اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-08-2013, 11:48 PM
مواطن بسيط مواطن بسيط غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
العمر: 52
المشاركات: 280
معدل تقييم المستوى: 12
مواطن بسيط is on a distinguished road
Impp الخاسرون مع الرابحة


الخسارة إحدى اثنتين؛ فإما فوات الكسب، وإما زوال الأصل، وإن فوات الكسب أهونُ على الخاسر من زوال الأصل، فبالأصل يستطيع المرء أن يَعقِل أموره، ويُنقِّب عن مناحي التقصير، وطرائق التغيير، ويجمع شتات ماله، ويستعيد ما ضاع منه رجاءَ التعويض ودرء الخسارة الكبرى، وزوالُه - أعني الأصل - ردةٌ للفقرِ والحاجة والعِوَز، وعندها يدخل الإنسان في منعطفات الثمانية الذين تجب لهم الصدقة؛ مصداقًا لقوله: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].

وأما الربح، فهو إدراك الكسب والزيادة، وبقاء الأصل، هذا ما كان من أمور الدنيا.

مُسلَّمات تلك التعاريف، لا تحتاج لتغيير أو تحريف، لكنها قد تختلف من كاتب لآخر حسب الدقة والبلاغة في تصوير المعاني والكلمات.

ولنسمو فوق معطيات الدنيا ومتطلباتها القصيرة لنرتقي عاليات الهمم، وغاليات الثمن، ألا وهي التجارة مع الله، تلكم الرابحة بلا شك، والمغنية بلا ريب، فلا يُنازِعنَّك في الأمر مجادلٌ أو معاند.

وإن من أعلى المكاسب لتلك التجارة، هو دفْع الضرر بالنجاة من عذاب الله وعقابه، واجتناب نيرانه التي أجِّجت من أزمنة لا يَعلَم مداها إلا هو - سبحانه وتعالى - مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الصف: 10، 11]، وإن كلاليب الصراط لَتَكشفُ للعاصين والمقصِّرين عن سيئ المآل وسوء المنقلب.


إن التجارة مع الله رابحة مربحة لا شك في ذلك، شريطة تَوافُر العامل النفيس، والغالي غير الرخيص، ألا وهو الإخلاص، فنجاح أي عمل يتطلَّب الإخلاص، وصِدْق المساعي يجعلها عند الله مشكورةً مأجورة، تُثاب على قدْر الإخلاص فيها؛ كالطالب متى اجتهد فقد أخلص، وكذلك الطبيب والعامل والزارع والراعي، إذا صدق الرعية وأخلص واتقى الله فيها، باتت له حصيلة من الجند التي لا يُحصيها إلا الله؛ تُدافِع وتزود عنه، حتى الطير في الأعشاش وساكنات الأكنان والجحور.

وعلى النقيض تمامًا، متى أخلَّ فرد بمسؤولياته أيًّا كان موقعه ومكانه، فإنه يكون قد أتى جُرمًا في حق نفسه وحق ربه وحق مَن يرعى، وهنا يكون الإخلاص شحيحًا عنده وعند من بحوزتهم مقاليد حكمه وتوابع قيادته.

إذًا ضالة الكثير من الناس هي الإخلاص، وشميلة المتقين هي تلك الضالة، وأتمنَّى لو يصبح الإخلاص ضالة الناس، فالضالة هي من يتوق الناس لها، ويتحسَّسون نوالها.

فهل أصبحت نفيسة غالية لا تُشترى ولا تباع؟! ربما تكتسب بتسبيحة صادقة، وتحميدة قانعة بأن الله مع المحسنين مع المتقين مع المخلصين، وأن الله لا يختبر ولا يتعرَّض لابتلاء البشر حتى يجتهد الناس في العمل ويُخلصوا.

ولفتة قصيرة غير أن فيها من الحِكم والموعظة الحسنة ما يردُّنا إلى الإخلاص لله مردًّا جميلاً:
لقد كان الفاروق عمر يتسابق في الخيرات، بل كان يستخفي بالليل ليَعودَ مرضى المسلمين وفقراءهم وذوي الحاجة والاحتياج، ولم يكن يَصطحِب معه طائفة تُطري له وتشكر، أو تذكر في الصبح أمام الرعية ما أنجز عمر، بل كان يعمل ويندرج تحت مظلَّة من قال فيهم ربُّنا - عز وجل -: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 60]، عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 60]، قالت عائشة: "أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟"، قال: ((لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدَّقون، وهم يخافون ألا يُقبَل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات))؛ رواه الترمذي (3175)، وصحَّحه الألباني؛ صحيح سنن الترمذي، 287: 3، قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي": "﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ﴾؛ أي: يُعطون ﴿ مَا آتَوْا ﴾؛ أي ما أَعطَوا من الصدقة والأعمال الصالحة، ﴿ وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾؛ أي: خائفة ألا تُقبَل منهم؛ ﴿ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾؛ أي: لأنهم يُوقِنون أنهم إلى الله صائرون".

فتوخي الإخلاص، وخلاص النية لله ليخشى المُنفِق والمُحسِن والمتصدِّق ألا تكون لله خالصةً، وإن القلب لا يَسع الضدين معًا: الإخلاص والنفاق.

ولا داعي للإطالة؛ ففي الإسهاب والتطويل الملل، ونسيان المراد من الكلام، وفي البساطة الإقناع ومنال الرجاء، ولا يسعنا غير أن نرجو من الله العلي القدير أن يُهيأ لتلك الأمة أمر رشْدٍ، يُعَز فيها أهل الطاعة، ويُذَل فيه أهل المعاصي وصناع الفتن، ومَن ركنوا للذين ظلموا أنفسهم، ومَن استعان بظالم على أخيه حتى ولو كان من المُفرِّطين.

هذا ما ارتقينا به من عِلم وفَهْم، وما على القارئ الكريم بزيادة تفضلنا، ولا على أرباب البيان تطاولنا، لكنه ممن عُلمنا؛ ولرُب قارئ أوعى من كاتب، ولرب مستمع أدرى من متكلِّم، والله المستعان.


محمد صادق عبدالعال
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26-08-2013, 12:44 AM
الصورة الرمزية مستر محمد سلام
مستر محمد سلام مستر محمد سلام غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
العمر: 41
المشاركات: 7,493
معدل تقييم المستوى: 21
مستر محمد سلام is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس جيد ايها المواطن البسيط
وما انفع التجارة مع الله عز وجل
اعزكم الله واصلح بالكم

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:14 PM.