اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية

قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-10-2012, 01:18 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي الدولة والدين فى الوطن العربى «الحلقةالثالثة»

الدولة والدين فى الوطن العربى «الحلقةالثالثة»
طارق البشرى
«عقب نجاح ثورات الربيع العربى، وصعود نجم التيار الإسلامى، حضرت العلاقة بين الدين والدولة فى الوطن العربى بقوة، وفى خضم المعارك السياسية التى لا تنتهى بين القوى والأحزاب والحركات السياسية المصرية، يغوص المفكر والفقيه الدستورى المستشار طارق البشرى فى «حالة مصر ما بعد الثورة» شارحا لنظام لا تزال ملامحه تتشكل، من خلال ورقة قدمها فى الندوة التى عقدها مركز دراسات الوحدة العربية عن «الدين والدولة فى الوطن العربى» التى عقدت خلال الفترة من 15: 17 أكتوبر فى تونس، والتى تنشرها «الشروق» على حلقات..

الحاصل أن ما أسفر عنه المقياس الانتخابى من تأييد شعبى لجماعة الإخوان المسلمين، لا يتأتى من النظر فى نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية الجارية فى 19 مارس 2011 بعد الثورة، التى كانت تتمثل فى 77.2٪ للمؤيدين للتعديلات و22.08٪ للمعارضين لها، لأن هذه التعديلات كانت تتعلق فقط بأحكام دستورية تتوخى بناء مؤسسات سياسية للدولة بطريق ديمقراطى نزيه، سواء المجلسان النيابيان أو رئاسة الجمهورية، مع ضمان نزاهة الانتخابات، وإن تنتخب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، تختار هى من المجلسين المنتخبين بطريقة ديمقراطية، ولا تكون هذه الجمعية مشكلة بالتعيين من غير منتخبين. ولم يكن بالأحكام المستفتى عليها أى نص يشير ولو من بعيد إلى ما يتعلق بهوية الدولة، ولا بالشعارات والنداءات التى تميز التشكيلات الدعوية الإسلامية، ومن ثم فإن أغلبية 77.2٪ وإن شملت الإسلاميين إلا أنها لم تقتصر على مؤيدى التنظيمات الدعوية الإسلامية، وليس من معيار يمكن به تحديد مدى أثرهم فى هذا الاستفتاء.

إنما ما يمكن أن يرشد إلى حجم التأييد الشعبى الذى حصلت عليه جماعة الإخوان هو انتخابات مجلس الشعب التى جرت فى نوفمبر وديسمبر 2011، وكان نظام الانتخاب يجرى بالقوائم الحزبية بالنسبة لثلثى مقاعد كل من مجلسى الشعب والشورى وبالانتخاب الفردى بالنسبة للثلث الباقى، وقد تقدم الإخوان فى هذه الانتخابات من خلال جبهة ضمت إليهم بضعة أحزاب أخرى صغيرة، وكانت النتيجة أن مجموع ما حصلت عليه هذه الجبهة من مقاعد مجلس الشعب كلها هو 47٪، وللإخوان من هؤلاء ما تبلغ نسبته 40٪ من مجموع المقاعد، وذلك رغم أن الانتخابات جرت ولم يمض على الثورة أكثر من عشرة شهور.

والمقياس لحجم التأييد الشعبى لجماعة الإخوان هو انتخابات رئاسة الجمهورية، فإن انتخابات الجولة الأولى استوجبت إعادة الانتخاب لعدم حصول أى من المرشحين على الأغلبية المطلقة لعدد من أدلوا بأصواتهم وإذا كان مرشح الإخوان صاحب الأغلبية النسبية الأكثر فإنها ظلت فى حدود الخمسة ملايين صوت بين أربعة مرشحين تراوحت أصوات كل منهم بين ما يدور حول الخمسة ملايين والأربعة ملايين، ثم جرت الإعادة بين مرشح الجماعة الدكتور محمد مرسى وبين الوزير السابق الفريق أحمد شفيق فحصل فيها الدكتور مرسى على الأغلبية المطلقة بما لا يجاوز 52٪ من الأصوات ويدور فى حدود الملايين الخمسة، وكان مجمل أصوات الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم فى الجولة الأولى من الانتخابات يبلغ نحو 23.6 مليون شخص، وقد تولى رئاسة الجمهورية بما يمكنه من استعمال سلطة الدولة فى تشكيل الوزارات وغير ذلك.

ولكن يلاحظ أن منصب رئاسة الجمهورية وإن مكَّن شاغله من السيطرة على السلطة فى الدولة، فإن أمر السيطرة على جهاز أو أجهزة قديمة وتتكون من تشكيلات متنوعة عسكرية وأمنية ومصالح وهيئات تتراوح فى القدم والتخصص، ليست السيطرة تكون بسهولة أن يتولى فرد رئاسة فينصاع له الجميع وإن أظهروا الطواعية والانضباط، سيما عندما يكون هذا الفرد أو الأفراد من غير تشكيلاته الأساسية التى تعودوا على التعامل معها، وسيما إذا كان من غير ذوى الخبرة فى إدارة نوع العمل البيروقراطى المؤدى ومن كان خارج إطار التشكل الثقافى الوظيفى المعتاد لدى العاملين بهذا الجهاز أو هذه الأجهزة، وسيما إن كانت مدة رئاسته مؤقتة أو من غير المتيقن استمرارها استمرارا معتبرا.

وخلال مطالعاتى لثورة 1919 وما بعدها فى مصر، بدا لى أن أدرس مسألة جذبنى إليها طرفاتها، وهى كيف تحولت الثورة إلى نظام، وما هى الآليات وأنواع الصراع التى جرت فى هذا التحول، وقد ظهر أن جهاز دولة عميق الجذور والسلطات كالجهاز المصرى إنما يشبه القلعة، ومن يحكم القلعة من الناحية التنظيمية إنما يترجح نجاحه فى حكمها وإحكام السيطرة عليها بقدر ما يكون من رجالها، وإن القلعة من خصائصها أن من دخلها من خارجها إما أن يسيطر عليها فتدافع عنه وتحميه وإنما أن تسجنه فيصير حبيسا بها، وهذا ما فسر لنا تردد سعد زغلول زعيم الثورة والسياسى ورجل الدولة المخضرم، فى قبول الحكم بعد أن حصل حزبه على 90٪ من مقاعد المجلس النيابى، ثم استقالته بعد عشرة أشهر فقط، وهو لم يصنع شيئا خلال هذه الأشهرة العشرة، وإنما كان يتصرف كما لو كان لا يزال فى المعارضة فيعلن موافقته واعتراضه ومواقفه دون أن يتخذ إجراء عمليا. والقلعة إما أن تحمى أو تحبس حسب نوع العلاقات التى تقوم بين من دخلها وبين رجالها. وإن أجهزة الدولة تملك مد رئيسها بالمعلومات التى يتخذ قراراته على أساسها وهى من يملك طريقة تنفيذ قراراته، وبهذين الأمرين تكون أحاطت بالسيد الرئيس.

ولكننى أوضح أنه فى حدود التوجه الإسلامى لجماعة الإخوان المسلمين التى تولى أحد رجالها رئاسة الجمهورية فإن النزوع الإسلامى الذى يظهر فى ممارسة رجال أجهزة الدولة لا يكون فى الأساس مصدره هذه الرئاسة، لأن الثقافة السائدة فى المجتمع المصرى بين الغالبة الغالبة من المصريين هى ثقافة إسلامية أو أن مرجعيتها إسلامية، وهذا يظهر بوضوح من انتخابات النقابات المهنية فى مصر، إذ إنها عندما تجرى بنزاهة ترجح ذوى الاتجاه الإسلامى من بين ما يكون أغلبية مؤثرة من الفائزين فى الانتخابات، والمهنيون فيما هو معروف هم من يكونون الفئة التى تمثل العمود الفقرى فى كل أجهزة الدولة وفى سائر التخصصات وهم أعضاء فى النقابات المهنية بنسبة مؤثرة. وأن هذه الكوادر لديها توازناتها الفكرية بين ما يمليه عليها مهنتها وبين ما يحوط ذلك من ثقافة عامة سائدة مستمدة من المرجعية الإسلامية.

ومن بين عناصر هذه القوة الثانية جماعات السلفيين، وهى لم تكن تؤدى دورا سياسيا ملحوظا قبل الثورة، ولم يلحظ لها بوصفها السلفى نشاط فى الفترة الأولى من الثورة التى أدت إلى الإطاحة بنظام حسنى مبارك، ولم يلحظ لها بدء نشاط سياسى فعال فى الشهور الأولى من الثورة، ولكنها ظهرت بوصفها قوة سياسية ذات نفوذ يجب الاعتبار به بعد ذلك. لقد كان نشاطها الأول نشاطا دعويا، ولكن الأوضاع السياسية والاجتماعية تؤدى أحيانا إلى أن التنظيمات التى تنشغل بشئون اجتماعية أو ثقافية كالجماعات الدعوية أو الصوفية أو النقابية أو غيرها، قد تلجئها الأوضاع العامة إلى أن تتحول بشبكاتها التنظيمية ورجالها من وجوه نشاطها المعتادة إلى وجوه أنشطة تستجد، وهنا يكون الظهور قويا لأنه يصدر عن وجود تنظيمى سباق ذى شأن، ولكنه قد ينطوى على الكثير من التردد فى الاستجابة لأنواع العمل الجديد بسبب الجدة وقلة الخبرة فى المجال المستحدث، وهذا ما كان من الجماعات السلفية وأظهرها الآن حزب النور والجماعة الإسلامية والجهاد وغيرها من التنظيمات.

وإن ما أتاح للجماعات السلفية أن تظهر سياسيا وتقوى نسبيا هو تأخر إجراء انتخابات مجلس الشعب عن موعدها الذى كان شبه محدد فى يونيو 2011 فتراخت الانتخابات حتى نوفمبر وديسمبر التالى؛ لأن هذه الفترة أتاحت فرصة من الزمن لتحول السلفية الدعوية إلى النشاط السياسى، فكسب السلفيون فى هذه الانتخابات نحو 25٪ من المقاعد بمجلس الشعب، وأكسبهم هذا الفوز عزوتهم السياسية فيما بعد.

ولكن يلاحظ أن الحراك السلفى السياسى ليس متجانس الأنشطة والمواقف، وهو يتسم بقلة خبرة فى المجال السياسى إلا من جماعات وشخصيات لا تمثل الطابع الغالب والمستمر له، وتتراوح المواقف السياسية بين العديد من التنوعات وقد انعكس ذلك فى انتخابات رئاسة الجمهورية، إذ توزع التأييد الانتخابى بين عدد من المرشحين المتنافسين مما أضعف من عزوتهم الانتخابية وخصم من بعضها البعض، وهى إن كان لها قوة حشد سريع، فإن التنظيم المنضبط الذى يمكن من العمل الدائب طويل المدى لم يختبر بعد.

وخلاصة ذلك كله أن هذه القوة الثانية ليست بالحجم والإمكانات التى تمكنها منفردة من قيادة حركة المجتمع ودولته، وإن كان لها من الأثر القوى الفعال ما يتعين أن يكون فى التقدير فى إطار المشاركة الفعالة المؤثرة، وإنما ذات خبرات دعوية أكثر منها سياسية، كما أن قوة القيادة العسكرية ذات خبرات مهنية أكثر منها سياسية، وإن هذا النقص فى الخبرة السياسية سبب قدرا من الارتباك فى الحسابات السياسية، وما يكشف عن هذا المفاد أنه بعد انتخابات مجلس الشعب عملت هذه القوة على إسقاط الوزارة القائمة فلم تنجح، وبعد حكم المحكمة الدستورية الصادر فى 14 يونيو 2012 بما أفاد حل مجلس الشعب، عمل الرئيس المنتخب على عودة المجلس ودعاه للانعقاد فلم يتم، وإن الصراع السياسى لا يزال دائرا بين القوتين المذكورتين الأولى والثانية، ووجه خطأ كل منهما، أنها تحاول أن تستبد بالسلطة من دون الأخرى فلا تلبث أن تعرف أن ذلك ليس فى مقدورها فتعاود الكرة من جديد.

(7)

أما القوة الثالثة فهى المسماة بالقوة الليبرالية، وهى تتشكل من التنظيمات الحزبية والشخصيات السياسية المستقلة التى خرجت من مرحلة حسنى مبارك ضامرة من الناحية الشعبية، بدليل أن نشاطها السياسى المعارض والعالى الصوت لم يؤد بها إلى تشكيلات تنظيمية جماهيرية، وحتى بعد أن تصاعد المد الثورى من 2005 رغم أن حركات الاحتجاج الشعبى تعالت وصارت شديدة الكثافة من هذا التاريخ، وكان ذلك يشكل فرصة للأحزاب والتجمعات السياسية لسرعة بناء تنظيماتها بقدرة على الحراك الشعبى المنظم.

هذه الأحزاب والشخصيات تتكون من نخب ثقافية واجتماعية لم يسمح لها فى العهد الماضى بتنمية صلاتها الجماهيرية فاقتصر نشاط هذه النخب على النشاط الإعلامى الذى كان متاحا دون العمل التنظيمى الشعبى، وقد عظم نشاطها فى الإعلام وفى المؤتمرات السياسية والتجمعات النخبوية، وعظمت قدراتها السياسية فى الرؤية للأحزاب والتعليق عليها، وكشف عورات النظام القائم، وأسهمت مساهمة جد حقيقية فى التمهيد لثورة 25 يناير، ولكن افتقدت الغالبية الغالبة من عناصرها خبرات العمل الجماهيرى والتنظيم.

وإن ضمور النشاط التنظيمى شكل ضعفا فى القدرة على تحريك الجماهير فى صدد المعارك الانتخابية عندما سنحت الفرصة لهذا النوع من النشاط بعد الثورة، وكان ثمة ضمان أكيد لنزاهة العملية الانتخابية وقد مورست فعلا هذه النزاهة، سواء فى انتخابات المجالس النيابية أو فى انتخابات رئاسة الجمهورية، ولذلك فهم فى معالجتهم للشأن الانتخابى بعد الثورة طالبوا بما أضر بهم سياسيا، طالبوا بتأجيل الانتخابات لمجلس الشعب ليستعدوا تنظيما، ولكن لم يتح لهم الاستعداد للنمو الجماهيرى بهذا التأجيل، واستفاد من التأجيل التيار السلفى. إذ أتاحت له فسحة الوقت أن يتحول بتنظيماته وصلاته الجماهيرية إلى النشاط السياسى، وكان ذلك خصما من حساب التيار الليبرالى فيما يظهر.

كما أن التجمعات الليبرالية طالبت وألحت فى الطلب بأن تكون الانتخابات بالقوائم الحزبية وضغطوا فى ذلك ضغطا شديدا حتى ووفق على ذلك فى ثلثى مقاعد مجلسى الشعب والشورى، وذلك رغم أن الانتخابات بالقائمة تحتاج إلى قوى حزبية تنظيمية قليلة العدد كبيرة الحجم وذات انتشار لدى الجماهير بأسمائها وقياداتها وبرامجها ومواقفها السابقة، وهى أوضاع لم تكن توافرت بعد للأحزاب القديمة بعد أن انفك عنها ضغط النظام السابق بسقوطه ولم تكن توافرت من باب أولى للأحزاب الجديدة الناشئة بعد الثورة، وكان أكثر من استفاد من انتخابات القائمة هو الاتجاه السلفى لسابق صلاتهم الشعبية فى مجال الدعوة ولحركتهم السابقة النشيطة فى الأحياء الشعبية والمساجد، ودليل ذلك أن السلفيين حصلوا فى انتخابات مجلس الشعب على نحو 15٪ من مقاعد الثلث الفردى، وحصلوا على نحو 29٪ من مقاعد الثلثين المنتخبين بالقوائم.

إن قوة التيار الليبرالى تظهر فى مساهمته الكبيرة فى صياغة الرأى العام غير المنظم عن طريق سيطرته على الإعلام، وهى سيطرة تكاد تكون غالبة ولها تأثيرها لا فى الرأى العام غير المنظم فقط ولكن فى دوائر اتخاذ القرار فى داخل أجهزة الدولة، وإن ما يملك من قدرات ثقافية سياسية مع نفوذه الكبير فى وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة تمنحه هذه القدرة على انتشار رؤيته فى تصوير الأحداث وصناعتها وترتيب أولويات المسائل التى تثار والمطالب التى تبدى، وكل ذلك له أثره فى صياغة ردود الفعل فى الساحة السياسية، وإن أثره يقوى بقدر قيام الخلاف بين القوتين الأخريين.

وإن أثر هذا الاتجاه بوصفه قوة سياسية تفتقد الأبنية التنظيمية ذات الوزن، إنما يتيح له لا أن يكون قوة مستقلة تسعى إلى الحكم بتشكيلاتها التنظيمية، ولكن أن يكون له دور ذو شأن فى الانحياز لأى من القوتين السابقتين ويكون له أثره المعتبر فى تقوية من ينحاز إليه وإضعاف من ينحاز ضده، سيما أن القوتين الأخريين لكل منها وجوه ضعفها وتردداتها مع نقص الخبرة، وسيما أن هاتين القوتين السابقتين لا تملك إحداهما إزاء الأخرى أغلبية نسبية محسومة، وسيما أن الجماهير غير المنظمة ذات حجم كبير جدا، وهو يؤثر فى تردداته فى موازين القوى، وهذا ما يفسر لنا ظاهرة «ميدان التحرير» التى استفاد منها التيار الليبرالى لما تضمه من جماهير غير منظمة، وتجتمع بالتجييش والاعتياد والتعبئة الإعلامية.

على أن وجه الضعف الملازم للتيار الليبرالى أنه لعدم وجود كيانات تنظيمية ذات ثقل فيه، فإن مواقف أحزابه وجماعاته وشخصياته تتنوع وتتعدل بحيث إنه لا يمكن القول بأنه يمثل قوة واحدة، وإن هذا التنوع فى المواقف بداخله قد يؤدى إلى وقوف بعض قواه ضد بعضها الآخر مما يخصم من قوته الإجمالية المفترضة.

ويدعم هذا التيار وسائل الإعلام ذائعة الانتشار، سيما ما كان منها ذا توجه سياسى وذا موقف من الصراعات السياسية الدائرة، والحاصل أن الإعلام فى مصر منذ جرى الإفساح للمشروعات الخاصة فيه قد سيطرت على أهم منابره مجموعة محددة من رجال الأعمال، وهم رجال أعمال من ذات النوع الذى كون ثرواته وضخمها فى عهد حسنى مبارك، اعتمادا على صلاتهم بنخبة الحكم وقتها، وهى تعتمد فى تركيم الثروة لا على المشروعات الإنتاجية فى الزراعة أو الصناعة أو الخدمات، ولكنها تعتمد أساسا على قروض البنوك وشراء أراضى البناء من الدولة، ووجهت رءوس أموالها إلى بناء العقارات وتجارة الاستهلاك وخصخصة ما تخصخص من مرافق كالاتصالات، وكان إنشاء أغلبهم لوسائل الإعلام دافعه الكسب المادى، والضغط من خلال النشاط الإعلامى على حكومة مبارك للحصول على المزيد من المزايا.

ونحن نعلم أن رجل الأعمال نجيب ساويرس شارك رجل الأعمال صلاح دياب فى إصدار صحيفة «المصرى اليوم» وأنشأ قنوات o.t.v التليفزيونية وذلك منذ سنة 2004 و2005. فضلا عن أنه مؤسس حزب «المصريون الأحرار» الذى أنشئ بعد الثورة دون أن يكون عضوا به.

وهناك قنوات الإذاعة السمعية والبصرية c.b.c التى يملكها رجل الأعمال محمد الأمين الذى أنشأ من بعد صحيفة «الوطن» وثمة رجل الأعمال وليد مصطفى الذى يدير الموقع الالكترونى «اليوم السابع»، ويصدر صحيفة بذات الاسم، ويقال: إن له علاقة عضوية برجل الأعمال حسين سالم، الذى كان على صلة وثيقة بحسنى مبارك وصفوت الشريف «صحيفة الحرية والعدالة 19 مايو 2012 مقال رجب الباسل».. وهكذا.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-11-2012, 12:32 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي حالة مصر بعد الثورة

حالة مصر بعد الثورة
طارق البشرى
الخميس 1 نوفمبر 2012 - 9:40 ص
مسائل ملحة فى السياسات المصرية: تحرير الإرادة الوطنية من الضغوط الأمريكية والإسرائيلية.إعادة ترميم وإصلاح جهاز الدولة.دعم وتقوية منظمات المجتمع الأهلى.وضع دستور يكفل جماعية اتخاذ القرار ويمنع الاستبداد.

نجح التيار الليبرالى أيما نجاح خلال فترة الثورة فى أن يصرف انتباه الرأى العام المصرى عن قضايا أساسية ملحة، وهى قضايا السياسات التى يجب أن تتبع بعد الثورة، من حيث السعى لأن تسترد مصر إرادتها الذاتية المعبرة عن الصالح الوطنى لها فى شئون السياسة الخارجية والعربية، وأن تسترد هذه الإرادة فى شئون بنائها الداخلى المستقل باتباع سياسات اقتصادية واجتماعية تتبع مشروع تنمية اقتصادى يستهدف السعى إلى زيادة الإنتاج فى كل مجالاته وتتبع سياسة للتوازن الطيب فى توزيع الدخل ومراعاة العدالة الاجتماعية.

صرف الإعلام الرأى العام عن هذه المسائل جميعها ليركز على قضية واحدة تتعلق بهوية الدولة المصرية وهل تكون دينية أم مدنية، رغم أنه كان الواجب الأول علينا جميعا أن نركز على المسائل السابقة التى تتعلق بمستقبل مصر، أما مسألة الهوية فإن مصر لا تكتشف هويتها اليوم، والهوية أمر لا نختاره ولكن يرجع إلى جماع التركيب الثقافى السائد فى المجتمع.

وإن التيار الليبرالى إن لم تكن له قوة تنظيمية تمكنه من الاستقلال عن غيره، فإن له من عمق الثقافة السياسية التى يحملها ومن مواقف الغالب من عناصره الثقافية ومن نفوذه فى المجتمع وخبراته فى التأثير على الرأى العام ومواقف الغالبية الوطنية من عناصره ما يجعله يعتبر القوة الثالثة التى أسفرت عنها ثورة 25 يناير ويتعين أن يرعى مشاركته فى صيغة بناء المستقبل.

ونخلص من ذلك إلى أن التيار الإسلامى الممثل للقوة الثانية وهو موضوع هذه الورقة فى الأساس ليس منفردا فى الساحة المصرية بالنسبة لمسألة الدولة والسيطرة عليها ولا بالنسبة لتحديد المستقبل المصرى، وإنه قوة ليست قائدة ولا حاكمة ولكنها قوة ذات أثر فعال ينبغى أن يكون لها الإسهام الذى تستحقه فى صياغة المستقبل الوطنى والثقافى والاجتماعى، وذلك ما دمنا نسعى إلى بناء مجتمع على أسس من التنظيم الديمقراطى الحقيقى، وإن المشاركة الفعالة هى ما يتعين أن تكون المعيار الجامع للقوى المصرية، لكى يقوى بعضها ببعض، لا لينفى بعضُها بعضَها الآخر.

ننتقل إلى مسألة أخرى مطلوب الإشارة إليها وهى أنه ليس من الممكن لأى من القوى السابق الإشارة إليها التى تفتق عنها الوضع بعد الثورة وليس لأى منها أن ينفرد بالسلطة أو يعتبر أنه وحده العنصر الحاسم فى إعادة بنائها أو فى تقرير سياساتها، وأنه لابد من المشاركة، وهو ما أخال أن سيسفر عنه الصراع الحالى فى المدى الزمنى القريب، لا بالتغلب ولكن بطريق أن تعدل كل قوة من ذاتها وأوضاعها بما يسمح بحصول هذه المشاركة، وإذا كان هذا هكذا، فإنه يتعين عرض المسألة التى أحدثت الانقسام الفكرى الخطير فى مصر على مدى شهور الثورة الماضية، وهى مسألة هوية الدولة وهل هى مدنية أم دينية، وهى مسألة إنما تحل بمراعاة وجوب التشارك بين هذه القوى أو بين أقسام من كل منها، وهى قوة جهاز الدولة المؤسسى وقوة الحركة الإسلامية وقوة الأحزاب وجماعات المثقفين الذين يعرفون أنفسهم باسم التيار الليبرالى أو المدنى.

ولكى ندرك المشكل الذى عانت منه وتعانى ثورة 25 يناير من هذه المسألة، يتعين ذكر أن الثورة تقوم بالإطاحة بنظام يسد الطريق أمام السعى للاستجابة للتحديات الواقعية التى تواجه الأمة والمجتمع ويمتنع من تقرير السياسات المناسبة لذلك وتنفيذها ويحقق ما تصبو إليه الجماعة الوطنية من حلول لمشاكلها، وهى فى ذلك تركز على ما يمكن من الإصلاحات أن يعتبر الحلقة الأساسية أو القاطرة التى تقود إلى حل المشاكل المحدقة فى المجال السياسى والاجتماعى.

وقد كانت هذه الحلقة الأساسية فى مصر هى مسألة الديمقراطية، لأن كل ما استشرى فى المجتمع المصرى من سلبيات وانتكاسات وفساد، كان عن طريق الحكم الاستبدادى الفردى، والديمقراطية نظام للحكم وأسلوب لإدارة المجتمع بطريقة تكفل وتقود إلى ما يرنو إليه من إصلاح ونهوض وعدالة واستقلال، وإن الديمقراطية تصير شعارا أجوف إذا لم ترتبط وتوظف لخدمة حل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى يعانى منها المجتمع، لأنها تفيد فى النهاية أن يكون الحكم معبرا عن إرادة المواطنين، ويستحيل تصور هذا التعبير إلا أن يكون مناسبا لمصالح الشعب فى الاستقلال والنهوض وإشاعة القدر المناسب من العدالة الاجتماعية التى تحفظ التوازن بين طبقات الشعب، فالديمقراطية يتعين أن تحتوى هذه الأحداث فى صورها العينية وفى برامجها الواقعية وإلا فقدت وظيفتها.

والحاصل فيما يمكن تلخيصه فى كلمات قليلة، أن المسائل الملحة فى السياسات المصرية التى تستوجب المعالجة، أولا: تحرير الإرادة الوطنية المصرية فى سياساتها الخارجية والداخلية من الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، وهذا الأمر «فى الظروف التى أدى إليها نظام حسنى مبارك» لا يتأتى إلا بتحقيق سياسات اقتصادية تؤدى إلى السعى للاعتماد الذاتى على الإنتاج المحلى بقدر ما تطيقه الموارد والإمكانات بالنسبة للمواد الغذائية والدواء، والمسألة الثانية هى إعادة ترميم وإصلاح جهاز إدارة الدولة لرده إلى فاعليته السابقة، بعد أن اتبع حسنى مبارك معه سياسات التفكيك والإضعاف والإفساد، وذلك لأنه الجهاز الأساسى الذى يعتمد عليه المجتمع المصرى فى إدارة شئون الخدمة المرفقية ورسم سياسات التنمية، والمسألة الثالثة هى دعم وتقوية ما يتعلق بحل المشكلات الخاصة بتنظيم المجتمع الأهلى من مؤسسات وتشكيلات هى من لوازم التنظيم الديمقراطى وهى مما يعصم الدولة من النزوع إلى الاستبداد، وهذا يتعلق بتشكيل وتأسيس الأحزاب والنقابات المهنية والعمالية واتحادات الفلاحين والحرفيين والجمعيات بأنواعها، فضلا عن وضع دستور يكفل جماعية اتخاذ القرارات وتعدد الهيئات التى تتداول التقرير والتنفيذ مراعاة للتخصص وحذرا من الاستبداد الفردى أو المؤسسى.

ورغم أن كل هذه الأمور هى من لوازم ما تتحقق به أهداف الثورة، فإننا نفاجأ وما زلنا نفاجأ أن تطغى مسألة هوية الدولة «الدينية أو المدنية» على كل هذه المسائل، وقد جرى حرص عجيب قادته وسائل الإعلام على أن تشغل هذه المسألة كل ساعات ومساحات النشر فى الصحافة والإعلام المرئى والمذاع، وأن تطغى على كل ما يعانى منه المجتمع من مسائل.

والعجيب أن يجرى هذا الأمر استمرارا لذات السياسة التى اتبعها نظام حسنى مبارك منذ انتخابات مجلس الشعب المصرى فى سنة 1984 كانت أول انتخابات حديثة يخوضها الإخوان المسلمين، وكان ذلك بالتحالف بينهم وبين حزب الوفد ضد مرشحى حزب الحكومة، واستمر حرص نظام مبارك على أن تكون هذه المسألة من المسائل الحاكمة لغيرها فى قضايا السياسة والثقافة المثارة، ولا ننسى فى هذا الشأن السياسة الأمريكية التى وضعت المسألة الحضارية الثقافية على رأس استراتيجيتها فى الصراع الفكرى والسياسى الدائر منذ ثورة إيران فى 1979 ومنذ ظهور الحركات الوطنية ذات المرجعية الإسلامية فى فلسطين وفى غيرها، ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتى والبحث عن بديل للخصام السياسى والفكرى وظهور «صراع الحضارات»، لهانتنجتون، ولا ننسى الانقسام الذى ظهر فكريا مع كتاب «وليمة لأعشاب البحر» لحيدر حيدر، وكذلك كتاب سليمة نسرين الباكستانية وغيرها، مما صرف الانتباه فى مصر من قضايا سيناء وفلسطين وإسرائيل ومشروعات التوسع الزراعى إلى حرية الأديب فى العمل الروائى وغير ذلك.

والعجيب أن كثيرين من الاتجاه الليبرالى واليسارى من أحزاب ومثقفين وسياسيين أفراد وجماعات ركزوا على هذه المسألة وساهموا فى أن تصير هى بؤرة الاهتمام وأساس الاستقطاب السياسى، وذلك توهما أن ما يبذلونه من جهود فى الدفاع عن «المدنية» هو دفاع ضد التخلف، رغم أن المدنية يمكن تحقيقها وأن المشكلة فى النظام الاستبدادى الذى هو أساس التخلف والهزائم. وقد ساهموا بذلك بغير قصد فى زيادة أسهم التيار الدينى، لأن طرح التخيير بين الدينى وغير الدينى أيا كان عنوانه هو خيار محسومة نتيجته لصالح «الدينى»، وكان الأصوب لسياساتهم طرح المسائل المتعلقة بالشئون الحياتية ليجرى الاستقطاب حولها، وهى سياسات تتصل بالشئون الحياتية أيا كانت المرجعية الثقافية لمن يؤيدها، وقد أوغل الكثير من الليبراليين فى التركيز على هذه المسألة حتى كادوا أن يصموا فكرة الانتخابات النزيهة بأنها ستفضى حتما إلى ما هو «دينى» فيطلبون التأجيل فيها إلى أجل لم يسموه، وكان ذلك من أهم أسباب تأخر الانتخابات من وسط عام 2011 إلى نهاية هذا العام 2012.

والحاصل طبعا أن الاستقطاب الحادث لدى الرأى العام حول مسألة «الدينى والمدنى» يتحمل مسئوليته كل من شارك فيه من التيارين الليبرالى والإسلامى، لأنهم كما زلو أنهم تراضوا على أن تكون هذه المسألة هى ما يتعين أن يقوم عليها الصراع، ويحدث الاستقطاب، رغم أنها مسألة لا يقوم بشأنها صراع حقيقى، بدليل أنه بعد عام من الاستقطاب حول هذه المسألة تكاد تنتهى نتيجة الصراع إلى ذات ما كان عليه الموقف من توازن سابق، لأن نص المادة الثانية من دستور 1971 التى كانت تنص على أن دين الدولة هو الإسلام وأن الشريعة الإسلامى هى المصدر الرئيسى للتشريع، هذا النص هو ذاته ما يكاد يتفق عليه فى اللجنة التأسيسية للدستور الجديد فى هذه الأيام.

والمسألة أصلا ما كان يثور بشأنها تناقض فى المجال الثقافى السياسى، لأن غالب من يتحدثون عن «المدنية» إنما يقصدون نظم الحكم والمعاملات، والمرجعية هى مفهوم فكرى يتعلق بالأصول الفكرية المرجوع إليها فى التقدير النهائى لبيان الصواب والخطأ أو الصحيح والفاسد، أو ما كان يعبر عنه قديما «بالحسن والقبيح»، وهى الأصول الفكرية والثقافية العامة التى تصدر عنها الأحكام فى المجتمع بالنسبة للتعامل ولما يتقرر من أوامر ونواه للسلوك والتصرفات، والأصول العامة التى تصاغ بها شرعية هياكل النظم السياسية والاجتماعية وعلاقات الجماعات التى تضمها الجماعة الوطنية.

والمرجعية بهذا الوضع ليست هى الأحكام أو النظم ولكنها التشكل الثقافى الاعتقادى العام السائد فى المجتمع ولدى الجماعة الوطنية، الذى يجتمع الناس فى غالبهم الأعم على التراضى به، ولذلك فنحن لا نختار المرجعية كشأن ثقافى سائد ولكننا نستخلص خصائصها وسماتها مما يسود فى المجتمع من قيم ثقافية واعتقادية عامة، كما أننا لا نختار اللغة ولكننا نكتسبها اكتسابا تاريخيا وجماعيا مما يسود بين الناس فى تخاطبهم وتفاهمهم، وأن الدين إنما يجرى التعامل معه فى هذا السياق بوصفه الثقافة السائدة، ونحن لا نختار الثقافة السائدة ما لو كنا نختار بين سلع معروضة فى محال التجارة أو المعارض والمتاحف، ولكننا نختار أحكام التعامل حسبما يصلح ونختار النظم حسبما يصلح فى إطار الثقافة العامة السائدة.

لذلك لا يثور فى ظنى تناقض حقيقى بين أمر يتعلق بالمرجعية وأمر يتعلق بالأحكام، والأحكام نختارها حسب ما نظن الأصلح فى إطار المرجعية السائدة، وعندما نتكلم عن المرجعية بوصفها ثقافة سائدة فإنها إنما ترد إلينا من التشكل الحقيقى والتاريخى المعاصر لمجمل ما يسود بين الناس فى إطار الجماعة الوطنية من أصول فكرية وتجديدات ومما يضمه الإطار الثقافى السائد فى المجتمع حسب ما آل الوضع الحالى فى بداية هذا القرن الحادى والعشرين، وقد ندرس هذا الأمر ونختلف حوله ولكن ذلك يكون فى الإطار الجامع الذى يقبل التنوع ويقبل التجدد حسبما تتفتق عنه أوضاع النظافة السائدة والمصالح العامة المستجدة.

طلب إلىَّ الحديث عما ينتج من إسلامية التشريع من مشاكل سياسية واجتماعية تتعلق مثلا بالمرأة وبالأقباط وبالعلمانيين وبالحريات وغير ذلك. والحاصل أن كل هذه المسائل كانت محل بحث وجدل على طول القرن العشرين ووجد لها العديد من الصياغات أعدت من فقهاء وباحثين باتقان وعمق، وتعددت وتنوعت الآراء والاجتهادات فيما تسعه أحكام الشريعة من حلول، ومن ثم فإن الجهد الفقهى والقانونى موجود وهو سابق التجهيز، والعبرة هى بالاختيار والتوافق عليه.

وفى صدد الاختيار، فإن له مجالين، المجال الثقافى العام الذى يدور فيه النقاش حرا طليقا ومتعدد الأوضاع والهيئات، وهو ليس المقصود ببحثه هنا. والمجال الآخر هو مجال ما تفرضه السلطة فى البلاد بعد أن تصير فى أيدى الإسلاميين. وقد خصصت هذه الورقة للحديث عن القوى السياسية الثقافية السائدة فى مصر الآن من التقارب فى القوة بحيث لا تملك إحداها أن تنفرد بحكم ولا بقيادة مجتمع ولا بفرض سياسة، وأنه لابد من المشاركة، ومقتضى المشاركة أن يصل المشتركون إلى الصيغة التى يلتقون عليها.

وبالنسبة لمسألة تطبيق الشريعة، فإن أمر الأخذ من الشريعة الإسلامية فى القوانين الوضعية هو أمر حادث ومن عشرات السنين، ومحاولات تقنين الأحكام منها محاولات أتت بنتائج ومشاريع متكاملة، وبذل هذا الجهد على مدى القرن العشرين من فقهاء وباحثين لم يكن أغلبهم من الحركة الإسلامية السياسية، وكانوا فى الأساس ممن جمع بين الثقافتين القانونيتين الإسلامية والغربية، وأنتجوا مشاريع تعتبر ثروة فكرية، وكذلك الدعاة للأخذ من الشريعة كانوا من هؤلاء الفقهاء، ويقف فى مقدمة هؤلاء أمثال عبدالرزاق السنهورى، وعبدالحليم الجندى، وصوفى أبوطالب، وغيرهم كثيرون ولجان التقنيين التى عملت فى السبعينيات من القرن العشرين فضلا عن جهود الفقهاء فى سوريا والعراق والمغرب وغيرها، فالأمر واسع من أن يجرى تناوله بحسبانه مشكلة سياسية محددة ترد مع تنظيم معين يحتمل أن يتولى السلطة فى بلد معين، إنها شأن ثقافى عام ميدانه الفسيح خارج توازنات السلطة، ثم جرى تأثيره من خلال أثره الثقافى العام.
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 02:11 AM.