#9
|
|||
|
|||
![]() رحلة الدم داخل الأوعية الدموية ![]() لقد ذكرنا وجود شبكة كثيفة من الأعصاب تلف أجسامنا، وهناك شبكة أخرى تلف أجسامنا بشكل معجز، وهي شبكة الأوعية الدموية التي لها امتدادات في جميع أنحاء الجسم. وشبكة الأوعية الدموية مثلها مثل شبكة الخلايا العصبية تغطي أو تلف كافة أنحاء الجسم مهما صغر حجمها. وهذه الشبكة من الأوعية الدموية طويلة إلى درجة أنها لو وصلت ببعضها البعض لبلغ طولها مئة ألف كم. وليس من الصعب علينا تمييز الانتشار الكثيف لهذه الأوعية في أجسامنا لأن حدوث مجرد خدش بسيط يعتبر كافيا لتدفق الدم، وهو ما يثبت لنا وصول الدم إلى كافة أجزاء الجسم بواسطة هذه الأوعية. ووصول الدم إلى كافة أجزاء الجسم يعتبر أمرا مهما وحيويا، والسبب هو الدور الحيوي الذي تلعبه هذه الأوعية في إيصال المواد الغذائية اللازمة إلى مختلف الخلايا. ![]() وهذه الأوعية لا تحمل المواد الغذائية اللازمة للخلايا فقط، وإنما تحمل أيضا الأكسيجين اللازم لها. ويمكننا تشبيه حمل المواد الغذائية عبر الدم بالشحن البحري، فالبضائع ينبغي أن تحمل إلى ظهر السفينة أولا، وهنا يبرز الدور الأساسي للتغليف والترتيب كشرط لتحميل البضائع إلى السفينة. وبعد أن ينتهي التحميل تنطلق السفينة عبر البحر متوجهة صوب الميناء الهدف. وعندما تبلغ هذا الميناء الهدف تقترب منه ليتم إنزال الحمولة وبالتالي يتم التوجه بها نحو الهدف المقصود. وتعتبر الأوعية الدموية محيطا مائيا عظيما تتوجه خلاله المواد الغذائية نحو الخلايا المحتاجة لها، حيث تسبح خلال الدم الأحماض الأمينية والدهون والأكسيجين متوجهة نحو الخلايا. لكن هذه المواد تسبح في الدم وهي متغيرة بعض الشيء بما يشبه تغليف وترتيب البضاعة المكونة عبر السفن. ولا يتولد أي خطأ خلال عملية نقل هذه المواد الغذائية. فكل مادة غذائية تصل إلى الخلية الهدف في اللحظة المناسبة وبالكمية المناسبة أيضا. ولو حدث خطأ كأن أعطيت الخلية دهنا بدلا من الأكسيجين لتعرضت تلك الخلية إلى الموت على الفور. مما يعني أن أي خطأ مهما كان ضئيلا يؤدي إلى أضرار جسيمة. إلا أن مثل هذا الخطأ لا يحدث لأن هذه الفعاليات جميعها لا تحدث بمحض المصادفة، وإنما خلقت الأجهزة الجسمية التي تجري فيها هذه الفعاليات الحيوية بقدرة الله الذي خلق كل شيء و سخره لخدمة الإنسان. النقل ![]() ![]() لقد تحدثنا فيما سبق عن كون الدم الوسيلة المتبعة لإيصال كافة الاحتياجات اللازمة إلى أنحاء الجسم المختلفة . وتقوم خلايا الدم أثناء عملية النقل بأخذ ثاني أوكسيد الكربون من الخلايا المختلفة ليتم طرحه فيما بعد كفظلات، أي أن الدم يعتبر أيضا جامعا للنفايات الجسمية . وبذلك يصل الدم يوميا إلى 100 تريليون خلية جسمية ليعطيها احتياجاتها اللازمة وليستلم منها فظلاتها . ويتولى الدم أداء هذه الوظيفة الحساسة، وهذه المسؤولية الجسمية دون أي خطأ . ويعرف ماهية المواد التي يتولى نقلها وفوائدها والأهداف التي يجب إيصالها إليها . وعلى سبيل المثال لا يقوم الدم بنقل ثاني أوكسيد الكربون الذي أخذه من خلية جسمية ما كفظلات إلى خلية جسمية أخرى، فهو دائما يتولى منح الأوكسجين للخلايا آخذا منها ثاني أوكسيد الكربون . ويقوم بهذه المهمة دون كلل أو خلل . ويرجع سبب هذا الإتقان إلى كون الدم جزءا من النظام الدقيق الذي خلقت عليه أجسامنا من قبل الخالق عزّ وجل . فالخلايا الجسمية تتبع هذا النظام الدقيق الذي خلقه ربنا عز و جل إتباعا صارما . مقاتلو الدم ![]() ![]() - يحتوي الدم على خلايا مختلفة من ناحية الوظيفة، وكما يرى في الصورة إلى الأعلى فإن بعض هذه الخلايا يتولى نقل المواد الغذائية والبعض الآخر يتولى الدفاع عن الجسم. تقاوم أجسامنا يوميا البكتريا و الرواشح والجراثيم . وقسم من هذه المخلوقات يتم منعها من دخول أجسامنا، والقسم الأخر ينجح في الدخول . وتحتوى أجسامنا على خلايا خاصة تقاتل ضد هذه الجراثيم . ونستطيع أن نسمي هذه الخلايا التي تدافع عن أجسامنا بالخلايا المقاتلة . وتوجد هذه الخلايا المقاتلة في الدم الذي تسبح فيه . فعندما تنجح الجراثيم في الدخول. إلى أجسامنا سرعان ما تبدأ الخلايا المقاتلة بشن الهجوم على هذه الجراثيم والوصول إليها عبر الأوعية الدموية . ولا يمكن أن تؤدي هذه الخلايا وظيفتها الدفاعية من تلقاء نفسها . فهي تعرف مهمتها بالضبط منذ اللحظة التي وجدت فيها . وهذه الحقيقة هي إحدى مظاهر الإبداع في خلق أجسامنا . فالله سبحانه هو الذي سخر هذه الخلايا التي لا ترى بالعين المجردة كي تتولى عملية الدفاع عنا، فتبارك الله أحسن الخالقين . ![]() الاتصال ![]() يعتبر الدم أيضا وسيلة من وسائل الاتصال وتبادل المعلومات بين خلايا الجسم . فهناك رسائل يتم حملها عبر الدم من جزء إلى آخر داخل الجسم . وهذه الرسائل تدعى بالهرمون . وتؤدي هذه الهرمونات وظائفها كما لو كانت كائنات عاقلة، فتحمل الرسائل التي تحتوي عليها إلى أهدافها دون أي خطأ . ونستطيع بواسطة هذه الرسائل أن نشم الرائح، وتستطيع أجسامنا أن تنمو وتحس بالعطش أو تتعرف على وظائف حيوية أخرى . ![]() الدم الذي يداوي الجروح ![]() ![]() لابد أنكم لاحظتم انقطاع النزيف الدموي بعد برهة من حدوث بعض الجروح الطفيفة . إن هذا الانقطاع التلقائي للنزيف أمر مثير حقا . وتكمن الغرابة في توقف السائل عن السيلان من تلقاء نفسه، فالسوائل عادة تسيل من تلقائها إذا وجدت أي فتحة تمكنها من ذلك . ولتسهيل الأمر عليكم أعزائي الصغار تعالوا نتخيل أننا نمسك بالونة مليئة بالماء، فإذا ثقبنا البالونة بإبرة دقيقة سرعان ما يبدأ الماء في الانسياب من ذلك الثقب . ولكن هل يتوقف انسياب الماء من البالونة دون تدخل منا؟ بالطبع لا، فالانسياب يستمر حتى آخر قطرة من الماء داخل البالونة . وهذا الأمر يشمل جميع السوائل الموجودة داخل الأوعية المغلقة . ![]() والدم سائل يوجد في محيط مغلق أي داخل الأوعية الدموية، وعند حدوث أي جرح يبدأ في السيلان . إن آلية تخثر الدم عند حدوث الجروح هي التي توقف النزيف . وهذه الآلية تعتبر إحدى الأنظمة الدفاعية التي توجد في أجسامنا . فهناك مواد في الدم تعمل على سد الجروح، وهكذا تمنع تدفق المزيد من الدم خارج الجسم . وكما هو واضح من الصورة الجانبية تهرع بعض المواد الموجود في الدم إلى ناحية الجرح الذي أصاب الوعاء الدمعي، وتبدأ هذه المواد في مرحلة أولى بالتراص مع بعضها البعض في فتحة الجرح، ثمّ تبدأ في تكوين ما يشبه الشبكة لمنع تدفق الدم بسهولة، وبعد ذلك تتصلب الشبكة حتى تتحول إلى القشرة التي نراها فوق الجروح . والآن لنفكر قليلا هل أن ما ذكرناه يحدث بالمصادفة؟ من أين علمت الخلايا الدموية أن هناك جرحا حدث في مكان ما من عالم واسع وكبير بالنسبة إليها . ولماذا تسرع إلى مكان الجرح؟ ولماذا تعمل على وقف النزيف؟ وكيف تعلم أن وقف النزيف يتم عبر سد الجروح؟ ومن الذي علم هذه الخلايا أن مهمتها هي إيقاف النزيف؟ ومن المستحيل أن تعرف الخلايا هذه المهام أو أن تقوم بها بمحض جهودها عن طريق المصادفة . ومن المستحيل على الإنسان أن يوجد مثل هذا النظام الدفاعي في الجسم أو أن يكون هو الذي علم أجزاء هذه الخلايا وظائفها الحيوية هذه . إن مثل هذا السلوك الواعي الذي تسلكه خلايا الدم ليس نابعا من الخلايا أنفسها، بل الله سبحانه وتعالى هو الذي ألهمها ذلك، وبالتالي تعمل هذه الخلايا وفق هذا الإلهام الإلهي . ويقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه المبين عن الأعجاز في خلقه ما يلي : الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ البَصَرَ هَلَ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ اِرْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ . الملك، 3-4 الدم : السائل المعجزة الذي لا يمكن صنع مثيل له لقد بذل العلماء جهودا كبيرة لإنتاج سائل شبيه بالدم إلاّ أن هذه الجهود باءت بالفشل، وأخيرا تركوا هذا المجال إلى مجالات علمية أخرى . ويستحيل على العلماء تقليد الدم في مكوناته لأن الدم يتميز بتخثره حالما يخرج من الوعاء الدموي الذي يحويه، وبالتالي تتغير بنيته . وحتى إذا تم حفظ الدم داخل أوعية زجاجة لا يجدي نفعا في تقليده لأن خلايا الدم لا تبقى حية بصورة تامة في حالة حفظ الدم داخل هذه الأوعية الدموية . ولهذا السبب اضطر الباحثون إلى أن يفرزوا مكونات الدم بمعزل عن بعضه البعض كي تَسهل معرفة خواصها . ومن هنا فشلت جهود العلماء بعد كل هذه السنوات في تقليد الدم . لذلك فليس من المنطقي أن يقال أن هذا السائل الخارق مثل الدم قد ظهر بالمصادفة ومن تلقاء نفسه . وربما كان مثل هذا القول من أكثر المقولات بعدا عن المنطق . إذن فالدم سائل خلقه الله عز وجل بعلمه وقدرته . وخلايا الدم هي واحدة من المكونات الخارقة التي تتكون منها أجسامنا . القلب : محرك الجسم ![]() هل فكرتم في كيفية تحرك الدم داخل أجسامنا صعودا و نزولا دون توقف؟ فكل جسم يحتاج في حركته إلى محرك يساعده على الحركة . فالسيارات مثلا، وكذلك الطائرات والسفن تحتاج في حركتها إلى محرك . إذن فهناك حاجة إلى محرك داخل أجسامنا يجعل الدم في حركة مستمرة داخل أجسامنا . وهذا المحرك هو القلب القابع داخل أجسامنا، فهو لا يتوقف عن ضخ الدم ليلا ونهارا . حاول أن تضم أصابعك بقوة لبرهة وبعدها أطلقها، سترى كيفية ضخ القلب للدم . والقلب ينبض سبعين مرة في الدقيقة ويضخ 300 مليون لتر من الدم تقريبا طوال عمر الإنسان . إن هذه الكمية تكفي لملء عشرة آلاف ناقلة للبترول . أليست هذه الأرقام مثيرة وخارقة؟ وتخيل نفسك تحاول ملء دلو بقدح سبعين مرة في الدقيقة . ستشعر في النهاية أن درجة حرارة عضلات الذراعين واليدين قد ارتفعتا إلى درجة قصوى، ولا بد أن تأخذ قسطا من الراحة . أما أن القلب فهو يقوم بهذه المهمة طوال العمر دون توقف ودون أن يتعب . أفضل مضخة ![]() إنّ القلب عبارة عن عضلة قوية إلى درجة مدهشة. وينبض القلب حوالي 70 مرة في الدقيقة الواحدة. ويضخ في كل مرة 59 سنتمترا مكعبا من الدم. وينبض القلب خلال 70 عاما 2500000 مرة يضخ خلايا 152000000 لترا من الدم. وهذه الكمية تساوي ما يعادل ملء خزان الوقود لعشر طائرات من طراز بوينغ 747 في كل عام. ![]() يسع خزان الوقود لطائرة من طراز بوينغ 747 217000 لترا من الوقود. المضخات الأصلية للقلب إنّ القلب الذي هو في حجم قبضة اليد يتألف –كما يلاحظ في الصورة الجانبية - من قسمين وبدورهما يتألفان من قسمين ثانويين وهما في الحقيقة في شكل مضختان . والمضخة اليسرى من القلب هي الأقوى، وهي تضخ الدم النقي إلى باقي أنحاء الجسم عدا الرئتين . أما المضخة اليمنى فتعتبر الأضعف، وتضخ الدم غير النقي إلى الرئتين . ورحلة الدم من القلب إلى الرئتين تعتبر أقصر طولا لذلك تسمى "الدورة الدموية الصغرى ". أما رحلته إلى باقي أنحاء الجسم فتدعى "الدورة الدموية الكبرى ". ![]() ومضختا القلب تنقسمان بدورهما إلى جزأين ينتقل الدم من أحدهما إلى الآخر عبر الصمامات . وتعمل هذه المضخات بطاقة عالية دون توقف . وهكذا يستطيع الدم أن يكمل ألف دورة داخل الأوعية الدموية خلال اليوم الواحد . الصيانة الذاتية للقلب
تحتاج المكائن التي تعمل باستمرار إلى إجراء الصيانة عليها، وهذه الصيانة تشمل أجزاء المكائن أو تغيير هذه الأجزاء إن كانت الحاجة ملحة لذلك، وتحتاج المكائن بعد فترة من الاشتغال إلى عملية تزييت، وإلا فإنها تتعرض إلى تآكل نتيجة الاحتكاك . وكذلك، فإن القلب الذي يعمل باستمرار على شكل ماكينة يحتاج إلى صيانة، إلا أنه يقوم بإجراء الصيانة بطريقة ذاتية . وعلى سبيل المثال فهو يقوم بتزييت نفسه بنفسه . ولكن كيف يقوم بتزييت نفسه بنفسه؟ إن الجواب كامن في خلق القلب، فهو محاط من الخارج بغشاء ذي طبقتين . ويوجد سائل زيتي يفصل بين الطبقتين . وهذا السائل يساعد في تسهيل عمل القلب . ويعكس هذا الأمر مدى الإعجاز في خلق القلب، ويبين كذلك الإبداع الإلهي في التصوير جلت قدرته وعظمته سبحانه .
__________________
مهما تكاثرت الجروح دوما ينازعني الطموح يحيا اليقين مع الامل ![]() |
العلامات المرجعية |
|
|