اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > علوم القرآن الكريم (مكتوب و مسموع و مرئي)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-10-2013, 11:06 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 37
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

فلو فكر الإنسان وتأمل هذه الأحاديث التي ذكرها النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحث على تلاوة القرآن والإقبال عليه وقراءته ما سمحت له نفسه أن يضيع لحظة واحدة في حياته إلا وفيها عمل صالح يقدمه لربه -جل وعلا- إما عمل قاصد أو عمل متعدي نفع.
فالذي يحرص على هذا فإنه قد قدم أعمال الدنيا على الآخرة، ومَن حرص على الآيات وحفظها على تلك قدم أعمال الآخرة على الأولى، وقد قال الله –تعالى- للنبي: ﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى(38)، وقال: ﴿وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى(39)، فعمل الآخرة هو الذي يبقى ويدوم ويزيد وينفع الإنسان في دنياه وأخراه، وهذا كله في القرآن الكريم؛ ولهذا جاء الحث والترغيب في فضل هذا القرآن الكريم وتعلمه، وكان الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- متميزون بالاهتمام بالقرآن وحفظه وتلاوته وتعليمه، كما كانأبيٌّ(40) -رضي الله عنه- وسماه النبي -عليه الصلاة والسلام- في قوله: « أَقْرَأُكُمْ أُبَيٌّ»، وأثنى على أبي موسى الأشعري(41) وعبد الله بن مسعود ومعاذ(42) وعليٍّ وعثمان بما عندهم من القرآن الكريم: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ(43)(44).
(1) علقمة بن مرثد، الإمام الفقيه الحجة، أبو الحارث الحضرمي الكوفي. حدث عن أبي عبدالرحمن السلمي، وطارق بن شهاب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعد بن عبيدة، وأمثالهم. عداده في صغار التابعين، ولكنه قديم الموت. حدث عنه غيلان بن جامع، وأبو حنيفة، والأوزاعي، وشعبة، وسفيان الثوري، ومسعر بن كدام، والمسعودي وآخرون. قال الإمام أحمد: هو ثبت في الحديث. قالابن حجر في التقريب: ثقة. توفي سنة عشرين ومئة. انظر: تهذيب الكمال (20/308 ترجمة 4018)، سير أعلام النبلاء (5/206 ترجمة 81).
(2) سعد بن عبيدة، الإمام الثقة، أبو حمزة السلمي الكوفي، من علماء الكوفة، وكان زوج ابنة أبي عبدالرحمن السلمي. حدث عن ابن عمر، والبراء بن عازب، والمستورد بن الأحنف. وعنه زبيد اليامي، وإسماعيل السدي، ومنصور، والأعمش، وفطر بن خليفة. وثقه النسائي وغيره. قال ابن حجر في التقريب: ثقة. مات في الكهولة في حدود سنة بضع ومئة. انظر: تهذيب الكمال (10/ 290 ترجمة2220)، وسير أعلام النبلاء (5/ 9 ترجمة 5).
(3) أبو عبد الرحمن السلمي، مقرئ الكوفة، الإمام العلم، عبد الله بن حبيب بن ربيعة الكوفي، من أولاد الصحابة، مولده في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-. أخذ القراءة عرضا عن عثمان، وعلي، وزيد، وأبي، وابن مسعود. أخذ عنه القرآن: عاصم بن أبي النجود، ويحيى بن وثاب، وعطاء بن السائب وعبد الله بن عيسى بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، ومحمد بن أبي أيوب، والشعبي، وإسماعيل بن أبي خالد، وعرض عليه الحسن والحسين -رضي الله عنهما-. وقد كان ثبتا في القراءة، وفي الحديث حديثه مخرج في الكتب الستة. قالابن حجر في التقريب: ثقة ثبت، مات بعد السبعين. انظر: تهذيب الكمال (14/ 408 ترجمة 3222)، وسير أعلام النبلاء (4/267 ترجمة 97).
(4) شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي، أبو بسطام الواسطي مولى عبدة بن الأغر مولى يزيد بن المهلب بن أبي صفرة. الإمام الحافظ، أمير المؤمنين في الحديث، عالم أهل البصرة وشيخها، سكن البصرة من الصغر، ورأى الحسن، وأخذ عنه مسائل. كان من أوعية العلم، لا يتقدمه أحد في الحديث في زمانه. قال ابن حجر في التقريب: ثقة حافظ متقن. ولد سنة ثمانين، في دولة عبد الملك بن مروان، ومات سنة ستين ومئة. انظر: تهذيب الكمال (12/ 479 ترجمة 2739)، وسير أعلام النبلاء (7/ 202 ترجمة 80).
(5) أخرجه البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه (5027) من حديث عثمانبن عفان -رضي الله عنه-.
(6)الحجاج بن يوسف الثقفي. ولد سنة خمس وأربعين. كان ظلوما، جبارا، ناصبيا، خبيثا، سفاكا للدماء. وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء، وفصاحة وبلاغة، وتعظيم للقرآن. ساق الذهبي من سوء سيرته في تاريخ الإسلام، وحصاره لابن الزبير بالكعبة، ورميه إياها بالمنجنيق، وإذلاله لأهل الحرمين، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الأشعث له، وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله. نسبه ولا نحبه، بل نبغضه في الله؛ فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان. له حسنات مغمورة في بحر ذنوبه. وأمره إلى الله. وله توحيد في الجملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء. قالابن حجر في التقريب: وقع ذكره وكلامه في الصحيحين وغيرهما، وليس بأهل أن يُروى عنه. أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين كهلا. انظر: تاريخ الإسلام (2/ 1071 ترجمة 33)، وسير أعلام النبلاء (4/343 ترجمة 117).
(7) صحيح لغيره: أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (1318)، الترمذي: كتاب فضائل القرآن عن رسول الله، باب ما في تعليم القرآن (2909) وقال الألباني في صحيح الترمذي: صحيح لغيره.
(8) مصعب بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني. كان فاضلاً كثير الحديث. روى عن علي والكبار. كان ثقة كثير الحديث وذكره بن حبان في كتاب الثقات. قالابن حجر في التقريب: ثقة. مات سنة ثلات ومئة. انظر: تهذيب الكمال (28/ 24 ترجمة 5982)، وسير أعلام النبلاء (4/ 350 ترجمة 125).
(9) حسن صحيح: أخرجه ابن ماجه: المقدمة، باب فضل من تعلم القرآن (213)، وقال الألباني في صحيح ابن ماجه: حسن صحيح.
(10) عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن عمرو بن رفاعة بن مودوعة بن عدي بن غنم بن الربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة الجهني. روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرا. روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين. كان قارئا عالما بالفرائض والفقه، فصيح اللسان، شاعرا، كاتبا، وهو أحد من جمع القرآن. مات عقبة في خلافة معاوية. انظر: الاستيعاب (ص: 561 ترجمة 1898)، والإصابة (4/ 520 ترجمة 5605).
(11) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وتعلمه (803).
(12) أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن حجر، شهاب الدين أبو الفضل الكناني العسقلاني الشافعي. قاضي القضاة، حافظ زمانه. نشأ يتيما، وأكمل حفظ القرآن في التاسعة من عمر، وصلى التراويح بالناس في الحرم المكي وله اثنا عشر عاما. رحل حبا في العلم وتطلبا للشيوخ. من أبرز شيوخه: ابن الملقن، والسراج البلقيني، وأبو الحسن الهيثمي. من أبرز تلاميذه: السخاوي، ابن قاضي شهبة، ابن تغري بردي. له مؤلفات حسان؛ أهمها: "فتح الباري"، و"لسان الميزان"، و"الدرر الكامنة". ولد سنة ثلاث وسبعين وسبع مئة، وتوفي سنة ثنتين وخمسين وثمان مئة. انظر: الضوء اللامع (2/ 36 ترجمة 104)، وحسن المحاضرة (1/ 363 ترجمة 102)، وله ترجمة موعبة في الجواهر والدرر لتلميذه السخاوي.
(13) سبق تخريجه.
(14) أخرجه البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه (5028).
(15) الإسراء: 9.
(16) الفرقان: 15.
(17) الفرقان: 11 - 12.
(18) الحج: 77.
(19) أخرجه البخاري: كتاب الأدب، باب فضل من يعول يتيمًا (6005). من حديث سهل بن سعد.أخرجه مسلم: كتاب الزهد والرقائق، باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم (2983) من حديثأبي هريرة -رضي الله عنه.
(20) فصلت: 33.
(21) الأنعام: 157.
(22) سبق تخريجه.
(23) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب إثم من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به (5058)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (1064) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه.
(24) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (3610،7562)، مسلم: كتاب الزكاة باب ذكر الخوارج وصفاتهم (1064) من حديث أبي سعيد الخدري.
(25) آل عمران: 110.
(26) سبق تخريجه.
(27) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة القرآن في الصلاة (803) بنحوه.
(28) أخرجه أحمد في المسند (17408).
(29) أخرجه أبو داود: كتاب الصلاة، باب في ثواب قراءة القرآن (1456).
(30) الغاشية: 17.
(31) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي -رضي الله عنه- (3701)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فقضائل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- (2406) من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه-.
(32) سبق تخريجه.
(33) الأنعام: 153.
(34) أخرجه أحمد في المسند (4142،4437) من حديث ابن مسعود. وأصله في صحيح البخاري بمعناه.
(35) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- بعثت (6504)، مسلم: كتاب الفتن واشراط الساعة، باب قرب الساعة (2950) من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه.
(36) سبق تخريجه.
(37) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا رأيتم الهلال (1908)، ومسلم: كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال (1080) من حديثابن عمر -رضي الله عنهما.
(38) الضحى: 4.
(39) الأعلى: 17.
(40) أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار. سيد القراء،أبو منذر الأنصاري النجاري المدني المقرئ البدري، ويكنى أيضا أبا الطفيل. شهد العقبة، وبدرا، وجمع القرآن في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعرض على النبي -عليه السلام-، وحفظ عنه علما مباركا، وكان رأسا في العلم والعمل -رضي الله عنه-. قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: « ليهنك العلم أبا المنذر». مات سنة اثنتين وثلاثين. انظر: الاستيعاب (ص: 42 ترجمة 2)، وأسد الغابة (1/ 168 ترجمة 34).
(41) عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر بن غنم بن بكر بن عامر بن عذر بن وائل بن ناجية بن الجماهر بن الأشعر أبو موسى الأشعري. مشهور باسمه وكنيته معا وأمه ظبية بنت وهب بن عك أسلمت وماتت بالمدينة وكان هو سكن الرملة وحالف سعيد بن العاص ثم أسلم وهاجر إلى الحبشة. كان حسن الصوت بالقرآن. شهد فتوح الشام ووفاة أبي عبيدة واستعمله عمر على إمرة البصرة بعد أن عزل المغيرة وهو الذي افتتح الأهواز. مات سنة خمسين. انظر: الاستيعاب (ص: 851 ترجمة 3137)، والإصابة (4/ 211 ترجمة 4901).
(42) معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو بن أدي بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج، أبو عبد الرحمن الأنصاري الخزرجي ثم الجشمي. أحد السبعين الذين شهدوا العقبة من الأنصار وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الله بن مسعود. توفي في طاعون عَمَوَاس سنة ثماني عشرة. انظر: الاستيعاب (ص: 650 ترجمة 2270)، وأسد الغابة (5/ 187 ترجمة 4960).
(43) المائدة: 54.
(44) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب مناقب أبي بن كعب -رضي الله عنه- (3808)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن مسعود (2464) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما.
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-10-2013, 11:10 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 37
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ذكر أخلاق أهل القرآن

قال محمد بن حسين(1): (يَنْبَغِي لِمَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ، وَفَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمُوا كِتَابَهُ، وَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ، وَأَهْلِ اللهِ وَخَاصَّتِهِ، وَمِمَّنْ وَعَدَهُ اللهُ مِنَ الْفَضْلِ الْعَظِيمِ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ، وَقَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ(2). قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: يَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ، وَمِمَّا قَالَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ الْكِرَامِ السَّفَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ»(3).
وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ(4): سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ يُونُسَ(5) يَقُولُ: إِذَا خَتَمَ الْعَبْدُ الْقُرْآنَ قَبَّلَ الْمَلَكُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ(6). فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعًا لِقَلْبِهِ، يُعَمِّرُ بِهِ مَا خَرَبَ مِنْ قَلْبِهِ، وَيَتَأَدَّبُ بِآدَابِ الْقُرْآنِ، وَيَتَخَلَّقُ بِأَخْلاَقِهِ الشَّرِيفَةِ، يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ سَائِرِ النَّاسِ مِمَّنْ لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ).

يذكر المؤلف أخلاق أهل القرآن، وأن الله -جل وعلا- قد فضلهم على غيرهم من سائر الناس، حيث مَنَّ الله عليهم بتلاوة القرآن، وحفظه ومدارسته، فإذا كانوا كذلك، فإنه ينبغي عليهم أن يتخلقوا بما في هذا القرآن من الأخلاق، والقرآن هو منهج الأخلاق الفاضلة، ومنهج الأخلاق الكاملة، فما من خلق حسن إلا دَلَّ عليه، وما من خلق سيئ إلا حذر منه، وكل هذا جاء في القرآن الكريم.

وتكفي هذه الآية التي جاء الفضل فيها، في سورة البقرة: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ(7). والتفسير هذا يروى عن مجاهد(8)، قال: يعملون به حق عمله، كما تقدم، ثم استشهد المؤلف بالحديث المخرج في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ الْكِرَامِ السَّفَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ». وفي رواية: « وَهُوَ يَتَتَعْتَعُ فِيهِ»(9). أَيْ: يشق عليه تلاوته، فقوله: « وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ». الماهر هو القارئ الحاذق الحافظ، المتقن، الضابط لتلاوة آيات القرآن الكريم، ولا تشق عليه القراءة في أية سورة، أو في أية آية.
فيعرف الأحكام المتعلقة بألفاظ الكلمات من الحسن والجودة والضبط والإتقان؛ ولهذا يقولون -إذا كان القارئ جيدًا: القارئ متقن، أو محرر. كما ذكرابن الجزري(10) في كتابه: (غاية النهاية)، حيث ترجم فيه لنحو من خمسة آلاف عَلَم من أعلام القرآن، على مر العصور إلى عهده، وقد تُوفِّي سنة اثنين وثلاثين وثمانمئة من الهجرة.
وكذلك الذهبي(11) أيضًا أَلَّف في طبقات القراء، وذكر فيها جملة وعددًا كبيرًا من القراء، يصفون القارئ الحاذق، هو الضابط المتقن المحرر، والذي يقيم الحروف إقامة عربية صحيحة، ويخرج كل حرف من مخرجه، فهذا هو معنى الماهر، سواء أكان ذلك في الوقف أم الابتداء، أو ما يتعلق بأنواع القراءة من الأحكام التجويدية.
فالماهر بالتلاوة المتقن الحافظ الضابط لها، جاء في الحديث الثوابُ الذي يناله، والمنزلة التي يختص بها، والرفعة التي ينالها، وهي أنه يكون مع الكرام السفرة، في رواية: « الْبَرَرَةِ».
والكرام السفرة هم الملائكة، والسفرة: هم الرسل الذين يأتون من عند الله -تعالى- إلى الأنبياء بالرسالات، فالملائكة -عليهم السلام- هم رسل الله إلى أنبيائه؛ ولأنهم يسافرون بين الله وبين الأنبياء، ويحملهم الله -تعالى- الأمانة، ويوحي بها إلى النبي.
وقيل: إنهم سموا: سفرة؛ لأنهم يسافرون إلى الناس برسالات الله، ولأنهم يتنزلون بالوحي من عند الله، فهم سفراء الله إلى الأنبياء؛ ليبلغوا عن الله رسالاته.
والمعية التي في هذا الحديث: « مَعَ الْكِرَامِ السَّفَرَةِ». يقول أهل العلم: إنها تحتمل أن يكون لقارئ القرآن منازل يكون فيها رفيقًا مع الملائكة، الذين هم السفرة، لاتصافه بصفاتهم؛ لأنهم هم الذين حملوا كتاب الله، وحملوا هذا القرآن وبلغوه، فحمله جبريل، وبلغه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام، فقارئ القرآن يحمل هذا القرآن في جوفه، ويحفظه، ففيه شبه بهؤلاء السفرة وهم الملائكة، فهو يعمل بعملهم، ويسلك مسلكهم، ويتصف بصفاتهم، ومَن اتصف بصفات قوم فهو معهم.
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-10-2013, 11:12 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 37
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

والمرء يحشر مع مَن أحب؛ ولهذا وصف الحديثُ القراءَ المهرةَ الحافظون المتقنون، أنهم مع السفرة الكرام البررة، وسموا بررة -كما في بعض الروايات- لأنهم على طاعة؛ لأن البر هو الطاعة لله -تعالى.
وقد بَيَّن الحديث فضلَ الماهر بالتلاوة، وما له من الأجر، وما للقارئ الذي تصعب عليه القراءة ويتعتع فيها، وما له من الأجر أيضًا، فقال: «لَهُ أَجْرَانِ». أما الأول: فلم يذكر شيئًا، إنما قال: «مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ». وليس معنى هذا أن الذي يقرأ القرآن وهو شاق عليه، أكثر أجرًا من الماهر بالتلاوة، فإن الماهر بالتلاوة له أجور متعددة وكثيرة، فبلغت هذه الأجور أنه هو والملائكة في معية واحدة، الذين ذكرهم الله -تعالى- في سورة عبس: ﴿فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ(12). وهم الملائكة؛ لأن الحافظ المتقن الضابط الماهر، لا يمكن أن يكون أقل ثوابًا ممن هو أدنى منه وأقل، ولا يمكن أن يكون مَن هو أدنى منه أكثر منه ثوابًا، بل هو أكثر.
فلا يفهم من هذا أن الذي يقرأ القرآن بإتقان وضبط فله أجر، والمتتعتع له أجران، بل الماهر فاق الأجرين، وزاد على ذلك، فهي أجور كثيرة متعددة، وهذا فضل من الله يؤتيه من يشاء من عباده.
ثم ساق أثرًا عن عيسى بن يونس، قال: (وقالَ بشرُ بنُ الحارثِ). وبشر بن الحارث ثقة، تُوفَِّي سنة سبع وعشرين ومئتين، وهو عابد زاهد، وعالم جمع بين الإخلاص والورع والتقوى، يقول: (سمعتُ عيسى بنَ يونسَ). وعيسى بن يونس هو ابن أبي إسحاق السبيعي، المتوفى سنة سبع وثمانين ومئة، وهو ثقة حجة حافظ، وهو حفيد الإمام أبو إسحاق السبيعي(13)، المحدث المشهور، الذي اسمه: عمرو بن عبد الله بن أبو إسحاق السبيعي، وقد تُوفِّي سنة تسع وعشرين ومئة، وهذا حفيده، فهم بيت علم وأهل حديث.
وأبو إسحاق السبيعي قيل: إنه اختلط آخر حياته، ولكن الصواب هو ما حققه بعض طلبة أهل العلم، وهو أنه لم يختلط في آخر حياته.
يقول: (إذَا ختمَ العبدُ القرآنَ، قبَّلَ الملكُ بينَ عينيه). وهذا أيضًا من الفضل العظيم الذي يناله قارئ القرآن، وهذا الأثر موقوف على عيسى بن يونس السبيعي، فإذا كانت هذه الكرامة تنال قارئ القرآن، فالذي ينبغي عليه أن يعمر حياته بهذا القرآن، وأن يخلص لله -تعالى- في تلاوته، وأن يتقرب به إلى الله، وأن يكون متميزًا في حياته عن سائر الناس.
فإذا علم أنه سيكون مع الملائكة، ومع السفرة الكرام البررة، وسينال هذا الفضل العظيم، فينبغي أن يكون له تميز في حياته، وخصوصية في حياته، ليس كسائر الناس، كما سيأتي بيانه من أبي بكر محمد بن الحسين، مما ينبغي على قارئ القرآن.
(1) محمد بن الحسين بن عبد الله، أبو بكر البغدادي الآجري. الإمام المحدث القدوة، شيخ الحرم الشريف، صاحب التصانيف الحسان؛ منها: "الشريعة"، و"الأربعين". توفي سنة ستين وثلاث مئة. انظر: سير أعلام النبلاء (16/ 133 ترجمة 92)، والوافي بالوفيات (2/ 267 ترجمة 847).
(2) البقرة: 121.
(3) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب التفسير، باب عبس وتولى كلح وأعرض (4937)، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل الماهر في القرآن والذي يتعتع فيه (798) من حديث عائشة.
(4) بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء، الإمام العالم المحدث الزاهد الرباني القدوة، شيخ الإسلام، أبو نصر المروزي، ثم البغدادي، المشهور بالحافي، ابن عم المحدث علي بن خشرم. ولد سنة اثنتين وخمسين ومئة. ارتحل في العلم، فأخذ عن: مالك، وشريك، وحماد بن زيد، وعدة. حدث عنه: أحمد الدورقي، ومحمد بن يوسف الجوهري، ومحمد بن مثنى السمسار، وخلق سواهم. قال ابن حجر في التقريب: ثقة قدوة. مات سنة سبع وعشرين ومئتين. انظر: تهذيب الكمال (4/ 99 ترجمة 682)، وسير أعلام النبلاء (10/ 469 ترجمة 153).
(5) الإمام القدوة، الحافظ، الحجة عيسى بن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله، أبو عمرو، وأبو محمد الهمداني، السبيعي الكوفي، المرابط بثغر الحدث، كان سنة في الغزو وسنة في الحج. وكان واسع العلم، كثير الرحلة، وافر الجلالة. قال ابن حجر في التقريب: ثقة مأمون. مات سنة سبع وثمانين. انظر: تهذيب الكمال (23/ 62 ترجمة 4673)، وسير أعلام النبلاء (8/ 489 ترجمة 130).
(6) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان(2074) من طريق بشر بن الحارث عن سفيان عن حبيب بن أبي عمرة به، قال البيهقي: قال بشر بن موسى قال ليعمر بن عبد العزيز فحدثت به أحمد بن حنبل فقال لعل هذا من هنات سفيان واستحسنه أحمد بن حنبل جدا
(7) البقرة: 121.
(8) مجاهد بن جبر، أبو الحجاج المكي، الأسود، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، الإمام، شيخ القراء والمفسرين. روى عن: ابن عباس فأكثر وأطاب، وعنه أخذ القرآن، والتفسير، والفقه. كان يقول: يقول: "عرضت القرآن ثلاث عرضات على ابن عباس، أقفه عند كل آية، أسأله: فيم نزلت؟ وكيف كانت؟". وكان من أعلم التابعين بالتفسير. قال ابن حجر في التقريب: ثقة إمام في التفسير. توفي سنة ثلاث ومئة وقد نيف على الثمانين. انظر: تهذيب الكمال (27/ 228 ترجمة 5783)، وسير أعلام النبلاء (4/ 449 ترجمة 175).
(9) سبق تخريجه.
(10)محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف، أبو الخير، شمس الدين، العمري الدمشقي ثم الشيرازي الشافعي، الشهير بابن الجزري: شيخ الاقراء في زمانه. من حفاظ الحديث. ولد ونشأ في دمشق، وابتنى فيها مدرسة سماها (دار القرآن) ورحل إلى مصر مرارا، ودخل بلاد الروم، وسافر مع تيمورلنك إلى ما وراء النهر. ثم رحل إلى شيراز فولي قضاءها. ومات فيها سنة 833 هـ.
(11) محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز، شمس الدين أبو عبد الله الذهبي. الإمام، المحدث، مؤرخ الإسلام، صاحب العبارة الرشيقة، والجملة الأنيقة. من شيوخه: ابن دقيق العيد، وابن تيمية. مولده في سنة ثلاث وسبعين وست مئة، ووفاته سنة ثمان وأربعين وسبع مئة. له من مؤلفات حسان جياد؛ منها: "سير أعلام النبلاء"، و"معرفة القراء الكبار". انظر: طبقات الشافعية الكبرى (9/ 100 ترجمة 1306)، وانظر مقدمة الدكتور/ بشار للجزء الأول من كتابه السير.
(12) عبس: 13 - 16.
(13) عمرو بن عبد الله بن عبيد أو على أو ابن أبى شعيرة، الهمدانى، أبو إسحاق السبيعى الكوفى، الحافظ شيخ الكوفة وعالمها ومحدثها. توفي سنة تسع وعشرين ومئة. وقيل قبل ذلك، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: ثقة مكثر عابد، اختلط بأخرة. انظر: التهذيب (22/ 102 ترجمة 4400)، وسير أعلام النبلاء (5/ 392 ترجمة 180).

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:52 PM.