|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
سر العداء للدستور الجديد
لم يكن أبى يرحمه الله يكتب الشعر، ولكنه كان يجيد الاستشهاد بأبيات منه، بالغة الدلالة على واقع الحال، فتنفذ إلى القلب بلا حاجة إلى شرح أو تفسير.. كان يلجأ إلى الشعر كوسيلة يروّح بها عن إنسان مكتئب، أو بديلًا عن استخدام التعبير المباشر حفظًا للحياء، أو استخدام كلمات مهذّبة فى استهجان سلوك منحرف.. وهكذا.. فَلَطالما سمعته يواسى مهموما بهذه الأبيات: "دع المقادير تجرى فى أعِنِّتِها # ولا تَبيتَنَّ إلّا خالِى الـبـالِ # ما بين طرْفَةِ عينٍ وانْتباهَتِها # يغيِّر اللهُ من حالٍ إلى حالِ.." وعندما يجتمع شخصان على فساد طبع أو سوء خلق أو تدبيرٍ شرِّير، يقول: "رأيتُ النخلَ يطْرحُ كلَّ قَحْفٍ، وذاك الِّليف ملتفٌّ عليه # فقلت هذا من صنع ربّى شبيهُ الشيء منجذبٌ إليه...".. والقحف فى العامِّيّة هو الجزء العريض (المُعْوَجُّ) من جريدة النخل الجافة، يستخدمها الفلاحون فى كنس بيوتهم، ويصفون الشخص الجِلْف بأنه قحف، لغلظته وخشونته.. وأما ليف النخل ففيه من الجفاف والغلظة والخشونة مثل مافى القِحاف.. كما أنه يُستخدم أيضًا فى كنس البيوت. والحقيقة أننى ما شاهدت أحدًا من مُقَدِّمى البرامج فى القنوات الفلولية مع واحد من ضيوفه، أو رأيت الزند وعكاشة - فى وصلة نفاق متبادل - إلا تذكرت هذا البيت من مقتبسات أبى.. وما رأيت مشهدًا يجمع بين قيادات جبهة الإنقاذ والملتفُّين حولهم إلا تذكرته.. وقلت فى نفسى: سبحان الله.. كم كانت الصورة التى رسمها بالقِحافِ والِّليف الملتفِّ حولها.. بليغة فى تعبيرها عن التدَنِّى الأخلاقى للمعارضة السياسية فى مصر..؟! وفى هذه الأيام المضطربة التى تمر بها مصر يُلِحُّ على عقلى سؤال: مَنْ المستفيد مِنْ تشويه الدستور.. ومِنْ إعاقة التحّوّل الديمقراطي.. واستكمال مؤسسات الدولة، وتدمير الاستقرار..؟! هل هم قيادات أحزاب المعارضة فقط..؟! أم أن القضية لها أيضًا أبعاد أخرى غير منظورة بوضوح..؟! أحاول إلقاء بعض الضوء عليها لعلنا نستوعب المشهد فى أبعاده الحقيقية: ليس عندى أدنى شك أن على رأس المستفيدين: أمريكا وإسرائيل، وذلك لعدة أسباب أبرزها؛ أن إسقاط الدستور وإفشال النظام الحالى يهدم الثورة المصرية، ويفسح الطريق لعودة حليف استراتيجى آخر، مثل أحمد شفيق، أو البرادعى، أو أى حليف آخر من بين قيادات المعارضة الهشّة التى تفتقر إلى ثقة الشعب، وتكره صناديق الانتخاب لتجارب سابقة فى الفشل وبالتالى؛ ستضطرُّ إلى فبركة ديمقراطية صورية، وتلتمس مشروعيّتها من مساندة القوى الأجنبية، على نفس الطريقة التى سار عليها نظام مبارك.. وبتحطيم فرصة مصر فى استعادة قوتها ومكانتها وتأثيرها فى محيطها الجغرافى تنحسر موجة الربيع العربي، وتنتصر أمريكا، وتنعم إسرائيل بخمسين سنة أخرى من الانفراد بالقوة.. فتمضى فى تهويد القدس، وتصفية القضية الفلسطينية، وتفكيك دول الجبهة الشرقية: سوريا ولبنان والعراق والأردن، وبذلك تصبح مصر معزولة عن امتدادها القومى فى الشرق، ثم يتم حصارها من الغرب بالقضاء على ثورة ليبيا وتونس، ومن الجنوب، بالإجهاز على النظام السوداني، وتفكيك ما تبقى من أراضيه، والسيطرة الكاملة على إفريقيا.. وتهديد مصرالدائم بوقف تدفق مياه النيل إليها.. وهكذا تسقط مصر مرة أخرى فى قبضة التبعية المطلقة.. إنهم على يقين أن مجرّد استقرار مصر واستردادها لعافيتها - فى حد ذاته - كفيل بهزيمة كل هذه المخططات، ولذلك يعملون بكل ما يملكون من قوة لتدمير الثورة وإخضاع مصر.. ثانى المستفيدين- هم أركان النظام السابق القابعون فى السجون الآن، وقيادات الحزب الوطنى وفلوله، الذين نعموا بالسلطة ونهبوا أموال الشعب.. إنهم يحلمون بالعودة إلى مراكزهم السابقة، كما يحلم القابعون فى السجون بالخروج منها اعتمادًا على أحكام قضاءٍ فاسدٍ، عندئذٍ تعود الطمأنينة إلى قلوب الذين سرقوا ثروة الشعب، والذين أفسدوا حياته، وقاموا بتعذيبه وقتله فى معتقلات وسجون أمن الدولة، ولم يصل إليهم القضاء العادل حتى الآن، ولكنهم يشعرون بالتهديد أنه سيصلهم إذا استقرت مصر فى دستورها الجديد وفى مؤسساتها المنتخبة، وأصبح فى مصر دولة قوية.. ولذلك هم يعملون بكل ما يملكون من مال وإعلام ومؤامرات، لإفشال الحكومة القائمة.. ابتداءً بضرب الاستفتاء على الدستور. ثالث المستفيدين- مجموعات من الذين ربّاهم النظام السابق على عينيه وزرعهم فى المؤسسة القضائية.. لضمان مساندته؛ بقوانين تحمى فساده ووكلاء نيابة بدرجة مقبول من أبناء المستشارين (رشوةً مقنّعة)، ليغمضوا أعينهم عن التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان فى المعتقلات، وترويع المواطنين عند الفجر.. ولا تنسَ أن الدستور الجديد يحتوى على بند يؤكد أن الحصول على الوظائف لن يكون إلا بالجدارة والاستحقاق، وليس بالواسطة والمحسوبية، ومن ثَمَّ يعلم وكلاء النيابة وبعض القضاة أن الدستور يهدد مراكزهم التى اكتسبوها بدون استحقاق ولا جدارة، ويعلم المستشارون الذين عينهم مبارك فى المحكمة الدستورية العليا أن مراكزهم مهدّدة فور موافقة الشعب على الدستور الجديد، ويعلم قضاة آخرون أن أمامهم يوم أسود سيحاسبون فيه على مشاركتهم فى نهب المال العام، أو فى التّواطؤ على نهبه، وعلى إفساد العدالة.. وفى مؤسسة الشرطة، وبالذات فى جهاز مباحث أمن الدولة، لا يزال هناك قيادات وأفراد شاركوا فى تعذيب المواطنين الأبرياء وقتلهم وتلفيق التهم لهم وإثارة الفوضى فى الشوارع وتوظيف مئات الألوف من البلطجية لترويع الناس وسفك الدماء.. هؤلاء أيضًا يخشون الدستور الجديد ويخشون بناء دولة قوية ستحاسبهم على جرائم انتهاكات حقوق الإنسان التى - بحكم القانون - لا تسقط بالتقادم.. رابع المستفيدين: جوقة من الإعلاميين الذين اكتسبوا مراكزهم بغير جدارة، وجمعوا ثروات كبيرة، من أصحاب القنوات الخاصة، ثمنًا لنشر الأكاذيب والشائعات وتضليل الناس عن الحقيقة، بل وصلت بهم الخسَّة أن يحرضوا على التمرد والعنف ضد السلطة الشرعية.. شجّعهم على التطاول على الحكومة وعلى الرئيس شخصيًا علمهم أن هذا الرئيس حريص على ألا يمس الإعلام بسوء، وأنه لا يستند إلى مجلس تشريعى منتخب يدعّم سلطته، ولا منظومة شرطة قوية خالية من الفساد، ولا منظومة قضائية سليمة.. ومن هنا انحاز هؤلاء الإعلاميون إلى أعداء الثورة لإضعاف الدولة، وتشويه كل خطوة تخطوها فى طريق استكمال مؤسساتها الدستورية.. والحقيقة أنه من السذاجة أن نتحدث أصلاً عن إعلام مصري، فالإعلاميون فى كل الدنيا ينزلون إلى مواقع الأحداث ويستقون الأخبار من مصادرها، ويزِنون كل خبر بقيمته وأهميته، ويعرضونه بحياد، ويستعرضون وجهات النظر المختلفة فى تقاريرهم الصحفية، ولكن هذا لا يحدث فى مصر، فنحن مصابون بشلّة من الأفّاقين والمترهّلين والكسالى، يجلسون طول الوقت يفبركون ويبثُّون الأكاذيب، ويحجبون الحقائق عن الناس.. ويعجب الإنسان!! كيف استطاعت قناة مثل الجزيرة أن تكتسب مصداقيتها فى العالم..؟ وكيف أصبح لها مدرسة فى الإعلام ينجذب إليها الدارسون من أنحاء بلاد العرب، ليتعلموا أصول هذا الفن ويتدربوا عليه..!! وبالمقارنة، فإن الذى يشاهد برامجنا، ويتأمّل فى وجوه مقدِّميها لا بد أن يصاب بالذهول والحسرة؛ فهذه الوجوه العابثة التى تصطنع الغضب والصياح، وتتقلّص عضلاتها اشمئزازًا، ويتجلّى فى نظراتها الحقد والكراهية، لا يمكن أن تجتذب إليها مشاهدين أسوياء، ولا يمكن أن تقنع أحدًا بأن مثل هؤلاء يملكون علمًا أو خبرة محترمة، يمكن الاستفادة بها.. ولقد صدق فى وصف هذه الوجوه شاعر عربى.. قال: وجفونه ما تستقرُّ كأنها # مطروفةٌ أو فُتَّ فيها حُصْـرُمُ # وإذا أشار محدِّثاً فكأنه # قردٌ يقهقهُ أو عجوزٌ تلـطِمُ # وتراه أصغرَ ما تراهُ ناطقًا # ويكون أكْذب مايكونُ ويقسمُ..." وأبلغ من هذا فى وصف هذه الوجوه قول شاعر آخر: إذا تَمَعَّرَ أو تَكَشَّرَ ضاحكًا فكــأنه من وجــهِهِ يتغوَّطُ # وإذا تنَحْنَحَ فى الكلام حسبْتَهُ ثوْرًا يخورُ على العليقِ وينْحَطُ..".. ليس ما نشهده – يا سادة - على قنواتنا الفلولية إعلامًا بأى مقياس، وإنما هى نفايات مقزّزة، وأكاذيب مضلّلة، وأظن أن المصريين يستحقون أن يروْا وجوها أصْبَحَ، وإعلامًا أنظفَ من هذا بكثير.. وفى النهاية أسأل: "ما سر سفر البرادعى إلى أمريكا فى عز معمعة الاستفتاء، وبعد ظهور نتيجة المرحلة الأولى بالموافقة على الدستور..؟ هل ذهب يستلهم نصائح الخبراء من أصدقائه لإفشال المراحل التالية..؟ وما سر تصريحات علاء الأسوانى لصحف ألمانية وإيطالية ضد الدستور وضد الحكومة المصرية وتخويف الأوربيين من الإسلام إذا استمرت عملية الاستفتاء إلى نهايتها بالموافقة..؟ هل عند أحد من القراء جواب مفيد..؟!
__________________
#الإشـاعة يؤلفها #الحاقد وينشرها #الأحمق ويصدقها #الغبي حاول أن لا تكون من هؤلاء الثلاثة.
بالفيديو.. توثق أحداث الذكرى الثانية للثورة |
العلامات المرجعية |
|
|