اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا

محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-12-2013, 10:23 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 37
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

وهكذا نجّى النبي صلى الله عليه وسلم من بين أيديهم ، واتجه صوب المدينة المنورة من جديد، تحوطُه رعاية الله ، وتكلؤه عنايته.
أما قريش فلم تستسلم، ولم تفتر عزيمتُها في محاولة ***ِ النبي صلى الله عليه وسلم والنيلِ منه، فأرسلوا إلى قبائل العرب يضعون لهم الجوائز إن همُ ***وا النبيَ صلى الله عليه وسلم وصاحبَه، لكنهما كانا يسيران في حفظ الله ورعايته.

وجاز النبي قُديداً، فأدركه سراقة بن مالك، يقول الصديق رضيى الله عنه: وتبِعنا سراقة بن مالك، ونحن في جَلَدٍ من الأرض [أي في أرض صلبة]، فقلت: أُتينا يا رسول الله, فقال: ((لا تحزن, إن الله معنا)) فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فارتطمت فرسه إلى بطنها.

وفي رواية للبخاري يروي سراقة الخبر فيقول: (حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات - ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخَرَرت عنها، ثم زجرتُها فنهضتْ، فلم تكَد تُخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثَرِ يديها عُثانٌ ساطع في السماء مثل الدخان...).[14]
فقال سراقة: (إني قد علمت أنكما قد دعوتما عليّ، فادعوَا لي، فـاللهَ لكما أن أرُدّ عنكما الطلب، فدعا صلى الله عليه وسلم اللهَ فنجا، فرجع لا يلقى أحداً من الطَلَب إلا قال: قد كُفيتكم ما ها هنا، فلا يلقى أحداً إلا ردّه).[15]
قالَ أنس: (فكان أوَّل النهار جاهداً على نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وكان آخرَ النهار مَسْلَحةً له).[16]
فكان إنجاء الله نبيه من بين يدي سراقة سبباً في إسلامه وذوده عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رضيى الله عنه وهو يخاطب أبا جهل:
أبا حكمٍ والله لو كنتَ شاهداً لأمر جوادي إذ تسوخُ قوائمه
علمتَ ولم تَشْكُك بأن محمداً رسولٌ ببرهانٍ فمن ذا يقاومه[17]

ولما رجع مشركو مكة من بدر مدحورين - بقوة الله - ، أقبل عمير بن وهب حتى جلس إلى صفوان بن أمية في الحِجِر ، فقال صفوان: قبَّح اللهُ العيش بعد ***ى بدر.
فقال عمير: أجل والله ما في العيش خيرٌ بعدَهم ، ولولا دينٌ عليَّ لا أجد له قضاء، وعيالٌ لا أدع لهم شيئاً ، لرحلت إلى محمد ف***تُه إن ملأتُ عينيّ منه ، فإن لي عنده عِلّة أعتل بها عليه ، أقول: قدِمت من أجل ابني هذا الأسير.

ففرح صفوان بإقدام عمير وخُطته، ومضى يزيل عوائق تنفيذها، فقال: علي دينُك، وعيالُك أُسوةُ عيالي في النفقة ، لا يسعني شيء فأعجزُ عنهم.
فاتفقا، وحمله صفوان وجهزه، وأمر بسيف عمير فصُقل وسُمَّ ، وقال عمير لصفوان: اكتم خبري أياماً.

وقدم عمير المدينة، فنزل بباب المسجد، وعَقَل راحلته ، وأخذ السيف، وعمَد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إليه عمر وهو في نفر من الأنصار، ففزع ودخل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله لا تأمنه على شيء.
فقال صلى الله عليه وسلم: ((أدخله علي)).

فخرج عمر، فأمر أصحابه أن يدخلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحترسوا من عمير، وأقبل عمر وعمير حتى دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع عمير سيفُه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: ((تأخر عنه)).
فلما دنا عمير قال له: ((ما أقدمك يا عمير ؟)) قال :قدِمت على أسيري عندكم ، تفادونا في أسرانا، فإنكم العشيرة والأهل.

فقال صلى الله عليه وسلم: (( ما بال السيف في عنقِك؟)). فأجاب عمير: قبحها الله من سيوف ، وهل أغنت عنا شيئاً؟ إنما نسيته في عنقي حين نزلت.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اصدقني، ما أقدمك يا عمير؟)). فقال: ما قدمت إلا في طلب أسيري.

فبغته النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((فماذا شرطتَ لصفوان في الحِجر؟))، ففزع عمير وقال: ماذا شرطتُ له؟
فأجاب من علَّمه الله الخبير فقال: ((تحمّلْتَ له ب***ي؛ على أن يعول أولادَك ، ويقضيَ دَيْنَك ، واللهُ حائلٌ بينك وبين ذلك)).

فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله ،كنا يا رسول الله نكذبُك بالوحي وبما يأتيك من السماء، وإن هذا الحديثَ كان بيني وبين صفوان في الحِجِر لم يطلع عليه أحد، فأخبرك الله به ، فالحمد لله الذي ساقني هذا المساق.
ففرح به المسلمون، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجلِس يا عمير نواسِك)).

وقال لأصحابه: ((علموا أخاكم القرآن))، وأطلق له أسيره ، فقال عمير: ائذن لي يا رسولَ الله ، فألحق بقريش ، فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام، لعل الله أن يهديَهم .. ثم قدم عمير فدعاهم إلى الإسلام، ونصحهم بجُهده ، فأسلم بسببه بشر كثير.[18]
وهكذا نجى الله نبيه وحبيبه من كيد عميرٍ وصفوان ، فلم يجدْ عميرٌ أمام هذه المعجزة الباهرة والآية القاهرة إلا أن يشهد للنبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة، وللرب الذي حماه بالوحدانية.

ومن صور حماية الله لنبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم قصة شاة اليهودية، إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى خيبر، فقدمت له يهودية من أهل خيبر شاةً مشوية مسمومة، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراعَ، فأكل منها، وأكل رهطٌ من أصحابه معه، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ارفعوا أيديِكم))، وفي رواية: ((ارفعوا أيديكم، فإنها أخبرتني أنها مسمومة)).[19]
وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهودية فدعاها، فقال لها: ((أسمَمْت هذه الشاة؟)) قالت اليهودية: من أخبرك؟ قال: ((أخبرتني هذه في يدي)). للذراع ، قالت: نعم .

قال: ((ما أردت إلى ذلك؟)) قالت: قلتُ: إن كان نبياً فلن يضرَه ، وإن لم يكن نبياً استرحنا منه . فعفا عنها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ولم يعاقبها.[20]
وفي رواية للخبر في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سألها عن ذلك ،فقالت: أردت لأ***كَ. فقال صلى الله عليه وسلم: (( ما كان الله ليسلطَكِ عليّ )).[21]

قال النووي: " قوله صلى الله عليه وسلم ((ما كان الله ليسلطك عليّ)) فيه بيانُ عصمتِه صلى الله عليه وسلم من الناس كلِّهم، كما قال الله: }ولله يعصمك من الناس{ (المائدة: 67)، وهي معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سلامته من السُّمِّ المهلِك لغيرِه، وفيه إعلامُ الله تعالى له بأنها مسمومةُ، وكلامُ عضوٍ منه له، فقد جاء في غير مسلم: ((إن الذراع تخبرني أنها مسمومة)).[22]

ويحدث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل نجد، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركتهم نومة القيلولة في وادٍ كثير الشجر.
يقول جابر: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس ، يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمُرَةٍ، فعلق بها سيفه، فنِمنا نومةً، ثم إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا فجئناه، فإذا أعرابيٌ جالس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظتُ وهو في يده صَلتاً، فقال لي: من يمنعُك مني؟ قلت: اللهُ، فها هو ذا جالس)) ثم لم يعاقبْه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية لأحمد أنه قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال: من يمنعك مني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((اللهُ عز وجل)).
فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من يمنعك مني؟ فقال الأعرابي: كن كخير آخذ.
فقال صلى الله عليه وسلم: ((أتشهد أن لا إله إلا الله؟)) قال: لا، ولكني أعاهدُك أن لا أقاتِلَكَ، ولا أكونَ مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، فذهب إلى أصحابه، فقال: قد جئتُكم من عندِ خير الناس. [23]

وفي هذا الحديث دلائلُ مختلفة على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، منها: ثبات النبي صلى الله عليه وسلم بتأييد الله له، ثم حمايةُ الله له من ال***.
ومنها تأييدُه له بالملائكة، فقد وقع في رواية لابن إسحاق أن جبريل دفع بصدر المشرك فسقط سيفه.

وأخيراً: عفوُ النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل مع رفضه للإسلام، وذلك خلق من أخلاق النبوة، وإلا فمن يصنع ذلك مع غريمه وعدوه الذي كاد أن ي***ه؟ وقد صدق الأعرابي حين قال: جئتُكم من عندِ خير الناس.
} أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فماله من هاد { (الزمر: 36)، وفي هذا كله ما يشهد له صلى الله عليه وسلم بالنبوة لتأييد الله إياه وحفظه له.
[1] تفسير القرآن العظيم (3/143).
[2] رواه الترمذي ح (3046)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (2489).
[3] أعلام النبوة (127).
[4] ربحت محمداً ولم أخسر المسيح، عبد المعطي الدلالاتي ص (108).
[5] الجواب الصحيح (1/410).
[6] رواه أحمد في المسند ح (2757) والحاكم في مستدركه (3/170)، وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد (8/228).
[7] رواه مسلم ح (2797).
[8] شرح مسلم على صحيح النووي (17/140).
[9] رواه البخاري ح (4054)، و مسلم ح (2306).
[10] شرح صحيح مسلم (15/66).
[11] رواه أبو يعلى في مسنده ح (2358)، والبزار ح (2294)، وصححه ابن حبان ح (6511).
[12] انظر الروض الأنف في شرح سيرة ابن هشام ، للسهيلي (4/178).
[13] رواه البخاري ح (3653)، ومسلم ح (2381).
[14] رواه البخاري ح (3906).
[15] رواه البخاري ح (3615)، ومسلم ح (2009).
[16] رواه البخاري ح (3911).
[17] فتح الباري (7/286).
[18] رواه الطبراني في معجمه الكبير ح (117)، وابن هشام في السيرة (3/213).
2 رواه أبو داود ح (4510)، والحديث أصله في البخاري ح (2617)، ومسلم ح (2190).
[20] رواه أبو داود ح (4510) وهو صحيح كما قال الألباني في مشكاة المصابيح ح (5931).
[21] رواه البخاري ح (2617) ، ومسلم ح (2190).
[22] شرح صحيح مسلم (14/179).
[23] رواه البخاري ح (4137)، ومسلم ح (843)، ورواية أحمد في المسند ح (14512).

د. منقذ بن محمود السقار
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14-12-2013, 10:28 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 37
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

دلالة القرآن الكريم على نبوته رضيى الله عنه[1]

إن أعظم دلائل النبوة القرآنُ الكريم، كتاب الله الذي أعجز الأولين والآخرين.
يقول رسول الله رضيى الله عنه: ((ما من الأنبياء من نبي، إلا قد أُعطي من الآيات، ما مثلٌه آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أُوتيتُ وحياً أَوحى اللهُ إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة)). [2]
قال ابن حجر في معنى قوله: ((إنما كان الذي أوتيتُ وحياً )): "أي أن معجزتي التي تَحدّيتُ بها، الوحيُ الذي أُنزِل عليّ، وهو القرآن".
ثم لفت - رحمه الله - النظر إلى أنه ليس المراد من الحديث حصرَ معجزاته رضيى الله عنه في معجزة القرآن الكريم فقال: "بل المراد أنه المعجزة العظمى التي اختصّ بها دون غيره رضيى الله عنه". [3]
وقال ابن كثير في معنى الحديث: " معناه أن معجزة كل نبي انقرضت بموته، وهذا القرآن حجة باقية على الآباد، لا تنقضي عجائبه، ولا يخلَق عن كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله".[4]
وقال ابن القيم في سياق حديثه عن معجزات الأنبياء: "وأعظمها معجزةً كتابٌ باقٍ غضٌ طريّ لم يتغيّر, ولم يتبدّل منه شيء، بل كأنه منزّل الآن، وهو القرآن العظيم، وما أخبر به يقع كل وقتٍ على الوجه الذي أخبر به". [5]
هذه المعجزة العظيمة تحدى الله بها الأولين والآخرين، ودعاهم للإتيان بمثله حين زعموا أن القرآن من كلامه رضيى الله عنه، فقال تعالى: ]أم يقولون تقَوَّله بل لا يؤمنون * فليأتوا بحديثٍ مثله إن كانوا صادقين[ )الطور: 33-34).
فلما أعجز المشركين أن يأتوا بمثله، تحداهم القرآن أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات من عندهم، قال تعالى: ]أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سورٍ مثله مفترياتٍ وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صـادقين[ (هود: 13).
قال ابن كثير: "بين تعالى إعجاز القرآن، وأنه لا يستطيع أحدٌ أن يأتي بمثله، ولا بعشر سور من مثله، ولا بسورة من مثله؛ لأن كلام الرب تعالى لا يشبه كلام المخلوقين، كما أن صفاته لا تشبه صفات المحدثات، وذاته لا يشبهها شيء ".[6]
فلما عجزوا عن الإتيان بعشر سور تحداهم القرآن أن يأتوا بسورة واحدة، قال تعالى: ]وإن كنتم في ريبٍ مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورةٍ من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صـادقين[ (البقرة: 23).
قال الطبري: " ومن حجة محمدٍ رضيى الله عنه على صدقه، وبرهانه على حقيقة نبوته، وأن ما جاء به من عندي [أي من عند الله] ؛ عجز جميعكم وجميع من تستعينون به من أعوانكم وأنصاركم، عن أن تأتوا بسورة من مثله. وإذا عجزتم عن ذلك ـ وأنتم أهل البراعة في الفصاحة والبلاغة ـ فقد علمتم أن غيركم عما عجزتم عنه من ذلك أعجز".[7]
ويبلغ التحدي القرآني غايته حين يخبر القرآن أن عجز المشركين عن محاكاة القرآن والإتيان بمثله عجز دائم لا انقطاع له، فيقول: ]فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا[ (البقرة: 24).
قال القرطبي: " قوله: ] ولن تفعلوا [ إثارةٌ لهممهم، وتحريكٌ لنفوسهم؛ ليكون عجزهم بعد ذلك أبدع، وهذا من الغيوب التي أخبر بها القرآن قبل وقوعها".[8]
وحين أراد مسيلمة معارضة القرآن فضحه الله وأخزاه، فكان قوله محلاً لسخرية العقلاء وإعراض البلغاء، فقد قال: "يا ضفدع، نقي كما تنقين ، لا الماء تدركين ، ولا الشراب تمنعين".
وقال أيضاً معارضاً القرآن: " ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى، أخرج من بطنها نسمة تسعى ، من بين شراشيف وحشى ".
وأما النضر بن الحارث فصيح قريش وبليغها، فأتى بالمضحك من القول حين قال: "والزارعات زرعاً. والحاصدات حصداً. والطاحنات طحناً. والعاجنات عجناً. والخابزات خبزاً ....".[9]
وعندما أراد الأديب ابن المقفع معارضة القرآن كل وعجز، وقال: أشهد أن هذا لا يعارض، وما هو من كلام البشر.
ومثله صنع يحيى الغزال بليغ الأندلس وفصيحها.
وصدق الله العظيم: ]قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هـذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً[ (الإسراء: 88).
قال ابن سعدي: "وكيف يقدر المخلوق من تراب، أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب؟ .. هذا ليس في الإمكان، ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى ذوقٍ ومعرفةٍ بأنواع الكلام، إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البلغاء، ظهر له الفرق العظيم".[10]
لقد اعترف أعداء القرآن بعظمة القرآن، وذلت رقابهم لما سمعوه من محكم آياته، فهاهو الوليد بن المغيرة سيد قريش، يسمع النبي رضيى الله عنه وهو يقرأ قوله تعالى: ]إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتآء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون[ (النحل:90).
فيقول قولته المشهورة: "والله إنَّ لقولِه الذي يقولُ لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنه لمثمرٌ أعلاه، مغدِقٌ أسفلُه، وإنه ليعلو وما يُعلا، وإنه ليَحطِم ما تحته".[11]
ولما جاء عتبة بن ربيعة إلى النبي رضيى الله عنه؛ قرأ عليه النبي رضيى الله عنه أوائل سورة فصلت، فرجع إلى قريش قائلاً: إني واللهِ قد سمعت قولاً ما سمعتُ بمثلِه قط، والله ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة، يا معشر قريش: أطيعوني واجعلوها بي، خلّوا بين هذا الرجل وبينَ ما هو فيه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعتُ نبأ".[12]
وفي العصر الحديث أيضاً شهد المنصفون من المستشرقين بعظمة القرآن، وسجلت كلماتُهم بحقه المزيدَ من الإعجاب والدَهش.
ومنه قول المستشرق فون هامر في مقدَمة ترجمته للقرآن، فقد قال: "القرآن ليس دستورَ الإسلام فحسب، وإنما هو ذِروة البيانِ العربي، وأسلوبُ القرآن المدهش يشهد على أن القرآنَ هو وحيٌ من الله، وأن محمداً قد نشر سلطانَه بإعجاز الخطاب، فالكلمةُ [أي القرآنُ] لم يكن من الممكن أن تكونَ ثمرةَ قريحةٍ بشرية".[13]
ويقول فيليب حتي في كتابه "الإسلام منهج حياة": "إن الأسلوب القرآني مختلف عن غيره، إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر، ولا يمكن أن يقلد، وهذا في أساسه هو إعجاز القرآن .. فمن جميع المعجزات كان القرآن المعجزة الكبرى".
وأما جورج حنا فيقول في كتابه "قصة الإنسان": "إذا كان المسلمون يعتبرون أن صوابية القرآن هي نتيجة محتومة لكون القرآن منزلاً ولا يحتمل التخطئة، فالمسيحيون يعترفون أيضاً بهذه الصوابية، بقطع النظر عن كونه منزلاً أو موضوعاً، ويرجعون إليه للاستشهاد بلغته الصحيحة كلما استعصى عليهم أمر من أمور اللغة".
ويقول الفيلسوف الفرنسي هنري سيرويا في كتابه "فلسفة الفكر الإسلامي" : "القرآن من الله بأسلوب سام ورفيع لا يدانيه أسلوب البشر".
وأما المستشرق بلاشير فلم يألُ جهداً في الطعن في القرآن ومعاداته في كتابه "القرآن الكريم"، لكن الحقيقة غلبته، فقال: "إن القرآن ليس معجزة بمحتواه وتعليمه فقط، إنه أيضاً يمكنه أن يكون قبل أي شيء آخر تحفة أدبية رائعة ؛ تسمو على جميع ما أقرته الإنسانية وبجلته من التحف".
وبهرت جزالة القرآن وروعة أساليبه المستشرق الأديب غوته، فسجل في ديوانه "الديوان الشرقي للشاعر الغربي" هذه الشهادة للقرآن: "القرآن ليس كلام البشر، فإذا أنكرنا كونه من الله، فمعناه أننا اعتبرنا محمداً هو الإله ".
وتحدث بعض المستشرقين عن الانقلاب العظيم الذي أحدثه القرآن في القيم الاجتماعية والأخلاقية للعرب، وكيف صنع منهم ومن الأمم الأخرى التي دخلت في الإسلام أمة الحضارة والريادة طوال قرون، فيقول المفكر الفرنسي مارسيل بوازار في كتابه "إنسانية الإسلام": "إن القرآن لم يُقدّر قط لإصلاح أخلاق عرب الجاهلية، إنه على العكس يحمل الشريعة الخالدة والكاملة والمطابقة للحقائق البشرية والحاجات الاجتماعية في كل الأزمنة".
ويقول ولد يورانت في "قصة الحضارة" عن القرآن: "وقد كان له أكبر الفضل في رفع مستوى المسلمين الأخلاقي والثقافي، وهو الذي أقام فيهم قواعد النظام الاجتماعي والوحدة الاجتماعية، وحرضهم على اتباع القواعد الصحيحة، وحرر وبعث في نفوس الأذلاء الكرامة والعزة، وأوجد بين المسلمين درجة من الاعتدال والبعد عن الشهوات لم يوجد لها نظير في أية بقعة من بقاع العالم يسكنها الرجل الأبيض".

وتقول المستشرقة الإيطالية لورافيشيا فاغليري في كتابها "دفاع عن الإسلام": "إن انتشار الإسلام السريع لم يتم لا عن طريق القوة ولا بجهود المبشرين الموصولة، إن الذي أدى إلى ذلك الانتشار كون الكتاب الذي قدمه المسلمون للشعوب المغلوبة - مع تخييرها بين قبوله ورفضه - كتاب الله، كلمة الحق، أعظم معجزة كان في ميسور محمد أن يقدمها إلى المترددين في هذه الأرض".[14]
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14-12-2013, 10:30 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 37
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ومما أذهل العلماء إعجاز القرآن العلمي، وما حواه من معارف توصلت إليها البشرية قريباً بفضل التقنية العلمية الحديثة، فسجل هؤلاء العلماء شهادات منصفة بحق القرآن العظيم.
ونبدأ بالبروفسور يوشيودي كوزان مدير مرصد طوكيو، إذ يقول: " إن هذا القرآن يصف الكون من أعلى نقطة في الوجود، فكل شيء أمامه مكشوف، إن الذي قال هذا القرآن، [أي الله] يرى كل شيء في هذا الكون، فليس هناك شيء قد خفي عليه ".

وأما البرفسور شرويدر عالم البحار الألماني فيقول في ندوة علماء البحار التي نظمتها جامعة الملك عبد العزيز بجدة: "ما قيل بالفعل منذ عديد من القرون في القرآن الكريم هو حقيقة ما يكتشفه العلماء اليوم، أعتقد أنه من المهم بالنسبة لندوة لهذه أن تبلغ هذا إلى العلماء من جميع الأمم".
ويقول البرفسور درجا برساد راو أستاذ علم جولوجيا البحار في جامعة الملك عبد العزيز، فيقول تعليقاً على إخبار الله في القرآن عن ظلمات البحار وأمواجها الداخلية، فقال: "ومن الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة كان موجوداً في ذلك الوقت منذ 1400سنة ، ولكن بعض الأشياء تتناول فكرة عامة، ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب جداً، ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً بسيطاً، لا يستطيع الإنسان العادي أن يشرح هذه الظواهر بذلك القدر من التفصيل، ولذلك فقد فكرت في قوة خارقة للطبيعة خارج الإنسان، لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعة".

وفي مؤتمر القاهرة (1986م) حول الإعجاز العلمي قدم البرفسور الأمريكي بالمار بحثاً ختمه بقوله: "أنا لا أعلم المستوى الثقافي الذي كان عليه الناس في زمن محمد [رضيى الله عنه] ولا أدري في أي مستوى علمي كانوا، فإذا كان الأمر كما نعرف عن أحوال الأولين والمستوى العلمي المتواضع والذي ليس فيه هذه الإمكانيات، فلا شك أن هذا العلم الذي نقرؤه الآن في القرآن هو نور من العلم الإلهي قد أوحي به إلى محمد ".
ونختم جولتنا مع إعجاز القرآن العلمي بالحديث عن حديث القرآن عن تطور الجنين وتخلقه، وننقل شهادة البروفيسور مارشال جونسون رئيس قسم التشريح ومدير معهد دانيال بجامعة توماس جيفرسون بفلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، فقد أذهله ما ذكره القرآن عن تطور الجنين، فقال: "إنني كعالم أستطيع فقط أن أتعامل مع أشياء أستطيع أن أراها بالتحديد، أستطيع أن أفهم علم الأجنة وتطور علم الأحياء، أستطيع أن أفهم الكلمات التي تترجم لي من القرآن .. إنني لا أرى شيئاً لا أرى سبباً لا أرى دليلاً على حقيقة تفند مفهوم هذا الفرد محمد [رضيى الله عنه] الذي لا بد وأنه يتلقى هذه المعلومات من مكان ما، ولذلك إنني لا أرى شيئاً يتضارب مع مفهوم أن التدخل الإلهي كان مشمولاً فيما كان باستطاعته أن يبلغه".
ويضيف البرفسور كيث ل مور مؤلف الكتاب الشهير الذي يعتبر مرجعاً معتمداً في كليات الطب العالمية (The Developing Human) "أطوار خلق الإنسان"، فيقول عما سمعه من إعجاز قرآني في علم الأجنة: "يتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لمحمد من عند الله، لأن كل هذه المعلومات لم تكشف إلا حديثاً وبعد قرون عدة، وهذا يثبت لي أن محمداً رسول الله".[15]
وصدق الله وهو يقول: ]ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد[ (سبأ: 6).
[1] كما أسلفت في المقدمة؛ فإني لن أتحدث عن صور الإعجاز المختلفة للقرآن العظيم، فهذا بحر لايُدرك قعره ولا يُسبر غوره.
[2] رواه البخاري ح (4981)، ومسلم ح (152) واللفظ له.
[3] فتح الباري (8/623).
[4] تفسير القرآن العظيم (2/678).
[5] إغاثة اللهفان (2/347).
[6] تفسير القرآن العظيم (2/455).
[7] جامع البيان (1/372-373).
[8] الجامع لأحكام القرآن (1/267).
[9] انظر: لماذا أسلم صديقي، إبراهيم خليل (ص50 -54 ).
[10] تيسير الكريم الرحمن (ص45-46).
[11] رواه الحاكم في المستدرك (2/550)، وصححه، ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي في دلائل النبوة (2/198).
[12]رواه البيهقي في دلائل النبوة (2/204-205) وهو مرسل؛ لأن محمد بن كعب القُرظي تابعي، لكن يعضده رواية أخرى أخرجها البيهقي في الدلائل (2/202) وابن إسحاق في السيرة (1/187).
[13] يوميات مسلم ألماني، د.مراد هوفمان (ص122).
[14] قالوا عن الإسلام، عماد الدين خليل (ص 52-76)، وانظر: ربحت محمداً ولم أخسر المسيح، عبد المعطي الدلالاتي (ص 109-110).
[15] إنه الحق، هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة برابطة العالم الإسلامي (ص 49، 51-52، 81، 116-120).


د. منقذ بن محمود السقار
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
النبوة, دلائل, سيرة النبى, هدى المصطفى


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:20 AM.