|
#5
|
|||
|
|||
|
الآية : 185 {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فيه إحدى وعشرون مسألة : الأولى- قوله تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ} قال أهل التاريخ : : كتب اللّه رمضان على كل أمة ، ومعلوم أنه كان قبل نوح أمم ، واللّه أعلم. والشهر مشتق من الإشهار لأنه مشتهر لا يتعذر علمه على أحد يريده ، ومنه يقال : شهرت السيف إذا سللته. ورمضان مأخوذ من رمض الصائم يرمض إذا حر جوفه من شدة العطش. والرمضاء ممدودة : شدة الحر ، ومنه الحديث : "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال" . خرجه مسلم. -ورمض الفصال أن تحرق الرمضاء أخفافها فتبرك من شدة حرها. فرمضان - فيما ذكروا - وافق شدة الحر ، فهو مأخوذ من الرمضاء. -. والصحيح جواز إطلاق رمضان من غير إضافة كما ثبت في الصحاح وغيرها. روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الرحمة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين" . -وفي صحيح البستي عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "إذا كان رمضان فتحت له أبواب الرحمة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين" . صحيح - وروى النسائي أيضا عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لامرأة من الأنصار : "إذا كان رمضان فاعتمري فإن عمرة فيه تعدل حجة" . متفق علية -وفرض علينا عند غمة الهلال إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما ، وإكمال عدة رمضان ثلاثين يوما ، حتى ندخل في العبادة بيقين ونخرج عنها بيقين ، فقال في كتابه {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل : 44]. - وروى الأئمة الإثبات عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاكملوا العدد" في رواية "فإن غمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين" .متفق علية الرابعة : واختلف مالك والشافعي هل يثبت هلال رمضان. بشهادة واحد أو شاهدين 1-، فقال مالك : لا يقبل فيه شهادة الواحد لأنها شهادة على هلال فلا يقبل فيها أقل من اثنين ، أصله الشهادة على هلال شوال وذي الحجة. 2=وقال الشافعي وأبو حنيفة : يقبل الواحد ، لما رواه أبو داود عن ابن عمر قال : تراءى الناس الهلال فأخبرت به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أني رأيته ، فصام وأمر الناس بصيامه. الصحيحة الخامسة : واختلفوا فيمن رأى هلال رمضان وحده أو هلال شوال ، -عن مالك في الذي يرى هلال رمضان وحده أنه يصوم ، لأنه لا ينبغي له أن يفطر وهو يعلم أن ذلك اليوم من شهر رمضان. ومن رأى هلال شوال وحده فلا يفطر ، لأن الناس يتهمون على أن يفطر منهم من ليس مأمونا ، ثم يقول أولئك إذا ظهر عليهم : قد رأينا الهلال. : وبهذا أحمد بن حنبل. وقال آخرون. إذا ثبت عند الناس أن أهل بلد قد رأوه فعليهم قضاء ما أفطروا ، هكذا قال الليث بن سعد والشافعي قلت : ذكر الكيا الطبري في كتاب أحكام القرآن له :1- وأجمع أصحاب أبي حنيفة على أنه إذا صام أهل بلد ثلاثين يوما للرؤية ، وأهل بلد تسعة وعشرين يوما أن على الذين صاموا تسعة وعشرين يوما قضاء يوم. -وحكى أبو عمر الإجماع على أنه لا تراعى الرؤية فيما بعد من البلدان كالأندلس من خراسان ، قال : ولكل بلد رؤيتهم ، إلا ما كان كالمصر الكبير وما تقاربت أقطاره من بلدان المسلمين. قلت : وأما مذهب مالك رحمه اللّه في هذه المسألة - أن أهل البصرة إذا رأوا هلال رمضان ثم بلغ ذلك إلى أهل الكوفة والمدينة واليمن أنه يلزمهم الصيام أو القضاء إن فات الأداء. . الثامنة : قوله تعالى : {الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} نص في أن القرآن نزل في شهر رمضان ، وهو يبين قوله عز وجل : {حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ. إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان : 1 - 3] يعني ليلة القدر ، ولقوله : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر : 1]. وفي هذا دليل على أن ليلة القدر إنما تكون في رمضان لا في غيره. ولا خلاف أن القرآن أنزل من اللوح المحفوظ ليلة القدر - على ما بيناه - جملة واحدة ، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا ، ثم كان جبريل صلى اللّه عليه وسلم ينزل به نجما نجما في الأوامر والنواهي والأسباب ، وذلك في عشرين سنة. قلت : وقول مقاتل هذا خلاف ما نقل من الإجماع "أن القرآن أنزل جملة واحدة" واللّه أعلم. وروى واثلة بن الأسقع عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : " أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان والتوراة لست مضين منه والإنجيل لثلاث عشرة والقرآن لأربع وعشرين" . حسنة الالبانى قلت : وفي هذا الحديث دلالة على ما يقول الحسن أن ليلة القدر تكون ليلة أربع وعشرين. "لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو" متفق علية العاشرة : قوله تعالى : {هُدىً لِلنَّاسِ} "هدى" ، أي هاديا لهم. {وَبَيِّنَاتٍ} . و {الْهُدَى} الإرشاد والبيان ، أي بيانا لهم وإرشادا. والمراد القرآن بجملته من محكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ ، ثم شرف بالذكر والتخصيص البينات منه ، يعني الحلال والحرام والمواعظ والأحكام. "وبينات" جمع بينة ، من بان الشيء يبين إذا وضح. {وَالْفُرْقَانَ} ما فرق بين الحق والباطل ، أي فصل ، الحادية عشرة : قوله تعالى : {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ] و"شهد" بمعنى حضر ، وقال جمهور الأمة : من شهد أول الشهر وآخره فليصم ما دام مقيما ، فإن سافر أفطر ، وهذا هو الصحيح وعليه تدل الأخبار الثابتة. وقد ترجم البخاري رحمه اللّه ردا على القول الأول "باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر" عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خرج إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ الكديد أفطر فأفطر الناس. قال أبو عبدالله : والكديد ما بين عسفان وقديد . وأما السفر الواجب في طلب القوت الضروري ، أو فتح بلد إذا تحقق ذلك ، أو دفع عدو ، فالمرء فيه مخير ولا يجب عليه الإمساك ، بل الفطر فيه أفضل للتقوى ، وإن كان شهد الشهر في بلده وصام بعضه فيه ، لحديث ابن عباس وغيره ، ولا يكون في هذا خلاف إن شاء اللّه واللّه أعلم. الثالثة عشرة : قوله تعالى : {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} : "اليسر" الفطر في السفر ، و"العسر" الصيام في السفر. والوجه عموم اللفظ في جميع أمور الدين ، كما قال تعالى : {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج : 78] ، وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم "ان الدين يسر " بخارى ، وقال صلى اللّه عليه وسلم : "يسروا ولا تعسروا" متفق علية . واليسر من السهولة ، ومنه اليسار للغنى |
| العلامات المرجعية |
|
|