|
الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
--------------------------------------------------------------------------------
مبروك السيارة الجديدة ... " نطقت ( فدوى ) الجملة بلهجة عذبة وحروف أنيقة ، وهى تنحنى لتطبع قبلة على خد زوجها ( حسن ) ، الذى اتسعت ابتسامته ، وهو يرد لها قبلته ، قائلاً : أشكرك يا زوجتى العزيزة .. لولاكِ ما استطعنا شراء سيارة جديدة قط ضحكت فى دلال ، قائلة : أنت الذى عمل بجهد أكثر طوال العام قال فى حماس : ولولا صبرك وتشجيعك وحماسك ، لما أمكننى هذا ضحكت مرة أخرى ، وقد أسعدتها كلماته ، ثم قالت بلهجة ذات مغزى خاص : أحضرت لك هدية بهذه المناسبة اعتدل قائلاً فى لهفة : هدية ؟!.. حقاً ؟ أومأت برأسها إيجاباً ، وهى تخرج من حقيبتها خرزة كبيرة زرقاء ، تتدلى من سلسلة ذهبية أنيقة ، فسألها فى دهشة : ما هذه بالضبط ؟ انحنت تطبع قبلة أخرى على خده ، قائلة : خرزة زرقاء ، لتعلقها فى المرآة الداخلية للسيارة الجديدة سألها فى اهتمام : هل تعتقدين أن لونها يناسب طلاء السيارة الأخضر ؟ ضحكت ، قائلة : لا يهم ما إذا كان لونها يناسبه أم لا ، فمن المحتم أن تكون زرقاء هكذا بدت عليه الحيرة بضع لحظات ، قبل أن يسأله بابتسامة مرتبكة : ولماذا زرقاء بالتحديد ؟ أجابت فى حماس : حتى تبعد عنك العين ، وتمنع الحسد هتف : الحسد ؟ وانفجر ضاحكاً فى مرح ، فانعقد حاجباها ، وهى تقول : لا تسخر من الحسد .. لقد أتى ذكره فى القرآن تصنع الجدية ، وهو يسألها : وهل ارتبط هذا بضرورة تعليق خرزة زرقاء ، فى المرآة الداخلية لأية سيارة جديدة ؟ ازداد انعقاد حاجبيها ، وهى تقول فى غضب : الجميع يفعلون هذا ضحك فى مرح ، وربَّت على كتفها فى حرارة ، قائلاً : لا بأس .. لا داعى لكل هذا الغضب .. سأعلقها فى المرآة الداخلية ، مادام هذا يسعدك قالت فى حنق : ليس لمجرد أن هذا يسعدنى .. المفترض أن تقتنع هز كتفيه ، قائلاً : ليس من الضرورى أن أفعل ، فأنا رجل عقلانى تماماً بحكم دراستى وتكوينى ، ولن يمكنك إقناعى بهذه الأمور قط قالت فى حدة : أنت تعتبرها مجرد خزعبلات .. أليس كذلك ؟ هتف مبتسماً : بل هى أمور عظيمة .. عظيمة تماماً صاحت غاضبة : هل تسخر منى ؟ نهض من مقعده ، وحاتوها بين ذراعيه ، وهو يقول : مطلقاً .. أقسم لكِ أننى مقتنع تماماً .. لا داعى للغضب ، حتى لا نفسد مناسبة سعيدة كهذه ناولته الخرزة الزرقاء الكبيرة ، قائلة : علقها الآن إذن التقطها ، قائلاً فى مرح : فليكن انهمك بضع لحظات فى تعليق الخرزة الزرقاء الكبيرة ، التى تدلت من المرآة بسلسلتها الذهبية الأنيقة ، وهو يهتف مجاملاً : رائعة .. لست أدرى ماذا كان يمكن أن أفعل بدونك ابتسمت فى سعادة ، هاتفة : أرأيت ؟ شعرت بالكثير من الارتياح والثقة ، وهى تلوِّح له بيدها ، عندما انصرف إلى عمله بالسيارة الجديدة ، وانهمكت بعدها فى أعمالها المنزلية ، وفى العناية بطفلهما الصغير ، حتى فوجئت به يعود إلى المنزل بعد ساعة واحدة ، وهيئته توحى بأنه خرج على التو من معركة طاحنة ، فهتفت به مذعورة : ماذا حدث ؟ أجابها بعينين زائغتين : السيارة الجديدة تحطمت تماماً .. أصبحت مجرد خردة صرخت فى ارتياع : كيف ؟ لوَّح بيديه فى حنق ، مجيباً : الطريق الرئيسى كان مزدحماً بشدة ، وأدت اختصار المسافة ، فاتخذت الطريق الفرعى القديم ، الذى يقطع شريط السكة الحديد ، وبينما كنت أعبره ، ظهر القطار فجأة ، فضغطت دوَّاسة الوقود بكل قوتى ، وانحرفت السيارة يساراً ، وكدت أتجاوز الشريط بسرعة ، لولا أن ارتطم شىء ما بوجهى ، فارتبكت ، وبقيت مؤخرة السيارة فوق الشريط ، مما أدى إلى ارتطام القطار بها ، ولولا رحمة الله سبحانه وتعالى ، لما خرجت من هذه الحادثة البشعة حيَّاً أبداً انهارت على أقرب مقعد إليها ، وهى تهتف : مستحيل !.. مستحيل إننا لم نسدد باقى ثمنها بعد صاح فى غيظ شديد : ولكننى احتفظت بذلك الشىء ، الذى ارتطم بوجهى فى اللحظة الحرجة ، وأربكنى ، ففقدت السيطرة على السيارة ، ووقع الحادث قالها وهو يفرد يده أمامها ، فتجمدَّت دموعها فى مقلتيها بغتة ، وخفق قلبها فى عنف ففى راحته ، كانت تستقر هديتها .... الخرزة الزرقاء بقلم : د. نبيل فاروق
__________________
صغير يطلب الكبرا *** وشيخ ود لو صغرا وخال يطلب العملا *** وذو عمل به ضجرا ورب المال في تعب *** وفي تعب من افتقرا فهل حاروا مع الأقدار *** أم هم حيروا القدرا |
العلامات المرجعية |
|
|