|
إبداعات ونقاشات هادفة قسم يختص بما تخطه أيدي الأعضاء من شعر ونثر ورأي الخ... |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]()
حفظك الله من كل مكروه.
|
#2
|
|||
|
|||
![]()
في مواجهة التحدي
كنت أمر بقرب الملعب ، بينما طلاب فصلي (الأول الإعدادي) على وشك بدء مباراة في كرة القدم . تبرز كرة القدم جانباً جيداً في الصبيان ، قدرتهم على التصويب في الهدف ، نجاحًا يملأ فراغًا حفرته نتائجهم الدراسية المتواضعة. مهارة طبيعية تنمو في أعصاب الإدراك. يفاخر البارع منهم أقرانه بأهدافه. لكن الجداول و ضعت لنخرقها ، يستقوي الأكبر سنًا و الأقوى ذراعًا و يستولي على حق الصغار، يشغل الملعب طلاب الثانوي ، لا يودون ترك الملعب لأولاد الإعدادي، يبدأ الخلاف بينهم ، يأتي الكابتن ، من ينبغي أن يصرف طلاب الثانوي إلى الفصل، فلا يفعل ، ينتظر الصغار برهة .... يبدد الرجل أحلامهم . يتجرأ تلميذي المفكر ، فتى هادئ في الصف الأول الإعدادي، لكنه غلام، به جرأة و تقحم فيطلب من الكابتن أن يخرج الكبار ، ليس هذا وقتهم، يشتمه الكابتن بشكل مهين أمام الجميع . يخترق الكلام جسدي فيذيب أعصابي ، التدخل ليس حلا و الشكوى لأي مسؤول ستزيد الأمور سوءًا ، جربنا قبل ذلك. تعلق الإهانة بذهني ، تلتصق به. أفكر كيف أصلح الأمر ، فتخطر لي فكرة أوحى بها كتاب أعارني إياه المفكر ، و قد اِعتدنا تبادل الكتب. هذه المرة أعارني أحد كتب رجل المستحيل أدهم صبري ، رجل المخابرات المصرية الخارق الذي ألبسه أسلوب د. فاروق الشجاعة و كساه الحيوية و شكّله بالخبرة في أساليب القتال . أسجل على الورق ما حصل في الملعب من وجهة نظر طلاب الإعدادي و أستعير مشهد القتال الذي واجه فيه أدهم صبري ثلاثاً من قبضايات المخابرات الإسرائيلية فأضع المفكر مكان أدهم الخارق و أضبط الصورة، كتبت التالي على ورقة: "في مواجهة خطيرة بين وحوش إعدادي و عمالقة الثانوي دفاعًا عن أرض الملعب و بعد رفض العمالقة رد الملعب للشباب المتحمس، تصدر ثلاثة من العمالقة للدفاع عن الملعب بعضلاتهم المفتولة التي صقلها التمرين المستمر و التدريب على مهارات القتال. بادر المفكر بالهجوم ، و أطلق قبضته القوية في وجه الأول ثم أطاح بالثاني بمقص من رجله ثم إلتف دورة كاملة ليقف قبالة الثالث و أطاح به بلكمة قوية من قبضته. اِبتسامة النصر تضيء وجهه إذ يراهم مكومين أمامه.) تعلو الاِبتسامة محياي حين تكتمل الكلمات على الورقة. في اليوم التالي ناولته تلك المقالة و حين حانت مني اِلتفاتة تجاهه وجدت عيناه تبتسمان اِبتسامة النصر. ثم لمحت مقالتي تلك تتداولها أيدي الطلاب، ترسم أعينهم و وجوههم ملامح الفخر و الضحك و شفاء لبعض ما في الصدور. أظنني عدلت الميزان المائل و أعدت له حقه في كريم المعاملة الذي بعثره الكابتن أمام أصحابه. ثم اِعتدت بعد ذلك أن أشحن بقلمي أحداث مبارياتهم الاسبوعية ، أصب بعض موهبة حبانيها المولى لصالحهم ، شيء من التوابل على مباراة عادية ، تجعلها أكثر تسلية ، أعلقها في الفصل فيقرأها الصبيان ، يقدّرون معنى الكتابة ، إذ تمس الكلمات ما يعنيهم ، ما يتباهون به، أضفي عليهم صفات البطولة و النجاح علهم يصيبون بعض ما وصفت . وفقنا الله جميعاً لما يحب ويرضى . |
#3
|
|||
|
|||
![]()
في الهدف
ترأس كل مدرسة فصلاً تجهز له الشهادات و تحل مشاكله قدر الإستطاعة و قد وقع هذا الفصل في قسمتي،و قد أعلنت أنني سأحل المشاكل قدر الإمكان ، معظم الوقت يعقدون الأمور بحل مشاكلهم بألسنتهم و أيديهم . جاءني الصغير شاكياً : تلفت كرته عرضاً أثناء اللعب ، و حكم الكابتن بينهم فأخبرهم أن يعوضوه ، لكنهم رفضوا حكم الكابتن. كما رفض والده أن يشتري له غيرها حتى تتحسن درجاته ، و الكرة و الصبيان حكاية، مادة أحاديثهم ، محور إنتصاراتهم ، أمل و حلم في المجد و الشهرة ، يلوح طيفه في الأفق ، يحوم حيناً ، حياتهم بدونها تنقص كثيراً. يستثمر الأب في تعليم إبنه ثم لا يجد لإستثماره عائدًا ، يضغط الأب كي يشكّـل ، لتتحسن الدرجات ، ضغط يحدث خللاً ، طاقة زائدة في هذه السن لا يدري الفتى ما يفعل بها سوى ركل الكرة ، يمنعهم آباؤهم عن الرياضة فيصبون الوقود فوق ألسنة اللهب فتزداد إشتعالًا، ينصرف الأولاد عن اللعب حيث لا كرة إلى الحديث مع الفتيات ، يجد من تصغي له فيسكن لهذا الحل المعطوب , أربعون جنيهاً وجدتها في جيبي ، مؤكد كنت بحاجة إليها، لكنني اِستثمرتها في كرة جديدة تبقى بينهم أيام الأسبوع و آخذها في نهاية الأسبوع ، ألعب بها مع الأولاد في البيت ، راهنت على جيل يشق طريقه لا يجد من يعتني به ، ففعلت إلى حين . تعاودني هواجس تزعم أن الأمر لا يعنيني و أنه واجب الآباء نحو أبنائهم ، بل واجب المدرسة تجاه التلاميذ، بل واجب المجتمع تجاههم ، لا أتوانى ، تقدمت حيث تأخر غيري . كان يغسلها بالشامبو أول صحبتها له ، عناية لها كلما اتسخت حتى أقنعته أن الطين بعض جلدها ، فليجرِعليها القدر بما هو حقها . اِمتدت حكاياتها زمنًا ، كتب قلمي قصصًا عن فريق التحدي ، عن البطل ذي الاِلتزام العميق و توأمه الموهوب و الكابتن ذي التسريحة الأفضل ، و ذاك ذي القدم الذهبية و الركلة التي شقت الشبكة ، و قريبتها الصاروخية المميتة ، و غيرها من التعابير التي غابت من ذاكرتي مع كل ما يتعلق بكرة القدم، إذ غاب عن عالمي الرجال . ثم جاءت لحظة يحسب فيها العقل التالي: الأولاد لا ينضبطون في الفصول ، حضورًا و درسًا و قولاً و فعلًا وصلاة و أدبًا ، و ضغطك تشكلين المكان على نحو ما و هو بكل من فيه يتحرك في إتجاه معاكس ، حتى متى تقبضين على الجمر ؟! الحساب ، إنصاتي له يسكت كل صوت ، لقوله جاذبية تطغى . أخطط تدريجياً للإنسحاب . المستديرة ذات البريق التي ناولتنا بهجة أشهرًا عديدة ، صارت توقعنا في مشاكل مع الكابتن ، يغضب عليهم لأقل سبب و لغير ما سبب و لأسباب وجيهة فيعتقلها عنده ، أحررها من سجنها لأجدها عنده بعد عدة أيام .... أنا لا أهوى المشاكل بالذات مع من هو أشد مني قوة . إحكم بيننا يا قدر ، أقبل حكمك راضية .. يسرع الزمن يطلبنا حثيثًا ، يعيبها فتفقد جاذبيتها، لم تعد تروي حكاية و لا تملأ عينًا بهجة ، تركتها بجوار صندوق القمامة ، لم أجدها في اليوم التالي ، تبدأ حكاية جديدة، تسعد أولاد أخر يقنعون بما هو أقل . ************** |
#4
|
|||
|
|||
![]()
من وحي كتاب
أبحث في مكتبتي عن كتاب قديم ، تزكم أنفي رائحة التراب ، أكح عدة مرات ، أقضي ساعة و أنا أقلب الكتب، استرجع أحداثاً مرت و عفى عليها الزمن ، أنا غير التي كانت ، لماذا احتفظ بهذه الكتب للآن ؟ تقع عيني على كتاب قديم قرأته في سني المراهقة ، مكث في مكانه ما شاء له المولى ... قرابة ربع قرن . أوقظ الفارس النائم و أزيل عنه الركام ، أعيد قراءته ، لم تحتفظ ذاكرتي بأحداث مغامرات علي الزيبق . تعجبني عبارة فاروق خورشيد الرشيقة ، ما يقرب من 262 صفحة ، كانت أقرأها في عدة أيام ، لا يهنأ بالي حتى أنتهي منها ، أتجاهل أشياء كثيرة في سبيل إنهائها. أقوم بعمل ملخص لها يحافظ على صياغة الكاتب الأصلية ، و أحداث الرواية كما هي و ترتيب الفصول و أسماء الشخصيات. النتيجة رواية في 26 صفحة، على حلقات ، كل حلقة بها بضع فصول في عدة صفحات. في المدرسة ، أجلس على مقعد مقابل للملعب صباحاً ، أراقب مباريات الكرة . يلعب هذا الفتى ، قصير ، ممتلىء القوام ، لا يحسن الكثير ، تأتيه الكرة فيضربها ضربة طائشة ، فيصرخ أصحابه، ضيعت علينا المباراة ، فيصرخ هو الآخر ، استلمتها خطأ ، يتركون الكرة ، يمسكون بخناق بعضهم، أشير إليهم أن تفرقوا ، فيفعلون . ينهي الكابتن اللعب بصفارته ، و عندها يأتي بعض الصبيان يتساءلون عن الحلقة الجديدة ، أصدرت أم لا ، يجدون عندي شيئاً ، بفضل الله ، أحيي لغة تندثر لا يستخدمها جيل صاعد ، يرون العظمة في ما ينطق بالإنجليزية ، يكتبون العامية بحروف أجنبية ، لا يدري أحد بما يفعلون ، يفتحون لأجنبي عقولهم ، يكتب فيها ما شاء. يسلّـم القصير ، يعجبه أنني أرد سلامه و أننا أصدقاء ، فأسأله : أصليت الفجر ؟ أعرف الإجابة مسبقًا ، يستيقظ متأخرًا و يقضي وقتًا طويلًا يتجهز للمدرسة و يأتي فيغرق في اللعب ، تأمره أمه بالصلاة ، لكنها لا تعزم عليه ، و كل أمور الدين عزيمة ، تظنون أصابعي تطاوعني في كتابة ما أكتب ؟ اليوم بالذات ترفض أن تنظر لهذه القطعة ثانية فتلمعها و توشيها ، تقول يكفي ، تلتمس الأعذار ، تقول لن يقرأها كثير ، تقول لا شيء يهم ، تقول ملل ، تعبانة ! و لأنني أعرف الأخت عزيمة ، لا أمر يصبح واقعاً مرئياً بغير حضورها ، فإنني آخذه للمصلى فيصلي شيئاً مما فاته ، يفوته الكثير . يسألني : أتريدين شيئاً ؟ _ أريد لك السلامة . .... أريد منك شيئاً ، ما رأيك أن تتولى تعريف أصحابك بحلقات الزيبق ، و تسأل من سيقرأها فتكون همزة وصل بيني و بينهم ؟ يفعل ، فتى لا يحب الرياضيات أو العلوم أو الكمبيوتر أو اللغات و معظم ما يدرس ، لكنه ذو باع في العلاقات العامة ، ودود ، يحب قرب الناس مهما آذوه . ينصلح حاله ، يدع عنه التهريج و السخف ، يجد ما يمنحه الثقة ، أمرًا يحدّث عنه أصحابه فيكون أكثر تفوقًا منهم و أكثر سبقًا ، يجد من تمنحه القوة ، يستمر ما شاء الله أن أستمر .... يلحقنا ذاك القانون : يكتمل أمر فينذر بالنقصان. رأيت المفكر يقرأ الحلقات ينتظرها بشغف ، تلمع عيناه النابهتين ، طلب مني الكتاب ، ناولته إياه ، لم يبقَ عنده أكثر من ثلاثة أيام . |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|