|
المواضيع و المعلومات العامة قسم يختص بعرض المقالات والمعلومات المتنوعة في شتّى المجالات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الفعل ورد الفعل في السياسة العالمية (1)
تأليف الدكتور: لويد ***ن ترجمة الدكتور محمد بن أحمد مفتي الدكتور محمد السيد سليم تركزت دراستُنا حتى الآن على مجموعةِ العوامل المتعلقة بالأوضاع الداخلية في الدولة، باستثناء مكونات القوى الوطنية، وهي عنصرٌ ذو طبيعةٍ داخلية وخارجية في الوقت نفسه، وفي هذا الفصل، سنحاولُ استكشاف أثر العوامل الخارجية، وأثر هيكل النسق الدولي على سلوك السياسة الخارجية للدولة، ويمكن القول: إنه إن لم تكن هناك محدداتٌ خارجية، فإنه لن تكون هناك سياسةٌ خارجية؛ فالدولة حين تصُوغ سياستَها الخارجية، فإنها - في معظم الأحوال - تكونُ في حالة رد فعلٍ لبعض الظروف الواقعة في بيئتها الخارجية، ويلاحَظُ أن الدارسين الذين يؤمنون بمصداقية النموذج الرشيد (انظر الفصل الأول) أكثرُ ميلاً إلى اعتبار هذا المستوى من التحليل أعظمَ مستويات التحليل أهميةً. ويقع معظم ما كُتب في حقل العلاقات الدولية في إطار هذا المنظور التحليلي، مع إشاراتٍ طفيفة إلى العوامل الداخلية التي أشرنا إليها، ورغم ذلك، فإنه لا يوجدُ إلا عددٌ محدود من الدراسات المنهجية المقارنة التي تتناول أثَرَ المتغيرات الخارجية على السياسة الخارجية، ومن ذلك منهج "تحليل الأحداث"، فهذا المنهج يركِّز على جمع مئات من الأنشطة وترميزها؛ كالتهديدات، والوعود، والاحتجاجات، وال***، وغيرها، التي تدخل فيها الدول بعضها مع بعض بشكل يومي تقريبًا، ويتم تحويلُ هذه البيانات كميًّا وتحليلُها بهدف التوصلِ إلى معرفة أنماطِ التوجُّهات والتغيُّرات الرئيسة في السياسة الخارجية للدولة، كذلك تُفيدُ هذه البيانات في تحليلِ نماذج الفعل - رد الفعل في السياسة الخارجية. الفعل ورد الفعل في السياسة العالمية أثبت عددٌ من الباحثين - باستعمال منهجِ تحليل الأحداث - مَيْلَ الدول إلى الرد على السلوك الموجه إليها - سواء أكان سلوكًا عدائيًّا أم توفيقيًّا - بسلوك مشابه؛ فقد انتهى أحدُ دارسي سلوك السياسة الخارجية لثمان وسبعين دولة نامية، إلى أن "السلوك الصراعي الدولي لدول العالم الثالث يتَّفقُ - إلى حدٍّ كبير - مع علاقة الحافز والاستجابة؛ حيث إن السلوكَ الصِّراعي الذي توجِّهه الدولةُ إلى الدول الأخرى في الإقليم نفسِه هو نتيجة للسلوك الصراعي الذي تستقبِلُه الدولةُ من تلك الدول"[1]، وقد حلل باحثٌ آخرُ السلوك الصراعي العالمي خلال عام 1963م، وانتهى إلى أنه عندما تم تجميعُ البيانات على مدار السَّنة، كانت الدولُ التي سلكت سلوكًا صراعيًّا هي الدول ذاتها التي كانت هدفًا للسلوكِ الصراعي من قِبل دول أخرى[2]، بَيْدَ أنه عندما تم تجميعُ البيانات على أساس الشهر الواحد، فقد تبيَّن أن نمطَ التبادل السلوكي لم يستمرَّ، وهذا يعني أن ردَّ الفعلِ قد لا يكون فوريًّا في كل الحالات، والاستثناء الوحيد كان هو حالة ال*** المسلَّح؛ حيث تبيَّن أن الدولَ تتبادل ال***َ المسلح بشكلٍ فوري. وقد أكدت دراساتٌ إقليمية متعدِّدة نمطَ التبادل السلوكي في السياسة الخارجية، فعلى سبيل المثال، تبيَّن مِن دراسة للنزاع الهندي - الصيني عام 1961م أن هناك علاقةً قوية بين السلوك الصيني والسلوك الهندي في الصراع، كما اتضح من دراسةٍ أخرى للنزاع الكوبي - الأمريكي عام 1962م حول الصواريخ السوفيتية في كوبا: أن كوبا والولايات المتحدة تبادَلَتا السلوكياتِ العدائية والتوفيقية[3]، وقد تم التوصلُ إلى نتائجَ مشابهةٍ بتحليل الصراع العربي - الإسرائيلي، على الرغم من استعمالِ أدواتٍ بحثية وفترات زمنية مختلفة[4]، وأخيرًا، فقد وجدت زينس أن الرسائلَ الدبلوماسية المتبادَلة بين قياداتِ الدول خلال الأزمة التي سبَقَت اندلاع الحرب العالمية الأولى، تعكس وجودَ ارتباط وثيقٍ بين إدراك العداء الموجَّه إلى الدولة، وبين التعبيرِ عن هذا الإدراك بسلوكٍ عدائي، وذلك بالنسبة لكلِّ الدول التي دخَلَت الحرب[5]. وقد لاحظ ماكليلان أن الدولَ التي تمُرُّ بأزمات دولية حادة ومتكررة تتَّجهُ إلى وضعِ قواعدَ روتينية لسلوكها الدولي، وقد استخلص ماكليلان - من تحليله لأزمتي كيموى وماتسوى وبرلين - أن التفاعلَ الدولي أثناء الأزمات عبر فترة من الزمنِ، يؤدِّي إلى عملية تعلم قوامها اكتساب الدول خبرة في إدارة الأزمات، مما يحدُّ من خطورةِ التفاعل الدولي أثناء الأزمات اللاحقة[6]، والواقع أن لتلك النتيجة أهميةً خاصةً بالنسبة لاحتمالات تطوُّر السلام العالمي؛ لأن الدولَ تتعلَّمُ كيف تنظِّمُ سلوكها الصراعي دون اللجوءِ إلى ال***، شريطة ألا يؤديَ تعاقبُ الأزمات إلى عدمِ اكتراث الدولِ للنتائج السلبية المحتملة لتلك الأزمات. كذلك توضِّحُ الدراسات التي أجريت على السلوكيات التعاونية للدول أن هناك ميلاً مشابهًا نحو تبادل السلوك، فيوضِّحُ تحليل التنازلات التي قدَّمَتْها الولاياتُ المتحدة والاتحاد السوفيتي لبعضِهما حول قضايا نزع السلاح العامة خلال الإحدى والعشرين دورة من المفاوضات التي عُقِدت في لندن ونيويورك وجنيف خلال الفترة من عام 1948م حتى 1980م: أن هناك قدرًا كبيرًا من التبادل السلوكي بين الدولتين، فباستثناء سنة 1955م، التي تميَّزت بتقديمِ الاتحاد السوفيتي العديدَ من التنازلات مقابل تحفُّظ الولايات المتحدة على اقتراحاتها السابقة حول نزع السلاح، تبيَّن أنَّ هناك عاملَ ارتباطٍ بين السلوك التنازلي للدولتين، مقداره 0،57، وله دلالة إحصائية[7]، وقد تم استخلاصُ نتائجَ مشابهة عند تحليل التنازلات التي قدَّمَتْها الدولتان بخصوص محادثات حظر التجارِبِ النووية التي بدأت عام 1958م، والتي أسفَرَتْ عن توقيعِ معاهَدةِ الحظرِ الجزئي للتجارِبِ النووية عام 1963م[8]، بَيْدَ أنَّه في الحالة الأخيرة تبيَّن أنه ما إن اقتربتِ الدولتانِ من التوصُّل إلى اتفاق حول الحظر الشامل في إبريل عام 1960م - وذلك بالاتفاق على كلِّ بنودِ مشروع المعاهدة ما عدا ثلاثة بنود - بدأ السلوكُ السوفيتي يتسمُ بالمراوَغة، وهذا يدلُّ على أن الدولَ قد تقدم تنازلاتٍ عديدة عندما يبدو أن احتمالاتِ التوصُّلِ إلى اتفاق بعيدةٌ، تحت تأثير توقع أن الطرفَ الآخر لن يقبل تلك التنازلات، ولكن ما أن يبدو في الأفق احتمالُ التوصل إلى اتفاق حتى تبدأَ في المراوغة أو سحب التنازلات التي قدمَتْها، وقد أدى ذلك التراجعُ إلى التوصلِ إلى اتفاقيةٍ حول الحظر الجزئي للتجارِبِ الذرِّيَّة بدلاً من الحظر الشامل. وقد أوضَح تحليل مضمون مفصل للمداولات التي تمت حول اتفاقيةِ حظرِ التجارِب الذرِّيَّة - وذلك بترميز الاتجاهات، والسلوكيات، والردود - نمطًا مشابهًا من تبادلِ السلوك، وبالذات من ناحيةِ الولايات المتحدة؛ فقد انتهى التحليل إلى أنَّ تزايُد التعاون بين الدولتين خارجَ إطار المفاوضات - قد أسهَم في خلقِ نمطٍ من التفاعل الإيجابي داخل إطار المفاوضات، كما أن تزايُد كثافة الصراع بين الدولتين خارجَ إطار المفاوضات - كان له تأثيرٌ سلبي على المفاوضات[9]. بَيْدَ أنَّ التحليلَ قد انتهى إلى أن المفاوضاتِ قد تأثَّرت بالسلوك الفعلي أثناء المفاوضات أكثر من تأثرها بالسلوك الصراعي أو السلوك التعاوني للمشاركين خارج إطار المفاوضات. وتتضح أهميةُ تبادل السلوك في تسوية المنازعات الدولية من دراسة تناولت عشرين نزاعًا دوليًّا خطيرًا حدثت في القرن العشرين، وقد وجدت الدراسةُ أن الإستراتيجية التبادلية هي أكثرُ الإستراتيجيات فعاليةً في تفادي الهزيمة الدبلوماسية بدلاً من اللجوء إلى الحرب، وبالذات حين تطبق تلك الإستراتيجية في مواجهةِ عدو مشاكس، وترجع فعاليةُ هذه الإستراتيجية إلى أنها تحفَظُ ماءَ وجه الطرف الذي يطبِّقها، "بالإضافة إلى اتفاقِها مع القاعدة العامة للتبادل في الشؤون الدولية"[10]، وقد استخلصت دراسةٌ مقارنة للسلوك الصراعي والتعاوني لمجموعة من الدول خلال الفترة من (1961 - 1969م)، أن الدولَ تتفاعلُ على أساسٍ من التبادل، وأنها تتجاوَبُ مع الفاعلين الذين يوجِّهونَ نحوها قدرًا أكبرَ من الاهتمام[11]. انطلاقًا من التسليمِ بأهمية التنازلات للتوصل إلى اتفاق، اقترح أوسجود أنَّه على الأطراف الداخلة في صراع دولي الإقلالُ من حدة الصراع تدريجيًّا، عن طريقِ تقديم تنازلات من طرف واحدٍ مصحوبةٍ بطلباتٍ لفظية وضمنية إلى الطرف الآخر أن يفعَلَ الشيءَ ذاته[12]، بَيْدَ أنَّ نجاحَ هذه الإستراتيجية يتطلَّبُ توافُرَ شروط معيَّنة، أهمها: تكافؤ قوى الأطراف المتصارعة، ووصول محاولات حل الصراعِ بينها إلى حالةٍ من الجمود أو الابتعاد عن احتمالات التسوية، ووقوعها تحت ضغطٍ دولي للتوصُّل إلى اتفاق، وقد بيَّن العديدُ من الدراسات التطبيقية صحةَ نظرية التنازلات التدريجية من طرفٍ واحد التي قدمها أوسجود، ومن أهمِّ هذه الدراسات دراستانِ استعملتا أسلوبَ محاكاة سباق التسلح الإستراتيجي[13]، ودراسة استعمَلَت أسلوبَ تحليل مباراة "أزمة السجين[14]"[15]، وقد تبيَّن من الدراسة الأخيرة، التي قام بها كوموريتا، أنَّ إستراتيجية التنازلاتِ من طرَفٍ واحدٍ تؤدِّي إلى نتائجَ طيبةٍ إن طُبِّقت في أعقابِ وصول العلاقة الصراعية إلى طريقٍ مسدود، بالإضافة إلى ذلك تأكَّدت النتائجُ الإيجابية لتلك الإستراتيجية في دراسة أخرى حول محادَثات حظرِ التجارِبِ النووية بين الولاياتِ المتحدة والاتحاد السوفيتي[16]. على الرغم من أهميةِ التنازلات كعاملٍ من عواملِ تسهيل التوصُّل إلى اتفاق، فإن لها أخطارَها؛ فالعدو قد يفسِّرُها على أنها مؤشِّر لعدم اهتمام الطَّرَف الذي يقدِّمها بالقضيةِ محلِّ النزاع، أو يفسِّرُها على أنها علامة ضَعف، مما يدفع العدوَّ إلى طلب المزيد من التنازلات[17]، وقد أوضحت الدراساتُ التَّجريبيةُ حول المساومة التي قام بها سيجل وفوراكر، أنَّه على المفاوِض أن يبدأ عمليةَ التفاوضِ بمطالبَ متشددة؛ لأن البدءَ بمطالبَ توفيقية يزيد من تشدُّد الطرَف الآخر[18]. [1] Stephen G. Walker. ''New Naions and an Old Model: The Application of the Garrison State Theory to the Third World، '' in ****don W. Simon، ed، The Military and Security in the Third World (Boulder، Col.: Westview Press، 1978)، p. 180. [2] Warren R. Philips، ''The Dynamics of Behavioral Action and Reaction in International Conflict، '' Peace Research Sociery (International) Papers، 17 (1970)، 91-46. [3] John Osgood Field. ''The Sino-Indian Border Conflict: An Exploratory ****ysis of Action and Perception، '' Sage Prefessional Papers، 1 (1972)، 47، and Ole R. Holsti، Richard A. Brody and Robrt C. North. ''Measuring Affect and Action in International Reaction Models: Empirical Matetials from the 1962 Cuban Crisis، '' Journal of Peace Research، 1، no. 3.4 (1964)،177. [4] Jeffrey S. Milstein، ''American and Soviet Influence، Balance of Power، and Arab-Israeli Violence'' in Bruce M. Russett، ed.، Peace، War and Numbers (Beverly Hills، Calif،: Sage Publications، 1972)، p. 152، James M. McCormick، '' Evaluating Models of Crisis Behavior: Some Evidence from the Middle East، '' International Studies Quarterly، 19 (January 1975)، '' Journal of Conflict Resolution، 16 (June 1972)، 165-54. [5] Dina A. Zinnes، ''A Comparison of Hostile Behavior of Decision-Makers in Simulate and Historical Data،'' World Politics، 19 (April 1966)، 474-502. [6] Charles A. McClelland، '' Decision Opportunity and Political Controversy: The Quemoy Case، '' Journal of Conflict Resolution، 6 (Septimber 1962)، 201-13، and'' Access to Berlin: The Quantity and Variery of Events، 1948-1963، '' in J. David Singer، ed.. Quantitative International Polincs (New York: Free Press، 1968)، pp. 159-86. [7] Lloyd Jensen، ''Soviet-American Bargaining Behavior in the Post-War Disarmament Negotiations،'' Journal of Conflict Resolutions،'' 9(September 1963)، 522-41. [8] Lloyd Jensen، ''Approach-Avoidance Bargaining in the Test Ban Negotiations،'' International Studies Quarterly، 12(June 1968)، 152-60. [9] P. Terrence Hopmann، '' Internal and External Influences on Bargaining in Arms Control Negotiations: The Partial Test Ban، ''in Russett، Peace، War and Numbers، pp. 919-37. [10] Russell J. Leng and Hugh G. Wheeler، ''Influence Strategies and War، '' Journal of Conflict Resolution، 23 (December 1979)، 655-84. [11] Charles W. Kegley، Jr.، ''Selective Attention: A General Characteristic of the Interactive Behavior of Nations، '' International Interactions، 2(May 1976)، 113-16. [12] Charles E. Osgood، An Altetnative to War or Surrender (Urbana: University of Illinois Press، 1962). [13] المحاكاة هي منهجٌ للتحليل يقومُ على إعادةِ تصوير الموقف في إطار مصغر، انطلاقًا من معطيَاتِ وقواعدِ الموقفِ المراد محاكاتُه، بهدف فهمِ حركية الموقف واحتمالات تطورِه في المستقبل؛ (المترجمان). [14] أزمة السجين هي أحد أشكال تحليل المباريات التي تفترض وجود علاقة تعارض في المصالح بين سجينين حول الاعتراف (المترجمان). [15] Wayman J. Crow، '' A Study of Strategic Doctrines Using the Inter-Nation Simulation،'' Journal of Conflict Resolution، 7(September 1963)، 580-89; Mark Pilisuk and Paul Skolnik، ''Inducing Trust: A Test of the Osgood Proposal،'' Journal of Personality and Social Psychology 28(February 1968)، 121-33: S.S. Komorita، '' Concession-Making and Confict Resolution،'' Joutnal of Confilict Resolution، 19 (December 1973)، 745-62. [16] Amitai Etzioni، ''The Kennedy Experiment،'' Western Political Quarterly، 20 (June، 1967)، 361-80. [17] Charles Lockhart، Bargaining in International Conflicts (New York: Columbia University Press، 1979)، p. 124. [18] Sidney Siegel and L. E. Foutaker، Bargaining and Group Desesion Making (New York: McGraw-Hill، 1960). |
العلامات المرجعية |
|
|