اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > التاريخ والحضارة الإسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 10-09-2013, 10:49 PM
مواطن بسيط مواطن بسيط غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
العمر: 52
المشاركات: 280
معدل تقييم المستوى: 12
مواطن بسيط is on a distinguished road
Impp التحليل السياسي لبيعتي العقبة

التحليل السياسي لبيعتي العقبة[1]


أولاً: تمهيد
بعد دخول دعوة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - مرحلتها العلنية، بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحين مواسم الحج ليعرض نفسه على الوفود القادمة من شتى بقاع أرض العرب.

وفي موسم الحج الذي وافق السنة الحادية عشرة من البعثة التقى رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - بستة نفر من الخزرج عند الصفا، ولما كان هؤلاء العرب جيران اليهود في المدينة (يثرب) فقد كانوا قد سمعوا بظهور النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وما أن كلمهم - صلى الله عليه وسلم - بما يدعو له حتى آمنوا به، ولكنهم لم يبايعوه وأحبوا أن يعودوا إلى قومهم ليخبروهم ويناقشوا الأمر معهم.

في العام القادم أي في السنة الثانية عشرة للبعثة النبوية، جاء اثنا عشر رجلاً وهم نقباء قومهم في يثرب عشرة من الخزرج واثنان من الأوس، ومنهم خمسة من الستة الذي حضروا العام الماضي، والتقوا برسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - سراً في العقبة، وبايعوه وكانت هذه (بيعة العقبة الأولى)، فعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - وكان شهد بدراً وهو أحد النقباء ليلة العقبة: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، وحوله عصابة من أصحابه: "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا ت***وا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه " فبايعناه على ذلك)[2].

وأرسل رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - معهم مصعب بن عمير - رضي الله عنه - معلماً، وابن أم مكتوم قارئاً وإماماً في الصلاة، ثم وفي العام الثالث عشر من البعثة أي بعد سنة واحدة، حضر وفد كبير من يثرب مكون من ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأتين، وبايعوا رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكانت هذه البيعة مختلفة عن الأولى وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرحاً بها وسميت ببيعة (العقبة الكبرى)، فعن كعب بن مالك - رضي الله عنه -، الذي شهد العقبة، وبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها، قال: (خرجنا في حجاج قومنا من المشركين، وقد صلينا وفقهنا ومعنا البراء بن معرور كبيرنا وسيدنا، فلما توجهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة، قال البراء لنا: يا هؤلاء، إني قد رأيت والله رأياً، وإني والله ما أدري توافقوني عليه أم لا، قال: قلنا له: وما ذاك؟ قال: قد رأيت أن لا أدع هذه البنية مني بظهر، يعني الكعبة، وأن أصلي إليها، قال: فقلنا: والله ما بلغنا أن نبينا يصلي إلا إلى الشام، وما نريد أن نخالفه، فقال: إني أصلي إليها، قال: فقلنا له: لكنا لا نفعل، فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام وصلى إلى الكعبة، حتى قدمنا مكة، قال أخي: وقد كنا عبنا عليه ما صنع، وأبى إلا الإقامة عليه، فلما قدمنا مكة قال: يا ابن أخي انطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاسأله عما صنعت في سفري هذا، فإنه والله قد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم إياي فيه، قال: فخرجنا نسأل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكنا لا نعرفه لم نره قبل ذلك، فلقينا رجل من أهل مكة، فسألناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هل تعرفانه؟ قال: قلنا: لا، قال: فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب عمه؟ قلنا: نعم، قال: وكنا نعرف العباس، كان لا يزال يقدم علينا تاجراً، قال: فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس، قال: فدخلنا المسجد فإذا العباس جالس، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه جالس فسلمنا، ثم جلسنا إليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للعباس: "هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟ "قال: نعم هذا البراء بن معرور سيد قومه، وهذا كعب بن مالك، قال: فوالله ما أنسى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الشاعر؟ " قال: نعم، قال: فقال البراء بن معرور: يا نبي الله إني خرجت في سفري هذا، وهداني الله للإسلام، فرأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر، فصليت إليها، وقد خالفني أصحابي في ذلك، حتى وقع في نفسي من ذلك شيء، فماذا ترى يا رسول الله؟ قال: " لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها "، قال: فرجع البراء إلى قبلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى معنا إلى الشام، قال: وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات، وليس ذلك كما قالوا، نحن أعلم به منهم، قال: وخرجنا إلى الحج، فواعدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العقبة من أوسط أيام التشريق، فلما فرغنا من الحج، وكانت الليلة التي وعدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من سادتنا، وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا فكلمناه، وقلنا له: يا أبا جابر، إنك سيد من سادتنا، وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطباً للنار غداً، ثم دعوته إلى الإسلام، وأخبرته بميعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأسلم وشهد معنا العقبة، وكان نقيباً، قال: فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نتسلل مستخفين تسلل القطا حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة، ونحن سبعون رجلاً، ومعنا امرأتان من نسائهم نسيبة بنت كعب أم عمارة إحدى نساء بني مازن بن النجار، وأسماء بنت عمرو بن عدي بن ثابت إحدى نساء بني سلمة، وهي أم منيع، قال: فاجتمعنا بالشعب ننتظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى جاءنا ومعه يومئذ عمه العباس بن عبد المطلب، وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، ويتوثق له، فلما جلسنا كان العباس بن عبد المطلب أول متكلم، فقال: يا معشر الخزرج، قال: وكانت العرب مما يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج أوسها وخزرجها، إنَّ محمداً منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، وهو في عز من قومه، ومنعة في بلده، قال: فقلنا: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك، ولربك ما أحببت، قال: فتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتلا ودعا إلى الله عز وجل ورغب في الإسلام، قال: " أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم، وأبناءكم"، قال: فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنَّك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن أهل الحروب، وأهل الحلقة، ورثناها كابراً عن كابر، قال: فاعترض القول، والبراء يكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو الهيثم بن التيهان حليف بني عبد الأشهل، فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبين الرجال حبالاً، وإنا قاطعوها - يعني العهود - فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك، وتدعنا؟ قال: فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: " بل الدم الدم، والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم"، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم "، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيباً منهم تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس - وأما معبد بن كعب فحدثني في حديثه، عن أخيه، عن أبيه كعب بن مالك - قال: كان أول من ضرب على يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البراء بن معرور، ثم تتابع القوم، فلما بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرخ الشيطان من رأس العقبة بأبعد صوت سمعته قط: يا أهل الجباجب- والجباجب: المنازل- هل لكم في مذمم والصباة معه؟ قد أجمعوا على حربكم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " هذا أزب العقبة هذا ابن أزيب، اسمع أي عدو الله أما والله، لأفرغن لك "، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ارفعوا إلى رحالكم " قال: فقال له العباس بن عبادة بن نضلة: والذي بعثك بالحق لئن شئت لنميلنَّ على أهل منى غداً بأسيافنا، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لم أؤمر بذلك "، قال: فرجعنا فنمنا حتى أصبحنا، فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاءونا في منازلنا، فقالوا: يا معشر الخزرج، إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا، وتبايعونه على حربنا، والله إنه ما من العرب أحد أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينه منكم، قال: فانبعث من هنالك من مشركي قومنا، يحلفون لهم بالله ما كان من هذا شيء، وما علمناه، وقد صدقوا، لم يعلموا ما كان منا، قال: فبعضنا ينظر إلى بعض، قال: وقام القوم وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، وعليه نعلان جديدان، قال: فقلت كلمة كأني أريد أن أشرك القوم بها فيما قالوا: ما تستطيع يا أبا جابر، وأنت سيد من سادتنا أن تتخذ نعلين مثل نعلي هذا الفتى من قريش، فسمعها الحارث فخلعهما، ثم رمى بهما إليَّ، فقال: والله لتنتعلنَّهما قال: يقول أبو جابر: أحفظت - والله - الفتى، فاردد عليه نعليه، قال: فقلت: والله لا أردهما، فأل والله صالح، والله لئن صدق الفأل لأسلبنه "[3].

ثانياً: التحليل السياسي
للإجراءات المتخذة في بيعتي العقبة:
في قراءة واقعية مستفيضة لأحداث بيعتي العقبة ومعهما الموقف الأول على الصفا يوم أسلم ستة نفر أمام النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ولكنهم لم يبايعوا، نصل إلى حقيقة مهمة؛ هي أن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - كان قد كون رؤية واضحة من دراسة كافة الجوانب المتعلقة بالموضوع، فلهذا جاءت الأفعال كانعكاس لما خطط له وهي إجراءات تخطيطية في غاية الدقة والروعة، وفيها:
1- إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تكلم مع أول وفد (ستة أشخاص) لم يترك الأمر على الغارب، بل تابع شأنهم، وفي السنة التالية أصبحوا اثني عشر فرداً، ومن أجل المزيد من المتابعة معهم وإدامة الاتصال مع القيادة المتمثلة بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أرسل معهم مصعب بن عمير - رضي الله عنه - ممثلاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعلماً ومتابعاً، فكان له بالغ الأثر في تقدم الحالة والحصول نتائج إيجابية.

والمتابعة أمر في غاية الأهمية في العمل السياسي وغيره، ثم استمرت المتابعة إلى السنة الثالثة فكان العدد أكثر من سبعين فرداً، فمتابعة النتائج تأتي بنتائج عظيمة وتتطور بشكل مضطرد، ولو أن الأمر كلّف المزيد من الوقت والجهد، ولكن ستُجنى في النهاية نتائج باهرة من جراء ذلك، فلقد تضاعف العدد من 6 أفراد إلى المئات في يثرب فتكون النتائج قد تضاعفت عشرات المرات في فترة زمنية قياسية.

2- في المشاريع السياسية الكبيرة (التغييرية) والاستراتيجية يؤخذ التدرج بنظر الاعتبار، وصولاً إلى صورة متكاملة وواضحة، ومشتملة على كليات وأساسيات وتفاصيل المشروع.

فلقد بدأ رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - بستة أشخاص لم يطلب منهم شيء سوى أنهم يؤمنوا بالعقيدة الإسلامية وبمبادئها، ثم لما صاروا اثني عشر رجلاً، أخذ منهم بيعة عُرفت بـ(بيعة النساء) وليس فيها قتال ولا دفاع مشترك، فالمطلوب منهم فقط الالتزام بعدم اجتراح المعاصي والعمل على نشر الفضيلة كمفهوم إصلاحي في المجتمع، ثم حصل الاتفاق والعقد النهائي مع الوفد الأخير في بيعة العقبة الثانية، وهي اتفاق شراكة واسع المعاني ودفاع مشترك وقتال من أجل البعض، ويتضح ذلك بقول النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -: "بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم، وأنتم مني أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم".

وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق لم يُبرم بشكله النهائي إلا بعد ثلاث سنوات من الانتظار، ولكن لا ضير في ذلك، فالأمور الكبيرة تحتاج إلى مخاض مناسب يأخذ وقته الكافي لولادتها، وربما لا يكون المخاض طويلاً فحسب بل عسيراً أيضاً.

3- الحرص على السرية في العمل السياسي، والسرية واحدة من أعظم أسباب نجاح الأعمال، فيقول كعب بن مالك رض الله عنه: (وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا)، ويؤكد ذلك بقوله - رضي الله عنه -: (نتسلل مستخفين تسلل القطا حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة).

فقريش لم تسمع باللقاءات المتعاقبة إلا بعد أن تدخل الشيطان بنفسه، لأن الأساليب البشرية عجزت عن ذلك لمستوى السرية العالية التي اتُّبِعت من قبل المسلمين، والشيطان حين يتدخل يكون قد أيقن أن الأمر فيه خطورة شديدة على مستقبل الشرك الذي سعى لتأسيسه في جزيرة العرب وخارجها، فالأمر إن يكن فاتَ عن كثير من الناس، فلم يكن ليَفُت على الشيطان، فالأمر في العقبة الكبرى يتعلق بالتأسيس لبناء دولة جديدة في المنطقة ترفع لواء التوحيد وتطرح نفسها كمنهج حياة بديلاً عن الترهات والخزعبلات التي كان الشيطان يستميت لنشرها، ورغم كل ذلك وحتى الشيطان لم يكن ليفلح في إيقاف الأمر.

4- استخدام أساليب التضليل والتمويه للعدو؛ ومن ذلك خروجهم من المدينة (يثرب) إلى مكة من أجل الحج ضمن وفد يجمعهم مع المشركين من قومهم دون تميزهم بقافلة تخصهم، واختيار موعد اللقاء والبيعة في أوسط أيام التشريق التي فيها المزيد من الحركة وتشابك المناسك من ال*** والطواف والسعي، واختلاط الناس بشكل كبير وانشغالهم بمصالحهم يصعب معها التركيز في عمليات المراقبة.

ومنها إثارة موضوع النعلين، فما هي إلا وسيلة تضليل لجر الحديث لموضوع ثانٍ فرعي وعدم التركيز على الموضوع الرئيس فكثرة الحديث فيه ربما انفلتت كلمة من هنا أو هناك تؤدي إلى كشف الأمور.

5- الدقة في تعيين المكان والزمان، فالعقبة مكاناً مناسباً وقريباً لا يلفت الإنظار، ويمكن العودة بين الناس بأقل وقت في حالة حدوث أمر طارئ يستوجب ذلك، وأما الزمان فكان بعد ثلث الليل الأول والناس يغطون في نوم عميق فهم متعبون من فعاليات النهار، وأما القمر فهو يقترب من أن يكون بدراً إلا قليلاً فيكون الطريق مُضاءً ويسيراً ولن يحتاج الماشي ليلاً إلى حمل شعلة من النار من أجل الإضاءة.

6- اعتماد أمور تنظيمية إدارية في غاية الروعة، منها حضور الأفراد أولاً وانتظارهم لرئيس المؤتمر متمثلاً بشخص الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومناقشة أمور جوهرية كلية وأساسية وليست تفصيلية وثانوية ربما تستهلك معظم وقت الاجتماع.

7- قبل الانتهاء من الاجتماع واقتضاء وجود بيعة ومن أجل تيسير عملية التواصل بين القائد والأفراد تقرر إخراج نقباء وهم (ممثلين) أو (مخولين) عن بقية الأفراد، وهو إجراء سياسي يعمل به في يومنا هذا فيما يعرف بـ (البرلمان) أو (مجلس الشعب)، ولكن الفرق في المهام الموكلة لهم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي وقتنا هذا، وروعي حينها التمثيل النسبي المناسب للأفراد فالخزرج كانوا أكثر عدداً فبالتالي سيكون نقباؤهم أكثر من الأوس، وكانوا النقباء اثني عشر رجلاً وهم من سيتكلم في المستقبل أصالة عن أنفسهم ونيابة عن الآخرين.

8- في حالة حياة الفرد المسلم في دولة كفر تعلن الحرب عليه وعلى من مثله، ولا تتوفر له أدنى مستلزمات القتال أو حتى الدفاع عن النفس، وغياب تكافؤ الفرص بين الجانبين، ينبغي أن لا يُعلن القتال مع العدو وتعريض حياة المسلمين للخطر، فلربما وقعت أمور لا تحمد عقباها، فالحفاظ على حياة المسلمين أهم في تلك المرحلة، ولا بد من التخطيط جيداً واختيار وقت القتال بشكل دقيق، لذلك حين ارتفع حماس العباس بن عبادة بن نضلة - رضي الله عنه -، وقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي بعثك بالحق لئن شئت لنميلَنَّ على أهل منىً غداً بأسيافنا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الموقف: "لم أؤمر بذلك"، فالقتال لم يحن وقته بعد، ولكن الجهاد لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى مستمر، وما القتال إلا نوع من أنواع الجهاد.

9- ( مجيء الرسول - صلى الله عليه وسلم - بصحبة عمه العباس[4] يحتمل أن يكون تعتيماً على قريش وقطعاً للمتابعة اللصيقة منهم، إذ لو خرج مع أبي بكر أو عمر لربما صحبه أبو لهب أو أبو جهل لمتابعته كما كانوا يفعلون، ثم إن العباس عمه ومن أهله فلا يستنكر أن يخرج الرجل مع أقاربه )[5].

10- وجود النساء في البيعة الثانية له دلالاته، فالمرأة شريك مهم في الحياة، ولها دور أساس ومهم في بناء الدولة، ولها وظائف تتشابه أحياناً وتختلف أخرى عن الرجل، ولكنها في كل الأحوال مكلفة كالرجل ولها رسالة وقضية تسعى لنجاحها.

فوجود المرأة هنا فيه تصحيح لمفاهيم خاطئة كثيرة في حقها، يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمراً، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم"[6].

[1]جاء في معجم البلدان؛ والعقبة: منزل في طريق مكة بعد واقصة وقبل القاع لمن يريد مكة، وهو ماء لبني عكرمة من بكر بن وائل.

[2]صحيح البخاري - كتاب الإيمان- باب : علامة الإيمان حب الأنصار.

[3]مسند الإمام أحمد - مسند المكيين - بقية حديث كعب بن مالك الأنصاري.

[4]العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه -، عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، رأى بعض المؤرخين وأهل العلم أنه لم يكن أسلم في تلك الحادثة وإنما كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كأحد عمومته للتوثق له، في حين رأى آخرون إنه كان قد أسلم مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولكنه كان يخفي إسلامه لمصلحة دينية، فهو ينقل أخبار مؤامرات المشركين وغيرها للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو الأرجح والله أعلم.

[5]الهجرة ومقدماتها، د. يحيى إبراهيم اليحيى، صفحة 47.

[6]صحيح البخاري - كتاب تفسير القرآن - سورة البقرة - باب تبتغي مرضاة أزواجك.





عبدالستار كريم المرسومي
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:37 PM.