|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#34
|
||||
|
||||
![]() الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد فإن النبي ![]() ![]() لقد أكثر النبي ![]() ![]() إن الرفق يعني لين الجانب بالقول والفعل، واللطف في اختيار الأسلوب وانتقاء الكلمات، وطريقة التعامل مع الآخرين، وترك التعنيف والشدة والغلظة في ذلك، والأخذ بالأسهل. والرفق عام يدخل في كل شيء.. تعامل الإنسان مع نفسه، ومع أهله، ومع أقاربه، وأصحابه، ومع من يشاركه في مصلحة أو جوار، وحتى مع أعدائه وخصومه، فهو شامل لكل الأحوال والشئون المناسبة له. إن استعمال الرفق في الأمور يؤدي إلى أحسن النتائج وأطيب العواقب، ويبارك الله في هذا السلوك وينفع به. أما استعمال العنف والشدة والغلظة فتفسد الأمور وتصعبها على أصحابها، وتجعل النتائج عكسية، ويحرم الخير من ترك الرفق، وترفع البركة في عمله، ويصعب عليه الأمر. قال رسول الله ![]() ![]() كما أن الرفق له أثر حسن في التأليف بين القلوب والإصلاح بين المتخاصمين، وهداية الكفار واستياقهم إلى الإسلام والبركة في الرزق والأجل، كما قال النبي ![]() وليست الرجولة والمروءة في ترك الرفق واستعمال العنف والشدة في سائر الأحوال، ويخطئ من يظن أن استعمال الرفق ينقص من قدر الإنسان، أو يكون علامة على ضعف الإنسان وخوره في طلب الحقوق، فإن هذا الفهم خاطئ من موروثات الجاهلية؛ لأن سلوك الرفق لا يقتضي ترك المطالبة بالحق أو السكوت عن الباطل أو المداهنة فيه أو التنازل عن الحقوق، وإنما هو استعمال اللطف في الأسلوب والطريقة فقط دون المضمون؛ فالرفيق يطالب بحقه ويبين الشرع ويأمر بالمعروف ويؤدب من تحت يده ويعامل الناس، ولكن كل ذلك يفعله بسلوك اللطف والرفق. قال الله تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43، 44]. وقال سفيان الثوري: "لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فيه خصال ثلاث: رفيق بما يأمر رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر عدل بما ينهى، عالم بما يأمر عالم بما ينهى". لقد كان رسول الله ![]() ![]() وقد ثبت ذلك عنه في مجالات كثيرة، منها: 1- الرفق مع الأهل: قالت عائشة رضي الله عنها: "ما ضرب رسول الله ![]() ![]() 2- الرفق مع الخادم: فعن أنس بن مالك ![]() ![]() 3- الرفق مع الأطفال: فعن عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا- قالت: "كان رسول الله ![]() ![]() ![]() 4- الرفق مع السائل: قال أنس: "كنت أمشي مع رسول الله ![]() ![]() 5- الرفق في تعليم الجاهل: عن معاوية بن الحكم السلمي ![]() ![]() ![]() 6- الرفق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: عن أَبي هريرة ![]() ![]() 7- الرفق مع العاصي التائب: عن أبي هريرة ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() وكذلك رَفِقَ مع الرجل الذي قبَّل امرأة وجاء نادمًا، فبيَّن له أن الصلاة كفارة لذنبه ولم يعنِّف عليه، وهذا ثابت في الصحيح. 8- الرفق في الصبر على الأذى: قالت عائشة -رضي الله عنها- للنبي ![]() ![]() ![]() 9- الرفق في التعامل مع الكفار: فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (دخل رهط من اليهود على رسول الله ![]() ![]() ![]() ![]() 10- الرفق بالناس في العبادات: قال جابر بن عبد الله: (أقبل رجل بناضحين[17] وقد جنح الليل، فوافق معاذًا يُصلي فترك ناضحه وأقبل إلى معاذ، فقرأ بسورة البقرة أو النساء، فانطلق الرجل وبَلَغَه أن معاذًا نال منه، فأتى النبي ![]() ![]() وعن أنس أن النبي ![]() ![]() 11- الرفق مع النفس في التطوع: فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان رسول الله ![]() ![]() ومع كون الرفق غالبًا على تصرفات النبي ![]() (1) في إقامة الحدود: عن أبي هريرة وزيد الجهني أن النبي ![]() (2) في مقام التعزير: كما في قصة هجر كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلف الثلاثة عن غزوة تبوك، فهجرهم النبي ![]() (3) في تأديب الزوجة: فقد هجر نساءه شهرًا وامتنع عن وطئهن، واعتزل بيوتهن في مشربة له، لما ألحفن عليه في النفقة، كما في الصحيحين من حديث ابن عباس: (أَن النبي ![]() (4) في قتال الكفار وجهادهم: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التوبة: 73]. (5) في زجر العاصي المعاند: عن سلمة بن الأكوع قال: (أن رجلاً أكل عند رسول الله ![]() (6) في النهي عن البدع والمحدثات: لما رأى عمر بيده التوراة غضب وأنكر عليه بقوله: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، وإنكم إما أن تصدقوا بباطل، وإما إن تكذبوا بحق، وإنه والله لو كان موسى حيًّا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني"[24]. ومع ذلك فلم يكن في شدته ظلم لأحدٍ، أو مجاوزة لحدود الله في حقوق الخلق وحرمتهم. فالفقه في هذا الباب أن المشروع للمسلم استعمال الرفق في سائر الأمور إلا إذا دعت الحاجة واقتضت المصلحة في استعمال الشدة، فيكون ترك الرفق في هذا المقام مشروعًا. وبهذا يتبين أن سلوك الرفق في كل شيء حتى إذا انتهكت محارم الله وضيِّعت الحقوق وأميتت السُّنَّة مسلكٌ خاطئ مخالف للشرع، وقد ثبت في الصحيح أن النبي ![]() ![]() والحاصل أن الفقه والبصيرة في الدين هي أن الأصل في الأمور كلها الرفق إلا في أحوال قليلة تستعمل الشدة. قال النووي في شرح حديث الرفق: (وفيه حث على الرفق والصبر والحلم وملاطفة الناس ما لم تدع حاجة إلى المخاشنة). وهذا المسلك الحق من توفيق الله للعبد وتيسيره. فهنيئًا بمن اقتدى بالرسول الكريم
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|