|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هل تآكلت القدرات الانتخابية لـ"الإخوان" بعد تراجعهم بالجامعات؟ ![]() محمد عبد الله يونس مدرس مساعد العلوم السياسية - جامعة القاهرة "مفاجأة من العيار الثقيل" هذا هو العنوان الذي تصدر أغلب التحليلات المكتوبة حول نتائج المرحلة الأولى من انتخابات اتحاد طلاب جامعات مصر تعليقًا على التراجع الحاد في تمثيل جماعة الإخوان المسلمين، وتعرض مرشحيها في جامعات عديدة لهزائم تبدو غير متوقعة، وتتناقض مع أسطورة "الجماعة الانتخابية التي لا تقهر"، "الأكثر تنظيمًا" و"الأكثر احتكاكًا بالمواطنين" وفق مريدي الجماعة، بيد أن الإشكالية تكمن في مدى خيال الاستدلالات التي عمدت إلى استشراف نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة بناء على المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات الطلابية رغم البون الشاسع بين الحالتين، ولا يعني ذلك مطلقًا أن معادلة الانتخابات الطلابية تخلو من دلالات سياسية مهمة بقدر التأكيد على مراعاة المنطق في التعميم. دلالات ملهمة لا يكاد يختلف منصف على أن شعبية جماعة الإخوان المسلمين قد تأثرت بدرجة ما بتعثر أداء الرئيس محمد مرسي وحكومته في معالجة الأزمات الأكثر حيوية للمواطنين، بينما تكفلت المواقف والتصريحات المنسوبة لبعض قيادات ورموز جماعة الإخوان المسلمين في خضم الاستقطاب السياسي ومتوالية الأزمات بتحول هيكلي لصورة الجماعة في وعي النخب المتعلمة، بحيث باتت مسلمات نمطية من قبيل "الجماعة المضطهدة" التي ترفع شعارات "مشاركة لا مغالبة" وراية "الإسلام هو الحل" موضع مراجعة جادة في ظل التناقضات في ثنايا الخطاب والهوة الأكثر اتساعًا بين الخطاب المفرط في يوتوبيته وسلوك السلطة المتجاوز في نفعيته. في هذا الصدد يمكن اعتبار الانتخابات الطلابية امتدادًا لتلك التحولات، إذ إن مراجعة نتائج الجامعات المختلفة تكشف عن علاقة عكسية ما بين مستوى الحراك الاحتجاجي المناوئ لجماعة الإخوان المسلمين في المحافظات ومستوى تمثيل الطلاب المنتمين إليها، إلى درجة أن القائمة التي يتصدرها نجل القيادي الإخواني محمود عزت في جامعة عين شمس لم تحصل إلا على مقعدين، كما أن جامعات الإسكندرية وطنطا والبحيرة وبني سويف وأسيوط والمنيا قد شهدت تراجعًا ملحوظًا في التمثيل الطلابي للجماعة. بيد أن الدلالات الأكثر أهمية تتعلق بإصرار طلاب مختلف التيارات السياسية على المشاركة بالمخالفة لمواقف أحزابهم من مقاطعة الانتخابات البرلمانية، وبغض النظر عن تقديرات فرص صمودهم أمام تنظيم يفوقهم في الموارد والخبرات الانتخابية أو الإطار التنظيمي للانتخابات، نظرًا لإدراكهم أن المقاطعة تعني إخلاء وتهميش مساحات العمل الطلابي لصالح السلطة وجماعة الإخوان المسلمين، ولن يحقق أهداف نزع الشرعية السياسية عن اتحاد طلاب إخواني، ربما في أحد أهم الرسائل الضمنية التي تحملها الانتخابات لجبهة الإنقاذ وتيارات المعارضة. على مستوى آخر يمثل تنظيم القوائم الانتخابية في الجامعات المختلفة نموذجًا لتحالفات تتسم بقدر كبير من التماسك بالمقارنة بالتحالفات السياسية المهترئة التي ما تلبث أن تنفجر من داخلها تحت وطأة الخلافات الشخصية والتناحر على المكاسب السياسية اللحظية وفي حين تركز ائتلافات المعارضة على رصد إخفاقات السلطة ومريديها فإن ائتلافات الطلاب ركزت على طرح برامج على قدر من الجدية في التعامل مع القضايا الطلابية المرتبطة بجودة التعليم والخدمات والأنشطة الطلابية والدور المجتمعي للجامعات بما ارتقى بمستوى المنافسة إلى آفاق تتجاوز الصراعات الشخصية والتناحر الحزبي، بما يشي أن مستقبل الممارسات الانتخابية قد لا يكون قاتمًا في حال وصول هذه الكوادر للعمل السياسي عقب كسر احتكار المناصب القيادية ورحيل القيادات التقليدية المتكلسة في مختلف التيارات. ولا يعني ذلك أن المشهد الانتخابي في الجامعات اتسم بملائكية مطلقة، فالصراعات السياسية امتدت بدورها لتطال الدعاية الانتخابية للقوائم المختلفة، ووظفت بعض التيارات واقع السياسة الحالية في تظاهرات مناوئة لجماعة الإخوان كأحد الأدوات الانتخابية، وشهدت جامعات أخرى مثل جامعة عين شمس صدامات عنيفة بين أنصار الجماعة ومعارضيها في مشهد ينذر باحتمالية انتقال أمراض السياسة المصرية إلى أروقة الجامعة، أو أن يتم توظيف تلك الأحداث المتقطعة من جانب السلطة للإجهاز على هامش الحرية السياسية النسبي الذي أقتنصه الطلاب عقب ثورة 25 يناير. سياقات مختلفة لا تدعم كافة الدلالات سالفة الذكر أية استدلالات أو تنبؤات مسبقة بسقوط مدوٍّ لجماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية المقبلة أو بتداعي أركان السطوة الانتخابية للجماعة، فاختلاف السياق والبيئة والفاعلين والأطر التنظيمية والمحفزات يؤدي بالضرورة للتفاوت في النتائج، فالانتخابات الجامعية نطاق ضيق لتفاعلات سياسية أقل احتدامًا يتضمن تحييدًا لعدد كبير من التكتيكات الانتخابية والممارسات التي يشهدها الواقع. أولا: جمهور الناخبين في الانتخابات الجامعية على قدر كبير من التجانس في مستوى التعليم والفئات العمرية بما يقلل احتمالات تزييف الوعي أو توظيف شعارات غير قابلة للتطبيق، ويجعل برامج المرشحين فيصلا في المفاضلة، ناهيك عن أن حجم الدائرة الانتخابية الواحدة ضئيل للغاية ونسب مشاركة الناخبين في الاقتراع الطلابي محدودة ربما تعبيرًا عن ظاهرة العزوف السياسي بما يقلص من حدة التنافس على الأصوات. ثانيًا: الزبائنية السياسية لا تجد سبيلها للانتخابات الطلابية نظرًا لمحدودية الموارد والاختصاصات التي يضطلع بها اتحاد الطلاب، إذ لا يعدو دوره حلقة وصل بين الجامعة والطلاب، ويخضع لقيود إدارية وإشرافية تقلص من تأثيره في عملية صنع القرار في الجامعة، في المقابل فإن فرص توزيع الموارد على أساس الولاء وتأسيس شبكات تبادل المنافع والتوظيف الانتخابي لاختصاصات شاغلي السلطة تبدو أوسع نطاقًا في الانتخابات البرلمانية. ثالثًا: سقف الإنفاق الانتخابي يبدو ضئيلا للغاية في الانتخابات الطلابية معتمدًا على الموارد الذاتية بالمقارنة بالانتخابات البرلمانية التي قد تتضمن تمويلا سياسيًّا ضخمًا ربما يرتبط بشبكات تحالفات بين المتنافسين ورجال الأعمال في إطار شبكات مصالح متعارضة، وقد ينطوي على مصادر غير معلومة للتمويل نتيجة استعصاء جماعة الإخوان المسلمين على الضبط القانوني. رابعًا: محفزات الانتخاب والخدمات المقدمة لجمهور الناخبين في الانتخابات الطلابية لا تؤثر في السلوك التصويتي للناخبين لأنها لا ترتبط باحتياجات أساسية، بينما يتصاعد ذلك التأثير بقوة في حالة الانتخابات البرلمانية، فأسواق السلع منخفضة التكاليف التي تقيمها بعض التيارات السياسية وتوزيع بعض السلع غير المتوافرة على المنازل مثل أسطوانات الغاز وخدمات المرشحين والأحزاب لأبناء دوائرهم الانتخابية في قضايا التعليم والتوظيف والصحة وتوفير السلع الأساسية في ظل أوضاع معيشية متردية يمثل محددًا أساسيًّا لاتجاهات التصويت بالمقارنة بالأحزاب النخبوية التي لا يعرفها الناخبون إلا من خلال اللافتات الدعائية أو الظهور الإعلامي لرموزها. خامسًا: الممارسات غير التنافسية في حدودها الدنيا على مستوى الانتخابات الطلابية، فالسلطات والصلاحيات والموارد موضع المنافسة لا تستحق التناحر للاستئثار بها أو توظيف ال*** في مواجهة الخصوم واستهدافهم بالشائعات، كما أن حيل التلاعب بالنتائج أو التأثير على الناخبين وخرق الصمت الانتخابي قد لا تجد صدى واسع النطاق في ظل ضيق الدائرة الانتخابية بما يجعل رقابة الأطراف لصيقة بمراحلها المختلفة. سادسًا: توظيف الشعارات الدينية وخطاب السلطة يختلف تأثيره من النطاق الجامعي عن نظيره البرلماني، بالنظر إلى اختلاف التركيب العمري لجمهور الناخبين، فجمهور الانتخابات الطلابية الشاب ينزع في الغالب نحو الثورة على النمطية والانقياد خلف السلطة، بينما تميل الفئات العمرية الأكبر في الانتخابات البرلمانية لدعم السلطة طمعًا في عوائد الاستقرار على أوضاعهم المعيشية، كما تبدو نسبيًّا أكثر استجابة لتوظيف الشعارات الدينية في الخطاب السياسي. معضلة الاستشراف هل تعني هذه الاعتبارات أن فرص المعارضة في انتخابات مجلس النواب لا تعدو التمثيل المشرف؟! بالقطع لا، فالمشهد الانتخابي المصري بات يتسم بحراك وديناميكية غير مسبوقة وتغيرات آنية تجعل القطع بتنبؤات دقيقة عملية مستحيلة، فالتغير في معدلات المشاركة الانتخابية وتفضيلات الناخبين لا تخضع للحسابات العقلانية والترتيبات السياسية المفترضة لمختلف القوى السياسية، وربما يُعزى ذلك إلى أننا لم نصل بعد إلى فهم كامل ودقيق للتوجهات السياسية للمواطنين، وأن دراسات الرأي العام لم تشهد طفرات إيجابية في دقة نتائجها وأساليب وأُطر اختيار العينات وإجراءات ضبط النتائج. لكن لا يبدو من قبيل الاستشراف المخل الربط بين قدرة المعارضة على المنافسة الجادة للتيارات الإسلامية واستثمار دروس وعبر الانتخابات الطلابية في التنظيم والحشد وطرح البدائل السياسية والتفاعل مع جمهور الناخبين وتجاوز الاتجاهات النمطية التي تجد في المقاطعة والانزواء والتنديد الإجابة المُثلى لمختلف تحديات التنافسية الانتخابية تعبيرًا عن الحواجز النفسية التي أعادت إنتاج نماذج العزوف السياسي لدى نخب المعارضة، بينما يتصدر كافة هذه الدلالات أن أوان دوران النخبة قد بات حتميًّا، وأن رموز نخب الاستقطاب على اختلاف انتماءاتها بات عليها أن تتراجع لتفسح المجال للكوادر الصاعدة استثمارًا للطاقات في تجديد الدماء، وفك طلاسم الاستقطاب المحتدم الذي حكم المرحلة الانتقالية على امتدادها وحول مسار الثورة من تحقيق تطلعات الشباب إلى احتكار نخب الحكم والمعارضة لمواقع القيادة. |
العلامات المرجعية |
|
|