|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المتغيرات* الاجتماعية* المحددة* للدساتير د*. على ليـلــة تمهيد*: تعتبر الدساتير واللوائح آليات تحدد حركة التاريخ،* وتصنعه أحيانا بحيث* يمكن قراءة الحالة التى عليها أوضاع المجتمع فى مرحلة معينة من خلال الوثائق الدستورية التى ظهرت فى فضاء هذه المرحلة*. وإذا كان تدفق حركة التاريخ تنظمها وتحدد إتجاهها الوثائق الدستورية. ،* فإن ثمة متغيرات كامنة فى بنية المجتمع ونظامه السياسى هى التى تحدد طبيعة التفاعلات الاجتماعية التى تقع فى المجتمع،* حيث تكمن هذه المتغيرات فى منطقة ما وراء الدساتير،* أى فى السياق الاجتماعى الذى تتفاعل على ساحتة القوى الاجتماعية التى تولت صياغتها وإصدارها،* والتى حددت الأهداف المطلوب تحقيقها من وراء الوثيقية الدستورية كذلك،* والفواعل التى تتفاعل مع بعضها بعضاً* ليخرج الدستور بالنحو الذى خرج عليه*. ومن الواضح أن الحالة التى عليها الوثيقة الدستورية هى ذات الحالة التى عليها أوضاع المجتمع،* فحيثما كان المجتمع مستقراً،* تتدفق التفاعلات فى مجراه بصورة سلسلة وهادئة ومرنة كلما كانت الوثيقة الدستورية للمجتمع أكثر ثباتا وأكثر قوة*. لذلك تختلف المجتمعات عن بعضها بعضاً* من حيث درجة الوعى الدستورى الذى توافر لها،* وهو الوعى الذى* يتحقق بتاريخية الخبرة الدستورية من ناحية،* ومستوى التحديث الذى بلغه المجتمع،* ومن ثم درجة الأستقرار التى تحققت له من ناحية ثانية*. فهناك مجتمعات عديدة تحقق لها استقرار اجتماعى دائم تقريبا،* وثبات دستورى ملازم له،* فاستقرارها ثابت ودستورها دائم لمئات السنين،* فى حين أن هناك مجتمعات تغير وثائقها الدستورية عدة مرات ربما خلال عقد واحد،* وهو الأمر الذى* يشير إما إلى حالة من عدم الاستقرار الاجتماعى،* أو إلى تأثير متغيرات* غير متوقعة،* أو إلى وعى محدود وقصير المدى*. وإذا كانت ميزة علم* التاريخ أن* يسبر* غور المفرد الاجتماعى فى محاولة للتعرف على مقدماته وأسبابه والتفاعلات الحادثة والمتتابعة بداخله،* ثم النتائج المترتبة على ذلك،* والتى تشكل بدورها مقومات وأسباب لمفردات اجتماعية تالية،* فإن علم الاجتماع* يسعى إلى استكشاف التعميم،* أو القانون،* الذى* يحكم المفردات التى تنتمى إلى *** واحد*. إرتباطا بذلك فإن قراءة المفردات أو الوثائق الدستورية المتتابعة* يمكن أن تتحقق من زاويتين*: الأولى،* أن نستكشف مضامين الوثائق الدستورية لتحديد العلاقة بينهما وبين سياقها الاجتماعى،* والثانية أن نحاول استكشاف المتغيرات التى تشكل المضامين الدستورية بالنحو الذى تشكلت به*. ومن الواضح أن المتغيرات التى ضبطت إيقاع تشكل هذه المضامين،* صدرت عن السياق الاجتماعى وتنتمى إليه،* سواء كان سياقه قومىاً* أو أقليمىاً* أو عالمياً*. استناداً* إلى ذلك حاولت هذه الدراسة أن تتأمل الوثائق الدستورية للكشف عن طبيعة المتغيرات التى ضبطت صدور مختلف الوثائق الدستورية،* ابتداء من لائحة مجلس شورى النواب عام* 1866* وحتى التعديلات التى أجريت على دستور* 1971* حتى* يصبح جسراً* ملائما تعبر عليه قضية التوريث*. وعلى هذا النحو حاولت هذه الدراسة تجريد بعض المتغيرات الحاكمة لتطور المضامين الدستورية،* من خلال قراءة الوثائق الدستورية التى صدرت فى مختلف مراحل التحول الاجتماعى،* ابتداء من مرحلة تشكل الهوية الوطنية للمجتمع المصرى،* وحتى التحول الذى أسسته ثورة* 25* يناير* 2011،* والذى انطلق بمصر إلى آفاق مستقبل جديد*. أولاً*: الحراك الدستورى من الاهتمام بالسياسة إلى الاهتمام بالمجتمع*: يحكم الوثائق الدستورية فى التاريخ المصرى ميل بإتجاه إلى الامتداد والاتساع،* من الاهتمام بالقضايا والمسائل ذات العلاقة بالنظام السياسى إلى الاهتمام بقضايا المجتمع*. تأكيدا لذلك اننا إذا تأملنا دستور* 1923،* هو أول الوثائق الدستورية الأكثر إكتمالاً،* فإننا سوف نجده أن إهتمامه قد تركز بالأساس على إستكمال بناء الدولة والنظام السياسى،* حيث إهتمت بنوده بإستكمال بناء البيروقراطية الحكومية وأسلوب مراقبة الموظفين،* إضافة إلى أنه أرسى أسس المرحلة الليبرالية الأولى،* حيث حدد السلطات الأساسية ومبدأ الفصل بين السلطات وتأسيس المؤسسات البرلمانية،* إلى جانب وضع الأسس لإستكمال البنية الحزبية،* ووضع القواعد الأساسية لإستجواب الوزراء إستناداً* إلى ومسئوليتهم السياسية،* بحيث* يمكن القول بأن دستور* 1923* وضع أسس الدولة المدنية*. بالإضافة إلى ذلك،* إتجهت* غالبية مواد الدستور إلى تأكيد ملامح الحياة السياسية والاقتصادية*. فإلى جانب إطلاق أسس بناء الحياة الحزبية،* والتعددية البرلمانية،* وأطلاق الحريات العامة والفردية،* وأسس المشاركة السياسية،* والتأكيد على نظام السوق الحر فى المجال الاقتصادى،* إلى جانب إرساء بعض المبادئ الليبرالية كالتأكيد على حرية الصحافة،* وحرية الرأى،* وحرية الاعتقاد فى ظل شعار* "الدين لله والوطن للجميع*"،* والمساواة بين المصريين فى الحقوق والواجبات والحفاظ على حرمة المنازل والممتلكات،* بحيث* يمكن القول بأن دستور* 23* وضع أسس الدولة المدنية والحياة الديموقراطية،* حيث عالج المسائل المتعلقة بالنظام السياسى دون التطرق إلى القضايا المتعلقة بالمجتمع*. وإذا كانت الفترة من* 1952* وحتى* 1970* قد شهدت صدور إعلانات دستورية كالإعلان الدستورى الصادر فى* 10* ديسمبر* 1952،* والإعلان الدستورى الثانى الصادر* فى* 10* فبراير* 1953* والذى* يتضمن أحكام الدستور المؤقت للحكم خلال فترة الانتقال وبعد ثلاث سنوات فى* يناير* 1956* صدر الإعلان الدستورى النهائى،* وفى مارس* 1958* صدر دستور الوحدة عام* 1958* إثر إعلان الوحدة فى فبراير* 1958،* ثم الدستور المؤقت لمصر الصادر فى* 25* مارس* 1964.* ونحن إذا تأملنا الوثائق الدستورية لهذه المرحلة،* فسوف نجد أنها تعبر عن الحالة الثورية التى عاشها المجتمع حينئذ،* والتى إهتمت بتحديد التوجهات الداخلية والأقليمية للمجتمع،* إضافة إلى تحديد طبيعة التوجهات الأيديولوجية التى تضبط توجهات النظام السياسى والمجتمع،* كالتحرك من الانتماء القومى العربى إلى الانتماء الأشتراكى،* وهو الأمر الذى إستتبع تحديد الفئات الاجتماعية الأولى بالإهتمام كالعمال والفلاحين والرأسمالية الوطنية إضافة إلى تحديد هوية التنظيمات السياسية التى تشكل جسر العبور بين الدولة والمجتمع*. وإذا كانت هذه المرحلة قد تميزت بكثافة الاعلانات الدستورية تعبيراً* عن الحالة الثورية والتغيرات المتلاحقة التى شهدتها هذه المرحلة*. وفى هذا الإطار،* فإننا نستطيع القول بأنه إذا كانت الإعلانات الدستورية فى الفترة من* 1923* وحتى* 1952* كانت تهتم باستكمال البناء السياسى للدولة حينئذ،* فإننا نجد أن العلاقات الدستورية للفترة من* 1952* حتى* 1964،* حاولت الاقتراب نسبيا من المجتمع،* وفى العموم،* فإن هذه الفترة تميزت بعدم الاستقرار الدستورى الذى* يتوازى مع عدم الاستقرار الاجتماعى والسياسى الذى فرضته استكمال مسيرة الثورة*. على خلاف ذلك نجد دستور* 1971* الدائم،* الذى صدر فى أعقاب وفاة الرئيس عبد الناصر وتولى الرئيس السادات الذى أصدر هذا الدستور،* الذى اقترب كثيراً* من تناول أوضاع المجتمع،* محاولاً* الأرتقاء بها،* إلى نطاق تحقيق التماسك الاجتماعى*. تأكيدا لذلك نصت المادة السابعة من الدستور على أهمية أن* يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعى،* الذى* يستند إلى التأكيد على العدالة الاجتماعية ومنع الاحتكار والاستقلال،* وتوزيع الأعباء العامة بصورة عادلة،* وأهمية كفالة الدولة لتكافؤ الفرص بين المواطنين*. كما تكفل الدولة توفير الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية،* وبوجه خاص فى القرية،* كذلك المادة السابعة التى أكدت على أهمية أن تكفل الدولة التأمين الاجتماعى والصحى ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين،* وذلك وفقاً* للقانون*. كما أكدت المادة التاسعة من الدستور على الأسرة كأساس للمجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية،* كما تحرص الدولة على الحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية،* وما* يتجسد فيها من قيم وتقاليد*. كما أكدت المادة العاشرة حماية الأمومة والطفولة ورعاية النشء والشباب،* كذلك أكد الدستور على المقومات الدينية والأخلاقية للمجتمع،* حيث نجد أن الدستور* يتجه إلى تعميق الالتزام الدينى*. ويتجلى ذلك من خلال أنه فى حين أكدت المادة الثانية فى الدستور على أن الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية،* ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع،* فإن هذه المادة عدلت فى* 1980،* أى بعد تسع سنوات بعد الاستفتاء الشعبى،* حيث أصبحت العبارة الثانية من المادة الثانية تنص* "على مبادئ الشريعة االإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع والقوانين التى تصدرها الدولة*". وذلك* يعنى،* حسبما تشير المضامين الدستورية،* أنه إذا كانت الليبرالية الأولى قد قصرت اللعبة السياسية على النخبة السياسية والثقافية والاقتصادية بالمعنى الواسع،* وأستخدمت الجماهير كآلية للضغط الذى تتطلبه ظروف سياسية محددة*. فإننا نجد أن المرحلة الاشتراكية نزلت حسبما تذهب المضامين الدستورية إلى الجماهير فى المجتمع،* تدعوها إلى المشاركة،* خاصة الفئات الأولى بالرعاية من قبل التوجه الاشتراكى كالعمال والفلاحين والطبقة المتوسطة عموما،* باعتبار الألتزام الإشتراكى للزعيم عبد الناصر*. يضاف إلى ذلك فإننا نجد أن العقد الأول من الليبرالية الثانية شهد إهتماما بتطوير أوضاع المواطنين فى المجتمع،* بل والحفاظ على التكوينات التى تشكل مقومات المجتمع*. ربما* يرجع ذلك إلى أن الرئيس السادات الذى صدر فى عصره دستور* 1971،* قد استدعى بنزعته الأبوية ميراثه الريفى المؤكد على تقاليد القرية،* والأسرة المصرية الصغيرة أو الكبيرة* "المجتمع*"،* التى إعتبر نفسه ربالها*. على هذا النحو،* نجد أن المضامين الدستورية تحركت فى خلال خمسة عقود مما هو سياسى إلى ما هو اجتماعى وسياسى*. ثانياً*: تقنين الدساتير وإضفاء الشرعية على التحولات السياسية والاجتماعية الجديدة الوثيقة الدستورية ذات طبيعة استراتيجية بالأساس،* ومن ثم فهى تعبر عن حالة تحول اجتماعى* يمر بها المجتمع،* تفرضها ضغوط معينة،* فى الغالب ذات طبيعة شعبية،* وأحيانا ذات طبيعة فئوية أو طبقية،* وفى بعض الأحيان ذات طبيعة عالمية باعتبار أن التحولات التى قد* يمر بها المجتمع،* هى تحولات تتم بفعل قوى إجتماعية،* تضغط حتى* يقوم النظام السياسى بقيادة المجتمع فى إتجاه محدد،* على أن* يتم ذلك فى نطاق بيئة عالمية موافقة للتحول أو حتى مضادة له*. على هذا النحو* ،فإننا نجد أن الوثيقة الدستورية فى* غالب الأحيان هى تقنين لتحول حدث،* وأحيانا تدفع المجتمع بإتجاه تحول* ينبغى أن* يحدث أو* يقع*. وفى الغالب فإننا نجد أن النخبة الاجتماعية والسياسية والثقافية تقوم بدورها التنويرى بإتجاه الدفع لوقوع التحول،* وكذلك بإتجاه تقنينه بوثيقة دستورية*. فى هذا الإطار نستطيع أن نرصد فى التاريخ المصرى عدة تحولات أساسية،* ذات علاقة عضوية بالوثائق الدستورية*. فى المرحلة الأولى وهى المرحلة صدرت فى نطاقها مجموعة من الوثائق السياسية والدستورية التى عاصرت وشهدت بلورة هوية الدولة المصرية،* وهى الهوية التى بدأ تشكلها من خلال ثورة الشعب المصرى فى عام* 1805،* والذى صدر بتاثيرها فرمان سلطانى ثبت بمقتضاه محمد على باشا واليا على مصر،* بإعتبارها ولاية بدأت تنفصل نسبيا عن الخلافة العثمانية*. وفى المرحلة التى تولى فيها محمد على وأبناؤه من بعده شهدت مصر تحولات ونضالات اجتماعية وشعبية انتهت بقيام الثورة العرابية* 1881.* التى طالبت بتمصير* القيادة المصرية للجيش المصرى،* إلى جانب المطالبة بعديد من الاصلاحات الاجتماعية والسياسية،* وهى المطالبات التى استجاب لها دستور* 1882* الذى أصدره الخديوى توفيق ألغته سلطات الاحتلال البريطانى حينئذ،* وانتهى استكمال بناء الهوية المصرية من خلال صدور مجموعة من الوثائق الأساسية ذات الطبيعة الدستورية كالسياستنامة التى صدرت فى عام* 1837،* ولائحة مجلس شورى النواب فى* 1876* والتى رفضها الخديوى توفيق،* بحيث لعب هذا الظرف دوراً* فى اندلاع الثورة العرابية،* التى طالبت بتشكيل مجلس النواب،* وأجبر الخديوى توفيق على قبول إعادة الحياة النيابية،* وأجريت إنتخابات بمجلس شورى النواب،* وفى* 7* فبراير1882،* أصدر الخديوى توفيق القانون الأساسى،* واللائحة الأساسية التى صدرت فى* 53* مادة تضمنت أن تكون الوزارة مسئولة أمام مجلس النواب،* الذى له سلطة التشريع،* ومساءلة الوزراء*. ويدرك المتأمل لهذه اللأئحة عن تضمنها لنظام نيابى متقدم،* حتى تدخلت أنجلترا وأحتلت مصر عسكريا،* وفشلت هذه التجربة الدستورية*. ووفقا للسياستنامة تم تنظيم الحكومة فى سبعة دواوين،* كما تبلورت السلطة القضائية للضبط والربط فى القاهرة،* وبداية تشكيل الوزارات الأساسية*. وبموجب لائحة مجلس النواب فى عام* 1866* أنشأ الخديوى إسماعيل مجلس شورى النواب ووضع نظامه فى لائحتين عرفت الأولى باسم اللائحة الأساسية،* حيث منح المجلس بموجبها صلاحيات كثيرة،* وفى* 1878* أنشئ مجلس للنظار،* وإرتباطا بذلك تم تقدير المسئولية الوزارية بموجب لائحة* يونيو* 1979* كذلك الائحة الأساسية فى* 1882* والقانون النظامى المصرى الصادر فى مايو* 1883* والقانون النظامى الصادر فى* 1913* حتى صدور تصريح* فبراير* 1922* والذى إعترف بالإستقلال القانونى لمصر،* وألغى الحماية البريطانية،* وتحول اسمها من سلطنة إلى مملكة*. ويمكن القول بأن النخبة السياسية والثقافية قد لعبت دوراً* سياسيا فى هذا التحول،* إبتداء من الدور الذى لعبته النخبة الدينية،* وهو الدور الذى توج بتولية محمد على واليا على مصر*. إضافة أيضاً* إلى دورها فى الإسهام فى بناء المشروع الاجتماعى والسياسى لمحمد على باشا ومن بعدها الخديوى إسماعيل،* إضافة إلى الدور الذى لعبته هذه النخبة فى المرحلة السابقة على الثورة العرابية،* حيث تمثل ذلك فى ظهور المعارضة السياسية فى مجلس شورى النواب،* كما قام بعض الكتاب بدورهم التنويرى فى الصحف،* فى هذه الفترة إتجه دور النخبة حينئذ نحو بلورة وتعزيز المطالب الشعبية بإنشاء مجلس له صلاحيات تشريعية ورقابية أوسع،* إضافة إلى المطالبة بالاستقلال وإستنفار الارادة الشعبية حتى قيام ثورة* 1919* ،* وهى الثورة التى شكلت طاقة ضاغطة لصدور إعلان* 28* فبراير* 1922،* بحيث* يمكن القول بأن ضغط النخبة،* وقدرتهم على إستنفار الارادة الشعبية لعب دور أساسيا فى تأسيس التحولات المتتابعة التى وقعت على مدى مائة سنة تقريبا،* صدرت فيها عديد من الوثائق الدستورية التى بلورت ملامح هذا التحول*. * وإذا كانت المرحلة الأولى قد شهدت وقوع تفاعلات وتحولات ساعدت على بلورة هوية الدولة المصرية،* فإننا نجد أن التحولات التى بدأت بثورة* 1919،* كانت تشير إلى بداية وقوع تحول جديد تأثر بالتحولات التى وقعت على الصعيد العالمى،* منها إعلان مبادئ الرئيس ويلسون،* وقيام الثور البلشفية فى روسيا وتأسيس الاتحاد السوفيتى،* والإنقسام الأيديولوجى الذى وقع فى أوروبا*. كما ساعدت على تفجر الثورة* _* التى شكلت بداية التحول الثانى الذى وقع على ساحة المجتمع المصرى* - الأضرار التى سببها الاحتلال البريطانى لمختلف فئات المجتمع المصرى*. من ذلك مثلا رفض بريطانيا تصنيع مصر،* إلى جانب معاناة الطبقة العاملة والبرجوازية المصرية من جراء تغلغل الرأسمالية الأجنبية،* بحيث دفعت هذه الظروف إلى جانب أداء النخبة لدورها التنويرى،* إلى تفجر ثورة* 1919،* والتى تحول فيها ما هو إجتماعى إلى ما هو سياسى،* حيث تبلورت المطالب الشعبية من خلال الثورة لتتجه إلى المطالبة بالاستقلال التام وليس الحكم الذاتى،* وهو ما تحقق نسبيا فى تصريح* 22* فبراير* 1922،* وتأكد بصدور دستور* 1923،* بحيث دفعت هذه الثورة الإنجليز إلى تقديم تسهيلات للبرجوازية المصرية فى محاولة للالتفاف على الثورة الشعبية*. * ومن الواضح أن التحول الثانى كانت له طبيعته السياسية بالأساس،* حيث تبلورت هوية النظام السياسى باستكمال تأسيس المجالس النيابية،* واستقرار بناء الأحزاب السياسية،* بحيث أصبحت اللعبة السياسية بين فواعل أربعة حينئذ*. الفاعل الأول* يتمثل فى الإنجليز الذين بيدهم السلطة الفعلية فى البلاد،* بينما* يتحدد الفاعل الثانى بالقصر وعلى رأسه الملك فؤاد*. وتشكل الأبنية السياسية كالمجالس النيابية والأحزاب الفاعل الثالث على المسرح السياسى المصرى،* يضاف إلى ذلك الفاعل الرابع،* والذى* يتمثل فى مختلف فئات الشعب التى أصبحت لها قوتها الضاغطة حينئذ،* خاصة الفئات التى سكنت السياقات الحضرية،* أى المدن،* والتى لعبت النخبة دوراً* أساسيا فى إنضاج وعيها*. وبغض النظر عن حالة عدم الاستقرار السياسى فى هذه الفترة،* وهى الفترة التى إمتدت من عام* 1919* وحتى ثورة* 1952،* والتى ألغيت فيها وثائق دستورية عديدة،* كما حدث فى ألغاء الدستور فى عام* 1930* وعودة العمل به فى عام* 1932،* وتبادل الأحزاب،* وحتى الفواعل الأربعة المواقع فى اللعبة السياسية لهذه المرحلة،* فإن الأمر اللافت للنظر،* أنه فى أعقاب نتاج التحول السياسى الذى أسسة ثورة* 1919،* والذى نظمة وحددت طبيعته مواد ومضامين دستور* 1923،* فإن النخبة الثقافية والاجتماعية والسياسية،* إتجهت حينئذ للاتساع بالنضال مما هو سياسى إلى ما هو إجتماعى،* حيث بدأ الحديث عن ضرورة تطوير البناء الصناعى للمجتمع المصرى،* وهو التطوير الذى جسدت بعض جوانبه البرجوازية الحضرية بقيادة الزعيم الاقتصادى طلعت باشا حرب،* إضافة إلى السعى بإتجاه تطوير البناء الزراعى،* وهو الجهد الذى نادت به مختلف النخب الأيديولوجية فى هذه الفترة،* وقدمت فى إطاره مشروعات عديدة ماركسية وليبرالية لإصلاح البناء الزراعى والطبقى فى المجتمع المصرى،* وهى المشروعات التى لعبت دوراً* أساسياً* فى بناء المشروع الاجتماعى لثورة* يوليو* 1952،* التى شكلت بداية التحول الثالث*. وقد تضافر مع هذه الجهود،* تأسيس جماعة الإخوان المسلمين فى عام* 1928،* التى حاولت الدفاع عن الهوية الثقافية المصرية فى مواجهة الاختراق الثقافى،* الذى صاحب الاحتلال البريطانى لمصر،* حيث إتجهت إلى الإحياء الدينى كمدخل للإحياء الثقافى،* باعتبار أن الدين* يشكل فى الغالب قاعدة الثقافة*. بحيث* يمكن القول بأن العقود الثلاثة التى إمتدت من صدور دستور* 1923ن وحتى ثورة* 1952* شكلت مقدمات مهدت للتحول الثالث الذى بدأ مع ثورة* 1952.* ويمكن القول بأن التحول الثالث كان أكثر التحولات درامية فى التاريخ المصرى،* حيث قامت الثورة بواسطة نخبة الطبقة المتوسطة والتى كان عليها أن تواجه ضرورة الوفاء باستحقاقات كثيرة أبرزها إستكمال الاستقلال،* الذى وضعت بداياته فى الاستقلال القانونى بدستور* 1923،* باستكمال جلاء الإنجليز،* ثم التأكيد على إنتماء مصر العربى والاتجاه القوى الذى تأكد فى الفترة من* 1952* حتى قيام الوحدة المصرية السورية فى* 1958،* وبانهيار الوحدة فى* 1961* بفعل ضغوط القوى الليبرالية على الصعيد الداخلى والاقليمى والعالمى،* وهو الأمر الذى دفع القيادة السياسية إلى تبنى الأيديولوجيا الاشتراكية إبتداء من عام* 1961،* بعد أن أدركت أن القوى الليبرالية لا تريد* لمصر استقلالا حقيقيا،* إلى أن تمكنت القوى الليبرالية من توجية ضربة قاصمة للتجربة المصرية سواء على مستوى التحديث أو على مستوى الاستقلال فى عام* 1967،* وهو الأمر الذى دفع النخبة السياسية والثقافية حينئذ إلى التصميم تحت وطأة الضغوط الشعبية حينئذ،* على المضى قدماً* فى إتجاه تأكيد الاستقلال واستكمال عملية التحديث،* وهو التحول الذى تحددت نهايته بموت الزعيم الاشتراكى ناصر*. ونظراً* لأن التحول كان شاملاً* وفى كل الاتجاهات،* فقد تميزت هذه المرحلة بكثافة الاعلانات الدستورية التى توازنت مع كثافة الأحداث التى ميزت هذا التحول،* حيث محاولة أعادة صياغة المجتمع المصرى وفق رؤية ثورية جديدة*. مثال على ذلك أن دستور* 1952* إرتبط بالصراع على السلطة،* وهو الصراع الذى قدم فى إطاره دستور* 1954* بواسطة أحد أجنحة السلطة،* وهو الدستور الذى رفضه الرئيس ناصر،* وشكل بعد ثلاث سنوات مجموعة صاغت دستور* 1956 .وحينما قامت الوحدة مع سوريا صدر دستور* 1958* الذى تشكل من إعادة استدعاء دستور* 1956،* مع إضافة بعض المواد التى تتناسب مع قيام الوحدة*. وحينما وقع الانفصال فى* 1961* لم تحدث عودة إلى دستور* 1956،* ولكن صدر دستور* 1964* المؤقت،* الذى برزت فيه المضامين الاشتراكية كالتأكيد على نسبة* 50٪* من العمال والفلاحين فى التنظيمات السياسية،* إلى جانب* إضافة بعض المواد التى تدفع بالمجتمع على طريق التوجه الاشتراكى،* وهو الأمر الذى* يشير إلى تحالف الدولة المصرية حينئذ مع المعسكر الاشتراكى،* وارتفاع وتيرة معاداة التوجه الليبرالى سواء على الصعيد الداخلى أو الأقليمى أو العالمى*. وقد بدأ التحول الرابع مع وفاة الرئيس ناصر،* وتولى الرئيس السادات الذى إستطاع أن* يخرج منتصراً* من صراع القوى،* والذى سعى فى إطاره الرئيس الجديد تقليص ارتباطاته بالمعسكر الاشتراكى وتعميق علاقاته بالتوجه الليبرالى والقوى الليبرالية فى العالم*. ويمكن القول بأن الرئيس السادات شرع فى تأسيس تحول كان محكوما بأريعة قوى،* حيث تمثلت القوة الأولى فى التيار الدينى،* الذى استدعاه الرئيس السادات لمواجهة الماركسية والناصرية المناوئة،* بينما تتمثل القوة الثانية فى الشرائح والفئات الشعبية،* التى* ينتمى* غالبها إلى الطبقة الوسطى،* التى استفادت من المرحلة القومية والاشتراكية للرئيس عبد الناصر*. حيث أدرك الرئيس السادات أنها سوف تكون قوى مناوئة له،* إذا حاول المساس بإمتيازاتها*. بينما تمثل الطبقة العليا،* التى فرض عليها النظام السياسى الناصرى قدراً* كبيراً* من العنت القوة الثالثة*. حيث سعى الرئيس السادات لعودتها إلى الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية،* للاستفادة منها فى بناء عملية التحديث،* وكمدخل للحصول على قبول القوى الرأسمالية العالمية* _* وهى القوة الرابعة فى هذه المرحلة* _* لتأييد نظامه السياسى،* خاصة أنه كان نظام ضعيف الشرعية فى بدايته،* بحيث* يمكن القول بأن دستور* 1971* شكل الساحة التى تفاعلت عليها القوى الأربع،* ومن ثم فقد صدر بالأسلوب والطبيعة التى كان عليها*. * وحتى* يقنن الرئيس السادات تحوله من التوجه الاشتراكى إلى التوجه الليبرالى،* تشكلت لجنة لصياغة الدستور،* جاءت بدستور* يؤسس نظام برلمانى على* غرار دستور* 1954،* غير أن السادات رفضه*.،* ثم شكلت لجنة جديدة لصياغة دستور* 1971،* الذى كان من أهم سماته أنه* يشكل حالة تحول من الاشتراكية إلى الليبرالية،* ومن ثم فقد حمل سماتهما معا*. يضاف إلى ذلك* ،* أن القراءة الفاحصة لهذا الدستور،* تشير إلى هيمنة السلطة التنفيذية على السلطات التشريعية والقضائية*. حيث تمت هندسة مواد هذا الدستور بحيث تصبح* غالبية الصلاحيات تقريبا فى* يد رئيس الجمهورية،* دون أن تكون فى* يد أى مستوى أدنى من ذلك*. وفى عام* 1980* كانت شرعية الرئيس السادات قد تدعمت بإنتصار أكتوبر* 1973،* ومن ثم فقد قرر إجراء تعديل فى سنة* 1980* فى المادة* 77* بدستور* 1971،* والخاصة بمدة الرئاسة،* وجعلها مدداً* بدلا من مدة واحدة،* إضافة إلى تعديل المادة* المتعلقة بالشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسى للتشريع إرضاءً* للقوى الدينية حينئذ*. ويشير المتأمل لدستور* 1971* إلى تداخل التوجهات الاشتراكية والليبرالية على ساحته،* ارضاء للقوى الاشتراكية من ناحية،* فى مقابل ارضاء القوى الليبرالية من ناحية ثانية*. ذلك إلى جانب التحلل التدريجى وغير المحسوس من الإرث الاشتراكى،* حتى لا* يتسبب التغيير الجذرى فى إستنفار القوى الاجتماعية* غير الموالية ضد نظامة،* فى وقت كانت شرعيتة ضعيفة على نحو ما أشرت*. ولذلك نجد أن مضامين مواد الدستور تعكس تبايناً* فى التوجهات الأيديولوجية،* تأكيد لذلك ما تذهب إليه المادة الأولى حول بناء مجتمع* "ديموقراطى على أساس المواطنة*" بدلا من الحديث عن* "تحالف قوى الشعب العاملة*" . كذلك القول بأن الاقتصاد الوطنى* يقوم على الحرية الاقتصادية وكفالة كافة أشكال الملكية،* وفى نفس الوقت الحديث عن الحفاظ على حقوق الطبقة العاملة*"،* والقول فى المادة* 24* بأن* "الدولة ترعى الإنتاج الوطنى،* وتعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية*" بدلا من سيطرة الشعب على أدوات الإنتاج*. وإلغاء أن تكون الملكية العامة سندا لقوة الوطن وأساساً* للنظام الاشتراكى،* ومصدراً* لرفاهية الشعب من المادة* 33*". وفى المادة* 33* إلغاء عبارة* "بما* يؤكد تحالفات قوى الشعب العاملة على مستوى القرية*". وفى المادة* 59* إلغاء عبارة* "حماية المكاسب الاشتراكية وإستبدالها بحماية البيئة*". وفى المادة* 73* رفع عبارة* "حماية رئيس الدولة للمكاسب الاشتراكية*: وفى المادة* 180* رفع عبارة* "حماية النضال الشعبى والاشتراكية*" . حيث نجد أنه وإن شكل دستور* 1971* جسر العبور الهادئ من المرحلة الاشتراكية السابقة إلى الليبرالية المستهدفة،* فإن تعديلات* 1980* أكدت على التحول الليبرالى،* وقامت بتنقية الدستور من بقايا الصياغات المرتبطة بالمرحلة الاشتراكية لأن شرعية النظام أصبحت قوية* _* حينئذ* _* كما أشرت،* بحيث مكنته من إجراء هذه التعديلات*. ومع اغتيال الرئيس السادات وتولى الرئيس مبارك السلطة،* بانتقال دستورى هادئ،* استمر دستور* 1971* بتعديلاته التى صدرت فى* 1980* يحكم التحول الليبرالى الجديد الذى كشف عن وجهه صراحة*. حيث بدأت عديد من المظاهر السلبية تطفو على سطح المجتمع*. من هذه المظاهر زيادة تبعية النظام السياسى والدولة والمجتمع للقوى العالمية،* والاندماج السياسى والاقتصادى فى النظام العالمى*. بشروط القوى العالمية والمؤسسات الدولية*. من المظاهر السلبية أيضا توحش القوى الرأسمالية فى المجتمع،* بحيث إتجهت إلى التحالف مع السلطة لتأمين أنشطتها،* ومن ثم شوهت التحول الليبرالى الثانى،* بممارسة الاحتكار والفساد،* الذى تشرته على ساحة النظام السياسى ذاته*. إضافة إلى ظهور نخبة فاسدة،* ساعدها فى السيطرة امتلاكها لرأسمال اقتصادى وسياسى واضح،* أصبحت تسعى بموجبة وبصورة مستميتة لاستمرار النظام السياسى بقيادة الأب الرئيس العاجز،* أو من خلال الإبن الذى لديه شبق الشوق إلى السلطة حتى تؤمن مصالحها،* بحيث نجد أن التعديلات الدستورية التى صدرت خلال هذه الفترة،* والتى تناولت المواد الدستورية* 76،77،78* قد إستهدفت تأمين استمرار التحول المتراجع إلى الخلف،* وإلى ضمان بقائه من خلال توريث الإبن دفة قيادة المجتمع،* والسعى بإتجاه قطع الطريق أمام أية مطالبات أصلاحية أو تغييرية*. ثالثاًً*: الحضور العالمى فى صياغة الوثائق الدستورية * من الواضح أن القراءة المتأملة للدساتير المصرية،* أو التعديلات التى أجريت عليها تشير إلى أن البعد العالمى كان حاضراً* بصورة واضحة،* وذلك باعتبار أن العالم الذى نعيش فيه أصبح قرية صغيرة،* مجتمعاتها تؤثر فى بعضها بعضاَ*. تأكيدا لذلك أننا إذا تأملنا الصياغات الدستورية التى وقعت فى المائة سنة الأخيرة،* لوجدنا أن البعد العالمى كان حاضراً،* خاصة أن الفترة التاريخية التى بدأ خلالها العالم* يتعرف على بعضه بعضاً،* من خلال الموجات الاستعمارية التى إنطلقت من أوروبا إلى مختلف أرجاء العالم المتخلف والنامى،* أو بسبب الحروب العالمية الأولى والثانية،* إضافة إلى الحركات التى تفجرت على أرض المستعمرات،* والتى تسعى إلى الإطاحة بقوى الاستعمار*. * ويتمثل أول حضور للبعد العالمى من خلال قوى الاستعمار البريطانى التى تدخلت أكثر من مرة فى الاعلانات الدستورية المصرية سواء بإلغائها،* كما حدث بالنسبة للأئحة الدستورية فى عام* 1882،* وقد تواصل النضال الشعبى بسبب ذلك حتى صدور تصريح* 28* فبراير عام* 1922،* والذى اعترف فيه الاحتلال البريطانى باستقلال مصر،* وإلغاء الحماية البريطانية على مصر،* ثم صدر دستور* 1923* الذى نظم حدود وعلاقات السلطات الثلاث*. وقد ظلت قوى الاحتلال حاضرة على الساحة منذ* 1982* وحتى* 1952،* حيث كان لوجودها تأثير بارز،* سواء على الإعلانات الدستورية،* أو على المؤسسات العاملة وفقا لهذه الدساتير*. * ومع قيام ثورة* 1952* التى دفعت إليها الطبقة المتوسطة،* وجلاء الاحتلال البريطانى عن مصر،* بدأت حقبة التنمية والتحديث،* والتى تشرذمت بسببها الطبقة المتوسطة إلى فريقين*: أحدهما* يؤكد على الديموقراطية الليبرالية،* وهو الفريق الذى دفع بدستور* 1954* الذى رفضه الفريق المقابل بقيادة جمال عبد الناصر،* والذى أكد على العدل الاجتماعى،* بحيث* يمكن القول بأن الديموقراطية الليبرالية والتأكيد على ضرورة العدل الاجتماعى كانتا انعكاساً* لأيديولوجيات عالمية،* وكذلك أيديولوجيات قوى داخلية متصارعة،* هى الأيديولوجيا الليبرالية والأيديولوجيا الاشتراكية*. وحينما شنت القوى العالمية الليبرالية العدوان الثلاثى على مصر فى عام* 1956،* وأسقطت طموحات الوحدة فى عام* 1961،* سقط معها العمل بدستور* 1956،* ودستور* 1958* المرتبط بها*. واتجه النظام السياسى حينئذ إلى صياغة دستور* 1964* الاشتراكى بطبيعتة،* والذى* يعكس الحضور الكامل للأيديولوجيا الاشتراكية فى فضاء المجتمع،* وهو الأمر الذى* يعنى أن الوثائق الدستورية للفترة من* 1952* _* وحتى* 1970* كانت فى صياغتها ومضامينها متأثرة بحضور القوى العالمية*. * وفى الفترة من* 1971* وحتى* 1980،* وهى الفترة التى فتح الرئيس السادات أبواب المجتمع ونوافذه أمام الليبرالية والقوى الليبرالية،* نستطيع أن تلمس هذا الحضور العالمى للصياغات الدستورية من خلال ثلاثة أبعاد،* حيث* يشير البعد الأول إلى الإشارات المتكررة فى دستور* 1971،* إلى أهمية القطاع الخاص فى قيادة عملية التنمية والتحديث،* وهو بعد تؤكد عليه وتدعمه القوى الليبرالية فى العالم،* خاصة أن القطاع الخاص القومى والأجنبى* يحتمى عادة بنفوذ هذه القوى،* ويتمثل البعد الثانى فى التعديلات الدستورية التى تؤكد على التعدد الحزبى،* وتأكيد التحول الديموقراطى،* من ذلك مثلاً* ما تذهب إليه المادة* 62* فى دستور* 1971،* والتى تؤكد على تنظيم النظام الانتخابى بما* يضمن تمثيل الأحزاب السياسية وتأكيد تمثيل المرأة فى المجلسين،* وهى قضايا تؤكد عليها القوى العالمية بشكل عام*. فى حين* يتصل البعد الثالث بالتأكيد على خيار السلام،* باعتبار أن القوى العالمية* يهمها خيار السلام،* حيث نص دستور* 1971* على التصميم على خيار السلام القائم على العدل،* باعتبار أن ذلك* يجلب دعم القوى العالمية للنظام السياسى*. وقد استمر نفس المنطق فى عصر الرئيس مبارك،* حيث انعكس خضوعة للقوى العالمية من خلال مؤشرات عديدة،* كالتأكيد على حقوق المرأة،* وتوفير الحد الأدنى لمشاركتها الاجتماعية والسياسية*. إضافة إلى تطوير التشريعات سواء داخل بنية الدستور أو فى الصياغات القانونية الأدنى،* ويدخل فى هذا الإطار إنشاء المؤسسات القومية للمرأة كالمجلس القومى للمرأة على سبيل المثال*. أو تطوير بعض المواد الدستورية التى تشير إلى عمق الالتزام بإنجاز التحول الديموقراطى،* ودعم المجتمع المدنى،* بإعتبار أن ذلك من شأنه أن* يجمّل وجه النظام السياسى على الصعيد العالمى،* ولو لم* يشر إلى تحقيق إنجازات حقيقية على الصعيد القومى*. |
العلامات المرجعية |
|
|