إلا العنف
بقلم د/ ناجح إبراهيم
"إلا العنف" .. عنوان اقتبسته من أحد أصدقائي وهو يحذرني ويحذر كل الإسلاميين الذين قالوا إننا سنحمل السلاح مرة أخرى إذا استبعد مرشحنا فلان من الرئاسة أو إذا نجح شفيق أو موسى في الانتخابات الرئاسية.. وهذه التصريحات تعد متعجلة متسرعة تنظر إلي الأمر من وجه واحد. فحمل السلاح يا أحبتي خط أحمر للجميع لا ينبغي لأحد أن يتجاوزه مهما حدث من مظالم ومفاسد .. لأنه سيعيد الحركة الإسلامية ومصر إلي المربع صفر .. وهو الذي سيعيد إنتاج نظام مبارك مرة أخري .. وهو الذي سيجعل الدول الكبرى تتعاطف مرة أخري مع هؤلاء الحكام وتساعدهم علي شحن الحركة الإسلامية دون سواها إلي السجون .. لينعم الجميع بغنائم الحكم وننعم نحن بويلات السجون.
إن الذين يطلقون هذه الصيحات نسوا أن عنف الحركات الإسلامية وقتالها ضد نظام مبارك لم تحرك شعرة في رأسه ولم تغير أي مظلمة من مظالمه بل زادته بغيا ً وظلما ً .. في حين استطاعت الثورة السلمية بكلماتها السحرية " سلمية.. سلمية " أن تسقط هذا النظام وتنزل الفرعون من عرشه العتيد .. وجعلته يستسلم لإرادة هؤلاء المتظاهرين الذين لا يملكون إلا صدورهم العارية وهتافهم المدوي.
"إلا العنف" رسالة أوجهها إلي كل شاب لم يمر أو يقرأ تجارب المواجهة المسلحة السابقة التي مرت بها الحركة الإسلامية.. والتي ضيعت حقوقها وأوردت شبابها السجون وعطلت عدالة قضاياها وأعطت الذريعة لخصومها لكي يتخلصوا منها .. حدث ذلك في الأربعينات حينما قتل النقراشي مما أدي إلي قتل رأس الدعوة وقائدها المحنك الشيخ حسن البنا ظلما ً وعدوانا ً .. ومحاولة اغتيال عبد الناصر والذي أدي إلي أكبر مأساة للإسلاميين في تاريخ مصر .. واغتيال السادات الذي جعل السجون تستضيف أكثر من مائة ألف معتقل إسلامي طوال 30 عاما ً بعد اغتياله وهو الذي جاء بمبارك نفسه إلي الحكم وأعطاه أولي الذرائع للبطش بالإسلاميين.
"إلا العنف".. رسالة أوجهها لكل شاب لم يخبر الحياة ويظن أن وصول فلان أو فلان إلي سدة الرئاسة هي نهاية المطاف.. كما تصور البعض أن الحل القانوني لجماعة الإخوان هي نهاية المطاف فقتلوا الذي أصدر قراره .. والذين تصوروا أن تحفظ سبتمبر الذي أجراه السادات ووضع فيه كل الأطياف الإسلامية والوطنية في المعتقل هي نهاية المطاف فقتلوا صاحب القرار .. مع أن كل هذه القرارات كان يمكن التصرف حيالها بالطرق السياسية والإعلامية والقانونية وفضح أصحابها أو الانتظار حتى حين .. فكل شيء يمكن أن تجد له حلا ً .. إلا الدماء والعنف فلا حل لهم .. فهي ككرة الثلج كلما تدحرجت كبر حجمها وتفاقم خطرها.
"إلا العنف ".. يمكنكم التظاهر .. ويمكنكم الاحتشاد في التحرير .. ويمكنكم الاعتراض بكل وسيلة مادامت سلمية.. لكن تذكروا شعارنا "إلا العنف".. لأن العنف يعني أن عهد الثورة السلمية قد انتهي .. ويعني أنك تنتحر وتعطي خصمك فرصة الإجهاز عليك .
إنها رسالة مخلص لا يبغي من الدنيا شيئا ً .. العنف هو الوحيد الذي يدمر عدالة قضايانا ويشوه سمعتنا ويحول الطيب منا في نظر الآخرين إلي شرير.
|