|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الله أكبر وارتَـمَى قـلبِي بـِبابِ الرَّحمَةِ
|
#2
|
||||
|
||||
![]() عوامل إصلاح المجتمع المجتمع في أشد الحاجة إلى الإصلاح, المجتمع الإسلامي وغير الإسلامي, ولكن بوجه أخص المجتمع الإسلامي في أشد الحاجة إلى أن يسير على النهج القويم, وأن يأخذ بالعوامل والأسباب والوسائل التي بها صلاحه, وأن يسير على النهج الذي سار عليه خيرة هذه الأمة, خليل الرحمن وصفوته من عباده, سيدنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام. ومعلوم أن العوامل التي بها صلاح المجتمع الإسلامي وغير الإسلامي, هي العوامل التي قام بها إمام المرسلين, وخاتم النبيين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم, وقام بها صحابته الكرام وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون المهديون: أبو بكر الصديق , وعمر الفاروق , وعثمان ذو النورين , وعلي المرتضى, أبو الحسن , ثم من معهم من الصحابة رضي الله عن الجميع, وجعلنا من أتباعهم بإحسان. ومن المعلوم أن هذه العوامل قام بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في مكة أولا, ثم في المدينة , ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا الذي صلح به أولها كما قال أهل العلم والإيمان, ومن جملتهم الإمام المشهور مالك بن أنس إمام أهل الهجرة في زمانه, والفقيه المعروف, أحد الأئمة الأربعة قال هذه المقالة, وتلقاها أهل العلم في زمانه وبعده, ووافقوا عليها جميعا: ( لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ). والمعنى: أن الذي صلح به أولها وهو اتباع كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم هو الذي يصلح به آخرها إلى يوم القيامة. ومن أراد صلاح المجتمع الإسلامي, أو صلاح المجتمعات الأخرى في هذه الدنيا بغير الطريق والوسائل والعوامل التي صلح بها الأولون فقد غلط, وقال غير الحق, فليس إلى غير هذا من سبيل, إنما السبيل إلى إصلاح الناس وإقامتهم على الطريق السوي, هو السبيل الذي درج عليه نبينا عليه الصلاة والسلام, ودرج عليه صحابته الكرام ثم اتباعهم بإحسان إلى يومنا هذا, وهو العناية بالقرآن العظيم, والعناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ودعوة الناس إليهما والتفقه فيهما, ونشرهما بين الناس عن علم وبصيرة وإيضاح ما دل عليه هذان الأصلان من الأحكام في العقيدة الأساسية الصحيحة. ومن الآراء التي يجب على المجتمع الإسلامي الأخذ بها, وبيان المحارم التي يجب على المجتمع الإسلامي الحذر منها , وبيان الحدود التي حدها الله ورسوله, حتى يقف عندها, كما قال عز وجل: ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا )]سورة البقرة الآية 187[،وهي المحارم نهى عن قربانها باقتراف المعاصي, كما نهى عن تعدي الحدود التي حدها لعباده وهي ما فرضه عليهم, وألزمهم به من العبادات والأحكام. والرسول صلى الله عليه وسلم أول عمل عمله, وأول أساس رسمه, أنه دعا الناس إلى توحيد الله , وإخلاص العبادة له. هذا أول عمل, وهذا أول أساس تكلم به ودعا إليه وسار عليه, هو دعوة الناس إلى توحيد الله , وإرشادهم إلى تفاصيل ذلك. والكلمة التي دلت على هذا المعنى هي قول: لا إله إلا الله هذه هي الأساس المتين, ومعها شهادة أن محمدا رسول الله. هذان الأصلان والأساسان المهمان: هما أساس الإسلام , وهما أساس صلاح هذه الأمة, من أخذ بهما واستقام عليهما عملا وعلما ودعوة وصبرا, استقام له أمره وأصلح الله به الأمة, على قدر جهاده وقدرته وأسبابه, ومن أضاعهما أو أضاع أحدهما ضاع وهلك. ولما بعث الله نبيه عليه الصلاة والسلام, وأنزل القرآن, كان أول ما نزل عليه: اقرأ, ثم المدثر, فقام إلى الناس ينذرهم ويدعوهم إلى توحيد الله ويحذرهم نقمة الله عز وجل, ويقول:" يا قوم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا" . ]مسند أحمد بن حنبل (3/492) [. فاستكبر المشركون واستنكروا هذا ; لأنه ليس الأمر الذي اعتادوه, وليس الأمر الذي أدركوا عليه أسلافهم, ولهذا استنكروه, وقالوا عند ذلك: (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) ]سورة ص الآية 5 وقالوا: أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ]سورة الصافات الآية 36 وقبلها قوله سبحانه: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) ]سورة الصافات الآية 35-36[ فرد الله عليهم بقوله: ( بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ)] سورة الصافات الآية 37[ وبسبب تساهل الكثير من العلماء وطلبة العلم, وأعيان أهل الإسلام الذين فقهوا توحيد الله, بسبب التساهل في هذا الأصل الأصيل, انتشر الشرك في بلدان كثيرة, وعبدت القبور وأهلها من دون الله, وصرف لها الكثير من عبادة الله, فهذا يدعو صاحب القبر, وهذا يستغيث به, وهذا ينذر له, وهذا يطلبه المدد كما فعلت قريش وغيرها في الجاهلية مع العزى, وكما فعل غيرهم مع اللات ومع مناة, ومع أصنام أخرى, وكما يفعل المشركون في كل زمان مع أصنامهم وأوثانهم, في التعظيم والدعاء والاستغاثة, والتمسح والتبرك وطلب المدد. وهذا من دسائس الشيطان ومن مكائده, فإنه أحرص شيء على إزاحة الناس عن عقيدتهم ودينهم, وعلى إبعادهم عنها بكل وسيلة. فالواجب على طلبة العلم - وهم أمل الأمة بعد الله عز وجل في القيادة المستقبلة, وهم رجال الغد في أي جامعة تخرجوا - أن يقودوا السفينة بحكمة وإخلاص وصدق, وأن يعنوا بالأساس وأن يعرفوا العامل الوحيد العظيم الذي عليه الارتكاز, والذي يتبعه ما سواه, وهو العناية بتوحيد الله والإخلاص له , والعناية بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم, وأنه رسول الله حقا, وأن الواجب اتباعه, والسير في منهاجه, وأن صحابته هم خير الأمة, وهم أفضلها, فيجب حسن الظن بهم, واعتقاد عدالتهم, وأنهم خير الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأنهم حملة السنة وحملة القرآن, فوجب السير على منهاجهم والترضي عنهم جميعا, واعتقاد أنهم خير الناس, وهم أفضل الناس بعد الأنبياء كما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " ]صحيح البخاري الشهادات (2509),صحيح مسلم فضائل الصحابة (2533),سنن الترمذي المناقب (3859),سنن ابن ماجه الأحكام (2362),مسند أحمد بن حنبل (1/434) [. وهناك أحاديث أخرى دلت على ذلك. فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , هم خير الناس بعد الأنبياء, وهم أفضل الناس, وهم على مراتب في الفضل, فأفضلهم الخلفاء الراشدون ثم بقية العشرة المشهود لهم بالجنة , ثم الباقون على مراتبهم, وعلى حسب علمهم وفضلهم, فوجب أن نعني بهذا الأساس وأن ندعو الناس إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له, وألا نغلو في القبور والأنبياء والأولياء ونعبدهم مع الله, ونصرف لهم العبادة من دعاء أو خوف أو رجاء أو نحو ذلك. ويجب على طالب العلم وعلى القائد أن يعظم أمر الله ونهيه, وأن يستقر خوف الله في قلبه, فوق جميع الأشياء, وأن يعظم أمره ونهيه, وألا يبالي بما يرجف به المرجفون ضد الحق وأهله ثقة بالله, وتصديقا لما وعد رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وكافة الرسل كما في قوله جل وعلا:( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ. وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ الآية) ]سورة إبراهيم الآية13- 14[ فطالب العلم العالم والموجه, والقائد البصير لا يبالي بإرجاف عباد القبور, ولا بإرجاف الخرافيين, ولا بإرجاف من يعادي الإسلام من أي صنف, بل يصمد في الميدان, ويصبر ويعلق قلبه بالله, ويخافه سبحانه, ويرجو منه النصر جل وعلا, فهو الناصر وهو الولي سبحانه وتعالى, وقد وعد أن ينصر من ينصره فقال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) ]سورة محمد الآية 7[ ويقول سبحانه: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ] سورة الروم الآية 47 [لكن بالشرط وهو التمسك بدين الله, والإيمان به, والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم, والاستقامة على دين الله. هذا هو السبب, وهذا هو الشرط في نصر الله لنا , كما قال عز وجل:( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) ]سورة الحج الآية 40-41[ وفي الآية الأخرى يقول سبحانه: )(وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) ]سورة النور الآية 55[ فهذا وعده عز وجل لمن استقام على الإيمان والهدى والعمل الصالح : أن الله يستخلفه في الأرض ويمكن له دينه, ويؤمنه ويعيذه من شر الأعداء ومكائدهم وينصره عليهم. ومن تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله تعظيم سنته, والدعوة إليها وتنفيذ مقاصدها, والتحذير من خلافها, وتفسير القرآن الكريم بها فيما قد يخفى من آياته, فإنه يفسر بالسنة ويوضح بها, فالسنة توضح القرآن وتبينه وتدل عليه, وتعبر عنه, كما قال عز وجل: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )]سورة النحل الآية 44[ هذا الأساس العظيم يجب أن يكون منه المنطلق للدعاة المخلصين, والمصلحين في الأرض, الذين يريدون أن يتولوا إصلاح المجتمع والأخذ بيده إلى شاطئ السلامة, وسفينة النجاة, كي يرتكز هذا الإصلاح على أعظم عامل, وهو الإخلاص لله في العبادة والإيمان برسوله عليه الصلاة والسلام , وتعظيم أمره ونهيه, باتباع شريعته والحذر مما يخالفها. ثم بعد ذلك ينظر في العوامل الأخرى التي هي تابعة لهذا الأساس, فيدعو إلى أداء فرائض الله من صلاة وزكاة وصوم وحج, وغير ذلك ، وينهى عن محارم الله من الشرك وما دونه من سائر المعاصي والشرور, ويسعى بالإصلاح بين الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وإصلاح ذات البين, إلى غير ذلك. فهو ساع بكل جهده إلى إقامة أمر الله في أرض الله, وإلى ترك محارم الله والوقوف عند حدود الله, وإلى الحذر من البدع المحظورة في الدين, هكذا يكون المصلح الموفق يأخذ العوامل عاملا عاملا مع مراعاة الأساس المتين, وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله, وأن محمدا رسول الله علما وعملا, فهو يعلمها الناس ويعمل بها في نفسه, فيوحد الله, ويخصه بالعبادة وينقاد لشريعته خلف رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم, يتلقى السنة ويعظمها كما عظمها الصحابة , ويسير على نهجها وعلى مقتضاها مع كتاب الله كما سار الصحابة , فإن علم الصحابة من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام, ما عندهم كتب أخرى, وإنما جاءت الكتب بعدهم. أما الصحابة والتابعون فكانت سيرتهم, وكانت أعمالهم مستقاة من الكتاب العظيم, يتدبرونه ويقرءونه بقصد صالح, بقصد العلم والإفادة والعمل, ومن السنة كذلك يدرسونها ويحفظونها, ويأخذون منها العلم والعمل. هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهكذا كان التابعون لهم بإحسان قبل وجود المؤلفات في الحديث وغير الحديث. فقدر لنفسك مع أولئك, واستنبط من كتاب ربك, وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, ومن كلام أهل العلم ما يعينك على فهم كتاب الله, وعلى فهم السنة, وكن حريصا على العلم والفقه في الدين حتى تستطيع أن توجه المجتمع إلى الطريق السوي, وتأخذ بيده إلى شاطئ السلامة, وحتى تعلم كيف تعمل, فتبدأ بنفسك, وتجتهد في إصلاح سيرتك ومسابقتك إلى كل خير, فتكون مع أول الناس في الصلاة, ومع أول الناس في كل خير, وتكون من أبعدهم عن كل شر, تمتثل تنفيذ كتاب الله, وتنفيذ سنة رسوله صلى الله عليه وسلم في أعمالك وفي أقوالك مع زملائك وإخوانك وأعوانك. هكذا يكون المؤمن, وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم, وهكذا كان أتباعهم من التابعين, وأتباع التابعين والمصلحين, وأئمة الهدى يدرسون كتاب الله, ويعملون بما فيه ويقرئونه الناس ويعلمونهم إياه, ويرشدونهم إلى معانيه, ويعلمونهم السنة ويحثونهم على التمسك بها والفقه فيها, ويوصونهم بتعظيم الأوامر والنواهي, والوقوف عند الحدود التي حدها الله ورسوله مدة حياتهم في هذه العاجلة. فكل عامل من عوامل الإصلاح يتطلب إخلاصا وصدقا . فالدعوة إلى توحيد الله تحتاج إلى إخلاص وصدق وبيان معنى لا إله إلا الله , وأن معناها: لا معبود حق إلا الله, وأن الواجب الحذر من الشرك كله دقيقه وجليله, وتحذير الناس منه كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكما فعل أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم. وبتدبر القرآن العظيم يتضح هذا المعنى كثيرا, وهكذا السنة تعظيمها والدعوة إليها بعد الإيمان أن محمدا رسول الله, وأن الواجب اتباعه وأن الله أرسله إلى الناس كافة, عربهم وعجمهم, جنهم وإنسهم, ذكورهم وإناثهم, فعلى جميع أهل الأرض أن يتبعوه, كما قال سبحانه:( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ]سورة الأعراف الآية 158[ وقال قبلها سبحانه:( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ]سورة الأعراف الآية 157[ فمن اتبعه وعظم أمره ونهيه فهو المفلح, ومن حاد عن ذلك وتبع الهوى والشيطان فهو الخاسر الهالك ولا حول ولا قوة إلا بالله. والعوامل تتعدد بحسب ما تدعو إليه, وما تنهى عنه, فأنت تجتهد في اختيار العامل الذي تقوم به العامل الشرعي الذي عرفت أصله, وعرفت مأخذه من كتاب الله, ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأنت تدعو الناس إلى دين الله, وإلى أداء فرائض الله, وإلى ترك محارم الله على الطريقة التي سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم. والعوامل والمجتمعات تختلف, فالمجتمع المحارب للدين, والذي ليس فيه قائد يعينك على الإصلاح والتوجيه تعمل فيه كما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة , تدعو إلى الله بالحسنى وبالأسلوب الحسن, وبالكلمات اللينة, حتى يدخل ما تقول في القلوب , وحتى يؤثر فيها فيحصل بذلك انجذاب القلوب إلى طاعة الله وتوحيده, وتتعاون مع إخوانك ومن سار على نهجك في دعوة الناس وإرشادهم بالطرق اللينة في المجتمعات التي يمكن حضورها حتى يثبت هذا الإيمان في القلوب, وحتى ينتشر بين الناس بأدلته الواضحة. وفي المجتمع الإسلامي, ووجود القائد الإسلامي الذي يعينك يكون لك نشاط أكثر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, والاتصال بالمسئولين عند وجود المعاندين, والذين يخشى من عنادهم الخطر على المجتمع, وتكون مع ذلك سالكا المسلك القويم بالرفق والحكمة والصبر, كما قال عز وجل: (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)] سورة العصر الآية 1-3[ فلا بد من صبر وتواص بالحق, ودعوة إليه, حتى تنجح في مهمتك, وكذلك المسئولون والكبار الذين يخشى من شرهم على الدعوة, ينصحون بالأسلوب الحسن, ويوجهون, ويدعون بالكتابة والمشافهة من أعيان الأمة ورجالها وقادتها وأمرائها, كما قال سبحانه:( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ الآية) ]سورة آل عمران الآية 159[, وكما قال سبحانه لموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام لما بعثهما إلى فرعون :( فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )] سورة طه الآية 44[ فالواجب على المصلحين والدعاة أن يسلكوا هذا السبيل, وأن يعالجوا مشكلات المجتمع بالحكمة والموعظة الحسنة, وأن يخاطبوا كل إنسان بما يليق به, حتى ينجحوا في مهمتهم, ويصلوا إلى غايتهم. وعلى الداعي أيضا إلى الله سبحانه والراغب في الإصلاح أن يراعي عاملين آخرين, سوى العاملين السابقين وهما: عامل التناصح والتواصي بالحق مع إخوانه وزملائه ومع أعيان المجتمع وقادته . وعامل الصبر على ما قد يقع من الأذى من الأعيان أو غيرهم . عملا بما دلت عليه السورة السابقة وهي قوله سبحانه:( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) ]سورة العصر الآية1-3[ وتأسيا بالرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام, كما قال الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في آخر سورة الأحقاف وهي مكية:( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ الآية ) ]سورة الأحقاف الآية 35 [, وقال سبحانه في سورة آل عمران وهي مدنية:( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ]سورة آل عمران الآية 186[وقال فيها سبحانه لما نهى عن اتخاذ البطانة من المشركين:( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) ]سورة آل عمران الآية 120[ وقال سبحانه في آخر سورة النحل , وهي مكية أيضا:( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ .إ ِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) ]سورة النحل الآية 127- 128 [والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وكل من سلك مسلك الرسل من الدعاة والمصلحين, نجح في دعوته, وفاز بالعاقبة الحميدة والنصر على الأعداء ومن سبر ذلك, ودرس أخبار المصلحين وسيرتهم علم ذلك وتحققه, فأسأل الله بأسمائه الحسنى, وصفاته العلى, أن يصلح أحوال المسلمين, ويمنحهم الفقه في الدين, وأن يوفق قادتهم لكل خير, ويصلح لهم البطانة, وأن يعيذ المسلمين جميعا في كل مكان من مضلات الفتن, ومن طاعة الهوى والشيطان, إنه ولي ذلك والقادر عليه.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 11-01-2013 الساعة 01:33 AM |
#3
|
||||
|
||||
![]() الحاجة إلى العقيدة : الإنسان مخلوق ضعيف ، ويرجع ضعفه إلى خصائص فيه وإلى خصائص في البيئة التي تؤويه فمهـما تعاظم الإنسان فلن يستطيع خرق الأرض ولن يستطيع بلوغ الجبال طولا، ومهما تزايدت قوته فلن يكون أقوى من الريح التي تعصف و الرعد الذي يبرق أو البحر الذي يزبد أو غيرها من قوى الطبيعة التي تغلبه لا محالة ورغم هذا فهو في حاجة إليها في طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه وموطنه وملعبه وغير ذلك مما يميزه عن الطبيعة من حوله ، وعند محاولة الإنسان تلبية رغباته في العيش فهو يصطدم بهذه القوى و بعض المعوقات الدنيوية البشرية التى تِؤثر على توازنه العقلي أو الجسدي يقول أحد الباحثين الغربيين : إن عدم استقرار الحياة العصرية و الانفعال الدائم و وانعدام الأمن يخلق حالة من الشعور تجلب الاضطرابات العصبية و العضوية للمعدة و الأمعاء ، وكذا نقص التغذية و تسرب الجراثيم المعوية إلى الدورة الدموية و التهاب الكلى و ما يصاحبه من أمراض الكلى و المثانة ، وإن هي إلا نتائج بعيدة لعدم توازن العقلي و الأدبي ومن منطلق هذا الضعف وتلبيتا لحاجياته، بدأ الإنسان في رحلت للبحث عن القوة التي تعينه لإتمام حياته فبدأ بالالتجاء إلى غيره من البشر فكانت الجماعات والقبائل غير أن هذه القوة المضافة لم تؤثر كثيرا على قدرته في مواجهة الطبيعة بقسوتها وشراستها.. واستمر ضعفه كما هو، فاتجه إلى محاولة استرضاء هذه الطبيعة بما يتصور أن له علاقة بينه وبينها يستطيع أن ينميها فيخضعها وفشلت هذه المحاولة في الوصول إلى غرضها و الوصول إلى القوة ومن ثم الطمأنينة والأمان وفي بحثه الكوني اتجه إلى تصور القوة الأكبر لله التي تسيطر على كل هذه القوى الأصغر المناوئة له والتي تثير خشيته وخوفه، قال عز وجل عن إبراهيم عليه السلام (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ) (75) . فكانت الملاحظة التي وجهه إليهـا الله عز وجل ملاحظة الكون سماءا وأرضا ليصل في النهاية إلى اليقين. (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين (76) فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين (77) فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يقوم إني بريء مما تشركون (78) إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين (79) وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به. إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون (80) " سورة الأنعام ". وأخيرا اهتدي الإنسان إلى وجود خالقه وخالق الكون الرازق القادر القاهر المصور لكل ظاهره الباري ، وبهذا بدأت محاولات الإنسان في البحث عن العقيدة من خلال البحث عن الله أملا في طمأنينة وأمن ، وتحقيقا لاحتياجات ورغبات وهكذا بدا أن الاحتياج إلى العقيدة احتياج أساسي ملازم للحياة . ومع الإحساس الفطري للإنسان بوجود الله الخالق نزلت الديانات السماوية تترى لتنتهي بالعقيدة الكاملة ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). سورة المائدة/ 3
|
#4
|
||||
|
||||
![]() العقيدة والعلوم النفسية يقول بريل المحلل النفسي : المرء المتدين لايعاني قط مرضا نفسيا . ويذكر نهرى لينك العالم الإمريكي في كتابه العودة إلى الإيمان : الذين يترددون إلى دور العبادة يتمتعون بشخصية أقوى و أفضل ممن لادين لهم و لا يقومون بالعبادة. ومن هنا فالعقيدة تشمل البشر جميعا حتى إننا نستطيع أن نجزم بأنه لا يوجد إنسان بلا عقيدة بمعنى أنه لا يوجد إنسان بلا مفهوم ينظم العلاقة بينه وبين القوى الحاكمة في الكون والحياة أي قوة الله، وهذه العقيدة نجدها في البشر الذين يؤمنون بالديانات السماوية كما نجدها في غيرهم من البشر الذين لا يؤمون بالديانات السماوية. فالعقيدة فطرة فطر الله الناس عليها وكما في الحديث الشريف الذي معناه كل مولود يولد على الفطرة، أي وجود الاستعداد للعقيدة ، وإنما أبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه. أي أن نوعية العقيدة هي التي تحدد بالظروف الاجتماعية التي تحكم الإنسان أما الأصل والعقيدة والاتجاه إليها ففطرة إنسانية. والدراسة النفسية للعقيدة لا تضيف إليها شيئا بينما العقيدة تضيف الكثير إلى العلوم النفسية إذ أنها تبحث في أسباب التدين ولزومه وهو حقيقة ثابتة ثبات الشمس لا تحتاج لكثير من جهد لإثبات وجودها. ونلاحظ أن اهتمام العقيدة والعلوم النفسية بالإنسان اهتمام متبادل وقديم، ففي المرحلة الأولى من حياة البشرية كانت ترد بعض الأمراض النفسية إلى أسباب دينية كما كانت ترد أحيانا إلى أسباب طبيعية وهكذا نشأت ، دراسات علم النفس الديني والطب النفسي الديني في محاولة لفهم الإنسان من خلال معطيات الدين فالمرض في ضوء هذه المفاهيم سواء كان جسمانيا أو نفسيا ما هو إلا نتيجة للخطيئة أو التلبس بالشيطان وعلم النفس في علاقته مع العقيدة والدين اتجه اتجاهين الاتجاه الأول إلى دراسة فلسفة الدين والاجتماع البشري للدين وتطبيقاته العملية في مجال الوقاية والعلاج وهذه تعرفنا على تسميته علم النفس الديني . والاتجاه الثاني درس قضية التدين أي انتماء الفرد إلى عقيدة وكيف يتم ذلك وأسباب ذلك الانتماء وتأثيره على سلوك الفرد والجماعة وهذا الاتجاه أصبح يعرف بعلم نفس التدين .
|
#5
|
||||
|
||||
![]() ![]() ![]() |
#6
|
||||
|
||||
![]() ![]() ![]() |
#7
|
||||
|
||||
![]() ![]() ![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الاسلام, دين, نبينا |
|
|