|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#8
|
|||
|
|||
![]() (6) كنت في حجز أمن الدولة في لاظوغلي، ذلك المكان الذي يطلق عليه البعض (وكر التعذيب)، وذلك الحجز يتكون من طرقة رئيسية طولها حوالي 25 مترا وعرضها حوالي 3 أمتار ، بدايتها كنهايتها عبارة عن سياج حديدي له باب، ويتفرع من هذه الطرقة الرئيسية ست طرقات جانبية ثلاث عن اليمين وثلاث عن الشمال، طول الواحدة حوالي 12 مترا وعرضها يزيد قليلا عن المتر ونصف، وفي كل طرقة جانبية خمس أو ست زنازين، فيبلغ بذلك عدد زنازين الحجز ثلاثين زنزانة تقريبا، وتتباين هذه الزنازين في سعتها، وهي تشبه المراحيض إن لم تكن كذلك بالفعل، فكل زنزانة بها (قاعدة تواليت) وحنفية مياه ومصطبة إسمنتية يبدو أنها لنوم المحتجز، ولم نكن نُحتجز في الزنازين ولكن على جانبي الطرقة الرئيسية وفي الطرقات الجانبية لأن عدد المحتجزين يفوق عدد الزنازين على الأرجح، وكان يُسمح لنا بدخول الزنازين لقضاء الحاجة والوضوء ثلاث مرات في اليوم ( الفجر وقبيل الظهر وبعد المغرب ) ولم يسمح لنا بالمكوث في الزنزانة أكثر من دقيقتين يحرورن فيها أيدينا من الكلبشات بينما تبقى العصابة على أعيننا، وبخلاف هذه الدقائق القليلة فأيدينا مقيدة طوال الوقت!
وداخل الحجز يتحرك دائما حوالي 6 أمناء شرطة مهمتهم مراقبة المحتجزين وتوزيع الطعام عليهم وإدخالهم الزنازين لقضاء الحاجة في الأوقات المحددة، ولا يتورعون عن البطش بأي محتجز يخالف التعليمات الأربعة التي أملوها عليه وقد سبق ذكرها، ويُمنع قضاء الحاجة في غير الأوقات المخصصة لذلك، وأحيانا كان المحتجز يضطر إلى التبول في ملابسه بسبب ذلك التعنت، والبعض الآخر كان يشكو من التبول اللاإرادي بسبب التعذيب بالكهرباء الذي يُخل بعمل الأعصاب في الجسم. كانوا يفرشون الأرض بالبطاطين لينام عليها المحتجزون، وهي بطاطين قذرة تمتلئ بالحشرات الصغيرة كالبق والقمل وغيرها. وخارج الحجز وبعد السياج الحديدي مباشرة توجد حجرات التحقيق والتعذيب، ولعلها 6 حجرات تقريبا، إذ يقوم أحد الضباط باستدعاء أحد المحتجزين إلى حجرة التحقيق ويبدأ الاستجواب في فترتين الأولى بين الظهر والعصر والثانية بعد العاشرة مساء إلى قبيل الفجر، وفي هاتين الفترتين كانت صرخات المعذبين تصم آذاننا. وضباط التحقيق يستخدمون أسماء مستعارة أذكر منها ( مالك بيه) (جعفر بيه) (هيثم بيه) (سيف بيه) (بلال بيه). تم استدعائي من قبل أحد هؤلاء الضباط في الليلة الأولى لوصولي، وقفت أمامه مكبل اليدين، معصوب العينين، وبدأ حديثه لي بالسب، ثم قال: تكلم وقل كل ما عندك!، هكذا بدون أن يوجه إليَّ أي سؤال!! فتكلمت ورويت كل ما عندي من أحداث وأنشطة بكل صدق، وفوق ذلك لم أخفِ تكفيري للهالك حسني ولرجال أمن الدولة، إلا أنه لم يقتنع وأصر على أني أخفي الكثير، وقال : المؤمن يعتقد أنه جاء هنا بقضاء الله، وقد جاء قبلك فلان وفلان وفلان ووقفوا نفس وقفتك تلك، فمن أقر بما لديه نجا وسلِم، ومن حاول أن يخفي شيئا فمصيره التعذيب، والبعض يموتون هنا، سأعطيك فرصة إلى الغد للتفكير، ثم أمر أحد أمناء الشرطة بإعادتي إلى مكاني في إحدى الطرقات الجانبية. وفي الليلة التالية استدعاني وقال: هل ستتكلم؟ قلت: لقد أقررت بكل ما عندي، فأمر أحد الواقفين بفك يديَّ وقال: اخلع ملابسك، فلم أحرك ساكنا، فأمر من حولي بتجريدي من ثيابي حتى أصبحت عاريا تماما، ثم حملوني ووضعوني على سرير وربطوا يداي وقدماي في أركان السرير الأربعة، فأصبحت عاجزا عن الحركة، وسمعت طرقعات العصا الكهربائية(لا أعرف اسمها الحقيقي، كانوا يسمونها الصابع) ، وبدأ التعذيب بالكهرباء مصحوبا بالسباب والمطالبة بالاعتراف! كان الضابط يضع العصا الكهربائية في أماكن معينة من الجسد لعدة ثوان فأصرخ بكل قوة، حتى جفّ حلقي تماما، وأصبحت أنطق بصعوبة من أثر الجفاف ، فقلت (يارب عليك بالظالمين) فقال ساخرا: عندنا الرد وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون! حاولت أن أتحدث بأي كلام لكي أشغله عن التعذيب، إذ لم يكن عندي ما أعترف به كما يريد، إلا أنه فطن إلى الأمر، وزاد من التعذيب، لست أدري كم مرّ من الوقت ربما ساعتين أو أكثر، ثم قام الضابط ووقف على السرير وضغط بقدمه على وجهي وهو يتوعدني، ثم انصرف وأمر أمناء الشرطة بفك قيدي وإبقائي واقفا طوال الليل! عندما وقفت لم أستطع تحريك كتفيَّ، وكان أمناء الشرطة على علم بذلك الشلل المؤقت الذي يصيب الكتفين من أثر الربط في السرير، فساعدوني على تحريكها إلى أن استعادت قدرتها على الحركة، ارتديت ملابسي ، وأعادوني إلى مكاني داخل الحجز، وبقيت واقفا، وبعد دقائق اقترب مني أحد أمناء الشرطة وسألني: أتريد الصلاة؟ فقلت نعم، فاصطحبني إلى زنزانة للوضوء ، وسمح لي برفع العصابة عن عينيَّ لأول مرة كي أغسل وجهي، فلما خرجت قال: لا تدع الله علينا. فصليت ، ومكثت واقفا أقاوم النوم. كنت أشعر بتخدير في الأماكن التي تعرضت للصعق بالكهرباء، وقد بقى ذلك التخدير أسابيع طويلة قبل يزول تدريجيا، يتبع إن شاء الله.... |
العلامات المرجعية |
|
|