|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]()
كاتب و أديب و قارىء مميز ، يطلب من الشباب في منتدى آخر أن يصفوا تأثير كتاب عليهم و وقعه في النفس .
التالي كان إضافتي : كنت في السابعة حين وقعت في يدي بعض ألغاز المغامرين الخمسة (تختخ و عاطف و محب و نوسة و لوزة ) تلك التي تحولت إلى مسلسل كارتوني منذ عدة سنوات . قرأت معظم حلقاتها في العامين التاليين من عمري . بعدها صار كل مكان مسرح جريمة ، و كل البشر مشتبه بهم . صرت أخبىء أفعالي بحرص شديد و أعيد الأشياء لأمكانها بعد الإنتهاء منها حتى لا تنكشف الجريمة الكاملة . خفاء لازال يلازمني هو أوضح خصائصي . و حين يصطدم البشر بي (و أنا الصدام جزء من خريطة يومي) يدهشهم أن هذه النمنمة لها تلك القوة و الحيوية (يهملون من يحسبونها خاملة بلا طموح ، لكنهم لا يدركون أن رفعة الدنيا فراغ و هناك طرق علوية تفضي لأبواب خير لا علم لهم بها ). في الثانية عشر من عمري أجد في مكتبة أمي كتاب عبقرية عمر (رضي الله عنه) لعباس محمود العقاد . يستعصي علي ما خطته يد العقاد ، يبدو مبهماً ، لكن فعل سيدنا عمر الجلاء كله . أتخذ منه قدوة فتعرضني تلك الصلابة للمشاكل فأتحملها لأن قدوتي كان صلباً فلا أبالي بالأذى . تحضر الرابعة عشر فهم العقاد فأقرأ عبقرياته إلا كتاب عبقرية سيدنا محمد (صلى الله عليه و سلم) . يكون العقاد رفيق أيامي و يكون لي بعض تراص منطقه العقلي القويم . عند الخامسة عشر أقرأ كتابه عن الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه و أقرأ كتاب أهل بيت النبي (صلى الله عليه و على آله و صحبه الكرام) لجودة السحار فينقلب مزاجي كئيباً بدرجة سوداوي و أعتزل البشر مطولاً وقت ارتديت فيه طرحة و ثوباً طويلاً فأكون كمن أتت أهلها بالعار . ذلك أول الثمانينات حيث النساء يرتدين الحجاب يكتشفنه مجدداً فتعاني البيوت و يدخلها جدل عنيف حوله . السادسة عشر تشتري لي كتاب (المرأة في القرآن) للعقاد ، فتحسم علاقتي به مطلقاً . كتاب خطه هوى العقاد و علاقته الشخصية بالمرأة من وجهة نظري . تزعجني أفكار الكتاب و لا اتفق معها مطلقاً (ابنة السادسة عشر ليست إمرأة بعد و لا تعرف عن عالم الرجال إلا القليل . لكن الزمن لن يصالح بيني و بين العقاد مجدداً و لن أحفظ له جميله فيما أهداني من أسلوب فكر صبغني حينها . ) تقع بين يداي روايات أجاثا كريستي مترجمة فتأسرني و يعود لي مزاجي الحريص على التفاصيل (أمر لا يفارقني ) . تحضر الجامعة أفضل ما قرأت (عبقرية سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم للعقاد) ، يعتريني الخشوع زمناً طويلاً ، أحبه حقاً و أحس بقربه و أناجيه و أغض بصري ، يحفظني قربه في الجامعة و الإختلاط حولي و التيارات السياسية و الصوفية المتلاطمة فيمر ذلك إلى جواري يكاد يكتسحني ، لا يجرؤ لهيبة رسول الله صلى الله عليه و سلم . الجامعة تحضر لي كتب الكيمياء الحيوية الأمريكية . حيث العلم يكشف ما يجري في الخلايا البشرية . يصفون وجود الكائن الحي على مستوى أقل من الميللمتر (ألفي خلية حية تستغرق حجماً كحجم النقطة . أما قطرة الماء فتحتوي 30 مليون مليون ذرة!) . أقابل صفات خالقي كما أثنى على ذاته العلية يصفه بها أهل الشرك كما خلق بني البشر. يتملكني الوجد لربي مالك الملك ذي الجلال و الإكرام ، يحجب عني السوء ، يشغلني ربي عن البشر حولي و من وجد الله ماذا فقد ؟ لا شيء . |
#2
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
ما بعد الجامعة أقرأ الأدب الإنجليزي بجوه القديم فيتحفني أدباؤه بجو رمادي يفوح منه المرض و الإكتئاب في وقت كان المرض حياتي و وجودي. أنام ساعتين بعد الفجر كي أصحو أكثر ألماً . يزيد ما أقرؤه النفس سواداً. ماذا أضافت إلي روايات كتلك ؟ أحمد الله على نعمة الإسلام فمولاي رؤوف رحيم . فأنا أرفق منهم حالاً و أقل بؤساً . الأدب الإنجليزي يبدد الصور المثالية التي يرسمها من حولي للغرب ، يستقر في خلدي أن القوم في شقاء رغم كل ما هم فيه من نعيم مادي . يشتد التصاقي بديني . حكايات النعيم و العز الذي يحياهما الأجنبي لا تخدعني فهم أولى من يتحدث عن شقائهم . الثلاثين تحضر لي تنتوفة صحة و قدرة على القراءة مرة أخرى و مجلة المختار الأمريكية (Reader's digest) بلغتها الإنجليزية الأمريكية . أقرأها بنهم من الغلاف إلى الغلاف . أنتظرها شهرياً و أشتري أعدادها القديمة . تبحث هيئة تحرير تلك المجلة في مقالات الصحف و المجلات الأخرى و الكتب و تنتقي منها وجبة رائقة تختصرها و تكثفها و تعرضها في مجلة من أكثر من مائتي صفحة بقليل يستمتع بها مئات ملايين القراء. يدهشني حب البشر هناك و ولعهم بالحياة على أصلها ، أمر يعيد لي بعض الشغف بحياتي على علاتها . السياسة بها قطرة (معظمه ترديد للدعايات اليهودية المشهورة) . باقي المجلة ينشغل بكيف يحيا انسان ما حياته و يتقدم فيها و يحدد مكانه و علاقاته بمن حوله فيجد سلامه الخاص الذي يقنعه بالإستمرار في الحياة. تجيب المجلة سؤالاً هاماً : لماذا الأمة الأمريكية في قيادة العالم و مقدمته ؟ تبدو لي بعض أسباب ذلك في دأب البشر و شغفهم بحياتهم و عنايتهم بما حولهم . يذكر أحدهم بفخر كيف يحضر إفطاره و يخرج كيس القمامة فيضعه في المكان المخصص فيكتشف وردة جديدة تنمو في وسط الثلج ! مقالة هذا فحواها تطول صفحتين وسط إعجابي . مقالة أخرى بسيطة تشكلني مجدداً . الكاتبة محررة ناجحة في مجلة مرموقة ، و أم لصغيرين . تذهب في إجازة فتتسلق مع الأطفال جبلاً . يقنعها الجبل بترك وظيفتها و مدينتها المزدحمة لتصبح كاتبة في بلدة صغيرة حيث الطبيعة تطل على كل شباك مفتوح و الأولاد يكبرون تحت سمعها و بصرها . بعدها صرت أهتم بكل ابتسامة و نظرة عين و نبضة قلب أرسمها بعناية قبل أن أعرضها لمن أحب. أحد كتب هذه المجلة ذو فضل علي . الكتاب يدعى (أقسى مدرسة على الأرض) و كاتبه ضابط عسكري أمريكي يطمح في الإنضمام لفريق القوات الخاصة التي تنفذ عمليات الإغتيالات و العمليات السرية في مجموعات صغيرة تحت ظروف لا يطيقها الجسم البشري. امتحان القبول في هذا التنظيم به مجموعة من التحديات الجسمانية و النفسية و العقلية و يشمل الإنضباط ضمن فريق . تحدي يترك له الطعام و النوم و يواصل جهده مهما بلغ من الإجهاد على مدى أسبوع . أشعر بالتحدي و النقص أن أكون أقل ممن لا قضية له سوى علو بلده على العالمين . أضع صورته العقلية إزائي طوال العام وأقبل تحديات بالغة في عملي فتكون سنة عسيرة ، يصل فيها الجهد مداه ، فأعمل من ستة إلى سبع ساعات يومياً ضمن إجهاد عقلي و نفسي و مرض و حمى تأخذ الحياة من الحياة كل بضعة أيام . أوفر كل جنيه من عملي و أرسله لحساب للأهل في فلسطين يدعم صمودهم . و أفخر بنفسي إذ صمدت في هكذا تحدي عاماً لا أسبوع ، بالكاد يقر في جوفي طعام ، لا أنام حيث الجهد يبلغ مني مبلغه) ، أبقى طوال الليل أدعو المولى فلا قبل لي إلا بطرف من صلاة . ينتهي العام كاشفاً لي مخالفات كثيرة في عملي . و يبدو لي بجلاء تعارض أهدافي مع من حولي . و لن يشاء المولى أن يكتمل عملي في المكان فانتقل لعمل جديد أيسر ، و يطبق علي المرض فلا أتيقظ أكثر من ست ساعات و أنام جزء كبير من الإجازة . أود لو أحسد كل قارىء يقضي وقته مراوحاً بين الكتب لكنني أشكر لكاتب المقال تذكيري بأيام شغلتني فيها القراءة عن كثير . لازال عقلي يذكر هكذا متعة . أما الآن فالرضا بعض نسيج أعصابي . و قد بلغت أشدي بفضل خالقي العظيم و و استخلفني مولاي في الأرض . و بوسع أفعالي أن تملأ كتاب الحياة أسطراً عوضاً أن أكون ضيفة على فعل غيري ، لذلك أترك لكل قارىء عتيد عالمه تثريه القراءة و أنسحب إلى عالمي أدبر ما يجعلني أحوز القلوب . ماذا نضيف للكيك هذه المرة كي نغيّـر المكان و البشر غداً ً؟ |
العلامات المرجعية |
|
|