عباقرة الامتحانات

[Travel]

الثانوية العامة .. عباقرة الامتحانات... و المؤامرة !!





يبدو أن صداع الثانوية العامة لن ينتهي.. وسيظل المصريون يعانون منه إلي مالا نهاية.. كدت أصدق من يتبعون نظرية المؤامرة والذين يرون أن لا أحد يرغب في حل مشكلة الثانوية العامة ليظل المصريون مهمومين بها وكأنه لا تكفيهم هموم الحياة الأخري من ارتفاع أسعار وضعف مرتبات وغيرها وغيرها.

لكني أري أن المؤامرة أكبر من ذلك.. فهي مؤامرة علي التعليم والعلماء والبحث العلمي في مصر.. أي علي مستقبل البلد كله!!

نعم.. كوارث الثانوية العامة والاعتماد فيها علي الدروس الخصوصية في كل المواد لم يؤثر فقط علي مستوي حياة الأسرة المصرية التي تقتطع من قوتها الضروري لتوفر ثمن هذه الدروس الخصوصية. لكنه أثر علي التعليم في مصر بصفة عامة.. فالمدارس الثانوية أصبحت خاوية من الطلاب أغلب شهور العام الدراسي..من ناحية أخري اعتماد التلاميذ علي المذكرات التي يعطيها لهم المدرسون الخصوصيون جعلهم لا يعيرون أي اهتمام للكتب المدرسية التي تكلف الوزارة بلايين الجنيهات لترمي كما هي دون أن تفتح. إضافة إلي أن اعتياد الطلاب علي الملخصات ونظام السؤال والجواب يجعلهم فاشلين تماما في الجامعة لا يقرأون كتب المواد المقررة ولا يهتمون بعمل الأبحاث المطلوبة وينتظرون آخر العام حتي يعطيهم أساتذة الجامعة وبأسعار مرتفعة للغاية ملخصات لهذه الكتب علي هيئة مذكرات شبيهة بما كان يعطيه لهم المدرسون الخصوصيون في المرحلة الثانوية ناهيك عن انتقال ظاهرة الدروس للجامعات!!.. ويكون هدف التعليم في الثانوي والجامعة مجرد اجتياز الامتحانات والحصول علي الشهادة أو "يافطة" البكالوريوس أو الليسانس.

والأمر والأدهي يأتي من السادة واضعي امتحانات الثانوية العامة الذين يتفننون في تطفيش التلاميذ من أقسام العلوم والرياضيات.. فالشكوي الأزلية كل عام تأتي من امتحانات الرياضيات والكيمياء والفيزياء.. مما يجعل أغلب طلاب الثانوية العامة في مصر الآن يلجأون للقسم الأدبي لضمان الحصول علي مجموع يدخلهم الجامعات الحكومية.. وأصبحت المدرسة الثانوي التي تضم عشرين فصلا فيها 19 فصلاً للقسم الأدبي وفصل واحد علمي. أما الطلاب الذين اختاروا الرياضيات فيعدون علي الأصابع في كل مدرسة.. بل إن إحدي المدارس الحكومية الكبري ليس بها إلا تسعة طلاب بقسم الرياضيات..
وهنا أعتقد المؤامرة الحقيقية أي أنه سيأتي الوقت الذي لا يكون عندنا فيه خريجو رياضيات أو كيمياء أو فيزياء. ونفقد بالتدريج قاعدة العلماء التي تفخر بها مصر.. ويصبح كل خريجينا من الكليات الأدبية.. فهل يرضي ذلك السادة العباقرة واضعي امتحانات الرياضيات والعلوم؟!


المصدر : الجمهورية