|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الفصل الأول تاريخ بنى إسرائيل n فلسطين : المساحة و السكان فى العصر القديم : إذا أردنا أن نتحدث عن فلسطين كأرض و سكان ، و تتكون لدينا صورة واضحة عنها و عن الدول المحيطة بها ، فلابد أن نتعرف على طبيعة هذه المنطقة و سكانها فى العصر القديم – نجوب البلاد شرقا و غربا و شمالا و جنوبا و نخوض فى كثير من الظواهر التى تبرز بداية النشأة و طبيعة الحياة التى عاشها بنو إسرائيل منذ بداية وجودهم و تعاملهم مع الشعوب المجاورة لهم ( 1) n موقع فلسطين : منطقة فلسطين عبارة عن مثلث رأسه إلى الجنوب و قاعدته إلى الشمال ، و هو عبارة عن شريط ضيق محازى للبحر المتوسط من الشرق و يلتقى رأسه بطرف خليج العقبة و تمتد قاعدته من نهر الأردن إلى البحر المتوسط 0 تبلغ مساحة المنطقة حوالى 27 ألف ك0م2 أى أقل من مساحة سيناء التى تبلغ حوالى 82 ألف ك0م تمتاز هذه المنطقة بالثروة الزراعية التى تقوم على مياه الأمطار 0 ومن أهم الزراعات التى تشتهر بها المنطقة : البرتقال و الحبوب و الزيتون و الموالح فى النقب ووادى الأردن و السهل الساحلى ( 2) n السكان : منذ القرن الثالث قبل الميلاد هاجرت أفواج من القبائل العربية تحت تأثير القحط إلى الشمال و أسبق هذه الشعوب كان الفينيقيون الذين استوطنوا الشريط الساحلي و عملوا بالبحر ، و نزل الكنعانيون و استقروا فى الضفة الغربية للأردن سنة 2500 ق0م و كانت الأرض تسمى ( أرض كنعان ) باسم أهل البلاد ( 3) n الفلسطينيون و حوالى سنة 1200 ق0 م نزلت بالساحل جماعات من جزيرة كريت ( اقريطش ) كانت تسمى قبائل ( فلستين ) – نزلت بين يافا و غزة – و اختلط بهم الكنعانيون – فتم بينهم مزيج الدم العربي بالدم الكريتى – فجاء الفلسطينيون ، و أصبحت البلاد تعرف باسم " فلسطين " ( 4 ) ــــــــــــ 1- اليهودية : د احمد شلبي – ط 5 1978 2- نفس المصدر 3- اليهودية : د أحمد شلبي – ط 5 1978 4- نفس المصدر n n الآراميون فى الشمال الشرقي كانت قبائل الآراميين القادمة من حوض نهر الفرات استقرت فى الشمال الشرقي لنهر الأردن – و عرفت هذه القبائل بالسوريين 0 و سكنوا منطقة سوريا – و كانت عاصمتهم " دمشق " و كانت هذه القبائل تعمل فى الزراعة – و عملت فيما بعد بالتجارة البرية – و إلى الشرق من نهر الأردن ثم إلى الجنوب من البحر الميت تقع الممالك الثلاثة : عمون – مؤاب – أدوم و سكانها ينحدرون كالآراميين من سهل الفرات – و ترتبط هذه الممالك ببعضها بروابط اللغة و العادات ، و الأفكار الدينية ، و تعتبر ( مؤاب ) أكثرها حضارة ، و أسرعها فى التحول إلى عالم الحضارة ، فاستقرت و استغلت بالزراعة و بنت المدن العظيمة 0 أما ( إدوام ) فكانت تمتد إلى خليج العقبة ، فكانت تشتغل برعى الأغنام ، و كانت أقل الممالك الثلاثة حضارة و مدنية 0 و كانت ( عمون ) فى الشمال من مؤاب تعمل فى الزراعة و الرعي ، فالبعض من بطونها اشتغل بالزراعة ، و استقر و البعض الآخر اشتغل بالرعى ، و ظل يتجول فى المرعى ، فلهذا تعد ( عمون ) من الجهة المدنية وسطاً بين مؤاب و أدوم ( 1) n الممالك المحيطة بهذه المنطقة : " مدين – مصر – بابل – آشور " ، و مدين التى لجأ إليها موسى ( عليه السلام ) بعد هربه من مصر – تقع فى الشمال من الجزيرة العربية ، تعتبر معبراً بين الصحراء العربية و بين فلسطين و ما حولها و كانت أرض كنعان تقع بين مصر و بابل حيث ازدهرت فيها أرقى حضارة فى العصور القديمة و كانت أرض كنعان ميدانا لحروب كثيرة و تتنافس فيها كل من مصر و بابل على ارض كنعان و للغالب السيادة و الهيمنة ، و تدل الآثار البابلية على أن بابل كان لها السلطان على أرض كنعان فى الألف الثالث قبل الميلاد – و ساعد على تقدم بابل سيطرة الرعاة الهكسوس على أرض مصر ( 2) ــــــــــ 1- اليهودية : د أحمد شلبي – ط 5 1978 2- نفس المصدر الهكسوس : دخل الهكسوس مصر رعاه ساميون حوالى عام 1730 ق0م قبل نهاية الأسرة الثالثة عشرة – و حكموا مصر حوالى قرن و نصف ثم طردهم أحمس الأول عام 1580 ق0م 0 و قد زحف الهكسوس نحو مصر عن طريق البتراء أو طريق الفرما – و أسسوا فيها الأسر الخامسة عشرة إلى السابعة عشرة 0 و قد اختلف المحققون فى أصلهم – فقد سماهم مؤرخو اليونان ( الهكسوس و هذه الكلمة مكونة من كلمتين ( هكا – سوس ) و تقابل فى الهيروغليفية ( حقاو 00 خاسوت ) و تعنى : حكام الأقاليم الأجنبية ذكر ذلك المؤرخ اليوناني ( مانيتون ) و قد سماهم الهكسوس – و كان المصريون يصفونه أعداءهم بالطاعون – و يسمون الآسيويين ( عامو ) و كلمة الهكسوس لم تكن معروفة قبل ( مانيتون ) و كانت تدل على الملوك الرعاة أو ملوك البوادي و قد سماهم مؤرخو العرب( العمالقة )0 قال ياقوت الحموى ( إن العمالقة امتدوا من بلاد العرب إلى سوريا 0 فكانوا ملوكا فى سوريا و فراعنة فى مصر) (1) و زعم بعض المؤرخين أنهم رعاة فينيقيون ووصفهم البعض بأنهم أدوميون – من جبل سعير و البعض وصفهم بأنهم لفيف من القبائل الرحالة عليهم ملوك من الحيثيين الذين أسسوا ملكا قويا فى سوريا الشمالية - و خلاصة القول إنهم قوما رحالة – أو عرب أتوا من الشرق ( 2) 0 و الظاهر أنهم كانوا من جنس عرب سوريا – لان فى أيامهم عم السلام بين مصر و سوريا – و نزح كثير من السوريين إلى مصر و قد اجمع المؤرخون أن تغرب بنى إسرائيل فى مصر كان فى عهد الرعاة لأن أحوال مصر فى زمانهم كانت كما تمثلها التواره مدة تغرب إسرائيل فيها 00 و لكن المنقبين فى الآثار المصرية لم يجدوا شيئا يدل صراحة على هذا التغرب إلا أنه وجد فى مصر العليا كتابة على قبر رئيس من رؤسائهم اسمه ( باباعاش) فى عهد الدولة السابعة عشرة – تدل على حصول قحط فى أيامه دام عدة سنين 00 فتعين هو توزيع القمح على الناس فى المدينة لئلا يهلكوا جميعا – فاستدل البعض من ذلك ( 3) انه الجوع الذى حصل فى أيام يوسف عليه السلام 0 و قد نزحوا بسبب القحط الذى أصاب الجزيرة العربية و سوريا – فاستولوا على السلطة فى مصر – و كونوا 4 اسر من الأسر القديمة و أقاموا سيادتهم على الحدود الشرقية للدلتا و اتخذوا مدينة اواريس ( حوت و عرة ) عاصمة لهم – و يبدوا أن مصر السفلي و مصر الوسطى قد تهادنتا معهم حيث أنهم كانوا يسيطرون فقط على الدلتا 000 ــــــــــ 1- معجم الحضارة المصرية القديمة : جورج بورنر و آخرين – ترجمة : أمين سلامة 1996 2- نفس المصدر 3- نفس المصدر و جاء رد الفعل القومى فى النهاية من أمراء طيبة فى الأسرة السابعة عشرة الذين طردوا الآسيويين و حاربوا بمهارة فى الجنوب ضد حلفائهم النوبيين و استولوا على أواريس و طردوا الغزاة على يد أحمس الأول مؤسس الأسرة الثامنة عشرة – و من أشهر الملوك المصريين الذين أكملوا انتصارات أحمس – الملك تحتمس الثاني الفاتح العظيم الذى دانت له فلسطين و امتد سلطانه لسوريا 00 كما اخضع له الحيثيون فى الشمال ( 1) - المسميات : عبرى – اسرائيلى – يهودي – العبريون : ( 2) - إن هذه التسمية – عبرى – منسوبة إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام – حيث أطلقت عليه التوراة اللقب " إبراهيم العبرانى " و قد وردت هذه التسمية فى سفر التكوين عن يوسف عليه السلام – و على لسان امرأة العزيز حيث قالت ( لقد أتى لنا بغلام عبرانى ليداعبنا ) و كلمة عبرى مشتقة من الفعل ( عبر ) بمعنى : مر أو انتقل و ارتحل – فيكون المعنى المنتقل – أو المرتحل و أطلق عليهم ( العابرون ) و قيل أن سيدنا إبراهيم عليه السلام سمى عبرانيا لأنه انتقل عبر النهر – أما نهر الفرات أو نهر الأردن و قيل أن إبراهيم عليه السلام منسوبا إلى احد أجداده ( عبر ) ( 3) أو أن الكلمة ترجع إلى الوطن الأصلي لبنى إسرائيل اى إنهم كانوا من الأمم البدوية الصحراوية التى لا تستقر فى مكان و كانت تنتقل من مكان إلى آخر للبحث عن الماء و المرعى اى أن كلمة عبري بمعنى – عبر – اى قطع رحلة من الطريق إلى طريق آخر – فهى مثل كلمة بدوى – اى ساكن البادية – الصحراء و كان المصريون و الفينيقيون و الفلسطينيون يسمون بنى إسرائيل بالعبريين لعلاقتهم بالصحراء و بعد استقرارهم آثروا أن يعرفوا ببنى إسرائيل فقط ( 4) و العبريون ينحدرون من العرق السامى الذى ينتسب له الآشوريين و العرب ( 5)
__________________
![]() |
#2
|
||||
|
||||
![]()
nإسرائيلي :
للتسمية " اسرائيلى " دلالتان دلالة عامة و دلالة خاصة – و الدلالة العامة ترتبط بقصة تغيير اسم يعقوب عليه السلام من يعقوب إلى إسرائيل طبقا للأمر الإلهي إلى يعقوب بان يصبح اسمه من الآن إسرائيل – إشارة إلى ما ورد فى سفر التكوين فى التوراة ( فبقى يعقوب وحده و صارعه إنسان حتى طلوع الفجر – و لما رأى ذلك الإنسان انه لا يقدر على صرع يعقوب ضرب حق فخذه فانخلع فخذ يعقوب و قال يعقوب لذلك الإنسان لن أطلقك أن لم تباركنى – فقال ليعقوب ما اسمك – قال : اسمي يعقوب – قال لا يدعى اسمك بعد يعقوب بل تدعى إسرائيل – لأنك جاهدت مع الله و الناس لكن هذه القصة لا تخلو من عناصر أسطورية خرافية تم وضعها لتعليل تغيير اسم يعقوب إلى إسرائيل و لتعليل تحريم اليهود أكل عرق النسا ( 1 ) أما الدلالة الخاصة للاسم إسرائيل – هي دلالة سياسية جغرافية متأخرة لظهور و بداية ظهور هذه الدلالة السياسية – و ذلك الحدث التاريخي الذى انقسمت فيه مملكة داود و سليمان إلى مملكتين متصارعتين مملكة إسرائيل فى الشمال و مملكة يهودا فى الجنوب – و قد بدأ هذا الانقسام و هذا الانشقاق حوالى سنة 932 ق م و هذا هو بداية استخدام التسمية إسرائيل (2) nيهودي : هي التسمية الثالثة فى الترتيب التى عرف بها أبناء يعقوب إلى جانب العبريين والإسرائيليين و للتسمية دلالة عامة و دلالة خاصة 00 فهذه التسمية من ناحية دلالتها العامة تطلق على كل من يعتقد فى الديانة اليهودية و يؤمن بها و يمارس طقوسها و شعائرها فيهودي نسبة إلى اليهودية و الدلالة الخاصة تشير إلى الانتماء إلى كيان سياسي جغرافي محدد هو مملكة يهوذا فى جنوب فلسطين 00 بعد انقسام مملكة سليمان إلى مملكتين منفصلتين شمالية و جنوبية ( 3 ) و كلمة يهودي كمصطلح لها تاريخ يخصها فهذه الكلمة تعود إلى الاسم ( يهوذا ) و هو احد أبناء يعقوب عليه السلام – و بالتالي فهو احد أسباط بنى إسرائيل و الحقيقة يعتبر يهوذا أهم شخصية فى أولاد يعقوب الاثنى عشر ( 4) ـــــــــ 1 - نظرات فى تاريخ بنى إسرائيل حتى سببهم د – محمد سبعاوى و أخ – جامعة الأزهر 2003 2- نفس المصدر 3- نفس المصدر 4- نفس المصدر هذا و قد شاع لقب " يهوذا " بين بنى إسرائيل – فبعد انتهاء مملكة إسرائيل على يد الآشوريين عام 722 ق 0 م و زوالها كمملكة من الوجود و سبى سكانها إلى الأراضي الآشورية فى منطقة ما بين النهرين للاستفادة بهم فى الأعمال الشاقة هناك استمرت مملكة يهوذا فى الوجود و الحياة بعد خراب إسرائيل الشمالية حوالى مائة و خمسة و ثلاثين عاما 0 و كان من يهرب أو يفلت من الأسر الآشوري و يصل إلى فلسطين ينضم بالضرورة إلى سكان مملكة يهوذا و بالتالي يسمى يهوذيا أو يهوديا اى تابعا لرعايا مملكة يهوذا فى الجنوب و عاصمتها أورشليم – و من ثم غلب الاسم ( يهودى ) على الاسم ( إسرائيلي ) حتى وقعت مملكة يهوذا ذاتها فريسة الاحتلال و السبى و التهجر و الدمار عام 586 ق0 م على يد البابليين ليقعوا أسرى على يد بختنصر سنة 586 ق0م – حيث تم تدمير الهيكل و دمروا أورشليم و ذاق اليهود مرارة الذل و الهوان ( 1) ـــــــــ 1- نظرات فى تاريخ بنى إسرائيل حتى سببهم د – محمد سبعاوى و أخ – جامعة الأزهر 2003
__________________
![]() |
#3
|
||||
|
||||
![]()
إبراهيم عليه السلام :
n نسبه :: هو إبراهيم ( خليل الله ) بن تارح ( آذر ) بن ناحور بن ساروج بن رغو بن فالج بن عابر بن شالح بن ارفكشاذ بن سام بن نوح عليه السلام 0 - هذا هو نسبه الموجود فى التوراة و التواريخ أما ( آذر ) و المذكور فى كتاب الله تعالى فى قوله تعالي"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ آزَرَ أَتَتّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنّيَ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ" ( 1) - إختلف المفسرون فى إسم أبى إبراهيم ، فقال بعضهم : إن لفظ (آذر ) فى الآية بدل من لفظ ( أب ) فى ( أبيه ) و يكون مقول القول ( أتتخذ أصناما آلهة ) 00 الخ - و قال آخرون إسمه تارح و إن لفظ ( آذر ) كلمة ذم فى لغته و معناه " أعرج " – قاله السهيلي فى التكملة ، و قال البيضاوى : إن " تارح " اسمه العلم و إن " آذر " وصفا له 0 و قد قيل فى هذا الباب أقوال كثيرة و متباينة–لا سبيل إلى عرضها حيث طال الخلاف فى ذلك(2) n نشأته : ولد سيدنا إبراهيم عليه السلام سنة 1997 قبل الميلاد حسب آراء أكثر المؤرخين ، و ذلك بعد طوفان نوح عليه السلام بــ 1046 سنة حيث ولد سيدنا نوح عليه السلام سنة 3993 ق0م و كان حدوث الطوفان حوالى سنة 3400 ق0م n مسقط رأسه : أما بالنسبة للمكان الذى ولد فيه سيدنا إبراهيم الخليل – عليه السلام – فقد إختلف المؤرخون فى الموضع الذى نشأ فيه و الموضوع الذى ولد فيه فقال بعضهم : كان مولده ببابل من أرض العراق – و قال بعضهم : كان مولده بحران – و جاء فى التواره – أن تارح وولده إبراهيم و سارة زوج إبراهيم خرجوا من بياض خراسان – إلى أرض كنعان ثم إلى حران حيث أقاموا هناك – و خرجوا إلى أرض كنعان – إلى نابلس ( أرض فلسطين ) ثم إلى مصر – و قيل أن إبراهيم نشأ فى فدان آرام أو أورالكلدانيين ( 3) ــــــــــــــــــــــــ 1- سورة الأنعام ( 74 ) 2- قصص الأنبياء – عبد الوهاب النجار 3- قصص الأنبياء – عبد الوهاب النجار ولد إبراهيم عليه السلام فى زمن النمرود ، و قد انتقل مع أبيه إلى أرض السواد بناحية يقال لها ( كوثا ) و هى الموضع الذى كان فيه النمرود ملكاً على هذه البلاد و هو النمرود بن كنعان بن سنحاريب بن كوش بن حام بن نوح و كان والد إبراهيم نجاراً ينحت الأصنام فى ذلك الزمان ، ثم يعطيها إبراهيم ليبيعها ، فيذهب بها إبراهيم عليه السلام – فيما يذكر – فيقول : من يشترى ما يضره و لا ينفعه فلا يشتريها منه أحد 00 فإذا بارت عليه ذهب بها إلى نهر فصوب فيه رؤسها و قال : إشربي 00 إستهزاءاً بقومه و بما هم عليه من ضلال حتى فشا عيبه إياها و استهزاؤه بها فى قومه و أهل قريته من غير أن يكون ذلك بلغ النمرود الملك 0 و لما أظهر إبراهيم خلاف قومه و دعوته لهم لعبادة الله الواحد و نبذ عبادة الأوثان أظهر لهم أنه سقيم من فعلهم و إصرارهم على الكفر كما قال تعالى :" فنظر نظرة فى النجوم فقال إنى سقيم فَتَوَلّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ) ( 1) و قوله تعالى : "إنى سقيم " أى طعين أو لسقم كانوا يهربون منه إذا سمعوا به ، و إنما يريد إبراهيم أن يخرجوا عنه ليبلغ من أصنامهم الذى يريد ، فلما خرجوا عنه خالف إلى أصنامهم التى كانوا يعبدون من دون الله فقرب لها طعاماً ، و لما لم يجد منها حركة أو استجابة أقبل عليها هدماً بفأس فى يده ، و لم يدع منها إلا صنم كبير ، فوضع الفأس على كتفه 0 و جاء أبوه و قومه فلما رأوا ما قام به إبراهيم جن جنونهم و صاحوا " (قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـَذَا بِآلِهَتِنَآ إِنّهُ لَمِنَ الظّالِمِينَ* قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىَ أَعْيُنِ النّاسِ لَعَلّهُمْ يَشْهَدُونَ* قَالُوَاْ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـَذَا بِآلِهَتِنَا يَإِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ " (1) قال أبوه فى ثورة كيف نسألهم و هم لا ينطقون و كيف يعمله كبيرهم و هم لا يتحركون ؟ ( 2) قال إبراهيم : إذا كيف تعبدون ما تنحتون و الله خلقكم و ما تعملون 0 " قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرّكُمْ * أُفّ لّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ " و كان ذلك من إبراهيم مطلع ثورة على الفكر و السلطان فى بلاد الكلدان ، فلما أعيتهم الحيلة فيه ووجدت موعظته منهم قلوباً غلفاً و آذاناً صماً 0 " قَالُواْ حَرّقُوهُ وَانصُرُوَاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَمَا عَلَىَ إِبْرَاهِيمَ *( 3) ــــــــــــــ 1- قصص الأنبياء – عبد الوهاب النجار 2- سورة الأنبياء : 67 3- سورة الأنبياء : 69 فأتاه جبريل عليه السلام ليؤنسه و قال له : يا إبراهيم ألك حاجة ؟ قال : أما إليك فلا ، قال جبريل فسل ربك فقال إبراهيم عليه السلام : حسبي من سؤالى علمه بحالى – حسبى الله و نعم الوكيل ( 1) و قد أشرف النمرود من صرح له عال و نظر إلى إبراهيم عليه السلام و ما يشك أنه قد هلك فرأه جالسا فى روضة و رأى الملك قاعداً إلى جنبه – و حوله نار تحرق ما جمعوا من الحطب فناداه النمرود يا إبراهيم : كبير إلهك الذى بلغت قدرته أن حال بينك و بين النار حتى لم تضرك يا إبراهيم 00 فهل تستطيع أن تخرج منها 0 قال : نعم – قال : فهل تخشى إن أقمت فيها أن تضرك ؟ قال : لا 00 قال : فقم أخرج منها 0 فقام إبراهيم عليه السلام يمشى فيها حتى خرج منها ( 2 ) nنجاة إبراهيم و خروجه من النار فلما خرج منها قال له النمرود : ما الذى رأيته معك فى مثل صورتك قاعداً إلى جانبك ؟ قال : ملك الظل 00 أرسله إلى ربى ليؤنسنى فيها – و استجاب لإبراهيم عليه السلام رجال من قومه حين رأوا ما صنع الله – عز و جل – به من جعل النار عليه برداً و سلاماً على خوف من النمرود و ملأهم ( 3) nإيمان لوط عليه السلام فآمن به لوط و كان ابن أخيه و هو لوط ابن هاران بن تارح 000 و هاران هو أخو إبراهيم عليه السلام و كان لهما أخ ثالث يقال له ناحور بن تارح – فهاران بن تارح – أبو لوط و ناحور أبو تنويل 00 و تنويل أبو لابان – و رفقه بنت تنويل – امرأة اسحق بن إبراهيم أم يعقوب 0 وليا وراحيل زوجتا يعقوب عليه السلام و هما أبنتا لابان 00 و آمنتا أيضا به سارة 00 و هى ابنه عمه 00 و هى سارة بنت هاران لأكبر عم إبراهيم عليه السلام ( 4) ـــــــــــــــــــــــــــــــ 1- تاريخ الرسل و الملوك – الطبري ج 1 2- تاريخ الرسل و الملوك - الطبري ج 1 3- نفس المصدر 4- نفس المصدر n نزوج إبراهيم عليه السلام إلى الشام و قد حكى الله سبحانه و تعالى ما حدث لإبراهيم و نزوحه من أرض أجداده بعد أن آمن به لوط عليه السلام – فقال عز و جل : قال تعالى: (وَنَجّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأرْضِ الّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ) و قيل أن الأرض التى هاجر إليها إبراهيم و لوط هى الشام – و ذلك رواية عن أبى ابن كعب – و قال كعب الأحبار هى حران ( 1 ) n حجة إبراهيم عليه السلام على قومه و لما كان قوم إبراهيم عليه السلام يعبدون أصناماً ينحتونها على أسماء الكواكب كالشمس و القمر فأراد أن يلزمهم بأن الكواكب و الشمس و القمر لا تصلح أن تكون آلهة تعبد من دون الله – و إنما الإله هو الذى خلقهن و خلق السموات و الأرض و بيده ملكوت كل شئ و أن التماس الصحة و العافية و الرزق من غيره تعالى باطل : " قال تعالى: (وَكَذَلِكَ نُرِيَ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمّا جَنّ عَلَيْهِ الْلّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـَذَا رَبّي فَلَمّآ أَفَلَ قَالَ لآ أُحِبّ الاَفِلِينَ * فَلَمّآ رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـَذَا رَبّي فَلَمّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لّمْ يَهْدِنِي رَبّي لأكُونَنّ مِنَ الْقَوْمِ الضّالّينَ * فَلَماّ رَأَى الشّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـَذَا رَبّي هَـَذَآ أَكْبَرُ فَلَمّآ أَفَلَتْ قَالَ يَقَوْمِ إِنّي بَرِيَءٌ مّمّا تُشْرِكُونَ * إِنّي وَجّهْتُ وَجْهِيَ لِلّذِي فَطَرَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَحَآجّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجّوَنّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاّ أَن يَشَآءَ رَبّي شَيْئاً وَسِعَ رَبّي كُلّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكّرُونَ) ( 2) و قد قص الله تعالى فى سورة البقرة محاجة إبراهيم إذ قال : قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِي حَآجّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبّيَ الّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنّ اللّهَ يَأْتِي بِالشّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ) ( 3) ـــــــــــــــ 1- نفس المصدر 2- سورة الأنعام – 80 3- سورة البقرة – 258
__________________
![]() |
#4
|
||||
|
||||
![]()
و قد كانت مواقف إبراهيم عليه السلام متعددة مع قومه فتارة يحاج والده و تارة يحاج الجمهور
و تارة يحاج الملك و تارة يفعل ما يستفزهم به إلى محاجته كتكسير الأصنام ليكلموه فى شأنها إلى أن أوقدوا النار لتحريقه فنجاته منها بعد أن ألقى فيها فهجرته – بعد تبرأوه من أبيه – و تهديده له بأن يهجره – و موعدة إبراهيم إياه أن يستغفر له ربه – فلما علم أنه لن يؤمن – و أنه عدو لله تبرأ منه 0 ثم بعد هذه الأحداث العظام لم يطلب له المقام بين أهله و قومه 000 و ذهب إلى حران 00 و بعد ذلك توجه إلى فلسطين بالشام و معه زوجته سارة و ابن أخيه – لوط – متجهين إلى مصر (1) nرحلته إلى مصر : حدث جدب فى الأرض ، فانتقل إبراهيم – عليه السلام – إلى مصر و ذلك فى عهد ملوك الرعاة – و هم العماليق – و يسميهم الرومان : الهكسوس – و كان وصول إبراهيم عليه السلام إلى ارض مصر بعد هجرته الأولى إلى فلسطين بنحو 5 سنوات و كان عمره 80 سنة و ذلك عام 1917 ق0 م ( 2) و عند دخوله مصر اظهر أن التى معه أخته – و كانت سارة من أحسن الناس – فلما وصفت لفرعون ووصف له حسنها و جمالها أرسل إلى إبراهيم – فلذا اخبره إبراهيم إنها أخته ( 3) – اى فى الإسلام – إذ تخوف أن يقول هى إمراتى أن يقتله عنها 0 فلما أراد الملك أخذها أرى فى نومه أنها ذات بعل – فعاتب إبراهيم و أعطاه أموالاً وماشية ، و جوارى و عبيداً و عاد إبراهيم كما بدأه 0 و اختلف فى الملك الذى قدم فى عهده إبراهيم – عليه السلام – إلى مصر – فقيل إنه كان يسمى : سنان بن علوان بن عبيد بن عويج بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح ( 4 ) و قيل اسمه عمرو بن امرؤ القيس بن مايلون بن سبأ 00 و كان على مصر ملكاً ( 5 )والله أعلم 0 ــــــــــــــــــــــــــ 1- قصص الأنبياء – عبد الوهاب النجار 2- حياة الأنبياء بين حقائق التاريخ و المكتشفات الأثرية الجديدة عادل طه يونس – مكتبة القرآن – 1990 3- قصص الأنبياء – عبد الوهاب النجار 4- البداية و النهاية ابن كثير ج 10 5- نفس المصدر ثم إن الخليل عليه السلام رجع من بلاد مصر إلى الأرض المقدسة و معه أنعام و عبيد ومال جزيل و فى صحبته هاجر القبطية المصرية و قد أهداها له ملك مصر – ثم إن لوطاً عليه السلام – نزح بماله إلى ارض الغور المعروف بغور زغر– فنزل بمدينة سدوم و كان أهلها أشرارا 0 و أوحى الله تعالي إلى إبراهيم الخليل فأمره أن يمد بصره و ينظر شمالا و جنوبا و شرقا و غربا 0 و بشره أن الأرض التى نظرها سيجعلها له و لخلفه إلى آخر الدهر و سيكثر من ذريته حتى يصيروا بعدد تراب الأرض ( 1) nدخول إبراهيم ( عليه السلام ) بهاجر : كانت سارة زوج إبراهيم – عليه السلام – عاقرا لم تلد 0 و كان ملك مصر قد أعطى سارة – على ما تقول التوراة – جارية مصرية – و تألمت سارة إذ لم تجد لإبراهيم نسلا – و هى قد شاخت – و لا يرجي لها أن تكون أما ، فأتمرت مع إبراهيم – و كان عاقبة ذلك أن دخل إبراهيم على هاجر فأتت منه بغلام – هو إسماعيل عليه السلام ( 2) nمولد إسماعيل عليه السلام نشأ إسماعيل عليه السلام فى وادي مكة فى قبيلة جرهم بعد ما أتى إبراهيم به و بأمه هاجر من جنوب الشام إلى وادي مكة و تركهما و لكن رحمة الله لم تفارقهما ، إذ نبع ماء زمزم من تحت أقدام إسماعيل الرضيع حيث نفذ الماء و الطعام منهما ، و لما شب تزوج من إحدى فتيات هذه القبيلة ، و قد تحدث بلسانهم فتعرب فهو و أولاده العرب المستعربة ( 3) و قد تحققت دعوة إبراهيم فيه حين دعا كما ذكرت التوراة " فقال إبراهيم لله : يا ليت إسماعيل يحى فى طاعتك – فقال الله : حقا إن سارة زوجتك ستلد لك ابنا و يدعى اسمه اسحق ، و اثبت عهدى معه ، عهد الدهر و لنسله بعده – و فى إسماعيل استجبت منك – هو ذا باركته و أثمره و أكثره جدا جدا 00 أثنى عشر رئيسا يلد – و سأجعله شعبا عظيما – و عهدى اثبت مع اسحق الذى تلد لك سارة فى الميقات هذا فى السنة الأخرى 00 و حينما كبر إسماعيل – جاء إبراهيم بأمر من الله تعالى لبناء البيت – حيث عرفه له ( 4 ) كما قال تعالى : " وَإِذْ بَوّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهّرْ بَيْتِيَ لِلطّآئِفِينَ وَالْقَآئِمِينَ وَالرّكّعِ السّجُودِ " ( 5) ــــــــــــ 1- البداية و النهاية : ابن كثير ج 10 2- قصص الأنبياء – عبد الوهاب النجار 3- البداية و النهاية : ابن كثير ج 10 4- البداية و النهاية : ابن كثير ج 10 5- سورة الحج ( 26 ) و قام ببناءه و دعا " ُ رَبّنَا تَقَبّلْ مِنّآ إِنّكَ أَنتَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ - رَبّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرّيّتِنَآ أُمّةً مّسْلِمَةً لّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنّكَ أَنتَ التّوّابُ الرّحِيمُ " ( 1) و لما أتما بناء البيت أمر الله تعالى إبراهيم أن يدعو الناس لزيارة البيت و الحج له و علمه مناسك الحج 0 و كان إبراهيم قد نذر نذراً فأراد أن يوفى بنذره فقال لأبنه إسماعيل : " َ يَبُنَيّ إِنّيَ أَرَىَ فِي الْمَنَامِ أَنّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىَ " واجه إسماعيل هذا الأمر بالصبر و الطاعة لله و لأبيه 0 حتى فداه الله بذبح عظيم 0 nسُنّة الختان عهد الله إلى إبراهيم بالختان و كانت سنة 0 إذ ذاك تسعاً و تسعين سنة 0 و كان إسماعيل قد بلغ ثلاث عشرة سنة ، فاختتن إبراهيم و إسماعيل و كل من كان لإبراهيم من العبيد – و فى إنجيل بر نابا أن سبب الختان إن آدم لما عصي ربه نذر أن يقطع من نفسه عضوا إذا تاب الله عليه – فلما قبلت توبته و أراد الوفاء بنذره احتار ماذا يصنع – فدله جبريل على هذا الموضوع فقطعه 0 و لعل أبناءه تركوا هذه السنة حتى أمر الله إبراهيم بإحيائها ( 2) و تزوج إسماعيل عليه السلام من قبيلة جرهم و هى : بنت مضاض بن عمرو الجرهمى فولدت له : نبايوت – قيدار – أربئيل – مبسام – مشماع دومة – مسا – حدار – تيما – يطور – نافيش – قدمه – ( أثنى عشر ابنا ) – و قد عاش إسماعيل عليه السلام 137 سنة – و دفن بجوار أمه هاجر فى الحجر بجوار الكعبة ( 3) ـــــــــــــ 1- سورة الصافات ( 102 ) 2- قصص الأنبياء : عبد الوهاب النجار 3- نفس المصدر
__________________
![]() |
#5
|
||||
|
||||
![]() الفصل الثاني نشأة بنى إسرائيل إسحق – يعقوب عليهما السلام و دخول بنى إسرائيل أرض مصر
__________________
![]() |
#6
|
||||
|
||||
![]()
nإسحاق و يعقوب ( عليهما السلام )
بعد مولد إسماعيل عليه السلام بحوالى أربع عشر ة سنة – ولدت سارة لإبراهيم ابنه الثاني : اسحق – بأرض كنعان – و تزوج اسحق بــ ( ربقة ) بنت بتويل فولدت له : العيص و يعقوب – و كانا توأمان - و كان ذلك بعد أن مضى من عمر اسحق ستون سنة 0 و ماتت سارة و لها من العمر مائة و سبعة و عشرون سنة و دفنت بأرض حبرون بالشام – و تزوج إبراهيم عليه السلام من قاطورة – ابنة يقطان فولدت له ستة نفر : - يقشان – زمران – مدان – مدين – يشبق – شوخ ( 1) و تزوج أيضا بامرأة أخرى من العرب اسمها حجون بنت أهيب فولدت له خمسة بنين : كيسان – فروح – أهيم – لوط – نافس و توفى إبراهيم و له من العمر مائة و خمسة و سبعون سنة – و دفن فى مغارة المضعفة فى حقل حبرون بالشام و هو حقل حبرون بن ظاهر الحثى التى على ظاهر ممرا الصحراء التى اشتراها إبراهيم من قبل بنى حاث كما ذكرت التوراة (2) و قد ذكرت التوراة واقعة غريبة ليعقوب و العيص فى حياة أبيهما اسحق عليه السلام : " و كبر الفتيان ، و كان العيص رجلا عارفاً بالصيد رجل بر 0 ويعقوب رجلا كاملا ساكن المضارب و أحب اسحق العيص إذ صيده بفيه و ربقه أحبت يعقوب و طبخ يعقوب طبيخا و جاء العيص من الصحراء و هو لغب فقال العيص ليعقوب " اطعمنى الآن من الأحمر الأحمر هذا إذ لغب أنا 0بسبب ذلك دعى اسمه أدوم 0فقال " يعقوب بع اليوم بكوريتك لى - فقال العيس ها أنا ذاهب للوفاة 0 و لم هذا لى بكورية ؟ فقال " يعقوب اقسم لى اليوم فاقسم له 0 و باع بكوريته ليعقوب 0 و يعقوب أعطى العيص خبزا و طبيخ عدس 0 حتى شبع فأكل و شرب و قام و سار و أزرى العيص بالبكورية ( 3) و ساقت التوراة قصة اغرب منها : " و كان لما شاخ اسحق و كلت عيناه عن النظر استدعى العيص ابنه الكبير و قال له يا بنى فقال له : لبيك فقال اننى قد شخت و لا اعلم يوم وفاتى و الآن احمل آلتك جعبتك و قوسك و اخرج إلى الصحراء و اصطد لى صيدا و اصنع لى ألوانا كما أحببت و احضر لى لآكل حتى تباركك نفسي قبل أن أموت 0 ( 4) و ربقة سامعة خطاب اسحق للعيص ابنه فمضى العيص إلى البئر 0 ــــــــــــ 1- قصص الأنبياء – النيسايورى 2- نفس المصدر 3- التوراة السامرية : سفر التكوين – الإصحاح السابع و العشرين 4- نفس المصدر ليصطاد صيدا للإحضار 0 و ربقة قالت ليعقوب ابنها قولا سمعت أباك مخاطبا للعيص أخيك قائلا 0 احضر لى صيدا و اصنع لى ألوانا لآكل و أباركك فى حضرة الله قبل وفاتى 0 و الآن يا بنى اسمع من قولى لما أنا موصيك 0 امض الآن إلى الغنم و خذ لى من هناك جديى ماعز طيبين حتى اصنعهما ألوانا لأبيك كما أحب و تحضر إلى أبيك و تآكل حتى يباركك قبل وفاته و قال يعقوب لربقه أمه أن العيص آخى رجل شعرانى و أنا رجل أملس فعسي يلمسنى أبى فأصير عنده كالخجلان فتجلبى علىّ لعنة لا بركة 0 فقالت له أمه : على دفع لعنتك يا بنى : بل اسمع من قولى و امض خذ لى 0 فمضى و اخذ و احضر لأمه فصنعت أمه ألوانا كما أحب أبوه و أخذت ربقة ثياب العيص ابنها الكبير المعدات التى عندها فى البيت و ألبست يعقوب ابنها الصغير 0 و جلود جدييى الماعز ألبست على يديه و على سلاسة عنقه 0 و جعلت الألوان و الخبز الذى صنعت بيد يعقوب ابنها ( 1) فجاء إلى أبيه و قال يا أبى فقال هاأنذا 0 من أنت يا بنى ؟ فقال يعقوب لأبيه : أنا العيص بكرك صنعت كما امرتنى قم الآن اجلس و كل من صيدي حتى تباركنى نفسك فقال اسحق لابنه ما هذا أسرعت للوجود يا بنى ؟ فقال لما وفق الله ألهك بين يدي 0 و قال اسحق ليعقوب تقدم الآن لألمسك يا بنى هل أنت ذا ابني العيص أم لا ؟ فتقدم يعقوب إلى اسحق أبيه فلمسه و قال الصوت صوت يعقوب و اليدان يدا العيص و لم يعرفه إذ كانت يداه كيدى العيص أخيه شعرانيات و باركه 0 و قال هل أنت ذا أبنى العيص ؟ فقال أنا فقال قدم لى لآكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي فقدم له فآكل فاحضر له خمرا فشرب فقال له اسحق أبوه تقدم الآن وقبلنى يا بنى فتقدم و قبله و اشتم رائحة ثيابه و باركه و قال انظروا رائحة ابني كرائحة الصحراء كمل لما باركه الله 0 يعطيك الله من طل السماء و من كلأ الأرض و كثيرا من الدواجن و العصير يخدمونك الشعوب و يسجدون لك الأمم كن سيدا لإخوتك و يسجدون لك بنو أمك لاعنك ملعون و مباركك مبارك ( 2) و بعد أن استطاع يعقوب ****** البركة بدعاء أبيه اسحق عليه السلام بتدبير من ( ربقه ) أم يعقوب و العيص التوأمين 0 حدث ما عكر صفو العلاقة الأخوية بدخول العيص – كما ذكرت التوراة – من انه دخل على أبيه اسحق عليه السلام آخر النهار و معه الشواء مما رزقه الله و مما طلبه أبوه منه فإذا بإسحق يدهش و يخبره بأنه تناول منذ قليل ما طلب منه من لحم و باركه 00 ففطن العيص إلى أن أخاه يعقوب قد سبقه إلى الدعوة بالبركة – فغضب و صرخ صرخة عظيمة 0 و طلب من أبيه أن يباركه أيضا 00 ــــــــ 1- التوراة السامرية : سفر التكوين الإصحاح السابع و العشرين 2- نفس المصدر
__________________
![]() |
#7
|
||||
|
||||
![]()
فإذا بإسحق يخبره انه جعل يعقوب سيدا عليه و انه يعيش مستضعفا حياته و يكون خادما لأخيه يعقوب إلى أن يقيم أمره بنفسه و هذا الذى جعل العيص يحقد على أخيه يعقوب و يتوعده بالقتل – فما كان من أمه ( ربقة ) إلا أن أوعزت إلى يعقوب بان يهرب إلى الأرض التى بها ( لابان ) خاله و هى ( حران ) إلى أن يهدأ أخوه العيص ( 2)
و هذا بلا شك من وضع كاتبي التوراة بعد الأسر البابلى –إذ يعد هذا تحايلا لنيل البركة – و هذا التحايل قد وقع فى بيت نبوة – لتكون البركة ليعقوب دون العيص و ذلك لما يترتب عليه من أمور مستقبلية فى حياة بنى إسرائيل أما العيص فقد تزوج يهوديت ابنه بهرى الحثى و بشمت بنت ايلون الحثى و مضى إلى عمه إسماعيل عليه السلام فتزوج من ابنته محلس بنت إسماعيل مع نسائه 0 و توجه يعقوب إلى حران و التقى بخاله ( لابان ) بن ناحور – الذى عمل عنده و فى خدمته سبع سنين ليزوجه ابنته راحيل – و كانت جميلة و لما اكتشف يعقوب أن خاله قد أدخل عليه ( لاه ) الكبيرة و التى لم يتفق مع خاله عليها – بل على تزويجه من راحيل الصغيرة – فاخبره خاله لابان أن عادتهم إلا يزوجوا الصغيرة قبل الكبيرة – و انه لابد أن يعمل سبع سنين آخر عنده لينال ذلك المطلب 0 و بعد قضاء المدة تزوج يعقوب براحيل ولاه و خادمتان لهما هما : بلهه و زلفة و أنجب يعقوب أثنى عشر ولدا هم : من راحيل : يوسف و بنيامين من لاه : رأوبين و شمعون ولاوى [ من نسله موسى عليه السلام ] يهوذا ( من اسمه أخذت كلمة يهود ) يساكر – زبولون ومن زلفة : جاد و اشير ومن بلهة : دان و نفتالى هؤلاء الأولاد ولدوا ليعقوب فى فدان آرام – حين كان يرعى غنم خاله لابان فى نظير تزويجه ابنتيه لاه و راحيل – إلا بنيامين – فقد ولد فى ارض كنعان عندما رحل إليها يعقوب ( 1) ـــــــــــــ 1- اليهودية – د احمد شلبي 2- نفس المصدر nيوسف عليه السلام أما قصة يوسف عليه السلام فقد ذكرها الله تعالى فى كتابه العزيز فى سورة كاملة تحمل اسمه – و جاء ذكره فى التوراة باختلاف كثير – فقد كان يوسف جميل الصورة أثيرا عند أبيه يخصه بقسط عظيم من محبته – و كان ذلك سببا فى حقد إخوته عليه و سببا فى محنته التى كانت خيرا و بركة عليه وعلى الأمم القريبة من مصر و على مصر 0 ذكرت التوراة أن يوسف كان فى السابعة عشرة من عمره عندما قص على أبيه الرؤيا – ومن كان فى هذه السن يستبعد أن يصنع معه ما صنع إلى يوسف 0 لقد رأى يوسف فى منامه أن احد عشر كوكبا و الشمس و القمر سجدوا له و الذى فى القرآن الكريم يفيد أن قصة هذه الرؤيا على والده كان فى غيبة إخوته – و أن أباه قال له ( لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين * و كذلك يجتبيك ربك و يعلمك من تأويل الأحاديث و يتم نعمته عليك و على آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم و اسحق إن ربك عليم حكيم ) ( 1) رأى أبناء يعقوب من إيثار أبيهم ليوسف وحدبه عليه ما لم يكن منه لواحد منهم فغاظهم ذلك و هو فى سن الشباب و طيش الحداثة ، فاضمروا له الشر 0 فقالوا لأبيهم ( مالك لا تأمنا على يوسف و إنا له لناصحون ، أرسله معنا غدا يرتع و يلعب و إنا له لحافظون )( 2) 0 و كان يعقوب قد أحس الشر الذى يضمره بنوه لأخيهم و لم يشأ أن يعلمهم بخوفه جانبهم فقال ( إنى ليحزنى أن تذهبوا به )( 3) ثم ترقى فى تعليل ضنه به قائلاً ( و أخاف أن يأكله الذئب و أنتم عنه غافلون ) ( 4) 0 و الله يعلم أنه يتخوف عدوانهم على ولده أكثر مما يتخوف من عدوان الذئب 0 أجاب أبناء يعقوب ( لئن أكله الذئب و نحن عصبة إنا إذن لخاسرون ) ( 5) قال مجاهد : خرج يوسف من عند يعقوب و هو ابن ست سنين و لم يثغر – و جمع الله بينهما و هو ابن أربعين سنة ( 6) و عندما اظهر يعقوب خوفه على ابنه يوسف من أن يأكله الذئب – قال له بنوه ( لئن آكله الذئب و نحن عصبة )( 7) أى عشرة رجال ( إنا إذا لخاسرون )( 8 ) عجزة مغلوبون ثم قالوا : يا نبى الله كيف يأكله الذئب و فينا شمعون إذا غضب لا يسكن غضبه حتى يصيح 000 فإذا صاح لا تسمعه حامل إلا وضعت باقي بطنها 000
__________________
![]() |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|