|
#1
|
||||
|
||||
![]() مــاذا ســنــجــنــي مــن هــذه الــصــورة ؟
أولاً من الأشياء التي سنجنيها مثلاً هو شرح للجاذبية الأرضية مستقلة عن أي جسم معين - مثل كرة التنس أو القمر أو الأقمار الصناعية - والتي قد نختار وضعه هناك في مجال الجاذبية الأرضية. والشيء الثاني الذي سنجنيه هو طريق حول تلك المشكلة الفلسفية الرياضية التي ذكرناها من قبل. ![]() إذاً مفهوم حقل القوى أو حقل مجال القوى يصف التفاعل بين جسمين - (تفاعل جذبي في هذه الحالة) - بطريقة مختلفة جداً. هذا التصور يقول ، إن جسماً ذا جاذبية كالأرض يصنع حقل جاذبية في خلال كل الفضاء المحيط به ، وإن الأجسام تتجاوب مع هذا الحقل ، ليس في مكان بعيد عنه ، بل في الفضاء المحيط والقريب منه. وهو الشيء نفسه بالنسبة للكهرباء والمغناطيسية. فإذا أخذنا جسماً له شحنة موجبة فإنه سيصنع حقلاً في جميع نقاط الفضاء المحيطة به ، في هذه الحالة حقل كهربائي لأن هذا الجسم مشحون كهربائياً. إنه حقل قوى كهربائي ، ولو وضعنا أي جسم مشحون آخر بالقرب منه ، فإنه سيشعر بهذه القوى والتي تعتمد على مكان موضعه في الحقل الكهربائي. ![]() بنفس الطريقة ، إذا أردنا التحدث عن المغناطيسية ، نستطيع القول بأن المغناطيس يصنع حقل قوى مغناطيسي في كل نقاط الفضاء الموجودة حوله. ولو شاهدت تجربة وضع مغناطيس في كومة من برادة الحديد ، ستجدها تصطف وتُكَوِّن صورة مرئِيَّة لخطوط حقل القوى المغناطيسي المخفية والإتجاه الذي تشير إليه. ولو وضعنا مغناطيساً آخر بالقرب منه ، فسيشعر بحقل القوى هذا ، وسيتأثر بهذه القوى عليه. إن تصور مفهوم حقل القوى هو فكرة تجريدية جداً ، ولكننا إستطعنا الذهاب من النقطة التي كنّا نصف فيها أن جسمين يتفاعلان مع بعضهما - جاذبياً ، أو كهربائياً ، أو مغناطيسياً - لأن كل جسم يدفع أو يسحب (يتنافر أو يتجاذب) مع الجسم الآخر أو القول بأن هذا الجسم قام بالوصول إلى الجسم الأخر عبر الفضاء وأمسك به وأثر عليه ، إلى النقطة التي نصف فيها أن كل جسم يصنع هذا الحقل الغامض في الفضاء الذي حوله ، والجسم الآخر يتجاوب ويشعر ويتفاعل مع هذا الحقل. فعلاً فكرة تجريدية جداً. إلا أن فيها حقيقة هائلة. ذلك لأنه بمجرد أن تعترف بوجود حقول القوى هذه ، وتدرس الكهرباء والمغناطيسية أكثر قليلاً ، فإنك ستجد هذه الحقول على سبيل المثال تحوي طاقة. ستجد هذه الحقول تبدو وكأنها تحوي مادتها الخاصة. نحن لا نرى هذه المادَّة ، ولا نستطيع لمسها ، ولكنها موجودة ، وهي في الحقيقة ، تعتبر وكأنها مخازن لطاقة هذه الحقول. العــلاقــة بــيــن الــكــهــربــاء والمــغــنــاطــيــســة. يتبع
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() العــلاقــة بــيــن الــكــهــربــاء والمــغــنــاطــيــســة. لقد تبين أنه لو قمنا بتحريك شحنة كهربائية ، لو قمنا ببساطة بتحريك شحنة كهربائية في خط مستقيم إلى الأمام ، فإن هذا سيصنع مغناطيسية. وإذا تعمقنا أكثر في الأساس ، سنجد أن هناك علاقة مباشرة بين حقل المجال الكهربائي وحقل المجال المغناطيسي ، ويمكن وصف هذه العلاقة كالتالي : لو كان عندنا مغناطيسية ، بمعنى أنه لو كان لدينا حقل مجال مغناطيسي ناشئ من مغناطيس مثلاً. إذا غيَّرنا حقل المجال المغناطيسي هذا بأي طريقة ، على سبيل المثال ، عن طريق تحريك المغناطيس بسرعة ، الحقيقة فإن ذلك سيصنع كهرباء ، بمعنى آخر سيصنع حقل مجال كهربائي. ![]() النقطة التي نريد توضيحها وفهما جيداً من كل هذا هي ، هناك علاقة حميمة بين الكهرباء والمغناطيسية. وهذه العلاقة هي تغير المغناطيسية يصنع كهرباء. لنكون أكثر دقة بالنسبة لما نقول ، حقل المجال المغناطيسي المتغير يصنع حقل مجال كهربائي. جــيــمــس كــلــيــرك مــاكــســويــل. يوجد شئٌ مفقودٌ هنا، هناك شئٌ حقيقيٌ مفقود ! لقد تحدثنا عن الكهرباء ، وتحدثنا عن المغناطيسية ، وتحدثنا عن العلاقة بين الإثنين والتي عرفنا منها أن المغناطيسية تُنتج الكهرباء ، أو لكي نكون أكثر دقة ، المجال المغناطيسي المتغير يصنع مجالاً كهربائياً. ولكن هناك شئٌ مفقود ! في عام ١٨٦٥م ، قام العالم الفيزيائي جيمس كليرك ماكسويل بالتفكير كثيراً في هذا الموضوع. والآن تذكر أننا تحدثنا في المقال الأول كيف أن الفيزياء والعلوم هي نشاط إنساني وعمل خَلاَّق ، وأن هناك لمسة إنسانية خلفها ، وأن الفيزياء تتأثر بالخصائص الإنسانية ، وأنها ليست خليطاً لا لون له من الذهاب إلى المعمل وإختبار الفرضية ومثل هذا النوع من النشاط. في الواقع ، لقد كان ماكسويل في تلك اللحظة يُظهر الجانب الإنساني الآخر ، الجانب الخَلاَّق المتعلق بالجمال وتقدير الجمال. فقد قال ، هنالك شئٌ مفقود ، لا يوجد تناظر هنا كما كنت أتوقع أن أجده في العالم الطبيعي. نحن نعلم عن الكهرباء ، وعندنا القوانين التي تغطي ذلك. نحن نعلم عن المغناطيسية ، وعندنا القوانين التي تغطي ذلك. نحن نعلم أن التغير المغناطيسي يُنتج كهرباء. لماذا لا يكون التغير الكهربائي بنتج مغناطيسية ؟ وقال ماكسويل ، أعتقد أنه يجب ذلك. لقد عاش جيمس كليرك ماكسويل من عام ١٨٣١م إلى عام ١٨٧٩م ، وقد كان عالماً إسكتلندياً ، وقد كان عالماً متديناً يؤمن بوجود إله خالق للكون ، فقد قال : لو كان الله قد خَلَقَ الكون ، لكان خَلَقَه بهذه الطريقة ، فإنه سيكون أكثر تناظراً ، أكثر جمالاً. لا يوجد أي شئ تكنولوجي هنا. هذا تقدير للجمال ببساطة وبصفاء. قال ماكسويل : أعتقد أنه يجب أن يكون الوضع كذلك. ![]() إقترح ماكسويل وقال "أعتقد أن حقل المجال الكهربائي المتغير سينتج عنه حقل مجال مغناطيسي" ، ثم قام بوضع أربعة قوانين رياضية عن الكهرباء والمغناطيسية معتمداً على ما كان معروفاً من قبل ، وعلى هذه الفكرة الجديدة. وعلى شرفه ولتكريمه ، سميت هذه القوانين معادلات ماكسويل. وتمثل هذه القوانين أو المعادلات التوليف الثاني للعلوم الذي ذكرناه في هذه المقالات. في هذا التوليف ، أصبحت الكهرباء والمغناطيسية مندمجة في مادةٍ واحدةٍ ، الكهرومغناطيسية. هذا هو التوحيد الكبير الثاني للفيزياء بعد التوحيد الأول الذي تم على يد إسحاق نيوتن. الــمــوجــات الــكــهــرومــغــنــاطــيــســيــة. يتبع
__________________
آخر تعديل بواسطة محمد محمود بدر ، 21-10-2016 الساعة 10:53 AM |
#3
|
||||
|
||||
![]() الــمــوجــات الــكــهــرومــغــنــاطــيــســيــة. ذهب ماكسويل بعد ذلك بعيدا للأمام وقال : ما هي العواقب لهذه الحقيقة ؟ ثم جاء ماكسويل بفكرة متألقة وتنبؤ عبقري فقال : أنظر ، فلنفرض أن هناك حقلاً لمجالاً مغناطيسياً متغيراً ، فماذا سَيُنتِج ؟ سوف يُنتِج حقلاً لمجال كهربائي. وهذا المجال الكهربائي سيكون متغيراً أيضاً ، وبالتالي ماذا سَيُنتِج ؟ سوف يُنتِج حقل لمجال مغناطيسي متغير. وماذا سَيُنتِج هذا المجال المغناطيسي المتغير ؟ سوف يُنتِج مجالاً كهربائياً متغيراً ، وهكذا وهكذا. ثم تصور ماكسويل ، أنه من الممكن أن يتكون بِنَاءً من مجالٍ متغيرٍ يصنع مجالاً متغيراً آخر ذهاباً وإياباً ، بادئاً بأي مجال منهما ، كهربائي أو مغناطيسي لا يهم. كهربائي متغير ، مغناطيسي متغير ، كهربائي متغير ، مغناطيسي متغير ، كهربائي متغير ، مغناطيسي متغير. وينطلق هذا البِنَاء المستقل ويقفز بنفسه عبر الفضاء. ويكتسب وجوداً مستقلاً بذاته ، ويحمل معه طاقة كهرومغناطيسية ، وينتشر عبر الفضاء كموجة. ماكسويل تنبأ بوجود الموجات الكهرومغناطيسية ، وقد قام بشئٍ آخر. فقد تنبأ وقام بحساب السرعة التي تتحرك بها هذه الموجات. لقد إستخدم ماكسويل بعض الأرقام التي توصل إليها العلماء وقتها من التجارب المعملية والتي تَصِف كيف تحدث وتتصرف قوة المجالين الكهربائي والمغناطيسي ، ومدى شدة القوة بين الشحنات الكهربائية مع بعضهما ، وشدة القوة بين المغناطيسات المختلفة. الشئ المهم أن هذه الأرقام ليس لها علاقة بعلم البصريات (دراسة الضوء) مع أشياء أخرى. لقد قام ماكسويل بحساب سرعة موجاته المغناطيسية التي إكتشافها هذه معتمداً على تلك الأرقام فقط ولا شئٌ آخر. وقد حسب هذه السرعة. وتبين أنها السرعة المعروفة للضوء. ![]() والآن ، حتى هذه اللحظة ، لم يكن أحد يعلم ما هو الضوء. لقد خمَّن بعض العلماء منذ بداية القرن التاسع عشر على أنه موجات ، وقد إعتقد نيوتن أنه جزيئات. ولكن على زمن ماكسويل كان الجميع يعلم أن الضوء هو موجات ، ولكن لم يكن يعلم أحد أي نوع من الموجات هو. وفجأة ، يضع ماكسويل نظريته عن الكهرباء والمغناطيسية ، ويتنبأ منها أنه يجب أن يكون هناك موجات من الكهرومغناطيسية ، وهذه الموجات يجب أن تنتشر وتتحرك عبر فراغ الفضاء ، وتحمل معها طاقة ، طاقة كهرومغناطيسية ، و يجب عليها التحرك بسرعة الضوء المعروفة. وفي الحال أصبح من الواضح أن الضوء هو عبارة عن موجات كهرومغناطيسية. طـــيـــف الــمــوجــات الــكــهــرومــغــنــاطــيــســيــة. يتبع
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() طـــيـــف الــمــوجــات الــكــهــرومــغــنــاطــيــســيــة. بعد ذلك سأل ماكسويل أسئلة أخرى بخصوص الموجات الكهرومغناطيسية. هل هناك أشكال أخرى غير الضوء ؟ والإجابة كانت نعم ، هناك أشكال أخرى. هناك أشكال أخرى مثل موجات الراديو ، وموجات الراديو القصيرة ، والموجات تحت الحمراء ، والموجات الفوق بنفسجية ، وموجات أشعة إكس ، وموجات أشعة جاما. هذه كلها موجات كهرومغناطيسية ، هي في الأساس كلها متشابهه. كل ما هو مختلف فيهم هو طول الموجة لكل نوع ، أو بتعبيرٍ آخر ، كم سرعة ذبذباتها أو إهتزازاتها. من موجات الراديو الأبطأ ذبذبةً أو إهتزازاً ، إلى موجات أشعة جاما الأسرع ذبذبةً وإهتزازاً ، كلها تتحرك بنفس السرعة ، إنه فقط مسألة كم هي سرعة تذبذب المجالين الكهربائي والمغناطيسي الظاهرة أمامنا. الموجات نفسها كلها تتحرك بنفس السرعة ، إنها سرعة الضوء المعروفة ، وهي حوالي ٣٠٠,٠٠٠ كيلومتراً في الثانية ، ومن الآن فصاعداً ، سوف نسميها ونعينها بالحرف الإنجليزي "c" إذاً ، أثبت ماكسويل وجود الموجات الكهرومغناطيسية. وقام العلماء بعد ذلك بتجارب لإثبات فرضيته أو نفيها. ![]() في عام ١٨٨٧م ، نجح العالم الألماني هينريك هيرتز في توليد موجات كهرومغناطيسية في جانبٍ من معمله ، وبواسطة جهاز آخر في الجانب الآخر من المعمل ، إستطاع إستقبال هذه الموجات ، وبصنعه هذه الموجات الكهرومغناطيسية في معمله ، أثبت هرتز أن ماكسويل كان صائباً. في عام ١٩٠١م ، إستطاع المهندس الكهربائي جوليالمو ماركوني بعث موجات كهرومغناطيسية عبر المحيط الأطلسي للمرة الأولى. وبذلك أصبح إكتشاف الموجات الكهرومغناطيسية شيئاً عملياً جداً. واليوم ، الموجات الكهرومغناطيسية تُستخدم في الراديو ، والتلفزيون ، وأجهزة المايكرويف ، وأجهزة الأشعة تحت الحمراء ، والليزر ، وفأرة التحكم بالكومبيوتر ، والتليفونات الخلوية. كل هذه الأجهزة تُوَلِّد وتَستَخدِم الموجات الكهرومغناطيسية. تُعتبر الموجات الكهرومغناطيسية كلية الوجود ، بمعنى أنها موجودة في كل مكان. والنقطة المهمة لنا هي أن هذه الموجات تنشأ بالضبط بنفس الطريقة. أنت بطريقةٍ ما تجعل مجالاً مغناطيسياً أو كهربائياً يتغير ، وحينما تفعل ذلك ، وبمجرد أن تبدأ هذه العملية ، ستُبَثُ هذه الموجات وتنتشر بعيداً عبر الفضاء ، وستفعل ذلك بسرعة فريدة واحدة. لا يهم أي نوع من الموجات هي ، سواءٌ كانت موجات راديو ، أو تلفزيون ، أو فوق بنفسجية ، أو تحت حمراء ، أو ضوء مرئي ، أو أشعة إكس ، أو أشعة جاما ، ستنطلق هذه الموجات بالسرعة التي أطلقنا عليها الحرف "c" ٣٠٠,٠٠٠ كيلومتراً في الثانية. أيـــن نــحــن ذاهــبــون بــهــذا ؟ ما نريد منك أن تأخذه من هذا المقال هو الفكرة بأن الموجات الكهرومغناطيسية هي نتيجة أو عاقبة حتمية أساسية لفرع الفيزياء المسمى الكهرومغناطيسية. وأن الموجات الكهرومغناطيسية ، كما تُنُبِئَ بها ونتجت من هذا الفرع من الفيزياء ، تتحرك بسرعة معروفة ، إنها سرعة الضوء. إنه رقم محدد معروف ، إنه ثابت من ثوابت الطبيعة ، إنها السرعة c وقيمتها ٣٠٠,٠٠٠ كيلومتراً في الثانية. سيتم التكملة في الجزء الرابع.
__________________
|
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|