#8
|
||||
|
||||
![]() المذاهب في القدر صار المسلمون في القدر عدة مذاهب نبينها في المباحث التالية : المبحث الأول مذهب المكذبين بالقدر ذهب بعض الضالين في هذا الباب إلى نفي القدر ، وزعموا أن الله – تعالى عمَّا يقولون – لا يعلم بالأشياء قبل حصولها ، ولم يتقدم علمه بها ، وقالوا : إنما يعلم الله بالموجودات بعد خلقها وإيجادها . وزعم هؤلاء كذباً وزوراً أن الله إذا أمر العباد ونهاهم لا يعلم من يطيعه منهم ممن يعصيه ، ولا يعلم من يدخل الجنة ممن يدخل النار ، حتى إذا استجاب العباد لشرعه أو رفضوا – علم السعداء منهم والأشقياء ، ويرفض هؤلاء الضلال الإيمان بعلم الله المتقدم ، كما يكذبون بأن الله كتب مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض ، كما ثبت في الكتاب والسنة . وقد نشأ القول بهذا في آخر عهد الصحابة ، فأول من قال به معبد الجهني ، ثم تقلد عنه هذا المذهب الفاسد رؤوس المعتزلة وأئمتهم كواصل بن عطاء الغزال ، وعمرو بين عبيد ، ورويت عنهم ف هذا أقوال شنيعة فيها تكذيب لله ولرسوله في أن الله علم الأشياء وكتبها قبل خلقها (1) . وقد خشى الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته هذا الضلال الذي وقعت فيه هذه الفرقة ، ففي الحديث الصحيح الذي يرويه ابن عساكر عن أبي محجن وابن عبد البر في "الجامع " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أخاف على أمتي من بعدي ثلاثاً : حيف الأئمة ، وإيماناً بالنجوم ، وتكذيباً بالقدر " (2) . وروى أبو يعلى في مسنده والخطيب في التاريخ وابن عَدِيّ في الكامل بإسناد صحيح عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أخاف على أمتي من بعدي خصلتين : تكذيباً بالقدر ، وتصديقاً بالنجوم " (3) . وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته من هذا الضلال ، ففي الحديث الذي يرويه الطبراني في معجمه الأوسط ، والحاكم في مستدركه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه قال : " أُخِّر الكلام في القدر لشرار أمتي " (4) . وروى الطبراني في معجمه الكبير عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ أمر هذه الأمة لا يزال مقارباً حتى يتكلموا في الولدان وفي القدر " (5) . وسمى الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الفريق بمجوس هذه الأمة ، لأن المجوس يقولون بوجود خالقين اثنين : النور والظلمة ، وهذا الفريق يقولون بوجود خَالِقين ، بل يزعمون أن كلَّ واحد خالق من دون الله ، وقد أمر الرسول صلى الله وسلم بهجران هذا الفريق ، فلا يزارون ولا يعادون ، ففي الحديث الذي يرويه أحمد في مسنده بإسناد حسن عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لكل أمة مجوس ، ومجوس أمتي الذين يقولون لا قدر ، إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم " (6) . وفي حديث آخر يرويه أحمد وأبو داود عن ابن عمر أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " القدرية مجوس هذه الأمة ، إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم " (7) . وقد صاح الصحابة بأصحاب هذه الضلالة من كل ناحية ، وأنكروا عليهم ما جاؤوا به من الضلال والباطل ، ونهوا الناس عن مخالطة هؤلاء ومجالستهم ، وأوردوا عليهم النصوص الفاضحة لباطلهم ، المقررة للحق في باب القدر . ففي سنن الترمذي عن نافع أنَّ ابن عمر جاءَه رجل فقال : إنَّ فلاناً يَقرأ عليك السلام ، فقال له : بلغني أنّه قد أحدث ، فإن كان قد أحدث فلا تقرئه مني السلام ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يكون في هذه الأمة أو في أمتي خسف أو مسخ أو قذف في أهل القدر " . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب . وفي الترمذي عن ابن عمر أيضاً يرفعه : " يكون في أمتي خسف ومسخ وذلك في المكذبين في القدر " (8) . وفي سنن الترمذي أيضاً عن عبد الواحد بن سليم قال : قدمت مكة فلقيت عطاء بن أبي رباح فقلت له: يا أبا محمد ، إن أهل البصرة يقولون : لا قدر . قال يا بني ، أتقرأ القرآن ؟ قلت : نعم . قال : فاقرأ الزخرف . قال : فقرأت : ( حم - والكتاب المبين - إنا جعلناه قرأناً عربياً لعلكم تعقلون - وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) [ الزخرف : 1-4 ] . قال : أتدري ما أم الكتاب ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : فإنه كتاب كتبه قبل أن يخلق السماوات والأرض ، فيه أن فرعون من أهل النار ، وفيه ( تبت يدا أبي لهب وتب ) [ المسد : 1 ] . قال عطاء : فلقيت الوليد بن عبادة بن الصامت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته ما كانت وصية أبيك عند الموت ؟ قال : دعاني أبي فقال لي : يا بني ، اتق الله ، واعلم أنك لن تتقي الله حتى تؤمن بالله ، وتؤمن بالقدر كله خيره وشره ، فإن مت على غير هذا أدخلت النار ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول ما خلق الله القلم قال : اكتب .فقال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما كان ، وما هو كائن إلى الأبد " . قال الترمذي : هذا حديث غريب من هذا الوجه (9) . وقد نص الأئمة على كفر هذه الطائفة التي لم تقر بعلم الله ، وممن نص على كفرهم الأئمة مالك والشافعي وأحمد (10) . وقد تلاشت هذه الطائفة التي تكذب بعلم الله السابق أو كادت ، يقول السفاريني : " قال العلماء : المنكرون لهذا انقرضوا ، وهم الذين كفرهم عليه الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد وغيرهم من الأئمة " (11) . " وقال القرطبي : قد انقرض هذا المذهب ، فلا نعرف أحداً ينسب إليه من المتأخرين . وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني : القدرية اليوم مطبقون على أن الله عالم بأفعال العباد قبل وقوعها ، وإنما خالفوا السلف في زعمهم بأن أفعال العباد مقدورة لهم ، وواقعة منهم على وجه الاستقلال ، وهو مع كونه مذهباً باطلاً أخف من المذهب الأول . قال : والمتأخرون منهم أنكروا تعلق الإرادة بأفعال العباد فراراً من تعلق القديم بالمحدث " (12) . وقال النووي : " قال أصحاب المقالات من المتكلمين : انقرضت القدرية القائلون بهذا القول الشنيع الباطل ، ولم يبق أحد من أهل القبلة عليه ، وصارت القدرية في الأزمان المتأخرة تعتقد إثبات القدر ، ولكن يقولون : الخير من الله ، والشر من غيره تعالى الله عن قولهم " (13) . " والقدرية يعترفون بأن الله خلق الإنسان مريداً ، لكن يجعلونه مريداً بالقوة والقبول ، أي قابلاً لأن يريد هذا ويريد هذا ، وأمّا كونه مريداً لهذا المُعَيَّنِ ، وهذا المُعَيَّنِ ، فهذا عندهم ليس مخلوقاً " (14) . " فهؤلاء في الحقيقة مجوس ثَنَوِيَّة ، بل أعظم منهم ، فإن الثَنويّةَ أثبتوا خالِقَين للكون كله ، وهؤلاء أثبتوا خالقين لكل فرد من الأفراد ، ولكل فعل من الأفعال ، بل جعلوا المخلوقين كلهم خالقين ، ولولا تناقضهم لكانوا أكفر من المجوس . وطرد قولهم ولازمه وحاصلة هو إخراج أفعال العباد عن خلق الله – عز وجل – وملكه ، وأنها ليست داخلة في ربوبيته عز وجل ، وأنه يكون في ملكه ما لا يريد ، ويريد مالا يكون ، وأنهم أغنياء عن الله عز وجل ، فلا يستعينون على طاعته ولا ترك معصيته ، ولا يعوذون بالله من شرور أنفسهم ولا سيئات أعمالهم ولا يستهدونه الصراط المستقيم " (15) . والقدرية بزعمهم أرادوا تنزيه الله وتقديسه عندما زعموا أن الله شاء الإيمان من الكافر ، ولكنَّ الكافر هو الذي شاء الكفر ، وحجتهم في ذلك أن هذا يؤدي إلى الظلم ، إذ كيف يشاء الله الكفر من الكافر ثم يعذبه عليه . ولكنهم – كما يقول شارح الطحاوية – " صاروا كالمستجير من الرمضاء بالنار ، فإنهم هربوا من شيء فوقعوا فيما هو شرٌّ منه فإنه يلزم أن مشيئة الكافر غلبت مشيئة الله تعالى ، فإن الله قد شاء الإيمان منه – على قولهم – والكافر شاء الكفر ، فوقعت مشيئة الكافر دون مشيئة الله تعالى ، وهذا من أقبح الاعتقاد ، وهو قول لا دليل عليه ، بل هو مخالف للدليل " (16) . ومشيئة الله الكفر من الكافر ليس ظلماً له كما يدعي أهل الظلم من القدرية ؛ فلله الحجة البالغة ، وله في عباده من الحِكَمِ مالا يعلمه إلا هو تبارك وتعالى . ففي صحيح مسلم عن أبي الأسود الدِّيلي ، قال : قال لي عمران بن الحصين : " أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه ، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر ما سبق ؟ أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم ، وثبتت الحجّة عليهم ؟ فقلت : بل شيء قضي عليهم ، ومضى عليهم . قال : فقال : أفلا يكون ظلماً ؟ قال : ففزعت فزعاً شديداً . وقلت : كل شيء خَلْق الله ومِلْك يده فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون . فقال لي : يرحمك الله ، إني لم أرد بما سألتك إلا لأحرز عقلك . إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا : يا رسول الله ، أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه ، أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق ، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم ، وثبتت الحجة عليهم ؟ فقال : " لا ، بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم ، وتصديق ذلك في كتاب الله ( ونفس وما سواها - فألهمها فجورها وتقواها ) [ الشمس : 7-8 ] (17) . وفي سنن أبي داود عن ابن الديلمي قال : أتيت أُبي بن كعب ، فقلت له : وقع في نفسي شيء من القدر ، فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي ، قال : لو أن الله عذَّب أهل سمواته وأهل أرضه عذبهم وهو غير ظالم لهم ، ولو رحمهم كانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم ، ولو أنفقت مثل أحد ذهباً في سبيل الله ، ما تقبله الله منك حتى تؤمن بالقدر ، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، ولو مت على غير هذا لدخلت النار . قال : ثم أتيت عبد الله بن مسعود ، فقال مثل ذلك، ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك ، ثم أتيت زيد بن ثابت فقال مثل ذلك (18) . والقدرية بمسلكهم هذا جعلوا لأهل الضلال سبيلاً عليهم ، فقد ذكر عمر بن الهيثم قال : خرجنا في سفينة ، وصحبنا فيها قدري ومجوسي ، فقال القدري للمجوسي : أسلم . فقال المجوسي : حتى يريد الله . فقال القدري : إن الله يريد ، ولكن الشيطان لا يريد . قال المجوسي : أراد الله وأراد الشيطان ، فكان ما أراد الشيطان ، هذا شيطان قوي . وفي رواية أنه قال : فأنا مع أقواهما (19) . محاورة أهل السنة للقدرية ولم يستطيع منطق المعتزلة أن يقف في مجال الحجاج مع عوام أهل السنة فضلاً عن علمائهم وأهل الرأي فيهم . يذكر أهل العلم أن أعرابياً أتى عمرو بن عبيد ، فقال له : إن ناقتي سُرقت ، فادع الله أن يردها عليَّ . قال عمرو بن عبيد : اللهم إن ناقة هذا الفقير سُرقت ، ولم تُرِدْ سرقتها ، اللهمّ ارددها عليه . فقال الأعرابي : الآن ذهبت ناقتي ، وأيست منها . قال : كيف ؟ قال : لأنه إذا أراد أن لا تُسرق فسرِقت ، لم آمن أن يريد رجوعها فلا ترجع ، ونهض من عنده منصرفاً (20) . إجابة أبو عصام القسطلاني لقدري وقال رجل لأبي عصام القسطلاني : أرأيت إن منعني الهدى ، وأوردني الضلال ثم عذبني أيكون منصفاً ؟ فقال له أبو عصام : إن يكن الهدى شيئاً هو له ، فله أن يعطيه من يشاء ويمنعه من يشاء (21) . محاورة عبد الجبار الهمداني وأبي إسحاق الإسفراييني ودخل عبد الجبار الهمداني أحد شيوخ المعتزلة – على الصاحب ابن عباد ، وعنده أبو إسحاق الإسفراييني أحد أئمة السنة ، فلما رأى الأستاذ قال : سبحان من تنزه عن الفحشاء . فقال الأستاذ فوراً : سبحان من لا يقع في ملكه إلا من يشاء . فقال القاضي : أيشاء ربنا أن يُعْصَى ؟ فقال الأستاذ : أيُعْصَى ربنا قهراً ؟ فقال القاضي : أرأيت إن منعني الهدى ، وقضى عَليَّ بالردى ، أحسن إليّ أم أساء ؟ فقال الأستاذ : إن منعك ما هو لك فقد أساء ، وإن منعك ما هو له فهو يختص برحمته من يشاء . فبهت القاضي . وفي تاريخ الطبري أن غيلان قال لميمون بن مهران بحضرة هشام بن عبدالملك الذي أتى به ليناقشه : أشاء الله أن يُعصى ؟ فقال له ميمون : أفَعُصيَ كارهاً ؟ " (22) . بيْنَ عمر بن عبد العزيز وغَيْلان الدمشقي وحاور عمر بن عبد العزيز غيلان الدمشقي أحد رؤوس الاعتزال ، فقال له عمر : يا غيلان بلغني أنك تتكلم في القدر . فقال : يَكْذِبون عليَّ يا أمير المؤمنين . قال : اقرأ عليَّ سورة " يس " . قال : فقرأ عليه : ( يس - والقرآن الحكيم - إنك لمن المرسلين - على صراط مستقيم - تنزيل العزيز الرحيم - لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم فهم غافلون - لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون - إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً فهي إلى الأذقان فهم مقمحون - وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) [ يس : 1-9 ] . قال غيلان : لا والله لكأني يا أمير المؤمنين لم أقرأها قط إلا اليوم . أشهد يا أمير المؤمنين أني تائب من قولي بالقدر . فقال عمر : اللهم إن كان صادقاً فتب عليه ، وإن كان كاذباً فاجعله آية للمؤمنين (23) . قال معاذ بن معاذ : حدثني صاحب لي قال : " مرَّ التيمي بمنزل ابن عون فحدثه بهذا الحديث ، قال ابن عون : أنا رأيته مصلوباً بدمشق " (24) . وقال أبو جعفر الخطمي : " شهدت عمر بن عبد العزيز وقد دعا غيلان لشيء بلغه في القدر فقال له : ويحك يا غيلان ما هذا الذي بلغني عنك ؟ قال : يُكْذَبُ عليَّ يا أمير المؤمنين ، يقال عليَّ ما لا أقول . قال : ما تقول في العلم ؟ قال : نفذ العلم . قال : أنت مخصوم ، اذهب الآن فقل ما شئت . يا غيلان ، إنك إن أقررت بالعلم خصمت ، وإن جحدته كفرت ، وإنك إن تقر به فتخصم ، خير لك من أن تجحد فتكفر . ثم قال له : أتقرأ ( يس ) ؟ فقال نعم . قال : اقرأ . قال : فقرأ ( يس - والقرآن الحكيم ... ) إلى قوله : ( لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون ) [ يس : 1-7 ] . قال : قف كيف ترى ؟ قال : كأني لم أقرأ هذه الآية يا أمير المؤمنين . قال : زد . فقرأ : ( إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً فهي إلى الأذقان فهم مقمحون - وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً ) [ يس : 8-9 ] . فقال له عمر : قل ( سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون - وسواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) [ يس :9-10 ] . قال : كيف ترى ؟ . قال : كأني لم أقرأ هذه الآيات قط ، وإني أعاهد الله أن لا أتكلم في شيء مما كنت أتكلم فيه أبداً . قال : اذهب . فلما ولىَّ قال : اللهم إن كان كاذباً بما قال فأذقه حر السلاح . قال : فلم يتكلم زمن عمر ، فلما كان يزيد بن عبد الملك كان رجلاً لا يهتم بهذا ولا ينظر فيه . قال : فتكلم غيلان . فلما ولي هشام أرسل إليه فقال له : أليس قد كنت عاهدت الله لعمر لا تتكلم في شيء من هذا أبداً ؟ قال : أقلني ، فوالله لا أعود . قال : لا أقالني الله إن أقلتك ، هل تقرأ فاتحة الكتاب ؟ قال : نعم . قال : اقرأ ( الحمد لله رب العالمين ) . فقرأ : ( الحمد لله رب العالمين - الرحمن الرحيم - مالك يوم الدين - إياك نعبد وإياك نستعين ) [ الفاتحة : 2-5 ] . قال : قف . على ما استعنته ؟ على أمر بيده لا تستطيعه ، أو على أمر في يدك أو بيدك ؟ اذهبا فاقطعا يديه ورجليه واضربا عنقه واصلباه (25) (26) . والقدرية النفاة حُرموا الاستعانة بالله الواحد الأحد ، لأنهم زعموا أن الله لا يقدر على أفعال العباد ، وأن العبد هو الخالق لفعله ، فكيف يستعينون بالله على مالا يقدر عليه . وهؤلاء يعتمدون فيما يفعلون على حولهم وقوتهم وعملهم ، وهم يطلبون الجزاء والأجر من الله كما يطلب الأجير أجره من مستأجره ، والله ليس محتاجاً إلى العباد وأعمالهم ، بل نفع ذلك عائد إلى العباد أنفسهم ، ومع كون العباد هم المحتاجين إلى الأعمال ، فلا غنى لهم عن الاستعانة بالله ( إياك نعبد وإياك نستعين ) [ الفاتحة : 5 ] . ( فاعبده وتوكل عليه ) [ هود : 123 ] . -------------------------------- (1) راجع : عقيدة السفاريني : 1/300 ، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام : 8/59 . (2) صحيح الجامع الصغير : 1/120 . ورقم الحديث : 212 . (3) صحيح الجامع الصغير : 1/120 . ورقم الحديث : 120 . (4) صحيح الجامع الصغير : 1/123 . ورقم الحديث : 224 . (5) صحيح الجامع الصغير : 3/72 . ورقم الحديث : 3060 . (6) صحيح الجامع الصغير : 5/37. ورقم الحديث : 5039 . (7) مشكاة المصابيح : 1/38 ورقم الحديث 107 والذي حققه الشيخ ناصر في تعليقه على المشكاة أن الحديث حسن الإسناد . (8) سنن الترمذي : 4/456. حديث رقم 2152 ، 2153 . (9) سنن الترمذي : 4/457 ورقمه 2155 . وانظر صحيح سنن الترمذي للشيخ ناصر الدين الألباني : 2/228 . (10) راجع فتاوى شيخ الإسلام : 8 / 288 . (11) عقيدة السفاريني : 1/301 . (12) عقيدة السفاريني : 1/301 . (13) شرح النووي على مسلم : 15/ 154 . (14) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 8 / 206 . (15) معارج القبول : 2/253 . (16) شرح الطحاوية : ص 277 . (17) صحيح مسلم : 4/2041 ، ورقم الحديث : 2650 . (18) سنن أبي داود : 4/310 . ورقم الحديث : 3699 . (19) شرح الطحاوية : 278 . (20) شرح أصول اعتقاد أهل السنة : ص740 . (21) شرح الطحاوية :ص278 . (22) انظر هاتين القصتين في تعليق محقق شرح الطحاوية ص278 وانظر فتح الباري : 13/ 451 . (23) قال محقق كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة : هذه الرواية رواها الآجري في الشريعة ص 229 وابن بطة في الإبانة (2 : 326 - 327 ) . (24) قال محقق كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة : رواه عبد الله بن أحمد – بدون واسطة بين معاذ وابن عون – في السنة ص 128 وابن بطة – وفيه أن القائل : أنا رأيته ... هو ابن عوف . الإبانة 2/327 قال الهيثمي : رواه أحمد ورجاله ثقات . مجمع الزوائد7/207 . (25) قال محقق كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة : رواه عبد الله بن أحمد – المذكور في السند – في السنة ص 127-128 . (26) شرح اعتقاد أصول أهل السنة : 713 – 715 . |
العلامات المرجعية |
|
|