تقسيم الوطن العربي

[فكري ابراهيم]

يبدو ان حمى تقسيم الدول بدات تجتاح الوطن العربى بلدا تلو الاخرى فى ظل غفلة من ابنائه وانشغال كل فريق منهم بشؤونه الداخلية متناسيا او متغافلا عن حقيقة ان الوطن العربى يمثل كتلة واحدة وجسدا واحدا يتاثر كل عضو فيه باى الم يصيب اى عضو اخر فى هذا الجسد الممتد من الخليج الى المحيط , ففى حين يقاوم اهل السودان ومن يعنيهم الامر من العرب شبح تقسيم السودان الذى سيحدث الما كبيرا للسودان ومصر على حد سواء وسيزيد من تفاقم الاوضاع المضطربة اصلا فى هذه المنطقة خرج علينا اليوم مسعود البرزانى رئيس اقليم" كردستان العراق" مطالبا بانفصال الاقليم انفصالا كاملا عن العراق وانشاء دولة مستقلة للاكراد فى هذا الاقليم وهو ما من شانه ان يمزق العراق الممزق اصلا بفعل الغزو الذى سماه من قام به " بحرب صليبية جديدة" وبفعل التدخلات الخارجية الغير منتهية فيه ليخلق بذلك واقعا جديدا يكون اشد ايلاما واكثر تمزيقا للعراق ويكرس حالة عدم الاستقرار التى يعيشها العراق منذ سبعة اعوام وغير بعيد عن العراق فان اليمن ايضا اصبح يعانى من حمى التقسيم تلك اذ تتصاعد فى الاونة الاخيرة وتيرة العنف فى جنوب اليمن الذى يطالب بعض سكانه بالانفصال عن الشمال وانشاء دولة مستقلة لهم فيما يعرف "بالحراك الجنوبى" مما سيعقد الامور فى هذا البلد ذو الموقع الاستراتيجى الهام والراضخ تحت عدة ازمات اقتصادية وسياسية, وعلى الجانب الاخر من خريطة الوطن العربى بدات ازمة الصحراء المغربية فى النمو والتصاعد بعد احداث "العيون" الاخيرة اذ تطالب "البوليساريو" بانفصال الصحراء عن المغرب وانشاء دولة مستقلة وهو ما تدعمه اسبانيا وبعض دول اوربا وهو ما من شانه ان يكرس لسياسة التقسيم والانفصال فى شتى ارجاء الوطن العربى مما يزيد من تفاقم الاوضاع المتدهورة وضياع الهوية العربية وتبعثر معانى الوحدة والعروبة والقومية التى طالما تغنى بها العرب على مر السنين , وبالعودة الى تقسيم السودان الذى ستفوق اضراره تقسيم العراق والمغرب واليمن بعشرات المرات بالنسبة لمصر والتى تعد المتضرر الاكبر من هذا التقسيم فقد طفت على السطح ازمة اخرى تضاف الى دائرة الازمات الامتناهية اصلا فى البلد العربى الاكبر من حيث المساحة وهى ازمة منطقة "ابيى " الغنية بالنفط والغاز والاراضى الخصبة الجاهزة للزراعة وهو ما جعل منها منطقة صراع بين الشماليين والجنوبيين يدعى كل منهما احقيته فيها وقد يتطور ذلك الصراع الى اشتباكات مسلحة بين الجانبين من شانها ان تعيد الحرب الاهلية ثانية الى السودان وهو ما لن تقتصر اضراره على السودان فحسب وانما ستمتد الى دول الجوار وفى مقدمتها مصر , وفى حين لم تنتهى كل تلك الازمات التى تتولد واحدة تلو الاخرى فان ازمة "دارفور" الغنية ايضا بالنفط واليورانيم عالى التخصيب والتى تبلغ مساحتها مساحة فرنسا تقريبا قد عادت الى الظهور مجددا فقد المح بعض المراقبين للشان السودانى ان امريكا وفرنسا ستضغطان بشدة بعد انفصال الجنوب من اجل اجراء استفتاء مماثل فى دارفور تنفصل به ايضا عن السودان لتشكل دولة مستقلة فى غرب السودان بعد فصل جنوبه عن شماله ولنا بذلك ان نسال ماذا سيبقى من السودان الذى كنا نعرفه بعد كل هذه التقسيمات؟ وما خطورة هذه التقسيمات التى بدات تنتقل عدواهل الى الدول العربية الاخرى كالعراق واليمن والمغرب ؟ وما هى الدولة التالية التى ينتظرها الدور فى مخططات من دبروا ومولوا تقسيم السودان والعراق واليمن والمغرب وغيرهم؟ ام هو الشرق الاوسط الجديد الذى سمعنا عنه فيما مضى! والى ان تتضح الرؤية فى خضم هذا كله يبقى السؤال الذى يطرح نفسه بشده الان اين الشعوب العربية من كل هذا الذى يحدث من حولها؟ وهل نامت ولن تستفيق ابدا ام ان هناك امل فى عودتها مرة اخرى من اجل استئصال سرطان التقسيم هذا الذى سيصيب بلا شك الدول العربية كلها واحدة تلو الاخرى, واين الجامعة العربية التى تسمى بيت العرب؟ واين الحكومات العربية المعنية بهذا كله ؟ ام نامت هى ايضا على كراسيها منتظرة دورها ولا امل فى استفاقتها! اننا نخشى بحق ان ياتى يوم نقول فيه " قسمت يوم قسم السودان " , والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون