|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#10
|
||||
|
||||
![]() (لا إله إلا الله) المفهوم والحقيقة (2)
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، أما بعد : ثالثاً: (شروط لا إله إلا الله) لا إله إلا الله وما ورد في فضلها حق ثابت يجب الإيمان به ، لكنها جاءت مقيدة بالقيود الثقال التي لابد من الإتيان بجميعها قولاً واعتقاداً ، قال الحسن للفرزدق وهو يدفن امرأته ما أعددت لهذا اليوم؟ قال شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة، قال الحسن نِعم العُدة لكن لـ (لا إله إلا الله) شروطاً، فإياك وقذف المحصنات ، وقال وهب بن منبه لمن سأله أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال بلى، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك . وحاصل ذلك : أنَّ لا إله إلا اللّه سبب لدخول الجنة، والنجاة من النار، ومقتضٍ لذلك، ولكن المقتضي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه، وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه، أو لوجود مانع. وقد ذكر أهل العلم لكلمة التوحيد سبعة شروط وهي كالتالي : 1- (العلم ) بمعناها المراد منها، نفياً وإثباتاً، المنافي للجهل بذلك ، قال تعالى (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أي بلا إله إلا الله وهم يعلمون بقلوبهم معنى ما نطقوا بألسنتهم ، وقال تعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، وفي الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة " رواه مسلم . 2- (اليقين ) بأن يكون قائلها مستيقناً بمدلول هذه الكلمة يقيناً جازماً ، وهذا ينافي الشك ، قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا ، أي لم يشكوا ، وفي الصحيح من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة " رواه مسلم. 3- (الانقياد ) لما دلت عليه ظاهراً وباطناً، قال الله عز وجل (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) أي بلا إله إلا الله ، ومعنى ( يُسلم وجهه) أي ينقاد . 4- (القبول ) لها فلا يرد شيئاً من لوازمها ومقتضياتها ، قال تعالى في شأن من لم يقبلها (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ) إلى قوله (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أُخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تُنبت كلأً فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه مابعثني الله به فعلم وعلّم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلت به " .متفق عليه . 5- (الإخلاص ) فيها ، قال تعالى (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) وقال تعالى (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) و عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه " رواه البخاري. 6- (الصدق) من صميم القلب لا باللسان ، قال تعالى (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) وعن النبي صلى الله عليه وسلم " ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار " رواه البخاري. 7- (المحبة) لها ولأهلها ، والموالاة والمعادة لأجلها ، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) وقال سبحانه (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) وعن الني -صلى الله عليه وسلم- قال ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ...) الحديث ، متفق عليه . رابعاً: (مفاهيم خاطئة حول لا إله إلا الله) رغم البيان الذي جاءت به النصوص في تحديد المراد من كلمة لا إله إلا الله - وهو البيان الذي ليس فوقه بيان - فقد وقع الخطأ والميل عن الصواب من بعض الناس في معنى هذه الكلمة فمن ذلك : 1- قول بعضهم معنى لا إله إلا الله أي القادر على الاختراع، أو المستغني عما سواه المفتقر إليه ما عداه ، ومعلوم أن المشركين من العرب الذي بعث إليهم محمد- صلى الله عليه وسلم- لم يكونوا يخالفون في هذا المعنى بل كانوا يقرون بذلك ، قال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) وقال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) إلى غير ذلك من الآيات ، وهذا الإقرار منهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام لمَّا جحدوا ما دلت عليه لا إله إلا الله من إخلاص العبادة لله ، والعجيب أن المشركين قد عرفوا المعنى الحقيقي لكلمة التوحيد ، ولهذا لما قال لهم الني -صلى الله عليه وسلم- قالوا لا إله إلا الله قالوا (أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) فلا خير في رجل جهال الكفار أعلم منه بمعنى لا إله إلا الله. (وقفـــة): إنَّ من أعظم ما يعين على تفهم ومعرفة معنى لا إله إلا الله ؛هو معرفة حال المشركين الذين نزل فيهم القرآن، وماذا كانوا يعتقدون، وبماذا كفروا ، وما الذي أوردهم أودية الباطل، ووحل الوثنية . 2- وقول بعضهم معنى لا إله إلا الله هو تحكيم شريعة الله، ويقصدون بذلك التحاكم إلى شرع الله في أمور الخصومات والمنازعات وجميع مسائل القضاء الأخرى ، لكنهم لا يدخلون في ذلك إفراد الله بالحكم في مسألة العبادة والتوحيد التي هي أساس الملة والشرع , والحق أنَّ هذا التفسير فيه قصور عن المعنى الكلي الذي جاءت به لا إله إلا الله ، فالحاكمية داخلة في معنى لا إله إلا الله وهي جزء منها وليست هي الأصل لهذه الكلمة العظيمة، فقصر معنى لا إله إلا الله على مسألة الحاكمية فيه إخراج لبقية معاني الإلهية , لذلك يلاحظ على القائلين بهذا التفسير أمران : الأول : أنَّ جهدهم منصب على هذه القضية مع إغفال جوانب التوحيد الأخرى . الثاني : أنَّ هؤلاء يدعون إلى تحكيم شرع الله في أمور المنازعات والخصومات وسائر المعاملات كما تقدم ، وهذا أمر لا ينازع فيه أحد ويؤيدون عليه ، لكنهم في أمور العقائد يتلاشى عندهم هذا المبدأ ؛ فتجد فيهم ومن بينهم من قد عرف ببدعته وضلاله بل بتلبسه بالشرك الصريح وانحرافه عن المنهج القويم والصراط المستقيم، ومع ذلك يغضون الطرف عنه ، وهذا من التناقض الفاضح !!. 3- قول بعضهم معنى لا إله إلا الله هو إخراج اليقين الفاسد من القلب على الأشياء، وإدخال اليقين الصحيح على ذات الله أنَّه لاخالق إلا الله ولا رازق إلا الله ولا مدبر إلا الله ، فيقال هذا أيضاً لم يزد أصحابه على إعادة تقرير توحيد المعرفة والإثبات (الربوبية) الذي أقر به المشركون كما تقدم . تنبــيه : الأول : عقيدة التوحيد والحمد لله ليست بحاجة إلى من يأتي لها بمصطلحات حادثة ،وألفاظ مجملة، أو عبارات قاصرة غير وافية، يندس من خلالها أهل البدع والخرافة . الثاني : كل من أعرض عن المشروع فإنه يبتلى ولا محالة بالوقوع في الممنوع ،لهذا تجد من أكثر من سماع القصائد بقصد صلاح قلبه نقصت رغبته في سماع القرآن، ومن أكثر من الصلاة والدعاء عند المشاهد القبور قلت رغبته في الدعاء والصلاة في المساجد ، وهكذا من أعرض عن ألفاظ النصوص الشرعية وما دلت عليه فأنه يبتلى بهذه الألفاظ المحدثة التي لا تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، بل تزيد صاحبها حيرة وضلالاً،و يُنفَذُ من خلالها إلى إبطال معاني الأدلة الشرعية والله المستعان . وختاماً : فإن لا إله إلا الله شجرة السعادة ، إن غرستها في منبت التصديق، وسقيتها من ماء الإخلاص، ورعيتها بالعمل الصالح ،رسخت عروقها ،وثبتت ساقها، واخضرت أوراقها، وأينعت ثمارها ، وتضاعف أكلها، وإن غرست هذه الشجرة في منبت التكذيب والشقاق ، وسقيتها بماء الرياء والنفاق، وتعاهدتها بالأعمال السيئة ، والأقوال القبيحة تناثرت ثمارها، وتساقطت أوراقها، وتقطعت عروقها، وهبت عليها عواصف القذر ومزقتها كل ممزق،،، فيها أيها الراجي ســـلامة دينــه *** عليك بتقوى الله ذي العرش تهـتد وإن رمت أن تنجو من النـــار سالماً *** وتحظى بجــنات وـلد مؤبــد وروح وريحـــان وأرغــد حبرة *** وحور حســان كاليواقيت خرد فحقق لتــوحيد العـبادة مخلصــاً *** بأنواعـها لله قصـداً وجـــرد والحمد لله رب العالمين |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الاسلام, دين, نبينا |
|
|