منْ أجلها ذَرّفّتْ دموعي

[عبد الحى بدر]

(من أجلها ذََرَفتْ دموعي )بقلم :عبد الحي بدر: كنتُ جالسا يوما مع عِلية القوم
والحديث ذو شجون كما يقولون
وعلى الطاولات ما لذا وراق من الشراب (الحلال ) طبعا
وإذا بعجوز تقتحم المجلس
نحيلة ضعيفة هدها الجوع وأنهكها التعب وأعياها المسير
كانت مرتعبة من دخولها تخشى ازدراء الناس لها
تلبس في رجليها نعالا بالية لا يكاد يبقى منها إلا نتف مرقعة
تظهر النعال من قدميها أكثر مما تخفي وتغطي
وكأنها تنتعل الأرض
بدت عليها ملامح الإعياء الشديد
عيونها زائغة لا تكاد تتكلم بكلمة اللهم إلا الإشارة من بين شفتيها الباهتتين
تغطي رأسها بمنديل بسيط
لو تنصَّتَ إلى أمعائها لو جدت جوفا خاليا يشكو الجوع منذ أيام طوال
دخلت كأن لم تدخل وخرجت ولم يشعر بها أحد أو يعبأ بها إنسان أو يتحرك لها قلب حنون
ولو دخل واحد مبدلج أو مطربش أو معمم أو مبهرج لقام له القوم وقوفا وتحية وإجلالا
يا لله !!!
ولم تحل أهداب عيني من أن تمنع سيل الدموع الذارفة على حالها وحالنا وما وصلنا إليه من قسوة في القلوب وغمض للعيون ولا مبالاة بعجوز حال الدهر بينها وبين أن تكون سيدة من الطراز المرموق
وقلت في نفسي لو كانت أمي أو أم أي جالس منا ويمكن أن يكون ماذا كان يحدث !!!
تسللت من بين الجالسين وخرجت ألاحق خطاها
وكان ما كان من حوار بسيط هدأ خاطرها ورَدَّ بعضا من نَفْسِهَا إلى جسدها
فارتسمت على وجهها ابتسامة وانطلقت من فمها دعوة
ربنا يسترك يا ابني
ربنا يسترك يا ابني
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!