اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > الأدب العربي

الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #6  
قديم 26-11-2008, 02:27 AM
الصورة الرمزية bonno
bonno bonno غير متواجد حالياً
طالب ثانوى ( الصف الثالث )
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
العمر: 33
المشاركات: 135
معدل تقييم المستوى: 17
bonno is on a distinguished road
افتراضي

1. أفلاطون ، حيث يقول ان كثيراً من الفلاسفة الطاهرين القدماء ، لمَّا تجردوا من الدنيا ، وتهاونوا بالأشياء المحسوسة ، وتفرَّدوا بالنظر والبحث عن حقائق الأشياء ، انكشف لهم علم الغيب ، و علموا بما يخفيه الناس في نفوسهم ، واطَّلعوا على سرائر الخلق . فإذا كان هذا هكذا ، والنفس بعد مرتبطة بهذا البدن ، في هذا العالم المظلم الذي لولا نور الشمس لكان في غاية الظلمة ، فكيف إذا تجرَّدت هذه النفس ، وفارقت البدن ، وصارت في عالم الحق ، الذي فيه نور الباري سبحانه ؟
2. ثم أن أفلاطون أتبع هذا القول بأن قال : فأما من كان غرضه ، في هذا العالم ، التلذذ بالمآكل و المشارب المستحيلة إلى الجِيَف ، وكان أيضا غرضه في لذة الجماع ، فلا سبيل لنفسه العقلية إلى معرفة هذه الأشياء الشريفة ، ولا يمكنها الوصول إلى التشبه بالباري سبحانه .
3. وقال: من غلبت عليه الشهوانية ، وكانت هي غرضه وأكثر همته ، فقياسه قياس الخنزير ؛ ومن غلبت عليه الغضبية ، فقياسه قياس الكلب ؛ ومن كان الأغلب عليه قوة النفس العقلية ، وكان أكثر أدبه الفكر والتمييز ومعرفة حقائق الأشياء والبحث عن غوامض العلم ، كان إنسانا فاضلا قريب الشبه من الباري سبحانه ، لأن الأشياء التي نجدها للباري ، عزّ وجلَّ ، هي الحكمة والقدرة والعدل والخير والجميل والحق ، وقد يمكن للإنسان أن يدبّر نفسه بهذه الحيلة ، حسب ما في طاقة الإنسان ، فيكون حكيماً ، عادلاً ، جواداً ، خيِّراً ، يؤثر الحق والجميل ...
4. وكان افسقورس يقول : (( إن النفس إذا كانت ، وهي مرتبطة بالبدن ، تاركة للشهوات ، متطهِّرة من الأدناس ، كثيرة البحث والنظر في معرفة حقائق الأشياء ، انصقلت صقالة ظاهرة واتحد بها صورةٌ من نور الباري ، يحدث فيها و يكامل نور الباري ، بسبب ذلك الصقال الذي اكتسبه من التطهر . فحينئذ يظهر فيها صور الأشياء كلها ومعرفتها ، كما يظهر صور خيالات سائر الأشياء المحسوسة في المرآة إذا كانت صقلية . فهذا قياس النفس : لأن المرآة إذا كانت صدئة ، لم يتبين صورة شيء فيها بتةً ، فإذا زال منها الصدأ ظهرت و تبيَّنت فيها جميع الصور ؛ كذلك النفس العقلية ، إذا كانت صدئة دنسة ، كانت على غاية الجهل ، ولم يظهر فيها صور المعلومات ، وإذا تطهَّرت و تهذَّبت – وصفاء النفس هو أن النفس تتطهر من الدنس ، وتكتسب العلم – ظهر فيها حالاً صورة معرفة جميع الأشياء ، وعلى حسب جودة صقالتها تكون معرفتها بالأشياء .فالنفس ، كلما ازدادت صقالاً ، ظهر لها و فيها معرفة الأشياء .وهذه النفس لا تنام بتة ، لأنها في وقت النوم تترك استعمال الحواس ، وتبقى محصورة ، ليست بمجردة على حدتها ، وتعلم كل ما في العوالم ، وكل ظاهر وخفي . ولو كانت هذه النفس تنام ، لما كان الإنسان – إذا رأى في النوم شيئا – يعلم أنه في النوم ، بل لا يفرِّق بينه و بين ما كان في اليقظة .وإذا بلغت هذه النفس مبلغها في الطهارة ، رأت في النوم عجائب من الأحلام ، وخاطبتها الأنفس التي فارقت الأبدان ، وأفاض عليها الباري من نوره ورحمته ، فتلتذُّ حينئذ لذة دائمة ، فوق كل لذة تكون بالمطعم و المشرب والنكاح والسماع والنظر والشم واللمس ، لأن هذه لذَّات حسية دنسة تعقب الأذى ، وتلك لذة إلهية روحانية تعقب الشرف الأعظم . والشقي المغرور الجاهل من رضي لنفسه بلذات الحس ، وكانت هي أكثر أغراضه ، ومنتهى غايته .وإنما نجيء في هذا العالم في شبه المعبر والجسر ، الذي يجوز عليه السيارة ، ليس لنا مقام يطول . وأما مقامنا ومستقرُّنا الذي نتوقع فهو العالم الأعلى الشريف ، الذي تنتقل إليه نفوسنا بعد الموت ، حيث تقرب من باريها ، وتقرب من نوره ورحمته ، وتراه رؤية عقلية لا حسية ، ويفيض عليها من نوره ورحمته .))
5. فأما أفلاطون فقال ، في هذا المعنى : (( إن مسكن الأنفس العقلية ، إذا تجرَّدت ، هو كما قال الفلاسفة القدماء ، خلف الفلك ، في عالم الربوبية ، حيث نور الباري .))(( وليس كل نفس تفارق البدن تصير من ساعتها إلى ذلك المحل ، لأن من الأنفس من يفارق البدن ، وفيها دنس وأشياء خبيثة ، فمنها ما يصير إلى فلك القمر فيقيم هناك مدة من الزمان ، فإذا تهذَّبت ونقيت ارتفعت إلى فلك العطارد فتقيم هناك مدة من الزمان ، فإذا تهذبت ونقيت ارتفعت إلى فلك كوكب فتقيم في كل فلك مدة من الزمان . فإذا صارت إلى الفلك الأعلى ، ونقيت غاية النقاء ، وزالت أدناس الحس و خيالاته وخبثه منها . ارتفعت حالاً إلى عالم العقل ، وجازت الفلك ، وصارت في أجلِّ محلّ و أشرفه ، وصارت حالاً بحيث لا تخفى عليها خافية ، وطابقت نور الباري ، وصارت تعلم كل الأشياء ، قليلها وكثيرها ، كعلم الإنسان باصبعه الواحدة ، أو بظفره ، أو بشعرة من شعره ، وصارت الأشياء كلها مكشوفة بارزة لها ، وفوّض إليها الباري أشياء من سياسة العالم تلتذُّ بفعلها ، والتدبير لها . ))
6. وقد وصف أرسطاطاليس أمر الملك اليوناني الذي تحرَّج بنفسه ، فمكث لا يعيش و لا يموت أياما كثيرة ، كلما أفاق أعلم الناس بفنون من علم الغيب ، وحدَّثهم بما رأى من الأنفس والصور والملائكة ، وأعطاهم في ذلك البراهين . و أخبر جماعة من أهل بيته بعمر واحد واحد منهم ، فلما امتحن كلُّ ما قال ، لم يتجاوز أحد منهم المقدار الذي حدَّه له من العمر . و أخبر أن خسفاً يكون في بلاد الأوس ، بعد سنة ، وسيل يكون في موضع آخر بعد سنتين ، فكان الأمر كما قال .وذكر أرسطاطاليس أن السبيل في ذلك أن نفسه إنما علمت ذلك العلم لأنها كادت أن تفارق البدن ، وانفصلت عنه بعض الانفصال ، فرأت ذلك . فكيف لو فارقت البدن على الحقيقة ؟ لكانت قد رأت عجائب من أمر الملكوت الأعلى !
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:24 PM.