|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هل يكسب الإسلاميون.. أم يخسرون؟ هناك حسبما يعتقد «مراقبون» كثيرون، حركة مدٍّ دينى إسلامى (سُنِّى) يشمل المغرب والجزائر وتونس وليبيا والسودان والسعودية وقطاع غزة، وهى الكيانات السياسية التى تقع مصر بقلبها، يتوازى مع حركة المدِّ الدينى الإسلامى (الشيعى) فى إيران والعراق وسوريا ولبنان وطاجيكستان وبعض مواطن من الخليج العربى، ومع طبيعة الدولة الدينية أصلاً (إسرائيل).. وفى هذا السياق، يرى هؤلاء «المراقبون» أو هم بالأحرى يتوقعون، أن تكون الغلبة فى مصر للإسلاميين.. فتصير المنطقة كلها، فى المستقبل القريب، محلاً لاستقرار الإسلاميين على الكراسى السلطوية جميعها، وهو ما يمهِّد فى نظر المتطرفين من هؤلاء المراقبين، لإمكانية عودة الخلافة الإسلامية من جديد! وهى الرؤية التى أراها محض خلط وتخليط، أو بتعبير أفصح: خَبط عشواء.. وذلك للأسباب الآتية: أولاً : لا يوجد أصلاً ما يمكن تسميته «المد الدينى»، إلا لو كان كلامنا على بلاد لم تعرف الديانات من قبل، ثم انتشرت فيها.. أما مصر التى اخترعت التدين قبل آلاف السنين، فمن السخف أن نتحدث فيها عن (مدٍّ دينى)، وهى التى كانت دوماً متدينة، بل عميقة التدين، بعقائد متعاقبة: الأديان المصرية القديمة، المسيحية فى ثوبها المصرى الأرثوذكسى، الإسلام السُّنى الذى لم يتأثر كثيراً بالزمن الشيعى الفاطمى.. فهى من يومها الأول، الغابر، متدينة! وإلا، فما هذه الآثار الباقية عن القرون الخالية، وكلها تدل على امتداد التدين: الأهرامات، المعابد، الأعياد، الطقوس الاجتماعية (مثل إحياء ليلة «الأربعين» لأنها الوقت الذى تنتهى فيه عملية التحنيط للمتوفى). وما سبق، ينسحب أيضاً على البلاد العربية المحيطة، التى تعيش فى ظل الدين (الإسلامى) منذ قرون طوال، بحيث يصعب التصديق بأنها تعيش الحالة المسماة «المد الدينى»، وهى التى كانت دوماً متدينة، سواء بالإسلام الذى انتشر فى ساحل أفريقيا قبل قرابة ثلاثة عشر قرناً من الزمان، أو بالمسيحية التى كانت لها أسقفيات عديدة بتلك النواحى من قبل انتشار الإسلام: أسقفية برقة (ليبيا) أسقفية قرطاج (تونس) أسقفية هيبو، مدينة عنابة حالياً، (الجزائر) . ثانياً : هناك خلط مريع بين ما يسمى اليوم «المد الدينى» وبين صعود الإسلاميين إلى المشهد السياسى العام فى بلادٍ كان معظمها يُدار بنظم ديكتاتورية تحجب إرادة الناس لصالح رغبات الحاكم.. ومن الطبيعى عند زوال هذا الحاكم المستبد وإزاحته عن الكرسى، بالثورة الدموية أو السلمية أو بأى شكل كان، أن يعبر الناسُ عن ذواتهم عند أول منصة تعبير (الانتخابات) وبالتالى تظهر الرموز الدينية واضحة، ليس لأنها لم تكن موجودة ثم ظهرت فجأة، وإنما لأنها كانت محجوبة ثم سنحت لها فرصة الظهور. تتلخص المسألة إذن، فى أن هذه الشعوب ذات الأغلبية المسلمة (السنية والشيعية) لن يعبِّر عنها فى أعقاب ثوراتها، إلا أُناسٌ من *** هذه الغالبية العظمى للسكان، فإن كان «الشعب» على دين، فلابد لنوابه أن يأتوا معبرين عن هذا الدين، بصرف النظر عن درجة التدين لدى هؤلاء النواب.. فالجمهور المسيحى، لن يختار فى الغالب نائباً بوذياً له (خاصةً فى شعوب العالم الثالث، والرابع، والأخير! ). ثالثاً : إن النتائج السياسية لأى انتخابات حقة (حرة) لا بد لها أن تعكس فى المرات الأولى الواقع الاجتماعى السائد، لأن الناس فى البلاد جديدة العهد بالديمقراطية، لم تتعلم بعدُ عمليات الاستشراف السياسى المستقبلى، وهم لا يختارون إلا الذين كانوا يعرفونهم من قبل (فى زمن الاستبداد) ويعتقدون أنهم يختلفون عن الحاكم المستبد الذى سقط.. يختلفون لأنهم فى وعى البسطاء قومٌ يوصفون بالتعبير المصرى العامى (يعرفوا ربنا) وبالتالى، فهم الأقرب والأنسب للحكم، ولا بأس فى اختيارهم نواباً وحكاماً.. على أمل أن يرى الناس جديداً (ولا جديد فى واقع الأمر )). إن فساد نظام مبارك، ومن قبله عوار حكم الضباط الأحرار أدى إلى تدهور اجتماعى كبير، كان الموصوفون اليوم بالإسلاميين، يلعبون دوراً واقعياً فى ضبطه والتخفيف من وطأته، فلما جاءت فرصة الانتخابات لأول مرة، حدث خلط فى أذهان العوام بين ما هو اجتماعى (معروف لهم) وما هو سياسى ( اختيار نائب فى البرلمان).. وذلك على النحو الذى أبان عنه أحد الصحفيين فى مقالة نشرها فور الإعلان عن تصدُّر «الإخوان المسلمين» المشهد الانتخابى، وجعلها بعنوانٍ دالٍّ على أنه (اكتشف أنه إخوانى) لأنه كان يوصِّل هو وأصدقاؤه مساعدات للفقراء، عن طريق جمعيات عرف لاحقاً أنها من المؤسسات الخيرية للإخوان المسلمين. لكن هذا الخلط بين الاجتماعى والسياسى، لن يطول.. فسرعان ما سوف يكتشف العامة من الناس، أن أولئك «الطيبين» الذين كانوا يخفِّفون على الفقراء وطأة الظلم الاجتماعى، ليسوا بالضرورة هم الأفضل للحكم السياسى.. بل أكثر من ذلك، سوف يطالبونهم بالكثير، ثم يكرهونهم! لأن الناس اعتادت أن ترى فى (الإسلاميين) بديلاً يسد النقص الناتج عن فشل برامج التنمية الحكومية. فإذا صار هؤلاء البدلاء هم اللاعب الرئيس، طالبهم الناس بإحراز الأهداف ورفع المظالم وإيصال الخير العام على نطاق واسع (مثلما كانوا يفعلون لهم من قبل على نطاق ضيق) ولن يتهاون الناخبون مع الحاكمين الجدد، الذين سوف يرتدون عباءة «الحاكم» بكل ما تلقيه هذه العباءة من ظلالٍ على الواقع المؤهَّل تلقائياً، لكراهية الذين يحكمون. رابعاً : إن الموصوفين بالإسلاميين، لم يتصدروا المشهد الانتخابى على هيئة واحدة، وليسوا جميعاً على قلب رجلٍ واحدٍ حسبما يبدو من بعيد.. فهم أطيافٌ وأمشاجٌ وسبلٌ شتى، ولكل جماعةٍ منهم شرعةٌ ومنهاج، فالسلفيون غير الإخوان، والجماعات السلفية متفرقة الرؤى وميَّالة بالطبع لإزاحة المختلف عنها والحذر من المؤتلف معها، وكذلك الحال عند الجماعة المسماة إجمالاً (الإخوان المسلمين)، فهم وإن ظهروا للناس بمظهر واحد يتمثل فى اللباس المدينى واللحية الخفيفة والوجه الهادئ (تمييزاً لهم عن اللحية الكثة والوجه المتجهم لمعظم السلفيين)، إلا أنهم فى واقع الأمر ذوو مشارب شتى، وقد صدرت قبل الثورة المصرية التى اندلعت فى يناير الماضى، ولم تخمد بعد، كتبٌ كثيرة كتبها «الإخوان» ضد «الإخوان». فضلاً عن الخلافات الواضحة بين «شباب الإخوان» من ناحية، ومن ناحية أخرى «شيوخ الإخوان». ومعروفٌ أن كل اتجاه دينى يلعب دوراً سياسياً، فهو يحمل فى باطنه بالضرورة بذور انشقاقه على ذاته.. لماذا؟ لأن المتصدر سياسياً باسم الدين، ينظر لذاته على اعتبار أنه الناطق باسم الإله فى الأرض، وبالتالى، فهو يرى أن الحق واحدٌ ولا يمكن أن يتعدَّد (وهذا نقيض الأساس الديمقراطى)، وهو فى نهاية المطاف قد «يتحمل» المخالفين، لكنه لن يوافقهم أبداً، لأنه الصورة الواقعية فى الأرض للإله ( الواحد) والمعبر بشكلٍ تلقائىٍّ عن الحق (الواحد)، والأنسب، بحسب ما يعتقد، لأن يكون الحاكم (الواحد). ■ ■ ■ فإذا نظرنا للسؤال الذى هو عنواناً لهذه المقالة، فى ضوء ما سبق ذكره.. خلصنا فى النهاية إلى ما يلى: من المنطقى أن يتقدم الموصوفون بالإسلاميين، فى أول انتخابات تجرى بين جمهور فيه أغلبية مسلمة، فهم من هذه الزاوية (المؤقتة) يكسبون، لكنهم بعد أول اختبار سوف يخسرون لا محالة للأسباب المذكورة سابقاً، ومن ثم فلا عجب أن (يكتسح) هؤلاء المشهد الانتخابى، فيكون هناك ما يوحى بالتعبير الإعلامى الساذج «المد الإسلامى».. ثم بعد «المد» يأتى «الجزر» لا محالة، وتنحسر الموجةُ بالطريقة ذاتها التى تمددت بها، وينعكس الحال بالآلية الديمقراطية ذاتها مع أى انتخابات تجرى بعد سنوات، اللهم إلا إن حدث واحد من أمرين لا ثالث لهما،الأمر الأول : أن يتمازج «الإسلاميون» مع بقية النسيج الاجتماعى الذى أبرزهم، وهو نسيج إسلامى أصلاً، فلا يصيرون من بعد مستحقين لهذا الوصف الملتبس: الإسلاميين.. والأمر الآخر : أن يلجأ هؤلاء المتصدِّرون إلى استعمال الحق الإلهى (المتخيَّل) والحق الانتخابى (الفعلى) فى هدم الآلية التى تصدروا بها المشهد السياسى، وهى الديمقراطية، كيلا يتفوق عليهم غيرهم مستقبلاً.. أرجو أن يحدث الأمر الأول آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 29-12-2011 الساعة 02:32 PM |
العلامات المرجعية |
|
|