|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
|||
|
|||
![]() المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار كان من سجايا الأنصار وكرمهم أنهم كانوا يتنافسون في إنزال المهاجرين واستضافتهم في بيوتهم ، وكانوا كما قال الله تعالى عنهم : ( والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجرإليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) . ثم زاد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحب والإيثار قوة بعقد المؤاخاة بينهم وبين المهاجرين ، فجعل كل أنصاري ونزيله أخوين ، وكانوا تسعين رجلاً نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار ، فآخى بينهم على المؤاساة وأنهم يتوارثون فيما بينهم بعد الموت ، دون ذوي الأرحام ، ثم نسخ التوارث وبقيت المؤاخاة ، وكانت قد عقدت في دار أنس بن مالك رضي الله عنه وعنهم أجمعين . وكان من حب الأنصار لإخوانهم المهاجرين أنهم عرضوا نخيلهم على النبي صلى الله عليه وسلم ليقسم بينهم وبين إخوانهم المهاجرين ، فأبى فقالوا : إذن تكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة فقبل ذلك . وكان سعد بن الربيع أكثر الناس مالاً ، فقال لأخيه المهاجر عبد الرحمن بن عوف : اقسم مالي نصفين ولي امرأتان ، فانظر أعجبهما إليك فسمها لي ، أطلقها فإذا انقضت عدتها فتزوجها ، قال عبد الرحمن : بارك الله في أهلك ومالك ، أين سوقكم ؟ فدلوه على سوق بني قينقاع ، فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن ، وما هي إلا أيام حتى اكتسب مالاً وتزوج امرأة من الأنصار . تأسيس المجتمع الإسلامي والأمة الإسلامية : كانت هذه المؤاخاة ربطاً بين فرد من المهاجرين وبين فرد من الأنصار ، وحيث إن المسلمين صاروا – بعد اجتماعهم بالمدينة – أمة مستقلة فقد كانوا في حاجة إلى تنظيم اجتماعي ، وإلى تعريف بالواجبات والحقوق الإجتماعية ، وإلى إبراز النقاط التي تجعلهم أمة واحدة مستقلة عن الآخرين . وكانت في المدينة طائفتان أخريان سوى المسلمين ، تختلفان عنهم في العقيدة والدين ، والمصالح والحاجات ، والعواطف والميول ، وهم المشركون واليهود ، فعقد النبي صلى الله عليه وسلم فيما بين المسلمين ميثاقاً ، وفيما بينهم وبين المشركين وفيما بينهم وبين اليهود ميثاقاً آخر وكتب بذلك كتاباً قرر فيه : 1 – أن المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس . 2 – وأن أداء ديتهم وفداء أسيرهم بين المؤمنين يكون حسب العرف السابق وأنهم ينصرون المؤمنين في الفداء والدية . 3 – وأنهم يقومون ضد المفسد والباغي والظالم كيد واحدة ، ولو كان ولد أحدهم . 4 – وأنه لا يقتل مؤمن مؤمناً بكافر ، ولا ينصر كافرأ على مؤمن . 5 – وأن ذمة الله واحدة ، فيجير عليهم أدناهم . 6 – وأن من تبع المسلمين من اليهود فله النصر والأسوة . 7 – وأن سلم المسلمين واحدة . 8 – وأن من قتل مؤمناً قصداً يقتص منه ، إلا أن يرضى ولي المقتول ، ويجب على المؤمنين أن يقوموا ضد القاتل . 9 – وأنه لا يحل لمؤمن أن ينصر محدثاً لأو يؤويه . 10 – وأنهم إذا اختلفوا في شيء فإن مرده إلى الله ورسوله . زيادة على هذا الميثاق بين النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين حق الأخوة الإسلامية في أوقات ومناسبات شتى ، وحضهم على التعاون والتناصر ، والتعاضد والتكاتف ، والمؤاساة وإسداء الخير ، حتى سمت هذه الأخوة إلى أعلى قمة عرفها التاريخ . وأما المشركون فكانوا على وشك الإنهيار ، حيث أسلمت أغلبيتهم مع ساداتهم وكبرائهم ، ، فلم يكن في استطاعتهم الوقوف في وجه المسلمين ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم عليهم : ( أنه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفساً ، ولا يحول دونه على مؤمن ) وبذلك انتهى ما كان يخشى منهم . وأما اليهود فقد تم الإتفاق بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم على الأمور الآتية : 1 – أنهم أمة مع المؤمنين ، ولهم دينهم وللمسلمين دينهم ، وعليهم نفقتهم ، وعلى المسلمين نفقتهم . 2 – وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة ، وعلى من دهم يثرب ، كل يدافع عن جهته . 3 – وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم . 4 – وأن المرء لا يؤخذ بإثم حليفه . 5 – وأن النصرللمظلوم . 6 – وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين . 7 – وأن يثرب حرام لأهل هذه الصحيفة . 8 - وأن ما يكون بينهم من حدث أو اشتجار فإن مرده إلى الله ورسوله . 9 – وأنه لا تجار قريش ولا من نصرها . 10 – وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم . وبهذا الميثاق انتظم المسلمون والمشركون واليهود من سكان يثرب في كيان واحد ، وأصبحت المدينة وضواحيها دولة ذات استقلال وسيادة ، والكلمة النافذة فيها للمسلمين ، ورئيسها رسول الله صلى الله عليه وسلم . ونشط رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبعه المسلمون في الدعوة إلى الله ، فكان يحضر مجالس المسلمين وغير المسلمين ، يتلو عليهم آيات الله ، ويدعوهم إلى الله ، ويزكي من آمن منهم بالله ، ويعلمهم الكتاب والحكمة .
__________________
![]() إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا |
العلامات المرجعية |
|
|