اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-07-2011, 02:08 PM
الصورة الرمزية أم عمار قائد الأحرار
أم عمار قائد الأحرار أم عمار قائد الأحرار غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 3,125
معدل تقييم المستوى: 19
أم عمار قائد الأحرار is on a distinguished road
Star يحيى بين القدس وليلى " مسلسل جديد "




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




أكيد كلنا أو أغلبنا سمعنا القصة دى قبل كده

~ يحيى بين القدس وليلى ~

التى تحكى قصة الشاب الملتزم النموذج يتعرض لإختبار صعب وامتحان رهيب وفتنة عظيمة

وفيها عبر وعظات ودروس تربوية جميلة جدا ومفيدة جدا جدا وتكاد تكون بتحل مشاكل ناس كتير مننا أو بتفسر أسباب مشاكل كتير

فاللى سمعها يسمعها معانا تانى
واللى مسمعهاش يتابع معانا

حلقة بحلقة نستخلص العبر والدروس اللى فيها

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-07-2011, 02:09 PM
الصورة الرمزية أم عمار قائد الأحرار
أم عمار قائد الأحرار أم عمار قائد الأحرار غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 3,125
معدل تقييم المستوى: 19
أم عمار قائد الأحرار is on a distinguished road
افتراضي

المقدمـــة

لتحميل المقدمة اضغط هنا





كان صاحبى يحيى شاب غلبته نفسه وتمكنت منه شهوته

فانصرف عن أمور آخرته إلى دنياه وعن التجارة الرابحة إلى التجارة الخاسرة وعن مدارج العارفين إلى مباذل الخاسرين الغافلين ولم يكن من قبل هذا حاله

وما كان أحد من أصحابه يظن أنه إلى هذا سيكون مآله لأنه نشأ فى طاعة الله واشتهر بورعه وتقاه حتى عرف بين أقرانه بـ " العابد " بل وسماه بعضهم " حمامة المساجد "

ولكن سبحان الله ثم سبحان الله

كيف تتغير النفوس من حال إلى حال ؟!

وكيف تصاب الروح المؤمنة القوية بالهزال ؟!

كنت أغبط هذا الفتى على ما أوتى من ورع وتقى واجتهاد فى الطاعات وهو فى ريعان الصبا فقد حفظ كتاب الله ونال حظا وافرا من العلم الشرعى وتأثر كثيرا بكتب ابن القيم رحمه الله وكان كثيرا ما يقول " لا يفهم المدراج إلا من درج "

كان طويل الصمت قليل الكلام فإن تحدث تحدث همسا أو ما يشبه الهمس ولكن حديثه ينفذ إلى القلب فيه الحلاوة والطلاوة يسحر السامع ويأخذ بلبه ويستوى عليه فلا يدرى أهو أسير حديثه أم أسير محدثه

كان كثيرا ما يجول فى المساجد وبعض النوادى والمنتزهات العامة والأسواق يدعو إلى الله فيجتمع إليه كثير من الناس يسمعون حديثه العذب كأن على رؤوسهم الطير وكثيرا ما كان يوزع الأشرطة الوعظية النافعة على الناس حتى أحبوه وضربوا فيه أمثلة الأدب والخلق

وكان قد أسر بأحاديثه هذه الفتاة التى يقع بيتها فى نهاية الشارع الممتد من سوق الملابس قريبا من بيت أبى عبدالله القحطانى الذى لم تفته صلاة الفجر جماعة منذ 40 سنة

كانت هذه الفتاة جميلة للغاية كان يحيى كما ينقل الثقات لم يتأمل وجهها فى حياته قط وكان كثيرا ما يقول : " رب نظرة أورثت فى القلب ألف حسرة " ويتمثل بقول الله تعالى : " قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَىَ لَهُمْ إِنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ "


والله إنى لفى حيرة !!


كيف استطاعت هذه الفتاة أن تسحره وتستولى على قلبه وتسلبه عقله ولبه ؟

ولكن نعوذ بالله من فتنة النساء فهذا أخونا خالد المنصور كان يصب اللوم الشديد على من صار بها ولهانا وما ترددت الفتاة على دكانه عددا من المرات حتى نظم فيها قصيدة عنوانها أوقعتنى فى الحب ليلى

أوقعتنى فى الحب ليلى
وانثنى الخطو عاطرا وشذيا

خفت ربى ولكنها لم تزل
تستحث الخطى حديثا زكيا

وجبين السماء يعتم حينا
وهو يسدى الرميم ماءا جنيا

ودموع الغمام تروى غراما
فى عيون الزهور كان خفيا

وتمر الساعات تنسج حلما
فى خيال النيام حلوا شهيا

فتحوم المنى وتطفو الامانى
وتمر الطيوف شيئا فشيئا


وإنما سنذكرها كلها من البداية إلى النهاية

وهى والحق يقال لو اطلع عليها البشر لكانت عبرة لم يعتبر

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-07-2011, 02:11 PM
الصورة الرمزية أم عمار قائد الأحرار
أم عمار قائد الأحرار أم عمار قائد الأحرار غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 3,125
معدل تقييم المستوى: 19
أم عمار قائد الأحرار is on a distinguished road
افتراضي


الحلقة الأولى :
إن دون الوصول إلى يحيى سبعة أبواب

لتحميل الحلقة اضغط هنا



فى مساء كل خميس من كل أسبوع كان يعقد فى بيت عماد الواقع فى زواية حى الوفاء قريبا من المدرسة كان يعقد فيه مجلس للطرب واللعب والغناء وكان يحضره بعض شباب الحى منهم حسن وأسامة وماجد وغيرهم ممن لا أتذكر أسماءهم

وقد تأخر ذات يوم عن الحضور فى الوقت المعين أسامة

وعندما حضر بادره الجميع بقولهم : أين كنت ؟

فأجابهم وهو يتخفف من بعض ملابسه وعلامات التأثر بادية عليه : التقيت هذه الليلة بيحيى

سرت فى نفوس الحضور هزة خفيفة وساد المكان سكون شامل

ثم تابع أسامة قائلا : التقيت به فى السوق المركزى وهو يحمل معه كتابا قد اشتراه من مكتبة الهداية بدأنى بالسلام وقال : أين انت يا اسامة ؟ لم نرك فى المسجد منذ شهور طويلة .

فابتسمت حياءا ثم اعتذرت قائلا : أنت تعلم يا يحيى الإختبارات على الأبواب وهذه هى المرة الثانية التى أرسب فى مادة الأحياء ولابد أن أنجح هذه السنة حتى لا أفصل من المدرسة

ابتسم يحيى وهو يشير إلى المسجد ويقول : النجاح يبدأ من هنا

ثم وقف ينظر إلى فشعرت أن نظراته تغوص فى أعماقة وتكشق المكنون فى صدرى ثم قال : انت تعلم يا أسامة أنى أحب لك الخير فاتق الله واجتنب المعاصى ثم تابع قائلا : الناس فى غفلة هل تعلم متى ينتبهون ؟ فلما لم أجب مضى يقول : عند الموت

فارتعدت فرائصى من موعظته وأطرقت لا أعرف ما أجيب

ثم مضى وهو يدعو لى بالهداية

التفت عماد وكان حاضر النكتة سريع البديهة يتقن أربع لغات من كثرة ما سافر إلى أوربا وتايلاند والفلبين وكان يتحف الحاضرين بما رأى فى تلك البلاد ابتسم عماد ابتسامة ماكرة و قال وهو يضحك : سيأتيكم يحيى

التفت الحضور جميعا إلى عماد لمعرفة ما يدور فى ذهنه

أكمل : سيأتيكم يحيى ولكن هذه المرة ليس واعظا وإنما .. واشار بيده كأنه يعزف على العود

ثم قهقه وجلس على الأريكة المركونة عند التلفاز

نهض ماجد وهو يضحك وأخرج خمسمائة دينار وضرب بها على المنضدة وهو يقول مشجعا : ما هاهنا لك إن استطعت أن تفعل .

فصاح حسن : اتقوا الله واتركوا الرجل فى عالمه النقى

استرسل عماد ضاحكا وهو يقول : سوف يأتيكم إلى هنا سيعزف على العود بيده وما أجلم العزف إن كان بيد عابد

ثم ضحك ضحكة قوية ارتجت لها الغرفة ثم مال وأسر فى أذن ماجد شيئا وقبل أن يخرج صاح حسن منفعلا : إن دون الوصول إلى يحيى سبعة أبواب عليها سبعة أقفال من حديد




فى ليلة الجمعة جلست ليلى كعادتها تتسامر مع خادمتها خديجة تتبادلان الضحكات وتسردان القصص الطريفة

كانت غرفة الإستقبال مفروشة بالسجاد العبقرى الموشى والستائر خضراء تتخللها خيوط صفراء بلون الذهب والثريا الملونة بألوان الطيف تتدلى من السقف وهى تتمايل سكرى , فى زوايا الغرفة قناديل وشموع تزيد من جمال الغرفة تفوح منها رائحة المسك

أخذت ليلى تضحك وهى تقول لخديجة : هل رأيت أؤلئك الشباب فى الحى المجاور عندما مررنا عليهم

قهقهت خديجة وهى تقول : نعم يا سيدتى لقد ذهلوا من جمالك الساحر حتى إن أحدهم كان يمشى فلما رآك كاد أن يقع فى الحفرة التى أمام باب المدرسة

- كل شباب المنطقة يتحدثون عن جاذبيتى وجمالى

فقالت خديجة وكأنها تخاطب نفسها : إلا شابا واحدا

توقفت ليلى عن الضحك وبدت عليها علامات الإنتباه وقالت : ومن هو الشاب الذى يصمد أمام جمالى ؟

قالت خديجة وهى تتامل المزهرية الموضوعة على الطاولة : ليتنى أرزق بابن مثله

قال ليلى باهتمام : من هو هذا الشاب يا خديجه

قالت خديجة وهى لا تزال تتأمل المزهرية : إنه يحيى

وقاربت بين حاجبيها وسألتها : ومن يحيى هذا ؟

وأخذت الخادمة تحدثها بكل ما تعرف عنه عن علمه وورعه وزهده وتواضعه وعن حسن أخلاقه وعذوبة منطقه

وسكتت قليلا ثم أضافت قائلة : كثيرا ما كنت أراه فى الصباح الباكر وهو عائد من المسجد يترنم بالقرءان إنه يسكن فى البيت الأبيض المقابل للبحر ليت كل الشباب كيحيى

وقفت ليلى مشدوهة أمام وصف خادمتها خديجة لهذا الشاب المؤمن
فسألتها قائلة : هل هو متزوج ؟

امتعض وجه خديجة وتغير لونها وعرفت ما ترنو إليه ليلى وقالت : لا سبيل لك إلى يحيى دعيه ودنياه الزكية الطيبة

وانصرفت مسرعة ولكن ليلى استطاعت أن تمسك بيدها ثم قالت لها بعطف : كلا يا خديجة إننى أريد الهداية .

فأجابتها خديجة : وما الذى يصدك عن الهداية ؟

فقالت ليلى وهى تنظر من النافذة تجاه منزل يحيى : لا إننى أريد أن الهداية على يديه

أخذت خديجة فى الإنصراف وهى تقول : هذه خطوة من خطوات الشيطان لا سبيل لك إلى يحيى

" يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ وَمَن يَتّبِعْ خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ فَإِنّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ "

رفعت ليلى يدها تتحس القرط اللؤلؤى الذى يزين أذنها ثم نادت خامتها خديحة

فلما أقبلت طلبت منها رقعة ثم كتبت عليها شيئا وطوتها بعناية فائقة وزلفتها فى منديلها المعطر ثم التفتت إلى خديجة وقالت : أين نجد يحيى فى هذه الساعة ؟

فأجابتها وهى تشير بيدها : قد يكون آلان معتكفا فى المسجد ولكن أفضل وقت بعد شروق الشمس وهو ذاهب إلى جامعته

وقفت ليلى عند الشباك وهى تتأمل منزل يحيى وسيارته البيضاء الواقفة عند الباب وقد تجمع على زجاجها الندى الرقراق

اقتربت منها خديجة وأمسكت بيدها وهى تقول : لا تفعلى بالله عليك

ولكنها دفعت يدها بيدها اليسرى فرنت الأسورة التى تزين يدها وأسرت فى نفسها قائلة : ما عزمت على شئ إلا فعلته



ترى هل سينجح عماد فى فتح الأقفال ؟!
وماذا ستصنع ليلى ؟!
هذا ما سنعرفه فى الحلقات القادمة
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29-07-2011, 02:14 PM
الصورة الرمزية أم عمار قائد الأحرار
أم عمار قائد الأحرار أم عمار قائد الأحرار غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 3,125
معدل تقييم المستوى: 19
أم عمار قائد الأحرار is on a distinguished road
افتراضي




الحلقة الثانية :

لقد وقع الطائر فى الفخ


لتحميل الحلقة اضغط
هنا






كان من عادة يحيى عندما ينتهى من صلاة الفجر والإستماع لحديث الشيخ أن يقضى فترة من الوقت فى قراءة أذكار الصباح ثم قراءة جزء كامل من القرءان الكريم ثم يصلى ركعتى الضحى

وبعدها يرجع إلى البيت ليأخذ قسطا من الراحة بانتظار طعام الفطور حتى يذهب إلى كلية الشريعة بنشاط

فإذا حان وقت الفطور تناوله مع أمه التى تبدو موفورة الشاط ضاحكة متفائلة لا تكل عن الحركة وأخته الصغيرة أسماء التى يحاكى وجهها استدارة البدر ببشرة ناعمة نقية وعينين بلون البن وصفاء السماء ولم تكن قطتها الكبيرة ذات الشعر الأبيض الطويل تفارقها ساعة من الزمان فهى تتبعها كظلها أينما ذهبت ولا تفارقها إلا ساعة النوم

أما أبوه فكان يخرج من البيت قبل أن يعود يحيى من المسجد ليذهب أبوه إلى شركته لمتابعة الصفقات ومراجعة الحسابات لقد كان أبوه كثير التبرع للمجاهدين والفقراء والأيتام والأرامل كان معروفا بالإحسان عند أهل المنطقة

لقد كان يحيى فى غمرة هذا كله متنقلا من طاعة إلى طاعة ومن عبادة إلى عبادة فمن بر الوالدين إلى صلة الرحم ومن الإعتكاف إلى الدعوة ومن قرءاة القرءان إلى التصدق ومن طلب العلم إلى حسن الخلق لم يكن يحيى يعلم بأن هناك ابتلاء عظيم ينتظره واختبار صعب يتربص به ليتحقق وعد الله

" الَـمَ * أَحَسِبَ النّاسُ أَن يُتْرَكُوَاْ أَن يَقُولُوَاْ آمَنّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ "

سنة الله فى الكون لا تتغير ولا تتبدل

إن الله سبحانه وتعالى يريد من عبده أن يحاول الصبر
أن يحاول الثبات
أن يحاول الإستعفاف

أما المعونة فمنه سبحانه

إن الله لا يتخلى عن عبده الضعيف وهو يتخبط فى دياجير الفتن وأمواج الشهوات إنه يمده بحبله المتين فمن استمسك به نجا ومن غفل عنه هلك وخسر


ولكن ؟

هل يتخطى يحيى هذا الإختبار الصعب بنجاح ؟!

أم ينكسر به المجداف فيتيه فى بحر الظلمات ؟!!


وفى ليلة الأحد كان القمر مكتملا تحيطه هالة من نور تطفى عليه جلالا وبهاءا عجيبا والسكون قد عم الحى والكل قد أطفأ مصباحه إلا ذلك القصر الأبيض فالنور لا يزال يشع من تلك الغرفة المطلة على حديقة القصر

إنها غرفة ليلى

لم تدع ليلى خادمتها تنام هذه الليلة من شدة لهفتها على سماع القصة كاملة

أخبرينى يا خديجة , أخبرينى عن كل ما رأيتِ

نظرت إليها خديجة ببرود وكانت ليلى متلفهة لسماع حديثها
فهزتها قائلة :
ماذا دهاك يا خديجة ؟ تكلمى

فأشاحت خديجة بوجهها إلى ناحية أخرى وقالت :
هل أنت جادة فى هذا الأمر ؟

فقطبت ما بين حاجبيها ونظرت إليها بعينيها النجلاوين وقالت تستنطقها : وماذا تظنين ؟

فتنهدت خديجة وهى ترجع خطوة إلى الوراء وقد وقع الضوء القليل الذى ينتشر من ضوء المصباح على صفحة خدها الأيمن فبدا بلون البن الغامق ثم رفعت يدها وحكت رأسها وقالت : لا أدرى ولكن ...

ضربت ليلى الأرض برجلها وقد صعدت الدم إلى وجنتيها وقالت : ولكن ماذا ؟

فأجابت بصوت هادئ عميق النبرات : يا سيدتى إن الوصول إلى القمر لأهون ألف مرة من الوصول إلى يحيى ثقى يا سيدتى أنه لم تر عينى مثله بين الشباب لا هنا ولا هناك

ونظرت من خلال النافذة وبقيت لحظات تنظر كالتمثال

أطرقت ليلى وتغير لونها وقالت بصوت كأنها انتزعته من بين آلامها : بالله عليك يا خديجة لا تحرمينى الهداية على يد ذلك الشاب المؤمن

ثم تنهدت تنهدة عميقة وقالت : أريد أن أتوب على يديه

شعرت ليلى أنها استطاعت أن تؤثر على خادمتها خديجة , تبسمت ليلى ونظرت إليها بلطف وقد لمعت عيناها على ضوء المصباح الذى يتسلط عليها ثم قالت بصوت هادئ خافت ودود : وآلان حدثينى يا خديجة أخبرينى عن كل شئ .

قالت الخادمة وقد انقادت إلى لهجتها : رأيت خادم المسجد الباكستانى يهم بدخول المسجد فاستوقفته وأخبرته بأننى أريد أن أقابل يحيى على انفراد لأسأله سؤالا فقهيا خاصا فأشأر برأسه أن نعم ثم دخل المسجد

انتظرت قليلا

وإذا بشاب قد أقبل متوسط القامة أزهر اللون تبرق أساريره بنور جذاب نحيفا تجلله المهابة ويعلوه الوقار يحس بروعته الناظر إليه أقسم يا سيدتى أننى لم أندم فى حياتى مثل ندمى هذه الليلة ندمت لأننى أقدمت فى مثل هذه المهمة على هذا الشاب الذى .... الذى يعيش فى هذه الدنيا ببدنه وروحه معلقة بالآخرة إنه ليس من النوع الذى تعرفينه لم تر عينى مثله قط لقد تمنيت من كل قلبى أن لو عدت أدراجى ولم أفاتحه

سكتت خديجة

وعادت تتكلم بصوت خافت مؤثر : لقد ارتفع هذا الشاب بروحه عن الأرض وأخذت تحوم حول عرش الرحمن حتى كدت أشعر بدفء الإيمان الذى يخرج من قلبه

كانت ليلى تصغى إليها باهتمام وقد سحرتها بوصفه وملكت عليها مشاعرها حتى تخيلته ملكا فى صورة إنسان
ومضت تستحثها : وماذا بعد ؟ تكلمى

قالت : أرى أن تتركى هذا الأمر

- أتركه (( قالت بدهشة وتعجب ))
أبعد كل ما ذكرتيه أتركه , كيف أترك أمرا بدأته سرت فيه خطوات

فلما رأت إصرارها عادت تروى ما حدث دون أن تعقب على كلامها الأخير : مددت يدى بالرقعة بتردد وتخاذل وخجل فتناولها وألقى عليها نظرة فتغير لونه وصعدت حرارة الغضب إلى رأسه وشعرت أننى ركبت مركبا صعبا وتمنيت فى هذه الساعة لو انشقت الأرض وابتلعتنى ولكننى أسرعت أقول له قبل أن يسمع منه ما يؤلمنى : إنها تريد أن تتحدث إليك بمشكلتها يا شيخ إنها لا تريد أن يطلع عليها غيرك

فرفع رأسه وقد سرى عنه بعض ما به : لتكتب مشكلتها
ثم وقع بكلمة واحدة " اكتبيها "

أعطانى الرقعة ثم دخل المسجد مرة أخرى

هنا صفقت ليلى بيدها ودارت حول نفسها طربا وهى تقول فى نفسها : لقد وقع الطائر فى الفخ


فى مساء يوم الخميس وكالعادة تجمع ماجد وحسن وأسامة يلعبون الورق ويشاهدون الفيلم الجديد الذى أحضره لهم ماجد

قال أسامة : لقد تأخر عماد

وما انتهى من كلامه حتى فتح عماد باب الغرفة برفق ثم أطل برأسه توقف الحضور عن اللعب كلهم ينظر تجاه الباب

دخل عماد وقد قص شعره مارينز مرتديا بنطالا ضيقا وقميصا قد فتح أزراره العليا لتبدو السلسلة الذهبية التى تحيط بعنقه تتوسط قطعة مرسوم عليها قلب حب

ابتسم عماد ابتسامة ماكرة وأخذ يلوح بمنديل معطر فى يده ثم أخذ يضحك ويضحك ويضحك حتى استلقى على الأرض من شدة الضحك وسط تعجب الحضور

سأل ماجد مستغربا : مالك أجننت ؟

لم يتوقف عماد عن الضحك ثم أخذ يقول وهو يلوح بالمنديل : هذا هو القفل الأول قد انفتح

علت الدهشة وجه حسن

ولم يصدق أسامة أذنيه وبقى ماجد بشعره المجعد وعينيه الخضراوين ينظر إليه دون أن ينطق

أما عماد فقد أخذ يصفق ويصيح : ألم أقل لكم !! سيعزف على العود بيده

وانفجر حسن وقد التهب وجهه الصغير بالغضب وضرب بقبضة يده على المنضدة وهو يقول : مستحيل

ألقى عماد الرقعة على المنضدة فتسابقت الأيدى للحصول عليها والإطلاع على ما فيها كان ماجد أسرع القوم إليها فخطفها وأخذ يلوح بها وهو يضحك وينظر إلى حسن ويقول : هذا هو صاحبك قد وقع

وقبل أن يقرأها وبخفة متناهية أدهشت الجميع خطفها عماد من يده ثم جذب ماجد وذهب به إلى غرفة مجاورة




وتزداد الأحداث اشتعالا
فتابعونا


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29-07-2011, 02:17 PM
الصورة الرمزية أم عمار قائد الأحرار
أم عمار قائد الأحرار أم عمار قائد الأحرار غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 3,125
معدل تقييم المستوى: 19
أم عمار قائد الأحرار is on a distinguished road
افتراضي



الحلقة الثالثة
عند محل العطور

لتحميل الحلقة اضغط هنا




كان يحيى يتردد بين حين وآخر يتردد على محل أبى أحمد السلمان للعطور ومنه يشترى العطر الذى يستعمله

كان حريصا على وضع الطيب فى كل أحيانه لان النبى صلى الله عليه وسلم كان يحب الطيب

وبعد مضى أسبوعين على محاولة ليلى وفى عصر الأربعاء من نهار مشمس جميل أقبل يحيى على محل العطور

وكان البائع هو محمد سيد خان الهندى المشهور عند أهل المنطقة كلها فقد كان خفيف الظل باسم المحيا وكان قصيرا سمينا أهداه يحيى كتبا وأشرطة إسلامية بلغته ففرح بها جدا

كان محمد سيد خان يحب يحيى كثيرا وكان لا يكف عن الحديث عن العطور التى يبيعها وأنواعها وجودتها

وما هى إلا هنيهة حتى أقبلت ليلى معها خادمتها خديجة تسير إلى جانبها ووقفت على محل العطور دون أن تلتفت إلى يحيى فهى لا تعرفه ولم تره من قبل احتفل البائع بها وأخذ يعرض عليها نماذج كثيرة وهى ترفضها بإشارة من يدها

ولم يبد على يحيى أى اهتمام بالفتاة ولكنه انتبه بعد ذلك عندما سمع محمد سيد خان وهو يعرض عليها نوعا من العطور قائلا : إنه أجود انواع العطور يا سيدتى إن يحيى يستعمله أليس كذلك يا شيخ يحيى ؟


لم يجب يحيى ولم يرفع إليها نظره أما ليلى فقد التفتت إليه وقد تفاجأت بذلك

أيكون ذلك الشاب هو
يحيى ؟ يحيى نفسه ؟!

غمزتها خادمتها خديجة وكانها تقول لها : هذا هو يحيى

فألقت عليه نظرة سريعة ثم عادت تخاطب البائع وقد غيرت من أسلوبها وحركاتها وقالت : لقد ذكرت لى مرة أن لديك نوعا من العطر الكمبودى

فهز البائع رأسه وقال بأسف : لقد نفذ يا سيدتى , لم يبق منه شئ , أتدرين يا سيدتى إنه يستخرج من زهرة الحياة إنها زهرة تنبت على الهضاب الزرقاء فى كمبوديا إن أوراقها تجلب الشفاء إنها ....

وانتبه البائع إن الفتاة لم تكن تنظر إليه ولا تستمع لحديثه كانت تنظر خلسة إلى يحيى إلى الشاب الذى ضاق بحديث محمد سيد خان والذى سمعه منه مرات ومرات

هذا هو الشاب الذى حدثتها عنه خادمتها خديجة إنها لم تتجاوز فى وصفه بل لم تبلغ وصفه

تنحنح البائع وهو يرفع يده يعدل طاقيته وقال : انتظرى لحظة

ثم خرج من محله وهو يقول : سأطلبه لكِ من آخر السوق

وهمّ يحيى بالإنصراف فلم يكن يرغب فى البقاء طويلا فى مثل هذا السوق الذى تتوافد عليه النساء لم يكن يلبث إلا بمقدار ما يتناول حاجته من العطر ثم يعود سريعا

التفتت إليه الفتاة وقالت : إننى متأسفة

ولم يكن قد وقع عليها نظره حتى هذه الساعة

قالت بصوت هامس : إننى متأسفة لم أستطع أن أكتب مشكلتى ليتك تسمعها .

فغض بصره وتذكر الرقعة التى حملتها إليه الخادمة وقال : تكلمى

قالت وبصوت كأنين الوتر الحزين : آلان

فقال دون أن ينظر إليها أو يرفع نظره مرة أخرى : نعم

قالت وهى تحاول أن تجره للحديث : هنا فى السوق

قال : نعم


وعاد العطار وهو يمسح جبينه من العرق وينفخ وقال معتذرا : لم يبق لديه شئ يا سيدتى .

وتنهدت الفتاة وقالت : سأعود مرة أخرى .

ثم انصرفت بعد أن ألقت على يحيى نظرة جعلته يطرق خجلا

ثم انتبه إلى صوت محمد سيد خان وهو يقول : لم أر فى حياتى فتاة أجمل من هذه


فصاح به يحيى : اتق الله يارجل ألا تستحى من الله اعلم أن نظر الله إليك أسرع من نظرك إلى هذه الفتاة

أطرق محمد سيد خان حياءا واحمر وجهه ثم تابع كلامه بلكنة أعجمية : إنها غريبة جدا

ولما لم يرد عليه يحيى قال متابعا : كل شباب المنطقة يتمنون ابتسامة منها ولكنها لا تلقى لهم بالا

عجب يحيى من ذلك ونظر إلى البائع نظرة المستغرب

علم محمد سيد خان ما يدور فى بال يحيى فقال : صحيح أنها متبرجة ولكنها لا تأبه لهم إطلاقا إنها تحب الخروج إلى الأسواق وارتداء أجمل الثياب والتعطر بأجود أنواع العطور فأبوها حامد العامر المليونير المعروف


لم تنل الفتاة من يحيى إلا كما ينال التراب من السحاب كيف لا وهو الشاب الذى لم يترك ثغرة ينفذ منها الشيطان إلى نفسه إلا وأغلقها




وعندما عاد يحيى تلك الليلة بعد صلاة العشاء وقبل أن يقف للصلاة لقيام الليل خيل إليه أنه سمع همسة أو لحنا أو صوتا جميلا

لم يفكر فى ذلك طويلا وإنما انصرف إلى صلاته لا يشغله عنها شاغل فالليل مركب الصالحين ومطية العابدين يأنس فيه العبد بمناجاة ربه الجليل وأقرب ما يكون العبد من ربه فى جوف الليل

وبعد أن صلى ثمانية ركعات وختمها بصلاة الوتر استلقى على فراشه وأخذ يردد بصوت خافت خاشع " باسمك اللهم وضعت جنبى وبك أرفعه إن أمسكت نفسى فارحمها وإن أمسكتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين "

وقبل أن يلفه النوم فى أحضانه تذكر أين سمع ذلك الهمس , سمعه عصر اليوم فى محل العطور نعم سمعه من الفتاة التى ذكرت أن لديها مشكلة تريد أن تعرضها عليه

وأسرع يحيى فصرف هذه الخواطر وشعر أنها دخيلة عليه , دخيلة على محرابه الآمن الذى تعمره التقوى إنها ليست من مدد السماء وانتقل إلى جو الآية التى كان يرددها فى قيام الليل

" إِِنّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً * يَوْمَ تَرْجُفُ الأرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مّهِيلاً "


كل هذا العذاب ينتظر الإنسان الضال


كل هذا العذاب ينتظر الإنسان الآبق من رحمة الله

تدحرجت دمعة كبيرة على خده وتبعها سيل من الدموع حتى بللت الوسادة ثم راح فى نوم هادئ عميق

فى ذلك الوقت كان شباب الحى قد تجمعوا فى مجلس لهوهم كالعادة ولكن هذه المرة كان الجو هادئا ساكنا كلهم يفكر فى هذا الأمر الذى طرأ

قطع أسامة السكون وقال لعماد : ألم يقل لك حسن إن دون الوصول إلى يحيى سبعة أبواب عليها سبعة أقفال من حديد ؟

فقهقه وهو يقول : إننى أملك المفتاح الذى تتساقط أمامه جميع الأقفال إنه المفتاح الساحر المفتاح العجيب

ثم أشار إلى بيت ليلى وهو يقول : إنه المرأة

أخذ ماجد يحثه على قول المزيد : وكيف استطعت الحصول على الرقعة ؟




تابعونا
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:20 AM.