|
إبداعات ونقاشات هادفة قسم يختص بما تخطه أيدي الأعضاء من شعر ونثر ورأي الخ... |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
عنصر من الجدول الدوري يشكي حاله
في أحدى الليالي القريبة جفاني النوم وقمت لأتمشى خارج المنزل فتعثرت بقطعة من الفولاذ تذكرت حينها غرفتي في الطبيعة - الحجر الفلوري - ( المعروفة بفلوريد الكالسيوم CaF2) فوجدت نفسي أحن لرؤية أفراد عائلتي خصوصا بعد فترة طويلة من الهجر و البعاد بيننا
تذكرت كيف خُطفتُ من بين أفراد أسرتي الهالوجينية على يد الكيميائي الفرنسي هنري مويسان عام 1886 م بصورتي المنفردة الغازية, فأنا أخف أخوتي وزنا وعددي الذري هو 9 أما وزني فهو 18.9984 و.ك.ذ كنت أتمنى تلك الساعة لو أن درجة الحرارة كانت – 188.14 س لأتحول إلى سائل يغلي أو كانت - 219.62 س لأتجمد و لا يتمكن ذلك البشري من استخلاصي بمهارة و يسخرني لأغراضه البشرية و حكمه الجائر . نسبوا لي كل العيوب بعد أن استغلوني بقسوة فقد استخدموا حجري الفلوري لينقوا الفولاذ .. و تقوم شركات كيميائية باستخدام مركبي مع الهيدروجين في صنع الألومونيوم و الزجاج و إنتاج مركبات كلورفلوروكربونات بعد ضربي بأخي لأخرجه من موقعه جزئيا و أحل أنا في ذلك الموقع .. ألهبوا قلبي حسرة على أخي الكلور و استخدموني كسائل تبريد ... لم يكتفوا بذلك بل استعملوني بوقاحة في صنع معاجين الأسنان و مياه الشرب حتى لا تتسوس أسنانهم , جعلوا مني عدوا لنفسي و عدوا لهم أيضا فهم يتصارعون اليوم للحصول على الطاقة النووية فتقوم بعض الدول العظمى منهم باستخدامي في تحضير سادس فلوريد اليورانيوم ليحضروا الوقود النووي و أيضا في التجهيزات الكهربية بتحضير سادس فلوريد الكبريت . أنهم يجبروني على الارتباط بعناصر بغيضة مثل الكبريت و اليورانيوم , بعد قيامهم بتحضيري نقيا بكميات كبيرة سنويا وذلك بجعلي أطن أنهم سيعيدونني لأهلي لكن لا فائدة ترجى سوى الأمل المتجدد فالبشر أنانيون بطبعهم يرضخون لمن هو أكبر منهم و يدوسون على صغار الحجم أمثالنا نحن العناصر . و بالرغم من كل ذلك يجبروا الكربون على الارتباط بي لأمنحه حصانة من هجوم الباحثات النيكوفيلية , فأنا أحمي الكربون في مركباته من تلك المهاجمات السالبة . اتهموا أخي الكلور بأنه المسبب الغير مباشر لثقب الأوزون مستخدمين مركب كلورو فلورو كربون ( الفريون ) الذي حضروه بإحلالي في أحد مواقع أخي في رابع كلوريد الكربون كدريعة لهم ظلموا أخي بعد أن ضربوه بي فرابع كلوريد الكربون أساسا مركب طيب و مفيد جدا . لم أصدق أن الشمس أشرقت حتى أسرعت لأهاتف أخوتي ( Cl – Br - I - At ) لنتفق على موعد نعيد في لقاء لنا جميعا ما كان في طفولتنا .. لكن الرد المشترك باعتذار الجميع و تذرعهم بالانشغال أثار شكوكي .. و بدأت حيرتي بتساؤلات دارت في رأسي قمت بعدها أعيد شريط ذكرياتي لعلي أجد سببا مقنعا لهذا الرفض أهم خائفون أن احتل مواقعهم ؟ أو أنهب مدخراتهم كوني عامل مؤكسد أقوى منهم ؟... أمازالوا حاقدين على بسبب كوني أكثر قوة و شهرة و أهمية منهم ؟ من أنا بالنسبة لهم .. ؟ فما أنا إلا أخاهم هالوجين F الفلور و أنا أفقرهم بالبروتونات إلا أن قوتي الدبلوماسية أكبر , و ليس لي ذنب في ترشيحي كأقوى عنصر مؤكسد و منحي جائزة السالبية الكهربية العليا و السلطة على كافة العناصر الفلزية و اللافلزية من مجلس هيئة العناصر الكيميائية العالمية لللافلزات . فأنا مازلت الغاز الأصفر الباهت , البسيط التركيب الكيميائي ذو التسعة إلكترونات .. صحيح أنا مشاغب وحركي لكن عندما تحتضنني العناصر الأخرى بصدق أصبح هادئ و أعطي كل قوتي لتلك العناصر عندما تصبح فلوريدات . أي في صورة مركبات الغريب أن الفلزات و الهيدروجين و الكربون و معظم الغازات النادرة تتفاعل معي بسهولة و أخوتي لا يرغبون حتى بسماع صوتي .. رغم أن كل العناصر ( المائة و ستة) حولي و تتمنى أن ترتبط بي إلا أني وحيد .. جدا وحيد ..! لست عاتبا على أخوتي فقربي من البشر جعلني قاسيا مثلهم و أنانيا بطبعي خصوصا عندما أفترس الإلكترونات من العناصر الأخرى بسبب أو بغير سبب و الحجة هي أن أكمل حلقاتي الإلكترونية بثمان إلكترونات و أحقق تلك القاعدة الثمانية البغيضة فأنا القوي و البقاء و الغلبة للأقوى حسب حكم البشر . و مع ذلك لا أشعر بالاستقرار . فلو كتبت بأقلام بعدد أغصان الشجر مدادها ماء البحر في صفحة بحجم السماء مقدار حسرتي و ألمي لفراق أخوتي فلن تكفي لأصف مقدار حزني و شوقي و رغبتي للعيش معهم من جديد . الهالوجين الحزين F (الفلور ) مع تحياتي للهالوجين المفعم بالحب و الحنان الباطني و المغلف بثوب القسوة الظاهري أعلن منذ اليوم أني من أشد المعجبين بوفائك النادر لعهد الأخوة القديم |
العلامات المرجعية |
|
|