا توفيت والدتي بحادث سيارة .. وأصرت جدتي على إن تتولى تربيتي .. وكان لها ما أرادت فلم تكن أسرة أمي متحمسة كثيرا لتربيتي ولا استغرب هذا من والدها – جدي – المتغطرس الذي لازلت أرى صوره في الصحف بين فترة وأخرى فهو شخصية مرموقة جدا في ( الكويت ) لتنتهي الأمور بهذه الصورة ..
أعيش مع جدتي في منزلها ونحصل على دخل شهري من إيراد عمارة سكنيه اشتراها والدي وسجلها باسم جدتي قبل تعرضه للخسارة وهذه العمارة هي كل ما نملك ألان بعد بيع المنزل .
قطع حبل أفكاري شيئا هاما .. فقد وجدت أوراق و*****ات رسمية تتحدث عن أسهم يمتلكها والدي في شركة أوروبية وفي ( هولندا ) على وجه التحديد .. أسهم تبلغ قيمتها ما يعادل عشرة ملايين دولار !! .. وتاريخ الأوراق يعود إلى قبل انتحار أبي بفترة بسيطة للغاية .
وما أثار حيرتي هو عدم ذكر اسم الشركة في تلك الأوراق .. وكأن ال*****ات ناقصة إن هذه الأموال كفيلة بإنقاذ أبي من ديونه .. فلماذا لم يستغلها ؟! ..
لقد استوقفني الأمر كثيرا فهرعت لأسأل جدتي عن الأمر :
أمي هل هناك أي أموال أو ممتلكات تركها أبي بعد وفاته ؟
ولماذا تسأل يا بني ؟
لا شيء .. مجرد تساؤل ..
يتبع................
__________________
ربى أرنى الحق حقا وأرزقنى اتباعه وأرنى الباطل باطلا وارزقنى اجتنابه
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:55 AM.