اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد نبينا .. للخير ينادينا

محمد نبينا .. للخير ينادينا سيرة الحبيب المصطفى بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-07-2009, 05:17 PM
الصورة الرمزية مراد قنديل
مراد قنديل مراد قنديل غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 255
معدل تقييم المستوى: 16
مراد قنديل is on a distinguished road
Impp المسجد الأقصى الأسير.. قضية المسلمين الأولى



تُظلنا هذه الأيام ذكرى الإسراء والمعراج، إحدى معجزاتالنبوة وحقائق الرسالة، فيها أُسري فيها بالرسول صلى الله عليه وسلم من المسجدالحرام إلى المسجد الأقصى، ومن هناك عُرج به إلى السماوات العلا إلى سدرة المنتهىعندها جنة المأوى، حيث التقى الرسول- صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء فتحقق الرباطالزماني والمكاني، وهناك رأى الرسول- صلى الله عليه وسلم- من آيات ربهالكبرى.

تمر علينا الذكرى والأمة من ضعف إلى هوان، والأقصى أسير تحتأيدي اليهود، والمقدسات يُعبث بها، وأرض الرسالات ومهد الأنبياء تدوسها أقدامالمحتل، وتنتهك حرمات أهلها أيدي الغاصبين، تأتي ذكرى الإسراء والمعراج وقد أصبحالجهاد إرهابًا، والإرهاب والاحتلال الصهيوني مشروعًا، والتبس الحق بالباطل علىكثير من الناس، كيف لنا أن نحيا هذه الذكرى في ظل هذا الواقعالأليم؟!!

بين يدي الاحتفال
جاء في(لسان العرب) لابن منظور عنمادة (ح. ف. ل): (حَفَل الماء واللبن يحِفل حَفْلاً وحُفُولاً وحَفيِلاً (اجتمع)،والقوم حَفْلاً: اجتمعوا واحتشدوا، والسماء: اشتدَّ مطرُها وجدَّ دفعها، والدمع: كثر، والشيء: جمعه، والوادي بالسيل: جاء بملء جنبيهِ.

واحتفل الماءُ: تجمَّع، والقومُ اجتمعوا، والشيء: انجلى،والطريقُ: بان وظهر، والفرَس: ظهر لفارسهِ، واحتفل فيهِ: بالغ، وبالأمور: أحسنالقيام بها، والوادي بالسيل: جاء بملءِ جنبيهِ، وما احتفل بهِ: ما بالى، ورجلٌ ذوحَفْلةٍ: أي مبالغٌ فيما أخذ فيهِ.
وفي (القاموس المحيط)- وجَمْعٌ (حَفْلٌوحَفيلٌ كثيرٌ.

وفي (الوسيط)- احْتَفَلَ الشيءُ: اجتمع.. يقال: احتفل القومُفي المكان واحتفل اللبن في الضُّرع/ وظهر واستبانَ.. يقال: احتفل الطريقُ/ والمرأَةُ: تزينتْ/ وبالأمر: عُني به/ وبفلان: أكرمَه واهتم به.

واحتفل يحتفل ومصدره الاحْتِفَالٌ، يقال احتفل الشعب أي أقاماحتفالاً، وبقائده أي كرمه، واحتفل المجلس بالناس إذا امتلأ بهم، واحتفل بالأمر أيبالغ فيه وعُني به، ويقال احتفى فلان بفلان غايةَ الاحتفاء إذا بالغ في إكرامهواحتفى به أكرمه واهتم به.

و(الحَفْلَةُ): الزّينَةُ (يقال: هو ذو حفلة) والاحتفال (يقال: أَقام له حفلة استقبال) والمُبالغةُ في الأمر والاهتمامُ به.

وعليه فإن الاحتفالفي معناه العاميعني الاجتماع والاحتشاد والاهتمام والاعتناء بالشيء، وفي الإسراء والمعراج يكونالاحتفال معناه الاجتماع والاحتشاد والاهتمام، والاعتناء بهذه الذكرى العطرة، وذلكبذكر الرحلتين وما رأى فيهما النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مشاهد ورؤى، وتلمُّسالعظة والعبرة والدروس العملية المصطفاة التي تفيدنا في واقعناالمعاصر.

صحيح أنه لم يرِد ولم يشرع فيها قيامٌ ولا في صبيحتها صيامٌ،وليس واجبًا أو مندوبًا أن يأتي المسلمُ فيها أو في صبيحتها بأي عمل تكليفي، أي منشأنه أن يكون المسلم مكلَّفًا به، لكن كل ما في أمر الإسراء والمعراج هو أنه حادثتواترت الروايات على وقوعه وحدوثه وثبوته، ومن هنا فالإسراء والمعراج حقيقةمتواترة.

فهو حدث نبوي إسلامي وقع للنبي- صلى الله عليه وسلم- فشأنهلنا أن نأخذ منه العظة والعبرة والأسوة الحسنة ومدارسة حياة النبي- صلى الله عليهوسلم- لننهل منها ما يعيننا على لأواء الحياة، وكيف كان الصبر رفيق النبي صلى اللهعليه وسلم، وكيف كان اليسر رفيق العسر، والفرج رفيق الكرب، وكيف أن هذا الحدث جاءبعد عام الحزن وبعد أن أصيب صلى الله عليه وسلم في قومه، وكيف أن الله أراد أنيسرِّي عن رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يكرِّمه بعد أن أعرض عنه الناس في الأرضوأعرضت عنه قريش وأعرضت عنه ثقيف بعد رحلته إلى ثقيف ولقي منهم ما لقي، كل هذا وهويتفانى في تبليغ ما كلِّف به ابتغاء وجه ربه، بعد هذا أراد الله أن يكرِّمه فيصليبالأنبياء إمامًا ويستقبله الملائكة ويستقبله النبيون والمرسلون في السماوات، ويعرجبه إلى العلا، إلى مكان لم يصل إليه أحد من قبله.

يستوي أخذ العبرة من هذه الذكرى كما في مبعث الرسول صلى اللهعليه وسلم، وكما في هجرته، فالهدف مدارسة حياة النبي صلى الله عليه وسلم لأخذالعبرة والعظة والهدي الحسن..

من ثمرات الإسراءوالمعراج
لم يرِد حديثٌ صحيح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولاقولٌ صحيح لأحد الصحابة رضي الله عنهم يقول إن الإسراء والمعراج كان في شهر رجب،أقرَّ هذا الكلامَ خاتمةُ الحفَّاظ الحافظ بن حجر العسقلاني شارح البخاري، ولكنهقول اشتهر وقال به بعض أهل العلم ونُسِب إلى الإمام النووي؛ حيث اختاره في فتاواه،ومن هنا اشتُهر أن الإسراء والمعراج كان في شهر رجب، ومنهم من يقول إنه- أي الإسراءوالمعراج- كان في السابع والعشرين من شهر ربيع الأول.

كما قلنا فإن العبرة من سرد أو عرض أي حدث تاريخي- ولا سيمافي تاريخ الإسلام، وبالأخص فيما هو من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم- هي استخلاصالعبرة الحقيقية وأخذ العظة والعبرة واستخلاص ما يكون رصيدًا لما هو آتٍ فيمستقبلنا.
وتتجلى ثمرات الإسراء العظيمة وتزدهي ولا تخلَق ولا تتبدَّد، فكثيرةوعظيمة تلك الفوائد والثمرات التي نجنيها من ذكرى الإسراء والمعراج والتيمنها:

أولاً: الأقصى محور ريادة الأمةالإسلامية
لقد انتهى الإسراء أفقيًّا ببيت الله المقدَّس في أرضفلسطين، ثم ابتدأت منه رحلة المعراج، فكان المسجد الأقصى محورَ الرحلة المباركةمكانًا ومحورَها مكانةً كما سيأتي، ومع الأسف الذي يندى له الجبين انشغل الناس بكلالقضايا على صغرها وضعف أثرها ونسوا أو تناسوا أهم القضايا وأُولى القضايا قضيةالمسلمين الأولى في هذا العصر، وهي قضية فلسطين والقدس والمسجد الأقصى، الأرضالمباركة، ولو لم يكن من ذكرى الإسراء والمعراج إلا تذكير الناس بالأقصى ومحاولةوضع الحلول العملية لاسترداده إلى ديار المسلمين لكفى.

ولعل من جلال أهمية هذا البيت المقدَّس أنه أولى القبلتينوثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، ثالث ثلاثةِ مساجد تشد إليها الرحال، والذيصلى إليه المسلمون مدةً طويلةً من الزمن، ربط الله سبحانه وتعالى بين المسجد الحراموالمسجد الأقصى، ولم يكن من ضرب العبث أن يعرج الله بنبيه من المسجد الأقصى إلىسدرة المنتهى دون أن يكون لهذا جدواه؛ حيث إن انتهاء الإسراء بالقدس في هذه الرحلةمقصودٌ، وابتداءَ المعراج به كذلك مقصودٌ فالعلاقة وثيقة بين المسجدين الحراموالأقصى.

فالمرور بالمسجد الأقصى كان مقصودًا، والصلاة بالأنبياءالذين استقبلوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في بيت المقدس، وأنه أمَّهم، كل هذاله معناه ودلالته، وهو أن القيادة قد انتقلت إلى أمة جديدة وإلى نبوة جديدة، إلىنبوة عالمية، ليست كالنبوات السابقة التي أرسل فيها كل نبي لقومه خاصة، هذه نبوةعامة خالدة لكل الناس، لكل العالمين، رحمة للعالمين، ولجميع الأقاليم ولسائرالأزمان، فهي الرسالة الدائمة إلى يوم القيامة، عموم هذه الرسالة وخلودها كان أمرًالا بدَّ منه، وهذه الصلاة بالأنبياء تدل على هذا الأمر، والذهاب إلى المسجد الأقصىوإلى أرض النبوات القديمة، التي كان فيها إبراهيم، وإ**** وموسى وعيسى إيذانٌبانتقال القيادة.. القيادة انتقلت إلى الأمة الجديدة وإلى الرسالة العالمية الخالدةالجديدة.. أمة الإسلام أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

هذا الربط بين المسجدين المسجد الحرام والمسجد الأقصى يُشعرالإنسان المسلم أن لكلا المسجدين قدسيتَه، فهذا ابتدأ الإسراء منه وهذا انتهىالإسراء إليه، وكأن هذا يوحي بأن من فرَّط في المسجد الأقصى يوشك أن يفرِّط فيالمسجد الحرام، ولو فرَّط في منتهى الإسراء يمكن أن يفرِّط في مبتدئه، أراد الله- سبحانه وتعالى- أن يرتبط في وجدان المسلم هذان المسجدان، المسجد الحرام والمسجدالأقصى، وأراد الله أن يثبت المسجد الأقصى بقوله الذي باركنا حوله، هكذا بهذاالوصف، وصفه بالبركة، وهذا قبل أن يوجد مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ لأنالمسجد النبوي لم ينشأ إلا بعد الهجرة في المدينة، فأراد الله أن يوطد هذا المعنىويثبته في عقول الأمة وقلوبها، حتى لا يفرِّطوا في أحد المسجدين.

ومن جميل شأن الأقصى أن له علاقةً وطيدة بفرضية الصلاة،فحينما فرضت الصلاة كان المسلمون يصلون إلى بيت المقدس، كان بيت المقدس قبلتهم ثلاثسنين في مكة وستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا في المدينة، صلوا إلى هذا المسجد.. إلى بيت المقدس، وبهذا كانت القدس هي المدينة الثالثة المعظمة في الإسلام بعد مكةوالمدينة.

هكذا ينبغي أن يعي المسلمون أهمية القدس في تاريخهم وأهميةالمسجد الأقصى في دينهم، وفي عقيدتهم وفي حياتهم، ومن أجل هذا حرِص المسلمون طوالالتاريخ على أن يظل هذا المسجد بأيديهم.

وقد أراد الله تعالى أن يربط هذا المسجد بهذه الذكرى لنظل فيكل عام كلما جاءت ذكرى الإسراء في أواخر رجب (أو ربيع الأول، أو حسبما اختلفالمؤرخون في تحديد زمان الذكرى) ويحتفل بها المسلمون في كل مكان نتذكر هذا الأمرالجلل، هذه القضية الخطيرة، هذه القضية المقدسة.. قضيتنا الأولى.

فلا يمكن أيها الإخوة أن نفرِّط فيها، إذا كان اليهود قدحلموا بإقامة دولة واستطاعوا أن يحققوا حلمَهم، فعلينا أن نحلم نحن بأننا لا يمكنأن نفرط في مسجدنا، حتى وإن رأينا الواقع المرَّ يدفعنا إلى الاستسلام والهوانوالانهزامية، فلا بد من أن نخلع ثوب الانهزامية ونحيا منتصرين.. مقاومين.

يجب أن نعتقد أن الله تبارك وتعالى معنا وأن الله ناصرناوأنه مظهر دينه على الدين كله، وأنه ناصر الفئة المؤمنة، وكما روى الإمام أحمدوالطبراني عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزالطائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من جابههم إلا ما أصابهممن لأواء، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، قالوا يا رسول الله وأين هم؟ قال ببيتالمقدس وأكناف بيت المقدس" فهذه هي العبرة الأولى من قصة الإسراءوالمعراج.

الصلاة معراجالمؤمنين
العبرة الثانية وهي عبرة باقية أيضًا ما دامت السمواتوالأرض، ألا وهي الصلاة؛ فقد فرضت الصلاة ليلة الإسراء والمعراج، وكأن المسجدالأقصى ووراثة الخيرية والشرف على العالمين هي جائزة الإسراء والصلاة هي جائزةالمعراج.

لقد فرضت الصلاة على رسول الله وعلى الأمة الإسلامية في هذهالليلة ولو كان الوحي كفيلاً بتبليغها لرسول الله لنزل بها جبريل، ولكنها عبادة ذاتفضل عظيم وشرف كبير لم تنل هذا الشرف عبادة قبلها، تلقاها خير البشر من ربالعالمين، وهناك فُرِضت عليه هذه الصلوات الخمس، فكل العبادات فُرِضت على الأمة نزلبها جبريل إلى الأرض موحيًا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الصلاة فقدتلقَّى النبي صلى الله عليه وسلم أمر تكليفها بنفسه من ربه، ليس بينه وبينه ملك ولانبي.

ففرضية الصلاة في الملأ الأعلى وفي هذه البقعة المباركة منملكوت الله لهو دليل على أهمية هذه العبادة وهذه الفريضة أو هذا الركن من أركانالإسلام، فالصلاة لهذا معراج المؤمن يعرج إلى ربه كل يوم خمس مرات يسأله ويناجيهويشكو إليه ويستعين به ويتوكل عليه.

ومن عجيب أمر الصلاة أنها العبادة الوحية في الإسلام التي لاتسقط بأي حال من الأحوال، لا يُسقطها عن المسلم إلا أحد أمرين: إما الجنون أوالموت، وأمر ثالث خاص بالنساء وهو نزول الدم، أما غير ذلك فلا يمنع من الصلاة مانع،وتؤدَّى في أي مكان وبأي كيفية، قائمًا أو قاعًا أو نائمًا أو على جنب، لا يُسقطُهاأي عذر حتى مَن فقَد الطهورين الماء والتراب فله أن يصلي بلا وضوء وليس عليه إعادةعلى رأي من رأى ذلك من الفقهاء.

ومن عجيب شأن الصلاة أنها أول ما يحاسب عنه العبد فإن سلمتالصلاة وكانت قد أقيمت بخشوع وخضوع وأحسن المصلي إقامتها وركوعها وسجودها ووضوءهافما بعدها أيسر وأهون وأصلح، وإن فسدت أو لم تكن قد أديت الأداء الأوفى وأقيمتالإقامة المثلى فهذا نذير شرٍّ لصاحبها.

ومن عجيب شأنها أيضًا أنها الفريضة الوحيدة في الإسلام التييُضرب عليها الأطفال وهم دون سن البلوغ؛ حيث يأمر الإسلام أولياء الأمور أن يعلمواأولادهم الصلاة وهم أبناء سبع، وأن يضربوهم عليها وهم أبناء عشر، فما أروَعَه منإسلام يرى ضرب الأولاد على الصلاة وهم في العاشرة من أعمارهم عبادةً وتطوعًا إلىالله!!

فالصلاة معراج روحي لكل مسلم، فإذا كان النبي صلى الله عليهوسلم قد عرج به إلى السموات العلا فلديك أخي المسلم معراج روحي تستطيع أن ترقى بهما شاء الله عز وجل، ألا وهو معراج الصلاة



اتفق علماء السيرة على أن معجزة الإسراء والمعراج كانت بعد ذهاب النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف، وردِّهم له الردَّ المنكر، حتى إن النبي- صلى الله عليه وسلم- ليعتبر هذا اليوم أشدَّ من أهوال يوم أحد وما كان فيه، فقد ثبت في صحيح البخاري أن السيدة عائشة- رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله: هل أتى عليك يوم أشدّ من يوم أحد؟ قال: "لقد لقيتُ من قومك مالقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على "ابن عبد ياليل بن عبدكلال" فلم يُجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنابـ"قرن الثعالب"، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها "جبريل" فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا به عليك، وقد بعث إليك ملكالجبال لتأمره بما شئت فيهم, فناداني ملك الجبال، فسلم عليَّ ثم قال: يا "محمد"،فما شئتَ؟ إن شئتَ أن أطبق عليهم الأخشبين.. فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: بلأرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبده وحده لا يشرك به شيئًا".

ولقد تضرع الرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى الله عقب خروجهمن الطائف، وشكا إليه ضعف قوته وفقد النصير والمعين والوزير، فأمدَّه الله بحسنالتدبير لدخول مكة آمنًا، ثم كان التكريم والترويح عن النفس والأُنس بلقاء الله فيالإسراء والمعراج.

إن الأحداث التي وقعت في مكة ومحاولة حصار الدعوة في مهدها،ووقوف قريش حجَر عثرة في الطريق، وموقفه- صلى الله عليه وسلم- الصُّلب عرَّضهلعواصف عاتية وشديدة من البغضاء والافتراء، وأنزل بالمؤمنين أشدَّ ألوان الابتلاء،فما ذاقوا طعم الراحة منذ آمنوا به، وما استراحوا لحظة من ليل أونهار.

إن رؤية النبي- صلى الله عليه وسلم- لجانب من آيات الله فيملكوت السماوات والأرض له دلالاته القوية في تهوين شأن الكفر والكافرين، وتصغيرجموعهم، واليقين في أن مآلهم وعقباهم إلى زوال.. (فقه السيرة).

ولقد صرحت الآيات إلى الحكمة من الإسراء، وهي أن المولى سبحانه يريد أن يُرِيَ عبده بعض آياته، فقال: ﴿سُبْحَانَالَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَىالْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَاإِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الإسراء: 1).

ثم صرحت آيات المعراج في سورة النجم أن الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- رأى بالفعل هذه الآيات الكبرى، قال تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَايَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُالْقُوَى* ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى* وَهُوَ بِالأُفُقِ الأعْلَى* ثُمَّ دَنَافَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى* فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَاأَوْحَى* مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى* أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى* وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى* عِنْدَهَا جَنَّةُالْمَأْوَى* إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى* مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَاطَغَى* لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ (النجم: 1- 18).

يقول بعض المفسرين في التعليق على هذا المطلع من السورة: نعيش لحظات في ذلك الأفق الوضيء الطليق المرفوف الذي عاشه موكب "محمد"- صلى اللهعليه وسلم- ونرفرف بأجنحة النور المنطلقة إلى ذلك الملأ الأعلى، نعيش لحظات مع قلب "محمد"- صلى الله عليه وسلم- مكشوفةٌ عنه الحجب، مُزاحَةٌ عنه الأستار، يتلقَّى منالملأ الأعلى يسمع ويرى، ويحفظ ما وعى، وهي لحظاتٌ خُصَّ بها ذلك القلب المصفَّى،ولكن الله يمنُّ على عباده، فيصف لهم هذه اللحظات وصفًا موحيًا مؤثرًا، يصفها لهمخطوةً خطوةً، ومشهدًا مشهدًا، وحالةً حالةً حتى لكأنهم مشاهدوها".

من دروس الإسراء
ولقد كان الإسراء والمعراج امتحانًا للمسلمين وتنقيةً للصف،فحين أُعلن خبر الإسراء بين قريش فُتِن بعض الذي أسلموا وارتدّ مَن ارتد!! يقولالإمام "ابن كثير" فيما رواه عن "قتادة": "انصرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى مكة فأصبح يخبر قريشًا بذلك، فذكر أنه كذبَه أكثرُ الناس، وارتدَّت طائفة بعدإسلامها، وبادر الصدِّيق إلى التصديق، وذكر أن الصدّيق سأله عن صفة بيت المقدس،وقال إنِّي لأصدقه في خبر السماء بُكرةً وعشيًا، أفلا أصدقه في بيت المقدس، فيومئذسُمي "أبا بكر الصديق".

فالإسراء والمعراج حدث، وحدث غاية في روعته وفي إعجازه،ولكنها قدرة الله الذي لا يعجزه شيء في السماء ولا في الأرض، ومن دروس الإسراءوالمعراج أنه اختبارٌ لصدق المؤمنين، وتمحيصٌ لصفِّهم وامتحانٌ ليقينهم، ولثبوتالعقيدة في وجدانهم، فالحدَث فوق مستوى العقول البشرية، يحتاج إلى مؤمن صادقالإيمان، لا يُزعزع من يقينه أشدُّ الأحداث ولا أخطرها.

ولقد جاء الإسراء والمعراج قُبَيلَ الهجرة إلى المدينة، وترك الديار والأهل والوطن؛ ليكون اختبارًا للمؤمنين وتدريبًا لهم على حسن الاستجابة لله عز وجل، فهي مرحلة جديدة، كلها جهاد وكفاح في سبيل الله، يقول الحق سبحانه: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِاللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾(الحجرات: 15).

حتمية الجهاد
لقد كان الإسراء والمعراج إعلانًا عالَميًّا بأن خاتَم الأنبياء والمرسلين- صلى الله عليه وسلم- هو نبي القبلتين وإمام المشرقَين والمغربَين، ووارِث الأنبياء قبله، وقدوة الأجيال بعده ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَلِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ (الفرقان: 1).

ألا إنه أمر كبير وعجيب وخطير أن نتحدث عن الإسراء والمعراجونكتبَ عنه، بينما أرض الإسراء والمعراج ومسرَى سيد الخلق- صلى الله عليه وسلم- ومصلاَّه بالأنبياء أسير، تحت سلطان اليهود، يفعلون بأهله الأعاجيب، يهدرون دماءهم،ويدمِّرون حياتَهم، ومشهد الآباء وهم يودعون الشهداء الأبرار من فلذات أكبادهم،وتبكي المنازل والشرفات وهي تشاهد موكب الشباب المؤمن محمولاً على أعناق الرجال إلىمثواه الأخير.

ألا إنَّ الأعجب من ذلك كله هو صمت العالم العربي والإسلاميوسكوته على هذه المجازر، وسكون الجميع سكون المقابر، وكأن الأمر لا يعني أحدًا، ألاإنَّه لأَمْرٌ كبير أن يموت الحِسُّ الإسلامي، وأن ينام وأن يغطَّ في النوم إلى هذاالحدِّ، ألاَ إنَّه لأَمر خطير أن تتجمَّد المشاعر، وأن تعيشَ الأمة العربيةوالإسلامية على الكثير من التفاهات، بل وتدمن عليها من خلافات في الرأي، واختلال فيالتوجه، صرفها عن الطريق الصحيح والهدف العظيم.

إن رسالة الإسلام الحنيف وإنَّ جهاد- النبي صلى الله عليه وسلم- وصحابته هي التي وهبت الحياة معناها الصحيح، وطعمها الأصيل، وما كان لأبناء هذا الدين العظيم أن يرضوا بالذل والهوان، ودستورهم الخالد يقرر ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾(المنافقون: 8) ورسولُهم- صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَنْ أَعْطَى الذِّلَةَ مِنْ نَفْسِهِ طَائعًا غَيْرَ مُكْرَهٍفَلَيْسَ مِنِّي" (ضعيف جدًّا وِفْق تخريج الألباني).

إن الطريق الوحيد إلى المسجد الأقصى معروف، وأوضح من ضوء الشمس، وهو (الجهاد في سبيل الله) و(الاستشهاد من أجل إنقاذ الأمة)، والله عز وجل يقول: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواوَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ (الحج: 39)، وإن الذين يجاهدون في سبيل الله وفي سبيل نصرة المظلوم، وفي سبيل ردِّ البغي والعدوان، والاحتلال والإجرام هم وحدهم الذين تُوهب لهم الحياة (احرص على الموت توهب لك الحياة)، أما الذين يخذلون من يستغيث بهم في الشدائد والنوازل، ولا يستجيبون لنداء المظلوم فهم الذين يخرجون من هذه الدنيا غير مأسوف عليهم من أحد ﴿فَمَابَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ﴾ (الدخان: 29).

نحتفي اليوم بذكرى الإسراء والمعراج ونحن على يقين منجلالها، فليتبع هذا اليقين الاعتقاد الجازم والإخلاص في تنفيذ تعاليم هذا الحق،عبادات ومعاملات وسلوكًا، فإنه لو تحقق العمل والإخلاص فينا لاستطعنا- بفضل الله- أن ننجح في كل جوانب الحياة، وأن نغلق منافذ اليأس وأبواب الفشلوالضياع.

إن مسئولية الأمة- حكامًا ومحكومين- في هذه الفترة غاية في الخطورة، وإنَّ بيت المقدس- قلب العالم الإسلامي- وما حوله يَئِنُّ اليومَ أنين المظلومين والضارعين من تدنيس أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا.. يجب أن يشغل بال المسلمين اليوم أحوال المسجد الأقصى، وكيف نستعيده مرةً أخرى، نستعيد ما ضاع منا من أرض فلسطين بكل الوسائل، وعلى أية صورة، هذا هو الأمر الحتم والهمُّ الكبير، فهذا هو بدء الطريق، وكل من سار على الدرب وصل، هذه ذكرى من الذكريات كريمة، وآية من آيات الله عظيمة ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُقَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ (ق: 37)، وإذا كانت قضية فلسطين هي قضية المسلمين الأولى وجرحهم النازف من القلب ومنذ أكثر من نصف قرن من الزمان، والدليل القاطع على موقف العالم الغربي الظالم والمنحاز ضد قضايا المسلمين، والضارب عرض الحائط بكل المبادئ والقيم والشعارات التي يرفعها من حرية وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم جواز الاستيلاء على أرض الغير بالقوة، ورفض العنصرية، وحق الشعوب في الكفاح المسلَّح؛ من أجل إزالة الاحتلال عن أراضيها.. كل هذه المبادئ يتنكَّر لها الغرب، ويقف داعمًا الاحتلال الصهيوني الإرهابي، العنصري الاستيطاني الدموي لأرض فلسطين وبيت المقدس والمسجد الأقصى، واليوم يكشف الغرب مرةً أخرى عن حقيقة مشاعره نحو الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-07-2009, 05:20 PM
الصورة الرمزية مراد قنديل
مراد قنديل مراد قنديل غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 255
معدل تقييم المستوى: 16
مراد قنديل is on a distinguished road
افتراضي

فقال: ﴿سُبْحَان َالَّذِي أَسْرَى بعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَىالْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَاإِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الإسراء: 1).
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-07-2009, 05:42 PM
الصورة الرمزية مراد قنديل
مراد قنديل مراد قنديل غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 255
معدل تقييم المستوى: 16
مراد قنديل is on a distinguished road
افتراضي

وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-07-2009, 05:43 PM
الصورة الرمزية مراد قنديل
مراد قنديل مراد قنديل غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 255
معدل تقييم المستوى: 16
مراد قنديل is on a distinguished road
افتراضي

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 04-07-2009, 02:42 PM
الصورة الرمزية مستر محمود صادق
مستر محمود صادق مستر محمود صادق غير متواجد حالياً
مدرس العلوم
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 843
معدل تقييم المستوى: 16
مستر محمود صادق is on a distinguished road
Present

بارك الله فيكم ورزقم الخير كله
__________________
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً
يرمى بصخر فيلقي أطيب الثمر
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 02:17 AM.