|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#10
|
|||
|
|||
![]() الجهر بالدعوة الدعوة في الأقربين : وبعد أن قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات في سبيل الدعوة الفردية ووجد لها آذاناً صاغية ، ورجالاً صالحين من صميم قريش وغيرها ، وتمهدت لها السبل ، وتهيأ لظهورها الجو أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم : ( وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون ) فجمع النبي صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين ، وهم بنو هاشم ومعهم نفر من بني المطلب ، فقال بعد الحمد وشهادة التوحيد : ( إن الرائد لا يكذب أهله ، والله لو كذبت الناس جميعاً ما كذبتكم ، ولو غررت الناس جميعاً ما غررتكم ، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة ، والله لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، ولتحاسبن بما تعملون ، ولتجزون بالإحسان إحساناً وبالسوء سوءاً ، وإنها الجنة أبداً أو النار أبداً ) . فتكلم القوم كلاماً ليناً غير عمه أبو لهب ، فإنه قال : خذوا على يديه قبل أن تجتمع عليه العرب ، فإن سلمتموه إذن ذللتم ، وغن منعتموه قتلتم ، فقال أبو طالب : والله لنمنعنه ما بقينا ، وقال أيضاً : امض لما أمرت به ، فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك ، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب . على جبل الصفا: وفي غضون ذلك نزل أيضاً قوله تعالى : ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصفا فعلا أعلاها حجراً ، ثم هتف : ( يا صباحاه ) . وكانت كلمة إنذار تخبر عن هجوم جيش أو وقوع أمر عظيم . ثم جعل ينادي بطون قريش ، ويدعوهم قبائل قبائل : يا بني فهر ! يا بني عدي ! يا بني فلان ! يا بني عبد مناف ! يا بني عبد المطلب ! فلما سمعوا قالوا: من هذا الذي يهتف ؟ قالوا : محمد . فأسرع الناس إليه ، حتى إن الرجل إذا لم يستطع أن يخرج إليه إرسل رسولاً لينظر ما هو ؟ فلما اجتمعوا قال : ( أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي بسفح هذا الجبل ، تريد ان تغير عليكم أكنتم مصدقي ) ؟ قالوا : نعم ، ما جربنا عليك كذباً ما جربنا عليك إلا صدقاً . قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يربأ أهله – أي يتطلع وينظر لهم من مكان مرتفع لئلا يدهمهم العدو- فخشي أن يسبقوه ، فجعل ينادي : يا صباحاه ) . ثم دعاهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وبين لهم أن هذه الكلمة هي ملاك الدنيا ونجاة الآخرة ، ثم حذرهم وأنذرهم عذاب الله إن بقوا على شركهم ، ولم يؤمنوا بما جاء به من عند الله ، وأنه مع كونه رسولاً لا ينقذهم من العذاب ولا يغنيهم من الله شيئاً . وعم هذا الإنذار وخص فقال : ( يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله ، أنقذوا أنفسكم من النار ، فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً ، ولا أغني عنكم من الله شيئاً . يا بني كعب بن لؤي ! أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً . يا بني مرة بن كعب ! أنقذوا أنفسكم من النار . يا معشر بني قصي أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً . يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار . يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار ، فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً . يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار . يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً ، ولا أغني عنكم من الله شيئاً ، سلوني من مالي ما شئتم ، لا أملك لكم من الله شيئاً . يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً . يا صفية بنت عبد المطلب : عمة رسول الله سليني بما شئت ، أنقذي نفسك من النار ، لا أغني عنك من الله شيئاً .غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها – أي سأصلها حسب حقها - . ولما أتم هذا الإنذار انفض الناس وتفرقوا ، ولا يذكر عنهم انهم أبدوا أي معارضة أو تأييد لما سمعوه ، سوى ما ورد عن أبي لهب أنه واجه النبي صلى الله عليه وسلم بالسوء، فقال : تباً لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا ؟ فنزلت ( تبت يدا أبي لهب وتب ) . أما عامة قريش فكأنهم قد أصابتهم الدهشة والإستغراب حين فوجئوا بهذا الإنذار ، ولم يستطيعوا أن يختاروا أي موقف تجاه ذلك ولكنهم لما رجعوا إلى بيوتهم ، استقرت أنفسهم ، وأفاقوا من دهشتهم ، واطمأنوا ، استكبروا في أنفسهم ، وتناولوا هذه الدعوة والإنذار بالاستخفاف والاستهزاء ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر على ملأ منهم سخروا منه وقالوا: أهذا الذي بعث الله رسولاً ؟ أهذا ابن أبي كبشة ، يكلم من السماء ، وأمثال ذلك . وأبو كبشة اسم لأحد أجداده صلى الله عليه وسلم من جهة الأم ، كان قد خالف دين قريش ، واختار النصرانية ، فلما خالفهم النبي صلى الله عليه وسلم في الدين نسبوه إليه ، وشبهوه به ، تعييراً واحتقاراً له وطعناً فيه . واستمر النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته وبدأ يجهر بها في نواديهم ومجامعهم ، يتلو عليهم كتاب الله ، ويدعوهم إلى ما دعت إليه الرسل : ( يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) وبدأ يعبد الله أمام أعينهم ، فكان يصلي بفناء الكعبة نهاراً جهاراً وعلى رؤوس الأشهاد . وقد نالت دعوته بعض القبول ، ودخل عدد من الناس في دين الله واحداً بعد واحد ، وحصل بين هؤلاء المسلمين وبين من لم يسلم من أهل بيتهم التباغض والتباعد .
__________________
![]() إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا |
العلامات المرجعية |
|
|