|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ كنت أقف إلى جانب راوية و قد اشرئب عنقي لأنظر إلى ما يحصل على بعد أمتار منا، عند مدخل الصالة، حيث كان يجلس والد راوية مع جاد، ثم انضم إليهما والدتها و طارق الذي وصل للتو... كان الجميع يتبادلون نظرات متسائلة... لكن الأكيد هو أن الذهول كان قد سيطر على الجميع... إلى أن بادر والد راوية إلى الشابين الواقفين قبالته و سألهما : ـ من منكما ابن عمة مرام، صديقة راوية؟ هنا تكلم طارق بكل ثقة : ـ أنا يا عمي! عندئذ التفت والد راوية إلى الشاب الذي ظل يحاوره لأكثر من ساعة و قال : ـ و أنت... من تكون يا بني؟ ابتسم جاد و قال : ـ ظننت أنني حدثتك عن كل شيء يخصني يا عمي! بدا الحرج على والد راوية و هو يقول متداركا : ـ نعم... لم أقصد ذلك يا بني... لكن كيف جئت إلى هنا... و كيف تعرف راوية؟ و هل هي على علم بقدومك اليوم لتطلب يدها؟ اتسعت ابتسامة جاد و هو يجيب : ـ كنت أنتظر أن تطرح علي ذاك السؤال منذ البداية... لأن الآنسة راوية لا تعلم بقدومي اليوم... و لذلك استغربت حفاوة ترحيبكم بي، فقد بدا أنكم على علم مسبق! قاطعه طارق في حدة : ـ كانوا على علم بقدومي أنا... لكن سيارتي تعطلت في الطريق مما تسبب في تأخيري ساعة كاملة عن الموعد! ثم التفت إلى والد راوية و هو يقول في ود : ـ أنا آسف حقا يا عمي... أعتذر ثانية عن التأخير، فما حصل كان خارجا عن طاقتي... هز الوالد رأسه متفهما و عاد إلى جاد قائلا : ـ أكمل يا بني... نظر جاد مبتسما إلى طارق كأنه يأخذ إذنه لمواصلة حديثه بعد أن قاطعه هذا الأخير... فاحمر وجه طارقا حرجا! ـ في الحقيقة، يا عمي... أنا لست من بلدكم، لكنني أقمت هنا لعدة سنوات من أجل الدراسة... و حين جئت إلى هنا كنت مسيحيا... توقف للحظات ليلمح علامات الدهشة في عيون المحدقين به التي اتسعت عن آخرها... ثم استطرد قائلا : ـ لكنني أسلمت و الحمد لله... و الفضل يعود لله، ثم للآنسة راوية... هنا تكلمت والدة راوية و هي تعقد حاجبيها و مركزة نظراتها على جاد : ـ نعم... تذكرت! إذن أنت هو! التفت إليها زوجها و هو يقول في استغراب متزايد : ـ هو من؟ ـ لقد فاتح راوية في الموضوع منذ بضعة شهور... فحدثتني بالأمر... لكنني... ألقت نظرة جانبية على جاد و هي تواصل : ـ لكنني رأيت أنه لا فائدة من مفاتحتك في الأمر... لأنني وجدت المسألة شديدة التعقيد... بدت علامات السعادة في عيني جاد و صوته و هو يقول في عتاب : ـ سامحك الله يا خالة... لم ترينها بمثل هذا التعقيد؟ نظرت إلى راوية التي كانت تقف ملتصقة بي، نظرا لضيق المكان، فرأيت وجنتيها قد احمرتا... نعم، ها قد تأكد جاد أخيرا بأنه لم ترفضه لأنها لا تريده، بل لأن والدتها كانت تجد المسألة معقدة! و راوية المسكينة لم تستطع إخباره بالحقيقة... ابتسمت و أنا و أقرص وجنتها مداعبة لتحمر أكثر و أكثر... هنا تعالى صوت طارق و هو يقول في حزم : ـ أنا آسف يا أستاذ... و لكنني هنا بعلم راوية و موافقتها... و بما أن طلبك قد تم رفضه منذ عدة أشهر، فأظن من حق راوية أن ترتبط بمن أعطته موافقتها، و ظروفه مناسبة و مرضية لعائلتها! قاطعه جاد في انفعال : ـ أنا واثق من أن الآنسة راوية إن أعطيت حرية الاختيار فإنها كانت ستوافق علي حتما... لكن ظروفي بدت معقدة نوعا ما بالنسبة إلى والدتها... و أنا مستعد لمناقشة ما يريدون، و ليس من المستعصي أن نصل إلى اتفاق! وقف طارق و قد اشتعل وجهه : ـ عن أي اتفاق تتحدث؟! يبدو أنك لم تفهم الوضع جيدا! حكايتك مع راوية انتهت قبل أن تبدأ... لأنها بصدد الارتباط بشخص آخر! لذا أرجوك قف جانبا و لا تثر أعصابي أكثر من هذا! تذكرت فجأة مشهد طارق و هو يمسك بالشاب الذي حاول الاعتداء على راوية في المنتزه بعد أن كال إليه عددا من اللكمات... هل تراه يدخل في عراك مع جاد؟! صحيح أن جاد أطول قائمة من طارق، لكن طارق أكثر امتلاءا و قبضته قوية! وقف والد راوية و ربت على كتف طارق مهدئا و هو يقول : ـ على رسلك يا بني... سنحل كل شيء بهدوء و روية... اجلس أرجوك... التفت إليه طارق و هو يهتف : ـ ألا ترى يا عمي أي موقف وضعت فيه؟ أصل متأخرا بساعة واحدة... لسبب خارج عن نطاقي... فأجد من يريد أن يأخذ مني الفتاة التي أريد خطبتها! لو كنت أعلم، لكنت تركت السيارة في عرض الطريق و جئت ركضا! تبادل والد راوية و والدتها نظرة طويلة و قد انتابتهما الحيرة و القلق. لكن جاد قطع حبل الصمت قائلا : ـ أنا آسف حقا بسبب البلبلة التي حصلت... فلم أكن أعلم أن الآنسة راوية كانت على وشك الارتباط بشخص آخر... و إلا لما كنت تدخلت و أفسدت الخطبة... تألقت عينا طارق بنظرة الانتصار... لكن جاد واصل حديثه في جدية : ـ لكنني أحس بأن ما حصل كان مقدرا، و أن لله حكمة في ذلك! فوصولي قبل الأستاذ طارق، و العطل الذي أصاب سيارته و هو في طريق إلى هنا... كلها علامات تؤكد بأن لله حكمة ما... وقف طارق من جديد و قد تحولت نظرته إلى الغضب : ـ ما الذي تقصده؟ نظر إليه جاد مباشرة و في عينيه نظرة رزينة هادئة : ـ لا أقصد شيئا... و لكن وصولي قبلك، يعني أنه من حق الآنسة راوية و عائلتها إعادة النظر في طلبي... و من حقهم اختيار الأفضل لابنتهم! جلس طارق أخيرا و هو يشد على أسنانه في حنق ظاهر، لكن والد راوية تكلم أخيرا ليقول : ـ أظن أنك على حق يا بني... يجب أن نعيد النظر في الموضوع... سأتحدث إلى راوية أولا... ثم أوافيكم بقراري المبدئي... بدت علامات الاعتراض على وجه طارق و هو يقول : ـ و لكن... و لكن يا عمي... ربت والد راوية على كتفه من جديد قائلا : ـ لا تقلق يا بني... أنت تؤمن بالقضاء و القدر، أليس كذلك؟ إذن لا داعي للقلق! انصرف الشابان الواحد تلو الآخر و هما يتبادلان نظرات لا توحي بحسن العلاقة بينهما! تسللنا من مخبئنا أنا و راوية، لنعود إلى غرفتها و نحن نلهث من شدة الانفعال... و فجأة تملكت راوية نوبة ضحك هستيري... لم تستطع التوقف عنها حتى و أنا أهددها بإفراغ كأس ماء فوق رأسها... ثم تمالكت أنفاسها أخيرا و هدأت قليلا... ثم... احمرت عيناها، منذرة بقرب تهاطل الدموع! افتربت منها و احتضنتها في قلق : ـ راوية حبيبتي... ما بك؟ هل جننت؟ تمالكي نفسك أرجوك! تسللت الدموع من عينيها و هي تقول : ـ مرام... لا يمكنني أن أرفض طارق هكذا... ما ذنبه! كما أنني لا أدري إن كان والدي سيوافق على جاد حين يحيط علما بحقيقة ظروفه كاملة! أخاف أن أخسر الاثنين في لحظات! ابتسمت و أنا أهمس في رفق : ـ توكلي على الله يا أخية... توكلي على الله... أرأيت ثقة جاد و ثباته؟ أنا مؤمنة معه بأن لله حكمة ما في كل ما حصل! من كان يصدق أن كل شيء ينقلب رأسا على عقب في اللحظات الأخيرة؟! رفعت رأسها إليها متسائلة في حذر: ـ يعني أنك لن تستائي مني إن رفضت طارق؟ هتفت بسرعة مطمئنة : ـ بالعكس! ثم بدا لي أنني بالغت في حماسي بعض الشيء فأردفت : ـ المهم هو أن اختيارك مبنيا على اقتناع و ارتياح نفسي... لا تدعي لأية ظغوطات خارجية المجال لتؤثر على قرارك... ابتسمت راوية و هزت رأسها مؤيدة... في تلك اللحظة، تناهى إلى أسماعنا طرق خفيف على الباب ثم دخلت والدة راوية و وجهها خال من التعابير تقريبا! ثم نظرت إلى راوية مؤنبة : ـ أرجو أن لا يكون الضيوف قد تفطنوا إلى اختبائك قرب باب المطبخ للتصنت إلى ما يقال في الصالة! ليس من طباع البنت المحترمة أن تتصرف بطريقة غير لائقة و خاصة في حضور الخاطبين... فكأنها متلهفة على الزواج! ثم خرجت من فورها بعد أن ألقت نظرة حادة على راوية و صفعت الباب بقوة، كأن الصفعة كانت على وجوهنا...
أما راوية فقد أجهشت بالبكاء... آخر تعديل بواسطة ساره الالفي ، 14-08-2009 الساعة 09:47 PM |
العلامات المرجعية |
|
|