#16
|
||||
|
||||
![]() الذين لا يخلدون في النار المطلب الأول التعريف بهم المطلب الثاني الذنوب المتوعد عليها بالنار 1- الفرق المخالفة للسنة : روى أبو داود والدارمي وأحمد والحاكم وغيرهم عن معاوية بن أبي سفيان أنه قال: ألا إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فينا فقال: " ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة ". وهذا حديث صحيح. قال فيه الحاكم بعد سياقه لأسانيده: "هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح الحديث". ووافقه الذهبي . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فيه: " هو حديث صحيح مشهور ". وصححه الشاطبي في " الاعتصام "، وقد جمع الشيخ ناصر الدين الألباني طرقه وتكلم على أسانيده ، وبين أنه حديث صحيح لا شك في صحته . (1) وقد ذهب صديق حسن خان إلى أن الزيادة التي في الحديث وهي " كلها هالكة إلا واحدة " ومثلها: " ثنتان وسبعون في النار " زيادة ضعيفة . ونقل تضعيف ذلك عن شيخه الشوكاني ومن قبله عن ابن الوزير ومن قبله عن ابن حزم . وقد استحسن قول من قال: " إن هذه الزيادة من دسيس الملاحدة ، فإن فيها التفير عن الإسلام والتخويف من الدخول فيه " . (2) وقد رد الشيخ ناصر الدين الألباني على من ضعّف هذه الزيادة من وجهين : الأول :أن النقد العلمي الحديثي قد دل على صحة هذه الزيادة، فلا عبرة بقول من ضعفها . الثاني : أن الذين صححوها أكثر وأعلم من ابن حزم ، لا سيما وهو معروف عند أهل العلم بتشدده بالنقد، فلا ينبغي أن يحتج به إذا تفرد عند عدم المخالفة، فكيف إذا خالف . وأما ابن الوزير فإنه يرد الزيادة من جهة المعنى لا من جهة الإسناد، وقد تكلم على هذا صديق حسن خان في "يقظة أولى الاعتبار" مبيناً أن مقتضى الزيادة أن الذي يدخل الجنة من هذه الأمة قليل ، والنصوص الصحيحة الثابتة تدل على أن الداخلين من هذه الأمة الجنة كثير كثير، يبلغون نصف أهل الجنة . (3) والرد على هذا من عدة وجوه : الأول : ليس معنى انقسام الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة أن يكون أكثر الأمة في النار، لأن أكثر الأمة عوام لم يدخلوا في تلك الفرق، والذين افترقوا وقعّدوا وأصّلوا مخالفين السنة قليل بالنسبة للذين جانبوا ذلك كله. الثاني : ليس كل من خالف أهل السنة في مسألة من مسائل يعد من الفرق المخالفة للسنة، بل المراد بهم الذين تبنوا أصولاً تصيرهم فرقة مستقلة بنفسها، تركوا من أجلها كثيراً من نصوص الكتاب والسنة، كالخوارج والمعتزلة والرافضة. أما الذين يتبنون الكتاب والسنة ولا يحيدون عنهما، فإنهم إذا خالفوا في مسألة من المسائل لا يعدون فرقة من الفرق. الثالث : الزيادة دلت على أن الفرق في النار، ولكنها لم توجب لهم الخلود في النار. ومن المعلوم أن بعض أهل هذه الفرق كفرة خالدون في النار، كغلاة الباطنية الذين يُظِهرون الإيمان ويُبطنون الكفر كالإسماعيلية والدروز والنصيرية ونحوهم. ومنهم الذين خالفوا أهل السنة في مسائل كبيرة عظيمة، ولكنها لا تصل إلى الكفر، فهؤلاء ليس لهم وعد مطلق بدخول الجنة، ولكنهم تحت المشيئة إن شاء الله غفر لهم وإن شاء عذبهم، وقد تكون لهم أعمال صالحة عظيمة تنجيهم من النار، وقد ينجون من النار بشفاعة الشافعين، وقد يدخلون النار، ويمكثون فيها ما شاء الله أن يمكثوا، ثم يخرجون منها بشفاعة الشافعين ورحمة أرحم الراحمين. 2- الممتنعون من الهجرة : لا يجوز للمسلم أن يقيم في ديار الكفر إذا وجدت ديار الإسلام خاصة إذا كان مكثه في ديار الكفر يعرضه للفتنة، ولم يقبل الله الذين تخلفوا عن الهجرة، فقد أخبرنا الحق أن الملائكة تُبَكّت هذا الصنف من الناس حال الموت، ولا تعذرهم عندما يدعون أنهم كانوا مستضعفين في الأرض ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تك أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً * إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ) [النساء: 97 - 98]، فلم يعذر الله من هؤلاء إلا المستضعفين الذين لا يجدون حيلة للخروج، ولا يهتدون إلى الطريق الذي يوصلهم إلى ديار الإسلام . 3- الجائرون في الحكم : أنزل الله الشريعة ليقوم الناس بالقسط، وأمر الله عباده بالعدل ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) [النحل: 90 ]، وفرض على الحكام والقضاة الحكم بالعدل وعدم الجور ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) [النساء: 58 ]، وقد تهدد الحق الذين لا يحكمون بالحق بالنار، فقد روى بريدة بن الحصيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : " القضاة ثلاثة : واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة: فرجل عرف الحق وقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم، فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل، فهو في النار" أخرجه أبو داود . (4) 4- الكذب على الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عقد ابن الأثير في كتابه الكبير: " جامع الأصول فصلاً ساق فيه كثيراً من الأحاديث التي تحذر من الكذب على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فمنها ما رواه البخاري ومسلم والترمذي عن على بن أبي طالب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تكذبوا على، فإنه من كذب علي يلج النار ". ومنها ما رواه البخاري عن سلمة بن الأكوع قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من تقول عليّ ما لم أقل (5) ، فليتبوأ مقعده في النار " . (6) ومنها ما رواه البخاري في صحيحه، وأبو داود في سننه عن عبد الله بن الزبير عن أبيه الزبير بن العوام، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ". ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن كذباً عليّ ليس ككذب على أحد، فمن كذب علي معتمداً فليتبوأ مقعده من النار " . (7) 5- الكبر : من الذنوب الكبار الكبر، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يقول الله تعالى: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما أدخلته النار " وفي رواية " أذقته النار " رواه مسلم. وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ، ونعله حسنة ، قال: " إن الله جميل يحب الجمال. الكبر: بطر الحق، وغمط الناس " رواه مسلم . (8) 6- قاتل النفس بغير حق : قال تعالى: ( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما ) [النساء: 93 ]. فلا يجوز في دين الله قتل النفس المسلمة إلا بإحدى ثلاث كما في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمارق من الدين ، التارك للجماعة " . (9) وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ". قال ابن عمر: " إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله " (10) . وقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسلمين أن يقاتل بعضهم بعضاً ، وأخبر أن القاتل والمقتول في النار ، فعن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار" قال: فقلت، أو قيل : يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: " إنه كان حريصاً على قتل صاحبه " (11) . ولذا فإن العبد الصالح أبى أن يقاتل أخاه ، خشية أن يكون من أهل النار ، فباء القاتل بإثمه وإثم أخيه ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين*لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقلتك إني أخاف الله رب العالمين* إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين ) [المائدة: 27 - 29 ]. 7- أكلة الربا : من الذنوب التي توبق صاحبها الربا ، وقد قال الحق في الذين يأكلونه بعد أن بلغهم تحريم الله له : ( ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) [البقرة: 275 ]، وقال: ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون * واتقوا النار التي أعدت للكافرين ) [آل عمران : 130-131 ] . وقد عده الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه واحداً من سبعة ذنوب توبق صاحبها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اجتنبوا السبع الموبقات " . قالوا : يا رسول الله وما هنّ ؟ قال : " الشرك بالله ، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " . (12) 8- أكلة أموال الناس بالباطل : من الظلم العظيم الذي يستحق به صاحبه النار أكل أموال الناس بالباطل ، كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما* ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً ( [النساء: 29-30 ]. ومن أكل أموال الناس بالباطل أكل أموال اليتامى ظلماً، وقد خص الحق أموالهم بالذكر لضعفهم وسهولة أكل أموالهم، ولشناعة هذه الجريمة ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا ) [النساء: 10 ]. 9- المصورون : أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون الذين يضاهئون خلق الله، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إن أشدّ الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون " . (13) وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفساً، فتعذبه في جهنم " متفق عليه . (14) وعن عائشة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال في النمرقة التي فيها تصاوير: " إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم " متفق عليه . (15) وعن عائشة أيضاً، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أشدّ الناس عذاباً الذين يضاهون بخلق الله " متفق عليه . (16) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " قال عزّ وجلّ : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ، فليخلقوا ذرة ، أو ليخلقوا حبة ، أو ليخلقوا شعيرة " متفق عليه . (17) 10 – الركون إلى الظالمين : من الأسباب التي تدخل النار الركون إلى الظالمين أعداء الله وموالاتهم ، ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) [هود:113 ]. 11 – الكاسيات العاريات والذين يجلدون ظهور الناس : من الأصناف التي تصلى النار الفاسقات المتبرجات اللواتي يفتن عباد الله، ولا يستقمن على طاعة الله، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " صنفان من أهل النار لم أرهما ، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " أخرجه مسلم ، والبيهقي ، وأحمد . (18) قال القرطبي في الذين معهم سياط كأذناب البقر: "وهذه الصفة للسياط مشاهدة عندنا بالمغرب إلى الآن " قال صديق حسن خان معقباً على قول القرطبي: " بل هو مشاهد في كل مكان وزمان، ويزداد يوماً فيوماً عند الأمراء والأعيان ، فنعوذ بالله من جميع ما كرهه الله " (19) . أقول : ولا زلنا نرى هذا الصنف من الناس في كثير من الديار يجلدون أبشار الناس ، فتبّاً لهؤلاء وأمثالهم . والكاسيات العاريات كثيرات في زماننا، ولعله لم يسبق أن انتشرت فتنتهن كما انتشرت في زماننا، وهن على النعت الذي وصفه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت . 12- الذين يعذبون الحيوان : روى مسلم في صحيحه عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "عُرضَت عليّ النار، فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تُعذّب في هرة لها، ربطتها فلم تُطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ، حتى ماتت جوعاً " . (20) إذا كان هذا حال من يعذب هرة ، فكيف من يتفنن في تعذيب العباد ؟ فكيف إذا كان التعذيب للصالحين منهم بسبب إيمانهم وإسلامهم ؟ 13 – عدم الإخلاص في طلب العلم : ساق الحافظ المنذري كثيراً من الأحاديث التي ترهب من تعلّم العلم لغير الله ، منها: عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " يعنى ريحها . رواه أبو داود وابن ماجة ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم . (21) وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السفهاء، ولا تخيروا به المجالس، من فعل ذلك فالنار النار " رواه ابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي . (22) وعن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من تعلم علماً لغير الله ، أو أراد به غير الله ، فليتبوأ مقعده من النار". رواه الترمذي وابن ماجة كلاهما عن خالد بن دريك عن ابن عمر، ولم يسمع منه . ورجال إسنادهما ثقات . (23) 14- الذين يشربون في آنية الذهب والفضة : روى البخاري ومسلم عن أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجر في بطنه نار جهنم ". وفي رواية لمسلم: " إن الذي يأكل ويشرب في آنية الفضة والذهب ..." . (24) وعن حذيفة، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا، ولنا في الآخرة " متفق عليه . (25) 15- الذي يقطع السدر الذي يظل الناس : عن عبد الله بن حبيش قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار " رواه أبو داود . (26) وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الذين يقطعون السدر يصبون في النار على رؤوسهم صباً " . (27) 16- جزاء الانتحار : ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده، يتوجّأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سمّاً فقتل نفسه، فهو في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً " . (28) وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعنها يطعنها في النار " . (29) -------------------------------- (1) انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة، ورقم الحيث : (204). (2) يقظة أولي الاعتبار: ص 206. (3) انظر كلام الشيخ في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) حديث رقم (204)، و (بقظة أولي الاعتبار). ص207. (4) جامع الأصول : (10/167)، وقال محقق الكتاب، وهو حديث صحيح. (5) تقول عليه: إذا قال عنه ما لم يقله. (6) التبوؤ : اتخاذ المنزل، لأن المباءة المنزل. (7) جامع الأصول: (10/611)، وقد ساق روايات أخرى فارجع إليه إن أحببت الاطلاع على جميع ما ساقه. (8) انظر هذين الحديثين وأحاديث أخرى في ذم الكبر والترهيب منه في (مشكاة المصابيح) (3/634-635). وهو في مسلم برقم : 91. (9) تفسير ابن كثير : (2/355) . وهو في البخاري برفم : 6878. وفي مسلم برقم : 1676. (10) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الديات، باب قول الله تعالى : [ ومن يقتل مؤمنا متعمد] ، فتح الباري : (12/187). (11) رواه مسلم، كتاب الفتن، باب إذا تواجه المسلمان بسيفهما: (4/2213). (12) صحيح البخاري: 2766. وصحيح مسلم : 89. (13) صحيح البخاري: 5950، وصحيح مسلم : 2109. (14) صحيح مسلم: 2110. ورواه البخاري بألفاظ مقاربة: 2225، 5963. (15) صحيح البخاري: 5957. وصحيح مسلم: 2107. (16) صحيح البخاري : 5954. وصحيح مسلم : 2107. (17) صحيح البخاري : 5953، وصحيح مسلم: 2111. واللفظ لمسلم . (18) انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة: (3/316) ورقم الحديث : 1326. (19) يقظة أولي الاعتبار: ص 113. (20) مشكاة المصابيح : (3/688). (21) وهو في سنن أبي داود: 3664. وأورده الألباني في صحيح أبي داود: 3112، وصحيح ابن ماجه: 252، وقال: صحيح. (22) أورده الألباني في صحيح سنن ابن ماجه : 254. وقال فيه: صحيح. (23) انظر هذه الأحاديث وتخريجها في : (الترغيب والترهيب) للحافظ المنذري: (1/91). (24) مشكاة المصابيح: (2/462). صحيح مسلم : 2065. ورواه البخاري: 5634 بلفظ "الذي يشرب في إناء الفضة ... ". (25) صحيح البخاري: 5426. وصحيح مسلم : 2067. (26) مشكاة المصابيح : (2/125)، وأورده الشيخ ناصر في (صحيح الجامع): (5/341)، ورقم الحديث : (6352) وعزاه إلى أبي داود والضياء في ( المختارة) وقال: صحيح. وهو في سنن أبي داود برقم : 5239. وبعد رواية الحديث جاء ما يلي : سئل أبو داود معنى هذا الحديث ، فقال : هذا الحديث مختصر ، يعني : من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم ، عبثاً وظلماً بغير حق له فيها، صوب الله رأسه في النار . (27) عزاه في (صحيح الجامع) (2/88) إلى البيهقي في (السنن) وقال فيه: صحيح. (28) صحيح البخاري: 5778. وصحيح مسلم : 109 واللفظ لمسلم. (29) صحيح البخاري : 1365. |
#17
|
||||
|
||||
![]() كثرة أهل النار النصوص الدالة على ذلك قال تعالى: ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [يوسف: 103 ]، وقال: ( ولقد صدّق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين ) [سبأ: 20 ] . وقال الحق تبارك وتعالى لإبليس: ( لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ) [ص: 85 ]. فكل من كفر فهو من أهل النار على كثرة من كفر من بني آدم . ويدلك على كثرة الكفرة المشركين الذين رفضوا دعوة الرسل أن النبي بأتي في يوم القيامة ومعه الرهط، وهم جماعة دون العشرة، والنبي ومعه الرجل والرجلان، بل إن بعض الأنبياء يأتي وحيداً لم يؤمن به أحد، ففي صحيح مسلم عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " عرضت عليّ الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد .." . (1) وجاءت نصوص كثيرة تدل على أنه يدخل في النار من بني آدم تسعمائة وتسعة وتسعون من كل ألف ، وواحد فقط هو الذي يدخل الجنة . فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يقول الله : يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك، ثم يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فذاك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكرى وما هم بسكرى، ولكن عذاب الله شديد . فاشتد ذلك عليهم فقالوا: يا رسول الله، أينا ذلك الرجل ؟ قال: أبشروا، فإن من يأجوج ومأجوج ألفاً ومنكم رجل . ثم قال: والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة. قال: فحمدنا الله وكبرنا. ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة، إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالرقمة في ذراع الحمار " . (2) وروى عمران بن حصين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو في بعض أسفاره، وقد تفاوت بين أصحابه السير، رفع بهاتين الآيتين صوته: ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم* يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ) [الحج: 1-2 ]، فلما سمع أصحابه ذلك حثوا المطي ، وعرفوا أنه عند قول يقوله ، فلما دنوا حوله قال : " أتدرون أي يوم ذاك ؟ قال : ذاك يوم يُنادى آدم عليه السلام، فيناديه ربه عز وجل، فيقول : يا آدم ابعث بعثاً إلى النار. فيقول: يا رب، وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد في الجنة ". قال: فأبلس أصحابه، حتى ما أوضحوا بضاحكة. فلما رأى ذلك قال: " أبشروا واعملوا، فوالذي نفس محمد بيده إنكم لمع خليقتين ما كانتا مع شيء قط إلا كثرتاه : يأجوج يأجوج ، ومن هلك من بنى آدم وبني إبليس " قال: فسري عنهم ، ثم قال : " اعملوا وأبشروا ، فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو الرقمة في ذراع الدابة " رواه أحمد والترمذي والنسائي في كتاب التفسير في سننهما، وقال الترمذي : حسن صحيح . (3) وروى الترمذي في سننه عن عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لما نزلت ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ) [الحج: 1 ]، قال: نزلت عليه هذه الآية وهو في سفر، فقال: " أتدرون أي يوم ذلك؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " ذلك يوم يقول الله لآدم: ابعث بعث النار. قال: يا رب، وما بعث النار؟ قال: تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة "، فأنشأ المسلمون يبكون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قاربوا وسددوا، فإنها لم تكن نبوة قط إلا كان بين يديها جاهلية، قال: فيؤخذ العدد من الجاهلية، فإن تمت، وإلا كملت من المنافقين، وما مثلكم ومثل الأمم إلا كمثل الرقمة في ذراع الدابة، أو كالشامة في جنب البعير "، ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا "، ثم قال: ولا أدري أقال: الثلثين أم لا. وكذا رواه الإمام أحمد، وقال الترمذي فيه: هذا حديث حسن صحيح . (4) وقد يقال كيف تجمع بين هذه الأحاديث وبين ما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أول من يدعى يوم القيامة آدم، فتراءى ذريته، فيقال: هذا أبوكم آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك، فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك، فيقول: يا رب، كم أخرج ؟ فيقول: أخرج من كل مائة تسعة وتسعين فقالوا: يا رسول الله، إذا أخذ منا من كل مائه تسعة وتسعون، فما يبقى منا؟ قال: إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود " . (5) والظاهر أن هذه الرواية لا تخالف الروايات الأخرى الصحيحة التي سقناها من قبل، فإن ذلك العدد باعتبار معين ، وهذا العدد باعتبار آخر . فالأحاديث التي تجعل النسبة تسعمائة وتسعة وتسعين يمكن تحمل على جميع ذرية أدم، وحديث البخاري الذي يجعلها تسعة وتسعين تحمل على جميع ذريته ما عدا يأجوج ومأجوج، ويقرب هذا الجمع – كما يقول ابن حجر – أن يأجوج ومأجوج ذكروا في حديث أبي سعيد دون حديث أبي هريرة ، ويمكن أن يقال : إن الأحاديث الأولى تتعلق بالخلق أجمعين ، فإذا جعلت نسبة من يدخل النار إلى من يدخل الجنة باعتبار الأمم جميعاً تكون النسبة (999) ، ويكون حديث البخاري الأخير مبيناً نسبة من يدخل النار من هذه الأمة دون سواها، قال ابن حجر: " ويُقربه – أي هذا القول – قولهم في حديث أبى هريرة " إذا أخذ منا "، ثم قال: " ويحتمل أن تقع القسمة مرتين مرة من جميع الأمم قبل هذه الأمة ، فيكون من كل ألف واحد إلى الجنة ، ومرة من هذه الأمة ، فيكون من كل ألف عشرة " . (6) -------------------------------- (1) صحيح مسلم : (1/198). ورقم الحديث : 220. (2) رواه البخاري في كتاب الرقاق، باب قول الله عز وجل : ( إن زلزلة الساعة شيء عظيم) فتح الباري: (11/388). (3) تفسير ابن كثير: (4/610). وهو في مسند أحمد (4/435). سنن الترمذي : 3169. (4) تفسير ابن كثير : (4/610). وهو في سنن الترمذي : 3168. (5) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب الحشر، فتح الباري : (11/378). (6) فتح الباري: (11/390)، وقد ساق أقوالاً أخرى، فارجع إليه إن أحببت الاطلاع على المزيد. |
#18
|
||||
|
||||
![]() السر في كثرة أهل النار ولكن السبب وراء ذلك يعود إلى قلة الذين استجابوا للرسل وكثرة الذين كفروا بهم ، وكثير من الذين استجابوا لم يكن إيمانهم خالصاً نقياً. وقد تعرض ابن رجب في كتابه " التخويف من النار " إلى السبب في قلة أهل الجنة ، وكثرة أهل النار فقال : " فهذه الأحاديث وما في معناها تدل على أن أكثر بني آدم من أهل النار ، وتدل أيضاً على أن أتباع الرسل قليل بالنسبة إلى غيرهم ، وغير أتباع الرسل كلهم في النار إلا من لم تبلغه الدعوة أو لم يتمكن من فهمها على ما جاء فيه من الاختلاف ، والمنتسبون إلى أتباع الرسل كثير منهم من تمسك بدين منسوخ، وكتاب مبدل، وهم أيضاًَ من أهل النار كما قال تعالى: ( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) [هود: 17 ] . وأما المنتسبون إلى الكتاب المحكم والشريعة المؤيدة والدين الحق فكثير منهم من أهل النار أيضاً، وهم المنافقون الذين هم في الدرك الأسفل من النار، وأما المنتسبون إليه ظاهراً وباطناً فكثير منهم فتن بالشبهات، وهم أهل البدع والضلال، وقد وردت الأحاديث على أن هذه الأمة ستفترق على بضع وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة، وكثير منها أيضاً فتن بالشهوات المحرمة المتوعد عليها بالنار – وإن لم يقتض ذلك الخلود فيها – فلم ينج من الوعيد بالنار، ولم يستحق الوعد المطلق بالجنة من هذه الأمة إلا فرقة واحدة، وهو ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ظاهراً وباطناً، وسلم من فتنة الشهوات والشبهات، وهؤلاء قليل جداً لا سيما في الأزمان المتأخرة " . (1) ولعل السبب الأعظم هو اتباع الشهوات ، ذلك أن حب الشهوات مغروس في أعماق النفس الإنسانية ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا ) [آل عمران: 14 ] . وكثير من الناس يريد الوصول إلى هذه الشهوات عن الطريق التي تهواها نفسه ويحبها قلبه، ولا يراعي في ذلك شرع الله المنزل، أضف إلى هذا تمسك الأبناء بميراث الآباء المناقض لشرع الله ( ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون * قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ) [الزخرف: 23-24] . وإلف ما كان عليه الآباء وتقديسه داء ابتليت به الأمم ، لا يقل أثره عن الشهوات المغروسة في أعماق الإنسان ، إن لم يكن هو شهوة في ذاته . وقد روى الترمذي وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لما خلق الله النار، قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ثم جاء، فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فحفها بالشهوات، فقال: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فلما رجع، قال: وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها". أخرجه الترمذي وأبو داود، وزاد النسائي: بعد قوله: "اذهب فانظر إليها"، "وإلى ما أعددت لأهلها فيها " . (2) وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره ". أخرجه البخاري ومسلم، ولمسلم " حفت " بدل: " حجبت " . (3) قال صديق حسن خان: "والمراد بالشهوات مرادات النفوس ومستلذاتها وأهويتها " (4) ، وقال القرطبي: " الشهوات كل ما يوافق النفس ويلائمها ، وتدعو إليه ، ويوافقها ، وأصل الحفاف الدائر بالشيء المحيط به ، الذي لا يتوصل إليه بعد أن يتخطى " . (5) -------------------------------- (1) التخويف من النار ، لابن رجب ، ص 214 . (2) جامع الأصول: (10/520)، ورقمه : 8068، وقال المحقق: قال الترمذي: حديث حسن صحيح. (3) المصدر السابق : (10/520)، ورقمه : 8069. (4) يقظة أو لي الاعتبار: ص 220. (5) المصدر السابق. |
#19
|
||||
|
||||
![]() أكثر من يدخل النار النساء وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار " فقلن: ولم ذلك يا رسول الله ؟ قال: " تكثرن اللعن، وتكفرن المشير " . (2) وفي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد: " وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء ". وفي صحيح مسلم عن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن أقل ساكني الجنة النساء " . (3) وهذا لا ينافي أن كل واحد من أهل الجنة له أكثر من زوجة، فإن المراد بالنساء اللواتي هن أكثر أهل النار من كان منهن من ذرية آدم، أما زوجات أهل الجنة الكثيرات فهن من الحور العين . " وإنما كان النساء أقل ساكني الجنة لما يغلب عليهن من الهوى والميل إلى عاجل زينة الدنيا، لنقصان عقولهن أن تنفذ بصائرها إلى الآخرى ، فيضعفهن عن عمل الآخرة والتأهب لها ، ولميلهن إلى الدنيا والتزين لها ، ومع ذلك هن أقوى أسباب الدنيا التي تصرف الرجال عن الآخرة ، لما فيهن من الهوى والميل لهن ، فأكثرهن معرضات عن الآخرة بأنفسهن صارفات عنها لغيرهن ، سريعات الانخداع لداعيهن من المعرضين عن الدين، عسيرات الاستجابة لمن يدعوهن إلى الأخرى، وأعمالها من المتقين " (4) . ومع ذلك ففيهن صالحات كثير، يقمن حدود الله، ويلتزمن شريعته ويطعن الله ورسوله، ويدخل منهن الجنة خلق كثير، وفيهن من يسبقن كثيراً من الرجال بإيمانهن وأعمالهن الصالحة. -------------------------------- (1) صحيح البخاري : 1052. وصحيح مسلم: 907. (2) صحيح البخاري: 1462، وصحيح مسلم : 79، 80 (3) صحيح البخاري: 2546، وصحيح مسلم : 2736. (4) التذكرة للقرطبي : (1/369). |
#20
|
||||
|
||||
![]() عظم خلق أهل النار وقال زيد بن أرقم: " إن الرجل من أهل النار ليعظم للنار، حتى يكون الضرس من أضراسه كأحد ". رواه أحمد وهو مرفوع، ولكن زيداً لم يصرح برفعه . (3) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعاً، وإن ضرسه مثل أحد، وإن مجلسه من جهنم ما بين مكة والمدينة " رواه الترمذي . (4) وروى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد، وعرض جلده سبعون ذراعاً ، وعضده مثل البيضاء، وفخذه مثل ورقان، ومقعده من النار ما بيني وبين الربذة " أخرجه الحاكم وأحمد . (5) وهذا التعظيم لجسد الكافر ليزداد عذابه وآلامه، يقول النووي في شرحه لأحاديث مسلم في هذا الباب: " هذا كله لكونه أبلغ في إيلامه، وكل هذا مقدور لله تعالى يجب الإيمان به لإخبار الصادق به " (6) . وقال ابن كثير معلقاً على ما أورده من هذه الأحاديث : "ليكون ذلك أنكى في تعذيبهم، وأعظم في تعبهم ولهيبهم، كما قال شديد العقاب : ( ليذوقوا العذاب ) [النساء: 56 ] . (7) -------------------------------- (1) صحيح مسلم ، كتاب الجنة، باب يدخلها الجبارون: (4/2190). (2) صحيح مسلم ، كتاب الجنة، باب النار يدخلها الجبارون: (4/2189)، وعزاه في سلسلة الأحاديث الصحيحة (4/132) إلى مسلم والترمذي والحاكم وابن حبان وأحمد. (3) سلسلة الأحاديث الصحيحة (4/131)، وقال فيه: إسناده صحيح على شرط مسلم. (4) مشكاة المصابيح: (3/103)، وقال محقق المشكاة: "رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، قلت: وسنده صحيح" . (5) سلسلة الأحاديث الصحيحة (3/94)، ونسب إلى الحاكم والذهبي تصحيح الحديث ووافقهما عل ذلك على ضعف في أحد رواة الحديث وهو ابن إسحاق، وقد ساق المؤلف كثيراً من المتابعات والشواهد للحديث. والبيضاء اسم جبل. أو يعني بها المدينة المعروفة بالمغرب. (6) شرح النووي على مسلم: (17/186). (7) النهاية لابن كثير: (2/139). |
#21
|
||||
|
||||
![]() طعام أهل النار وشرابهم ولباسهم وقال تعالى: ( إن شجرت الزقوم*طعام الأثيم*كالمهل يغلي في البطون* كغلي الحميم ) [ الدخان: 43-46] وقد وصف شجرة الزقوم في آية أخرى فقال: ( أذلك خيرٌ نزلاً أم شجرة الزقوم* إنا جعلناها فتنة للظالمين* إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم*طلعها كأنه رؤوس الشياطين* فإنهم لأكلون منها فمالئون منها البطون* ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم* ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) [الصافات: 62-68 ]. وقال في موضع آخر: ( ثم إنكم أيها الضالون المكذبون* لأكلون من شجر من زقوم * فمالئون منها البطون* فشاربون عليه من الحميم* فشاربون شرب الهيم* هذا نزلهم يوم الدين ) [الواقعة: 51-56 ]. ويؤخذ من هذه الآيات أن هذه الشجرة شجرة خبيثة، جذورها تضرب في قعر النار، وفروعها تمتد في أرجائها، وثمر هذه الشجرة قبيح المنظر ولذلك شبهه برؤوس الشياطين، وقد استقر في النفوس قبح رؤوسهم وإن كانوا لا يرونهم، ومع خبث هذه الشجرة وخبث طلعها، إلا أن أهل النار يلقى عليهم الجوع بحيث لا يجدون مفراً من الأكل منها إلى درجة ملء البطون، فإذا امتلأت بطونهم أخذت تغلي في أجوافهم كما يغلي دردي الزيت، فيجدون لذلك الآماً مبرحة، فإذا بلغت الحال بهم هذا المبلغ اندفعوا إلى الحميم، وهو الماء الحار الذي تناهى حره، فشربوا منه كشرب الإبل التي تشرب وتشرب ولا تروى لمرض أصابها، وعند ذلك يقطع الحميم أمعاءهم ( وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم ) [ محمد : 15 ]. هذه هي ضيافتهم في ذلك اليوم العظيم ، أعاذنا الله من حال أهل النار بمنه وكرمه. وإذا أكل أهل النار هذا الطعام الخبيث من الضريع والزقوم غصوا به لقبحه وخبثه وفساده ( إن لدينا أنكالاً وجحيماً* وطعاماً ذا غصة وعذاباً أليما ) [المزمل : 12-13 ]، والطعام ذو الغصة هو الذي يغص به آكله، إذ يقف في حلقه. وقد صور لنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - شناعة الزقوم وفظاعته، فقال: " لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا، لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه " رواه الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح . (2) ومن طعام أهل النار الغسلين، قال تعالى: ( فليس لـه اليوم هاهنا حميم * ولا طعام إلا من غسلين * لا يأكله إلا الخاطئون )[الحاقة: 35-37 ]، وقال تعالى : ( هذا فليذوقوه حميم وغساق* وآخر من شكله أزواج ) [ص : 57-58 ] . والغسلين والغساق بمعنى واحد، وهو ما سال من جلود أهل النار من القيح والصديد ، وقيل : ما يسيل من فروج النساء الزواني ومن نتن لحوم الكفرة وجلودهم، وقال القرطبى : هو عصارة أهل النار . (3) وقد أخبر الحق أن الغسلين واحد من أنواع كثيرة تشبه هذا النوع في فظاعته وشناعته. أما شرابهم فهو الحميم، قال تعالى: ( وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم ) [محمد: 15 ]، وقال : ( وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ) [الكهف: 29 ]، وقال : ( ويسقى من ماء صديد* يتجرعه ولا يكاد يسيغه ) [إبراهيم:16-17]، وقاا : ( هذا فليذوقوه حميم وغساق ) [ص: 57 ]. وقد ذكرت هذه الآيات أربعة أنواع من شراب أهل النار : الأول : الحميم ، وهو الماء الحار الذي تناهي حره، كما قال تعالى: ( يطوفون بينهم وبين حميم آن ) [الرحمن : 44 ]، والـ ( آن ): هو الذي انتهى حره، وقال: ( تسقى من عين آنية ) [الغاشية:5 ]، وهي التي انتهى حرها فليس بعدها حر. النوع الثاني : الغساق ،وقد مضى الحديث عنه ، فإنه يذكر في مأكول أهل النار ومشروبهم . النوع الثالث : الصديد ، وهو ما يسيل من لحم الكافر وجلده ، وفي صحيح مسلم عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن على الله عهداً لمن شرب المسكرات ليسقيه طينة الخبال . قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال : عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار ". الرابع : المهل . وفي حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد والترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: " كعكر الزيت، فإذا قرب وجهه سقطت فروة وجهه فيه ". وقال ابن عباس: في تفسير المهل : " غليظ كدردي الزيت ". أكلهم النار : من أصحاب الذنوب من يطعمه الله جمر جهنم جزاء وفاقاً، ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً ) [ النساء: 10 ]. وقال: ( إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ) [البقرة:174 ]. أما لباس أهل النار فقد أخبرنا الحق تبارك وتعالى أنه يُفصّل لأهل النار حلل من النار، كما قال تعالى: ( فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم ) [ الحج: 19 ]. وكان إبراهيم التيمي إذا تلا هذه الآية يقول: سبحان من خلق من النار ثياباً . (4) وقال تعالى: ( وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد* سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ) [ إبراهيم: 49]. والقطران: هو النحاس المذاب . وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الاشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة، وعليه سربال من قطران ودرع من جرب ". وخرجه ابن ماجه ولفظه: " النائحة إذا ماتت ولم تتب قطع الله لها ثياباً من قطران ودرعاً من جرب ". -------------------------------- (1) التخويف من النار، لابن رجب : ص 115 . (2) مشكاة المصابيح : (3/105)، وراوي الحديث هو ابن عباس. (3) يقظة أولي الاعتبار: ص 86 . (4) التخويف من النار : ص 126. |
#22
|
||||
|
||||
![]() عذاب أهل النار شدة ما يكابده أهل النار من عذاب وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يؤتي بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم، هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب " . (1) إنها لحظات قليلة تُنسي أكثر الكفار نعيماً كلّ أوقات السعادة والهناء . وفي الصحيحين عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يقول الله – تبارك وتعالى – لأهون أهل النار عذاباً لو كانت لك الدنيا وما فيها، أكنت مفتدياً بها؟ فيقول : نعم . فيقول أردت منك أهون من هذا، وأنت في صلب آدم أن لا تشرك (أحسبه قال ![]() إن شدة النار وهولها تفقد الإنسان صوابه، وتجعله يجود بكل أحبابه لينجو من النار، وأنى له النجاة: ( يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه* وصاحبته وأخيه* وفصيلته التي تؤيه* ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه* كلا إنها لظى * نزاعة للشوى ) [المعارج: 11-16 ] . وهذا العذاب الهائل المتواصل يجعل حياة هؤلاء المجرمين في تنغيص دائم، وألم مستمر. -------------------------------- (1) روه مسلم : 2807. (2) رواه البخاري : صحيح البخاري : 3334، ورواه مسلم: 2805. المصابيح: (3/102). |
#23
|
||||
|
||||
![]() صور من عذابهم ( الجزء الأول ) المطلب الأول تفاوت عذاب أهل النار وقد حدثنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أخف أهل النار عذاباً، ففي صحيح البخاري عن النعمان بن بشير قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة لرجل توضع في أخمص قدميه جمرة يغلي منها دماغه ". وفي رواية أخرى في صحيح البخاري أيضاً عن النعمان بن بشير: " إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة رجل على أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل في القمقم ". (2) وفي رواية النعمان بن بشير عن مسلم : " إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار ، يغلي منهما دماغه، كما يغلي المرجل ، ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً، وإنه لأهونهم عذاباً ". (3) وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن أدنى أهل النار عذابا ينتعل نعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه ". (4) وروى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه انه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذُكر عنده عمه أبو طالب، فقال: " لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه، يغلي منه أم دماغه ". (5) وقد جاءت النصوص القرآنية مصدقة لتفاوت أصحاب النار في العذاب كقوله تعالى: ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) [ النساء:145] ، وقوله: ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) [ غافر:46]، وقوله : ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون ) [ النحل: 88]. يقول القرطبي في هذا الموضوع: " هذا الباب يدلك على أن كفر من كفر فقط ، ليس ككفر من طغى وكفر وتمرد وعصى، ولا شك أن الكفار في عذاب جهنم متفاوتون كما قد علم من الكتاب والسنة،ولأنا نعلم على القطع والثبات أنه ليس عذاب من قتل الأنبياء والمسلمين وفتك فيهم وأفسد في الأرض وكفر ،مساوياً لعذاب من كفر فقط وأحسن للأنبياء والمسلمين ، ألا ترى أبا طالب كيف أخرجه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ضحضاح لنصرته إياه ، وذبّه عنه وإحسانه إليه ؟ وحديث مسلم عن سمرة يصح أن يكون في الكفار بدليل حديث أبي طالب ، ويصح أن يكون فيمن يعذب من الموحدين " . (6) وقال ابن رجب : " واعلم أن تفاوت أهل النار في العذاب هو بحسب تفاوت أعمالهم التي أدخلوا بها النار " ثم ساق الأدلة الدالة على ذلك، وساق قول ابن عباس : " ليس عقاب من تغلظ كفره وأفسد في الأرض ودعا إلى الكفر كمن ليس كذلك" ثم قال ابن رجب : " وكذلك تفاوت عذاب عصاة الموحدين في النار بحسب أعمالهم ، فليس عقوبة أهل الكبائر كعقوبة أهل الصغائر، وقد يخفف عن بعضهم بحسنات أخرى له أو بما شاء الله من الأسباب، ولهذا يموت بعضهم في النار " . (7) المطلب الثاني إنضاج الجلود المطلب الثالث الصهر أخرج الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الحميم ليصب على رؤوسهم ، فينفذ حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه، حتى يمرق من قدميه ، وهو الصهر ، ثم يعود كما كان "، وقال: حسن غريب صحيح. (8) المطلب الرابع اللفح وتلفح النار وجوههم وتغشاها أبداً لا يجدون حائلا يحول بينهم وبينها ( لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون ) [ الأنبياء:39]، ( تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ) [المؤمنون:104]، ( سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ) [ إبراهيم:50]، ( أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة ) [الزمر:24]، وانظر إلى هذا المنظر الذي تقشعر لهوله الأبدان: ( يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا ) [ الأحزاب: 66]، أرأيت كيف يقلب اللحم على النار، والسمك في المقلى ، كذلك تقلب وجوههم في النار ، نعوذ بالله من عذاب أهل النار . المطلب الخامس السحب المطلب السادس تسويد الوجوه -------------------------------- (1) رواه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها ، باب شدة حر النار ، (4/2185). (2) رواه البخاري في صحيحه ، كتاب الرقاق ، باب صفة الجنة والنار ، فتح الباري (11/417) ، ورواه مسلم في صحيحه ، كتاب الإيمان : (1/196)، ورقمه 363 ، واللفظ للبخاري . (3) صحيح مسلم ، كتاب الإيمان : (1/196) ، ورقم الحديث (364). (4) صحيح مسلم ، كتاب الإيمان ( 1/195) ، ورقم الحديث(361). (5) رواه البخاري في كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، فتح الباري (11/417) ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان ، باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب ، (1/195)، وحديث رقم (360) ، وساق فيه عدة أحاديث أخرى. (6) التذكرة للقرطبي:ص409. (7) التخويف من النار : ص142 – 143 . (8) التخويف من النار لابن رجب :145، جامع الأصول ![]() (9) التخويف من النار لابن رجب:147. |
#24
|
||||
|
||||
![]() صور من عذابهم ( الجزء الثاني ) المطلب السابع إحاطة النار بالكفار ولما كانت الخطايا والذنوب تحيط بالكافر إحاطة السوار بالمعصم، فإن الجزاء من جنس العمل، ولذا فإن النار تحيط بالكفار من كل جهة، كما قال تعالى : ( لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش ) [ الأعراف:41]. والمهاد ما يكون من تحتهم ، والغواش جمع غاشية، وهي التي تغشاهم من فوقهم، والمراد أن النيران تحيط بهم من فوقهم ومن تحتهم ، كما قال تعالى : ( يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجهلم ) [ العنكبوت:55]، وقال في موضع آخر : ( لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ) [ الزمر:16]، وقد صرح بالإحاطة في موضع آخر : ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) [ التوبة:49]. وقد فسر بعض السلف المهاد بالفرش ، والغواش باللحف . (2) وتأتي الإحاطة من ناحية أخرى، ذلك أن للنار سوراً يحيط بالكفار، فلا يستطيع الكفار مغادرتها أو الخروج منها، كما قال تعالى : ( إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ) [ الكهف:29]. وسرادق النار سورها وحائطها الذي يحيط بها. المطلب الثامن إطلاع النار على الأفئدة وقال الحق تبارك وتعالى: ( كلا لينبذن في الحطمة* وما أدراك ما الحطمة * نار الله الموقدة * التي تطلع على الأفئدة ) [ الهمزة:4-7]. قال محمد بن كعب القرظي: " تأكله النار إلى فؤاده، فإذا بلغت فؤاده أنشئ خلقه ". وعن ثابت البناني أنه قرأ هذه الآية، ثم قال: " تحرقهم النار إلى الأفئدة وهم أحياء، لقد بلغ منهم العذاب، ثم يبكي ". (4) المطلب التاسع اندلاق الأمعاء في النار ومن الذين يجرون أمعاءهم في النار عمرو بن لحي، وهو أول من غير دين العرب ، وقد رآه الرسول - صلى الله عليه وسلم - يجر قصبه في النار، ففي الصحيحين عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار ، وكان أول من سيب السوائب " . (6) المطلب العاشر قيود أهل النار وأغلالهم وسلاسلهم ومطارقهم وأعد الله لأهل النار مقامع من حديد ، وهي المطارق التي تهوي على المجرمين وهم يحاولون الخروج من النار، فإذا بها تطوح بهم مرة أخرى إلى سواء الجحيم، ( ولهم مقامع من حديد* كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق ) [ الحج:21-22] . المطلب الحادي عشر قرن معبوداتهم وشياطينهم بهم في النار يقول ابن رجب: " لما عبد الكفار الآلهة من دون الله، واعتقدوا أنها تشفع لهم عند الله ، وتقربهم إليه ، عوقبوا بأن جعلت معهم في النار إهانة لهم وإذلالاً ، ونكاية لهم وإبلاغاً في حسرتهم وندامتهم، فإن الإنسان إذا قرن في العذاب بمن كان سبب عذابه كان أشد في ألمه وحسرته ". (7) ومن أجل ذلك يقذف في يوم القيامة بالشمس والقمر في النار، ليكونا مما توقد به النار ، تبكيتاً للظالمين الذين كانوا يعبدونها من دون الله، ففي الحديث : " الشمس والقمر مكوران في النار ". (8) يقول القرطبي: " وإنما يجمعان في جهنم ، لأنهما قد عُبداً من دون الله لا تكون النار عذاباً لهم، لأنهما جماد ، وإنما يفعل ذلك بهما زيادة في تبكيت الكافرين وحسرتهم ، هكذا قال بعض أهل العلم ". (9) ولهذا المعنى يقرن الكفار بشياطينهم ليكون أشد لعذابهم: ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين * وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون* حتى إذا جاءنا قال يا ليت بين وبينك بعد المشرقين فبئس القرين* ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون ) [الزخرف:36-39]. المطلب الثاني عشر حسرتهم وندمهم ودعاؤهم ويتكرر دعاؤهم بالويل والهلاك عندما يلقون في النار، ويصلون حرها ( وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً* لا تدعوا اليوم ثبوراً واحدة وادعوا ثبوراً كثيراً ) [ الفرقان:13-14]. وهناك يعلو صراخهم ويشتد عويلهم ،ويدعون ربهم آملين أن يخرجهم من النار ، ( وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل ) [فاطر:37]، وهم يعترفون في ذلك الوقت بضلالهم وكفرهم وقلة عقولهم ( وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) [الملك:10]، ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ) [ غافر:11]. ولكن طلبهم يرفض بشدة ، ويجابون بما تستحق أن تجاب به الأنعام ( قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين* ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون* قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون ) [ المؤمنون:106-108]. لقد حق عليهم القول ، وصاروا إلى المصير الذي لا ينفع معه دعاء ولا يقبل فيه رجاء ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاً إنا موقنون* ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين * فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون ) [ السجدة:12-14]. ويتوجه أهل النار بعد ذلك بالنداء إلى خزنة النار، يطلبون منهم أن يشفعوا لهم كي يخفف الله عنهم شيئاً مما يعانونه ( وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب* قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) [غافر:49-50]. عند ذلك يسألون الشفاعة كي يهلكهم ربهم ( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون ) [الزخرف:77]. إنه الرفض لكل ما يطلبون، لا خروج من النار ،ولا تخفيف من عذابها ، ولا إهلاك ، بل هو العذاب الأبدي السرمدي الدائم، ويقال لهم آن ذاك : ( فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون ) [الطور:16]. هناك يشتد نحيبهم ،وتفيض دموعهم، ويطول بكاؤهم ( فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون ) [ التوبة:82]، إنهم يبكون حتى تنقطع الدموع، ثم يبكون دماً ، وتؤثر دموعهم في وجوههم كما يؤثر السيل في الصخر، ففي مستدرك الحاكم عن عبد الله بن قيس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن أهل النار ليبكون ، حتى لو أجريت السفن في دموعهم، لجرت وإنهم ليبكون الدم – يعني – مكان الدمع ". وعن أنس بن مالك مرفوعاً بلفظ : " يرسل البكاء على أهل النار فيبكون حتى تنقطع الدموع ، ثم يبكون الدم حتى تصير في وجوههم كهيئة الأخدود ، لو أرسلت فيه السفن لجرت ". (10) لقد خسر هؤلاء الظالمون أنفسهم وأهليهم عندما استحبوا الكفر على الإيمان، واستمع إلى عويلهم وهم يرددون حال العذاب ( يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول *وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا* ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً ) [ الأحزاب:66-68]. وتأمل قوله تعالى يصف حالهم ، ونعوذ بالله من حالهم ( فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق* خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ) [ هود:106]، قال الزجاج: الزفير من شدة الأنين وهو المرتفع جداً . وقيل : الزفير : ترديد النفس في الصدر من شدة الخوف حتى تنتفخ منه الأضلاع ، والشهيق النفس الطويل الممتد ، أو رد النفس إلى الصدر ، والمراد بهما الدلالة على شدة كربهم وغمهم وتشبيه حالهم بمن استولت الحرارة على قلبه وانحصر فيه روحه. وقال الليث : الزفير أن يملأ الرجل صدره حال كونه في الغم الشديد من النفس ويخرجه ، والشهيق أن يخرج ذلك النفس . (11) -------------------------------- (1) يقظة أولي الاعتبار:ص67. (2) تفسير ابن كثير: (3/168). (3) التخويف من النار لابن رجب:146. (4) التخويف من النار لابن رجب : 146. (5) صحيح البخاري:3267، 7098، ومسلم : 2989. (6) صحيح البخاري:3521. وصحيح مسلم: 2856 ، تسييب السوائب: تشريع سنة عمرو للعرب حرم فيه ما أحل الله تعالى ، فقد حرم أنواعاً من الأنعام بأسباب لم ينزل الله بها من سلطان ، كأن يمنع ذبح تلك الحيوانات وحلبها والركوب عليها. قال سعيد بن المسيب فيما رواه عنه البخاري ومسلم في روايتهما للحديث السابق:" البحيرة التي يمنع درها للطواغيت، ولا يحلبها أحد من الناس " . (7) التخويف من النار:ص105. (8) رواه البيهقي في (شعب الإيمان)، والبزاز والإسماعيلي والخطابي ، انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة : (1/32). (9) التذكرة للقرطبي: ص392. (10) أورد الشيخ ناصر الحديثين في سلسلة الأحاديث الصحيحة : (4/245) حديث رقم : 1679، وعزا الحديث الأول منهما إلى الحاكم في مستدركه ، وقد قال فيه الحاكم: (حديث صحيح الإسناد) .ووافقه الذهبي: قال الشيخ ناصر: وحقه أن يزيد: على شرط الشيخين(فإن رجاله كلهم من رجالهما ، وذكر أن أحد رجاله وهو أبو النعمان ويلقب ( بعارم) كان قد اختلط، وساق الشيخ ناصر الحديث الثاني شاهداً للأول، وعزاه إلى ابن ماجة وابن أبي الدنيا ، ويزيد الرقاشي أحد رواته ضعيف، وباقي رجاله رجال الشيخين. (11) يقظة أولي الاعتبار، لصديق حسن خان ص72. |
#25
|
||||
|
||||
![]() المحاجة بين الجنة والنار وللبخاري قال: " اختصمت الجنة والنار ( إلى ربهما )، فقالت الجنة: يا رب مالها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهم ؟ وقالت النار (1)، فقال (الله) للجنة : أنت رحمتي، وقال للنار: أنت عذابي أصيب بك من أشاء، ولكل واحدة منهما ملؤها، فأما الجنة، فإن الله لا يظلم من خلقه أحداً، وإنه ينشئ للنار (2) . من يشاء، فيلقون فيها، فتقول: هل من مزيد ؟ ويلقون فيها، فتقول هل من مزيد ؟ حتى يضع قدمه فيها، فتمتلئ ، ويزوى بعضها إلى بعض، فتقول: قط قط قط ". وله في أخرى: - وكان كثيراً ما يقفه أبو سفيان الحميري، أحد رواته، قال : " يقال لجهنم، هل امتلأت ؟ وتقول: هل من مزيد ؟ فيضع الرب قدمه عليها، فتقول : قط قط ". ولمسلم بنحو الأولى ، وانتهى عند قوله : " ولكل واحدة منهما ملؤها ". وقال في رواية: " فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم (3) وغرتهم ؟ " وفي آخره: " فأما النار، فلا تمتلئ حتى يضع قدمه عليها، فهنالك تمتلئ، ويزوى بعضها إلى بعض " وأخرجه الترمذي نحو الأولى (4) (5) . -------------------------------- (1) قال محقق جامع الأصل: كذا في الأصول المخطوطة. وفي النسخ المطبوعة: يعني: أوثرت بالمتكبرين، قال الحافظ في (الفتح): كذا وقع هنا مختصراً، قال ابن بطال: سقط قول النار هنا من جميع النسخ، وهو محفوظ في الحديث وانظر (الفتح) (13/434). (2) جزم غير واحد من أهل العلم أن هذا خطأ من بعض الرواة، وصوابه ينشئ للجنة . (3) السّقط: المزدرى به ، ومنه السَّقط: لرديء المتاع. وغرتهم: الغرّ الذي لم يجرب الأمور، فهو قليل الشر منقاد. (4) رواه البخاري (8/458) في تفسير سورة (ق) ، باب قوله تعالى : ( وتقول هل من مزيد ) [ق: 30] وفي التوحيد، باب ما جاء في قول الله تعالى: ( إن رحمت الله قريب من المحسنين ) [الأعراف : 56 ]، ومسلم رقم (2846) في الجنة ، باب النار ويدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، والترمذي رقم (2564) في صفة الجنة ، باب ما جاء في احتجاج الجنة والنار. (5) جامع الأصول: (10/544-547) . |
#26
|
||||
|
||||
![]() كيف يتقي الإنسان نار الله ؟ وقد فصلت النصوص هذا الموضوع فبينت الأعمال التي تقي النار فمن ذلك محبة الله ، ففي مستدرك الحاكم ومسند أحمد عن أنس بن مالك ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " والله لا يلقي الله حبيبه في النار ". (1) والصيام جنة من النار ، ففي مسند أحمد ، والبيهقي في شعب الإيمان بإسناد حسن عن جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " قال الله تعالى : الصيام جنة يستجن بها من النار ". (2) وعند البيهقي في الشعب من حديث عثمان بن أبي العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الصوم جنة من عذاب الله " ورواه أحمد والنسائي وابن ماجة وابن خزمية وإسناده صحيح . (3) أما إذا كان الصوم في حال جهاد الأعداء فذاك الفوز العظيم، فعن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من صام يوماً في سبيل الله بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً ". رواه أحمد ، والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي. (4) ومما ينجي من النار مخافة الله ، والجهاد في سبيل الله ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) [ الرحمن:46]، وروى الترمذي والنسائي في سننهما عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم ". (5) وفي صحيح البخاري عن ابن عبس وهو عبد الرحمن بن جبر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله ، فتمسه النار " (6) ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبداً " . (7) ومما يقي العبد من النار استجارة العبد بالله من النار، ( والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً* إنها ساءت مستقراً ومقاماً ) [ الفرقان:65-66] ، وفي مسند أحمد وسنن ابن ماجة وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم بإسناد صحيح عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما سأل أحد الله الجنة ثلاثاً، إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة ، ولا استجار رجل مسلم الله من النار ثلاثاً، إلا قالت النار: اللهم أجره مني". (8) وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذكر الملائكة الذين يلتمسون مجالس الذكر وفيه : " أن الله عز وجل يسألهم وهو أعلم بهم ، فيقول: " فمم يتعوذون؟ فيقولون: من النار ، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها، فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً ،وأشد مخافة ، فأشهدكم أني قد غفرت لهم ". (9) -------------------------------- (1) حديث صحيح ، انظر صحيح الجامع (6/104)،ورقم الحديث ![]() (2) صحيح الجامع ![]() (3) صحيح الجامع: (3/264). (4) صحيح الجامع: (5/310).وفي صحيح البخاري:2840.وصحيح مسلم: 1153. (5) مشكاة المصابيح: (2/356)، حديث رقم: 3828،وقال المحقق في إسناده: صحيح . انظره في سنن الترمذي: 1633 ، 2311. وقال الترمذي فيه: هذا حديث حسن صحيح. (6) مشكاة المصابيح : (2/349)، ورقمه:3794.وهو في صحيح البخاري برقم : 2811. (7) مشكاة المصابيح: (2/349)، ورقمه: 3795. وهو في صحيح مسلم برقم : 1891. (8) صحيح الجامع : (5/145)، ورقمه: 5506. (9) صحيح الجامع ![]() |
#27
|
||||
|
||||
![]()
تم بحمد الله وفضله والموضوع بكامله يحوي مصادره الصحيحة من الكتاب والسنة
والله الموفق |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|