|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الكِبْر معنى الكِبْر لغةً واصطلاحًا معنى الكِبْر لغةً:
الكِبْر: العَظَمَة والتَّجَبُّر، كالكِبْرِياء، وقد تَكَــبَّرَ واسْتَكْبَرَ وَتَكابَرَ، والتَّكَبُّر والاسْتِكْبار: التَّعَظُّم، والكِبْر بالكسر: اسم من التكبر . معنى الكِبْر اصطلاحًا: معنى الكِبْر جاء تعريفه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال: ((الكِبْر بطر الحق، وغمط الناس)) . وقال الزَّبيدي: (الكِبْر: حالةٌ يتخصَّص بها الإنسان من إعجابه بنفسه، وأن يرى نفسَه أَكْبَر من غيره) . وقيل الكِبْر هو: (استعظام الإنسان نفسه، واستحسان ما فيه من الفضائل، والاستهانة بالناس، واستصغارهم، والترفع على من يجب التواضع له) . آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 13-11-2013 الساعة 12:38 AM |
#2
|
||||
|
||||
![]() الفرق بين الكِبْر ومرادفاته
- الفرق بين الكِبْر والزهو: أنَّ الكِبْر إظهار عظم الشأن، وهو فينا خاصة رفع النفس فوق الاستحقاق، والزهو على ما يقتضيه الاستعمال رفع شيء إياها، من مال، أو جاه، وما أشبه ذلك، ألا ترى أنه يقال: زها الرجل وهو مزهو، كأنَّ شيئًا زهاه، أي: رفع قدره عنده، وهو من قولك: زهت الريح الشيء إذا رفعته، والزهو: التزيد في الكلام . - الفرق بين الكِبْر والكِبْرياء: أنَّ الكِبْر ما ذكرناه ، والكِبْرياء هي العز والملك، وليست من الكِبْر في شيء، والشاهد قوله تعالى: وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ [يونس: 78]. يعني الملك، والسلطان، والعزة، وأما التَّكبر فهو إظهار الكِبْر، مثل: التشجع، إظهار الشَّجَاعَة . وقال أبو العباس القرطبي: (الكِبْر والكِبْريَاء في اللغة: هو العظمة، يقال منه: كَـبُرَ الشيءُ، بضمِّ الباء، أي: عَظُمَ، فهو كبيرٌ وكُبَار، فإذا أفرَطَ قيل: كُبَّار، بالتشديد؛ وعلى هذا يكونُ الكِبْر والعظمةُ اسمَيْن لمسمًّى واحد. وقد جاء في الحديث ما يُشْعِر بالفرق بينهما؛ وذلك أنَّ الله تعالى قال: ((الكبرياء ردائي، والعظمة إِزاري، فمن نازعني واحِدًا منهما...)) ؛ فقد فرَّق بينهما بأنْ عبَّر عن أحدهما بالرداء، وعن الآخر بالإزار، وهما مختلفان، ويَدُلُّ أيضًا على ذلك: قوله تعالى: ((فمن نازعني واحِدًا منهما))؛ إذ لو كانا واحدًا، لقال: فمن نازعنيه) . - الفرق بين الكِبْر والتيه: أنَّ الكِبْر هو إظهار عظم الشأن، وهو في صفات الله تعالى مدح؛ لأنَّ شأنه عظيم، وفي صفاتنا ذمٌّ؛ لأنَّ شأننا صغير، وهو أهل للعظمة، ولسنا لها بأهل، والشأن هاهنا معنى صفاته التي هي في أعلى مراتب التعظيم، ويستحيل مساواة الأصغر له فيها على وجه من الوجوه، والكبير الشخص، والكبير في السن، والكبير في الشرف والعلم يمكن مساواة الصغير له، أما في السن فبتضاعف مدة البقاء في الشخص تتضاعف أجزاؤه، وأمَّا بالعلم فباكتساب مثل ذلك العلم. والتيه أصله الحيرة والضلال، وإنَّما سمِّي المتكبر تائهًا على وجه التشبيه بالضلال والتحير، ... والتيه من الأرض ما يُتَحيَّر فيه، وفي القرآن يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ [المائدة: 26] أي: يتحيرون . - الفرق بين الجَبَروت والجبرية والكِبْر: الفرق بين الجَبرية، والجبروت، والكِبْر: أنَّ الجبريَّة أبلغ من الكِبْر وكذلك الجبروت، ويدل على هذا فخامة لفظها، وفخامة اللفظ تدل على فخامة المعنى، فيما يجري هذا المجرى . - الفرق بين العُجْب والكِبْر: أنَّ العجب بالشيء شدة السرور به حتى لا يعادله شيء عند صاحبه، تقول: هو مُعجب بفلانة، إذا كان شديد السرور بها، وهو معجب بنفسه، إذا كان مسرورًا بخصالها. ولهذا يقال: أعجبه، كما يقال: سُرَّ به، فليس العجب من الكِبْر في شيء، وقال علي بن عيسى: (العجب: عقد النفس على فضيلة لها ينبغي أن يتعجب منها، وليست هي لها) . - الفرق بين الاستنكاف، والاستكبار، والتكبر: الاستنكاف: تكبر في تركه أنفة، وليس في الاستكبار ذلك، وإنَّما يستعمل الاستكبار حيث لا استخفاف، بخلاف التَّكبر، فإنَّه قد يكون باستخفاف. والتَّكبر: هو أن يرى المرء نفسه أكبر من غيره، والاستكبار طلب ذلك بالتَّشبع وهو التزين بأكثر ما عنده . |
#3
|
||||
|
||||
![]() ذم الكِبْر والنهي عنه
أولًا: في القرآن الكريم - الكِبْر من أوَّل الذنوب التي عُصي الله تبارك وتعالى بها، قال الله تعالى مبيِّنًا سبب امتناع إبليس عن السجود لآدم: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة: 34]. قال الطبري: (وهذا، وإن كان من الله جل ثناؤه خبرًا عن إبليس، فإنه تقريعٌ لضُربائه من خلق الله الذين يتكبرون عن الخضوع لأمر الله، والانقيادِ لطاعته فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه، والتسليم له فيما أوجب لبعضهم على بعض من الحق) . وقال عوف بن عبد الله للفضل بن المهلب: إنِّي أريد أن أعظك بشيء، إيَّاك والكِبْر، فإنَّه أول ذنب عصى الله به إبليس، ثم قرأ: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ [البقرة: 34] . - والكِبْر سبب رئيس في هلاك الأمم السابقة: فهؤلاء قوم نوح ما منعهم عن قبول الدعوة، والاستماع لنداء الفطرة والإيمان، إلا الكِبْر، فقد قال الله تعالى على لسان نبيِّهم نوح عليه السلام: وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا [نوح: 7]. وهؤلاء قوم عاد ظنوا بسبب تكبرهم أنَّه لا قوة أشدُّ من قوتهم، فقد قال الله عنهم: فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ [فصلت: 15-16]. وها هي ثمود من بعدهم ينهجون نفس النهج في الاستكبار والتعالي، فيردون دعوة الله عزَّ وجلَّ، ويكذبون نبيه عليه السلام: قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ 75 قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [الأعراف: 75-76]. وقال الله تعالى عن قوم نبي الله شعيب عليه السلام: قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ [الأعراف: 88]. أما فرعون فقد ملأ الدنيا كبرًا وعجبًا وخيلاءً، حتى وصل به الحال أن ادَّعى الربوبية والألوهية، قال الله تبارك وتعالى: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ [القصص: 38-40]. - والكِبْر سبب في الإعراض عن آيات الله والصد عنها، قال الله تبارك وتعالى: وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [الجاثية: 7-8]. - وهو سبب للصرف عن دين الله، قال الله تبارك وتعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ [الأعراف: 146]. - وهو سبب لدخول النَّار والخلود فيها، قال الله تبارك وتعالى: وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ [الأحقاف: 20]. |
#4
|
||||
|
||||
![]() ثانيًا: في السنة النبوية
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرَّة من كبر! فقال رجل: إنَّ الرَّجل يحبُّ أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنة؟ قال: إنَّ اللَه جميل يحبُّ الجمال، الكبر: بطر الحقِّ وغمط النَّاس)) . قال النووي في شرح الحديث: (قد اختلف في تأويله. فذكر الخطابي فيه وجهين: أحدهما: أن المراد التكبر عن الإيمان، فصاحبه لا يدخل الجنة أصلًا إذا مات عليه. والثاني: أنَّه لا يكون في قلبه كبر، حال دخوله الجنَّة، كما قال الله تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ [الأعراف: 43]. وهذان التأويلان فيهما بعد، فإن هذا الحديث ورد في سياق النهي عن الكِبْر المعروف، وهو الارتفاع على الناس، واحتقارهم، ودفع الحق، فلا ينبغي أن يحمل على هذين التأويلين المخرجين له عن المطلوب. بل الظاهر ما اختاره القاضي عياض وغيره من المحققين، أنَّه لا يدخل الجنة دون مجازاة إن جازاه. وقيل: هذا جزاؤه لو جازاه، وقد يتكرم بأنه لا يجازيه، بل لا بد أن يدخل كل الموحدين الجنة إمَّا أولًا، وإمَّا ثانيًا بعد ***** بعض أصحاب الكبائر الذين ماتوا مصرين عليها. وقيل: لا يدخل مع المتقين أوَّل وهلة) وقال ابن القيم: (فسر النَّبي الكِبْر بضده فقال: الكِبْر بطر الحق وغمص الناس. فبطر الحق: رده، وجحده، والدفع في صدره، كدفع الصائل. وغمص الناس: احتقارهم، وازدراؤهم. ومتى احتقرهم وازدراهم: دفع حقوقهم وجحدها واستهان بها) . - وعن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أخبركم بأهل الجنَّة؟ كل ضعيف متضاعف؛ لو أقسم على الله لأبرَّه، ألا أخبركم بأهل النَّار؟ كل عتلٍّ ، جواظٍ مستكبرٍ)) . - وعن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((احتجَّت الجنة والنار، فقالت النَّار: فيَّ الجبَّارون والمتكبرون. وقالت الجنة: فيَّ ضعفاء الناس ومساكينهم، فقضى الله بينهما: إنَّك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنَّك النار عذابي أعذب بك من أشاء، ولكليكما عليَّ ملؤها)) . - وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا يزكِّيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذابٌ أليم: شيخ زان، وملك كذَّاب، وعائلٌ مستكبر )) . يقول ابن تيمية: (فهؤلاء الثلاثة: اشتركوا في هذا الوعيد، واشتركوا في فعل هذه الذنوب مع ضعف دواعيهم؛ فإنَّ داعية الزنا في الشيخ ضعيفة، وكذلك داعية الكذب في الملك ضعيفة؛ لاستغنائه عنه وكذلك داعية الكِبْر في الفقير، فإذا أتوا بهذه الذنوب- مع ضعف الداعي- دلَّ على أنَّ في نفوسهم من الشرِّ الذي يستحقون به من الوعيد ما لا يستحقه غيرهم) . |
#5
|
||||
|
||||
![]() أقوال السلف والعلماء في الكِبْر
- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إنَّ العبد إذا تواضع لله رفع الله حَكَمَتَه ، وقال له: انتعش نعشك الله، فهو في نفسه حقير، وفي أعين الناس كبير، وإذا تكبَّر وعتا وَهَصَه الله إلى الأرض، وقال له: اخسأ خسأكَ الله، فهو في نفسه كبير، وفي أعين الناس حقير، حتى يكون عندهم أحقر من الخنزير) . - وعوتب علي رضي الله عنه في لبوسه فقال: (إن لبوسي هذا أبعد من الكِبْر، وأجدر أن يقتدي بي المسلم) . - وقال الحسن: (إنَّ أقوامًا جعلوا الكِبْر في قلوبهم، والتواضع في ثيابهم، فصاحب الكساء بكسائه أعجب من صاحب المطرف بمطرفه ما لم تفاقروا) . - وقال وهب: (لما خلق الله جنة عدن نظر إليها، فقال: أنت حرام على كل متكبر) . - وقال يحيى بن جعدة: (من وضع وجهه لله عزَّ وجلَّ ساجدًا فقد برئ من الكِبْر) . - وقال أبو عثمان النيسابوري: (ما ترك أحد شيئًا من السنة إلا لكبر في نفسه، ثم هذا مظنة لغيره، فينسلخ القلب عن حقيقة اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ويصير فيه من الكِبْر وضعف الإيمان ما يفسد عليه دينه، أو يكاد، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا) . - وقال الأحنف بن قيس: (عجبًا لابن آدم يتكبر وقد خرج من مجرى البول مرتين) . - وقال محمد بن الحسين بن علي: (ما دخل قلب امرئ شيء من الكِبْر قط، إلا نقص من عقله بقدر ما دخل من ذلك أو كثر) . - وسئل سليمان عن السيِّئة التي لا تنفع معها حسنة فقال: الكِبْر . - وقال النعمان بن بشير على المنبر: (إنَّ للشيطان مصالي وفخوخًا ، وإنَّ من مصالي الشيطان وفخوخه البطر بأنعم الله، والفخر بإعطاء الله، والكِبْر على عباد الله، واتباع الهوى في غير ذات الله) . - وقال سعد بن أبي وقَّاص لابنه: (يا بني: إيَّاك والكبر، وليكن فيما تستعين به على تركه: علمك بالذي منه كنت، والذي إليه تصير، وكيف الكبر مع النِّطفة التي منها خلقت، والرحم التي منها قذفت، والغذاء الذي به غذيت) . - ويقول ابن تيمية: (الكبر ينافي حقيقة العبوديَّة، كما ثبت في الصَّحيح: عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ((يقول الله: العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدًا منهما عذَّبته)). فالعظمة والكبرياء من خصائص الرُّبوبيَّة، والكبرياء أعلى من العظمة؛ ولهذا جعلها بمنزلة الرِّداء، كما جعل العظمة بمنزلة الإزار) . |
#6
|
||||
|
||||
![]() من آثار الكِبْر
1- الحرمان من النظر والاعتبار: أي أنَّ الأثر الأول الذي يتركه التكبر على المسلم إنما هو الحرمان من النظر والاعتبار... ومن حرم النظر والاعتبار، كانت عاقبته البوار والخسران المبين؛ لأنه سيبقى مقيمًا على عيوبه وأخطائه، غارقًا في أوحاله، حتى تنتهي الحياة. 2- القلق والاضطراب النفسي: ذلك أن المتكبر يحبُّ إشباعًا لرغبة الترفع والتعالي، أن يحني الناس رؤوسهم له، وأن يكونوا دومًا في ركابه، ولأنَّ أعزة الناس وكرامهم يأبون ذلك، بل ليسوا مستعدين له أصلًا، فإنه يصاب بخيبة أمل، تكون عاقبتها القلق والاضطراب النفسي، هذا فضلًا عن أن اشتغال هذا المتكبر بنفسه يجعله في إعراض تام عن معرفة الله وذكره، وذلك له عواقب أدناها في هذه الدنيا القلق والاضطراب النفسي. 3- الملازمة للعيوب والنقائص: وذلك أن المتكبر لظنه أنَّه بلغ الكمال في كلِّ شيء لا يفتش في نفسه، حتى يعرف أبعادها ومعالمها، فيصلح ما هو في حاجة منها إلى إصلاح، ولا يقبل كذلك نصحًا أو توجيهًا أو إرشادًا من الآخرين، ومثل هذا يبقى غارقًا في عيوبه ونقائصه، ملازمًا لها إلى أن تنقضي الحياة، ويدخل النار مع الداخلين. 4- الحرمان من الجنة واستحقاق العذاب في النَّار: وذلك أمر بدهي، فإنَّ من يعتدي على مقام الألوهية، ويظلُّ مقيمًا على عيوبه ورذائله، ستنتهي به الحياة حتمًا، وما حصَّل خيرًا يستحق به ثوابًا أو مكافأة، فيحرم الجنة مؤبدًا أو مؤقتًا. 5- قلة كسب الأنصار بل والفرقة والتمزق، والشعور بالعزلة: ذلك أنَّ القلوب جُبلت على حبِّ من ألان لها الجانب، وخفض لها الجناح، ونظر إليها من دونٍ لا من علٍ. 6- الحرمان من العون والتأييد الإلهي: ذلك أنَّ الحقَّ سبحانه مضت سنته أنَّه لا يعطى عونه وتأييده، إلا لمن هضموا نفوسهم، حتى استخرجوا حظَّ الشيطان من نفوسهم، بل حظَّ نفوسهم من نفوسهم، والمتكبرون قوم كبرت نفوسهم، ومن كانت هذه صفته، فلا حق له في عون أو تأييد إلهي. 7- استحقاق غضب الله والتعرض لسخطه. |
#7
|
||||
|
||||
![]() حكم الكِبْر
إن من الكِبْر ما يكون كفرًا أكبر مخرجًا من الملة، يستحق صاحبه الخلود في النار، ومنه ما يكون صاحبه مرتكبًا لكبيرة من الكبائر يستحق العقوبة، ومع ذلك هو تحت مشيئة الله تبارك وتعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، يقول أبو العباس القرطبي: (لما تقرَّر أنَّ الكِبْر يستدعي متكبرًا عليه، فالمتكبر عليه: إنْ كان هو اللهَ تعالى، أو رُسُلَهُ، أو الحَقَّ الذي جاءتْ به رسلُهُ: فذلك الكِبْر كُفْر. وإن كان غَيْـرَ ذلك: فذلك الكِبْر معصيةٌ وكبيرة، يُخَاف على المتلبِّس بها المصِرِّ عليها أنْ تُـفْضِيَ به إلى الكُفْر، فلا يدخُل الجنَّة أبدًا. فإن سَلِم مِنْ ذلك، ونفَذ عليه الوعيد، عوقبَ بالإذلالِ والصَّغار، أو بما شاء الله مِنْ عذاب النار، حتَّى لا يبقى في قلبه مِن ذلك الكِبر مثقالُ ذَرَّه، وخَلُص من خَبَث كِبره حتى يصيرَ كالذَّرَّه؛ فحينئذ يتداركُهُ الله تعالى برحمتِه، ويخلِّصه بإيمانه وبركته. وقد نصَّ على هذا المعنى النَّبي صلى الله عليه وسلم في المحبوسين على الصِّرَاط لما قال: ((حتَّى إِذَا هُذِّبُوا ونُـقُّوا، أُذِن لهم في دُخُول الجنَّة)) ) . (فالذي في قلبه كبر، إمَّا أن يكون كبرًا عن الحق وكراهة له، فهذا كافر مخلد في النار ولا يدخل الجنة، لقول الله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد: 9]، ولا يحبط العمل إلا بالكفر لقوله تعالى: وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[البقرة: 217]، وأمَّا إذا كان كبرًا على الخلق وتعاظمًا على الخلق، لكنه لم يستكبر عن عبادة الله، فهذا لا يدخل الجنة دخولًا كاملًا مطلقًا، لم يسبق بعذاب، بل لابد من عذاب على ما حصل من كبره وعلوائه على الخلق، ثم إذا طهر دخل الجنة) . |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|