|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ مرت فترة المراجعة بسرعة عجيبة... و هي عادة الأيام، تسرع حين نتمنى تباطؤها! و ها قد بدأت فترة الاختبارات العصيبة... الأعصاب مشدودة كل صباح، و القلوب ترجو النجاح و تتمناه بوجيب عال ودقات متدافعة... لكنني وجدت تسلية مختلفة عن كل مرة، تسلية أنغمس فيها يوميا بعد الخروج من قاعة الامتحان... بفضل حبيبتي راوية! نعم، فهي تقوم بالتحضيرات لحفل خطبتها الذي لم يعد يفصلنا عنه سوى أسبوع واحد. صحيح أن الحفل صغير و عائلي، خاصة أن أحدا من عائلة جاد لن يحضر... لكنها فرحتها الأولى، و الخاصة... و يجب أن تكون مميزة! أختها راقية تقيم في منزل والدها في الفترة الحالية حتى تساعد والدتها في إعداد الحلويات المنزلية اللذيذة و تغيير الديكور و التجهيز للحفلة... كانت راوية تعيش في حالة عجيبة من الذهول... تتقاذفها الأفكار... بين السرور للأحداث الجميلة التي تمر بها... و بين الخوف من المستقبل و القلق على مصير حياتها مع جاد... لكن مكالماتها شبه اليومية مع جاد كان تشعرها بالراحة و الطمأنينة... فقد كانت لديه موهبة عجيبة في بعث الثقة في نفسها... ثقة تنبع من ثقته في رحمة الله و توكله العظيم عليه... فتخجل من نفسها أمام إيمانه الذي لا يدع مجالا للشك في عمق تمكن الإسلام من قلبه و حياته... فيشدها إليه أكثر و أكثر... أما أنا فكنت أتابع عن كثب نقطة تحول حلوة في حياة رفقتي راوية... و أمني نفسي بأن تكون نقطة تحول مشابهة في حياتي تقترب في الأفق! و أخيرا أصبح فستان راوية جاهزا... كانت قد قاسته مرتين في الأسبوعين الماضيين، لكن الخياطة أصرت على أن لا تريها إياه إلا بعد أن يأخذ شكله النهائي، حتى تكون مفاجأة حقيقية، على حد قولها! كانت راوية جد متشوقة لاكتشاف الفستان... و أنا أكثر منها... وصلنا إلى المحل بخطوات سريعة و نحن نضحك و نتبادل النكات في سعادة و استبشار... استقبلتنا الحائكة بابتسامة عريضة كأنها واثقة من عملها و من إبداعها فيه. جلست في غرفة الانتظار في حين دخلت راوية إلى غرفة تبديل الملابس لتجرب فستانها للمرة الأولى. بعد دقائق قليلة، سمعت صرخة مكتومة تنبعث من الداخل... إنها راوية! وقفت في سرعة و دخلت إلى حيث كانت في جزع. كانت راوية تقف أمام المرآة و قد ارتدت فستانها. كان تصميم الفستان غاية في الروعة... لونه الوردي الهادئ و نقوشه الفضية الدقيقة أعطى راوية شكل أميرة خيالية... أو ربما سندريلا... كان الفستان يتسع ابتداءا من الخصر و ينزل في رفق إلى أن يصل إلى الأرض... تأملت راوية في إعجاب و هي تقف مولية إياي ظهرها. كانت عيناها مسمرتين على صورتها في المرآة... لم يكن شكل الفستان الأمامي واضحا من حيث أقف، لكنني كنت متأكدة بأنه أروع من الشكل الخلفي، و هو ما جعل راوية المسكينة تصرخ من الفرحة، و من الإعجاب بفستانها... أمسكتها من كتفيها و أدرتها إلي و على شفتي ابتسامة واسعة... لكن ابتسامني غاضت بسرعة حين اكتشفت التكشيرة على وجه راوية، و دموعها التي تنذر بالنزول! نظرت إليها في دهشة... هل هي متأثرة إلى هاته الدرجة؟! كانت تقف أمامي و قد عقدت ذراعيها أمام صدرها. حين لمحت نظرتي المستنكرة أزاحت ذراعيها في بطء و هي تقول في غيظ : ـ انظري ماذا فعلت تلك الغبية بفستاني! نظرت إلى المنطقة التي كانت تخفيها راوية بذراعيها... كانت فتحة الصدر واسعة بشكل مبالغ فيه، كما أن الفستان كان ملتصقا بجسدها و يصف أدق تفاصيل صدرها. و قد اجتهدت الحائكة في تطريز تلك المنطقة بطريقة تصف شكل الصدر أكثر و أكثر... تصميم ذكرني بفساتين عارضات الأزياء الفاضحة! وقفت غير مصدقة، في حين صرخت راوية : ـ هل هذا فستان فتاة محجبة؟! لم أجد كلمة أعلق بها... فراوية دفعت الكثير لشراء هذا القماش الغالي، و دفعت أكثر للحائكة حتى تهتم بالتطريز و التزويق... فإذا بها تفسده بذاك الشكل... في تلك اللحظة دخلت علينا الحائكة و ابتسامتها العريضة لم تفارق محياها. نظرت إلى راوية في دهشة و هي تقول : ـ ما بال عروستنا منزعجة؟ ألم يعجبك الفستان؟ رمتها راوية بنظرة ذات معنى و هتفت في ضيق : ـ هل طلبت منك أن تفعلي هذا بصدر الفستان؟! سارعت المرأة بالتقاط كتيب كان على منضدة قريبة و بعد أن تصفحته للحظات أشارت إلى صورة تظهر فيه و هي تقول في ثقة : ـ يا حبيبتي... إنه نفس تصميم فستان الفنانة العالمية "فلانة"... موضة جديدة غاية في الروعة... كما أنه يليق عليك بشكل لا يصدق... ثم غمزت لراوية و هي تقول في خبث : ـ سيطير عقل العريس حين يراه عليك! هنا صرخت راوية في انفعال : ـ إنه ليس زوجي... بل خطيبي! خطيبي فقط!! ألا تفهمين؟! فوجئت المرأة بهجوم راوية المباغت... خاصة أنها تبدو وديعة و هادئة. لكنها سرعان ما تمالكت نفسها و قالت في هدوء و هي تربت على كتف راوية في محاولة لإقناعها : ـ و ماذا في ذلك؟ خطيبك سيصبح زوجك... و ليس هنالك من إشكال إن رآك جميلة و متأنقة... كما أن الصدر ليس مكشوفا بصفة مبالغ فيها... اصطدمت بنظراتنا النارية التي حدقت فيها في ذهول فاستدركت و هي تقول : ـ حسن... يمكننا أن نضيق فتحة الصدر قليلا حتى تصبح مقبولة... زفرت راوية في يأس و هي تقول : ـ نعم... تضيقين فتحة الصدر حتى يضيق الفستان أكثر و أكثر... أليس كذلك؟ تغير لون الحائكة و هي تختبئ من نظرات راوية الساخطة ثم قالت في ابتسامة مترددة : ـ سنجد الحل... لا داعي للقلق! خرجت مع راوية و قد سيطر عليها الحزن... لم ترد أن تأخذ الفستان، لكنني استلمته من الحائكة... فلم يعد هنالك ما يمكن فعله بما أنها دفعت المصاريف مقدما و لم يبق سوى مبلغ بسيط أقسمت راوية على أن لا تدفعه لها بعد أن أفسدت فستانها... و لم تجد الحائكة من مفر إلا أن ترضى بما تم دفعه و تنازلت عن المبلغ المتبقي بعد أن رأت عيني راوية الحمراوين! أوصلتها إلى منزلها حتى لا تفعل شيئا بنفسها و هي في تلك الحالة من الغضب. استقبلتنا راقية في الحديقة، و بعد أن قصصت عليها تفاصيل ما حصل. هتفت راوية باكية... فهي لم تعد قادرة على مقاومة دموع القهر : ـ و الآن... يجب أن أجد حلا... لم يعد هنالك الكثير من الوقت... ثلاثة أيام فقط على الحفلة... ماذا أفعل؟ سأضطر إلى شراء فستان جديد! ابتسمت راقية و هي تقول : ـ بل سترتدين فستانك هذا... و لا داعي لشراء فستان آخر! صرخت راوية في غضب : ـ لن أرتديه مهما حصل... مستحيل! احتضنتها راقية و هي تقول : ـ اهدئي و دعيني أشرح لك... تطلعت إليها راوية في يأس... فتابعت راقية : ـ اشتريت لك وشاحا منذ مدة... كنت أود أن أقدمه لك هدية بعد خطوبتك... لكن يبدو أنك في حاجة إليه الآن... لونه قريب جدا من لون الفستان... كما أنه عريض و يمكنه أن يخفي فتحة الصدر تماما... ثم جذبت راوية من ذراعها و هي تهتف : ـ تعاليا... سنجرب الفستان حالا... تبعناها إلى الداخل و دخلت راوية غرفتها بخطى متثاقلة لتجرب الوشاح مع الفستان. لبثنا ننتظرها في ترقب، و بعد لحظات خرجت إلينا و في عينيها نظرة انتصار... كانت قد وضعت الوشاح العريض على رأسها و لفته إلى الأمام بشكل دائري، حتى غطى ليس فتحة الصدر و حسب، بل كل الزينة و النقوش على صدر الفستان و أخفى الجزء العلوي منه إلى حدود الخصر تقريبا! نظرنا إليها في دهشة... لكنها كانت سعيدة بإنجازها... و الحقيقة أن لون الوشاح القريب من لون الفستان جعل شكلها العام متناسقا... و تنهدنا جميعا في ارتياح... عدت إلى البيت بعد أن تركت راوية في حال أحسن بكثير... و ما إن وصلت حتى جلست إلى أمي أقص عليها ما حصل مع راوية ذاك اليوم... أثناء حديثي كنت ألاحظ ابتسامتها الغريبة و هي تطالعني في اهتمام... و ما إن أتممت حكايتي حتى هتفت بها : ـ و الآن أخبريني... ماهو سر هاته الابتسامة و هاته النظرة؟ اتسعت ابتسامتها و هي تربت على رأسي في حنان و همست : ـ اتصلت بي اليوم والدة حسام... خفضت عيني خجلا و احمرت وجنتاي و لم أجرؤ على سؤالها عن سبب الاتصال... فمجرد ذكر حسام يكفي لبعثرة جميع أفكاري... |
العلامات المرجعية |
|
|