|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
السؤال
♦ ملخص السؤال: فتاة تستفسر عن أمرين: الأول: أنها أحبتْ شابًّا، وتدعو الله أن تكونَ زوجته، وتسأل: هل تكون بذلك تعدتْ في الدعاء أو لا؟ الثاني: هي تدرس الفيزياء، ولا تريد هذا التخصُّص، وتسأل: ماذا تفعل وهي لم تستفدْ شيئًا مِن هذا التخصص طوال دراستها؟ ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله و بركاته. بارك الله في فريق عمل هذه الشبكة، وسدَّد خطاكم، وثقل بما تفعلون موازين حسناتكم. لديَّ سؤالان أرجو النظَر فيهما ومساعدتي: السؤال الأول: إذا أحبَّت المرأةُ رجلًا، وعلِمَتْ منه حبَّه لها، وحافظتْ على هذا الحبِّ، بجَعْلِه بعيدًا عن أيِّ علاقة آثمةٍ؛ خوفًا مِن الله، ودعتْه بأن يجمعَهما اللهُ إذا كان في ذلك خيرٌ لهما، ودعتْ لهذا الرجلِ أن يُصيبه مِن الخير مثلما تدعو به لنفسها، هل تكون بذلك قد اعتدتْ في الدعاء، أو أبعدتْ خيرًا كان مِن الممكن تحقيقه، لولا دعاؤُها؟ وإذا انتظرتْ هذا الرجلَ لأَجَلٍ مُسَمّى، ورفضتْ مَن يتقدَّم لها، ولو كان كفُؤًا، هل تكون آثمةً برفضها؟ السؤال الثاني، وهو يتعلق بدراستي الجامعية: أنا على مَشارف التخرُّج بعد أن قضيتُ خمس سنوات في الجامعة، وأحسبني قد خرجتُ بأقل مما دخلتُ؛ دخلتُ بهمةٍ وأهدافٍ، وخرجتُ بلا همة وبلا أهداف. لا أُحِبُّ مقولة: مشروع فاشل، ولكنها كانتْ تجربةً، وتعلَّمْتُ على الأقل بعض الأشياء، مشكلتي أني تخرجتُ بمستوى ضعيفٍ، ولا أملك حتى الإرادة للدراسة، وسد الفَراغات الحاصلة لي للمُضِيِّ في مسابقات الدكتوراه، وأدنى منه العمل، وتقديم ما تعلمتُه لغيري. أصبحتُ أكره الدراسة، ولا أطيق رؤية الأوراق، ولعل ردَّكم يأتي بعد مُضِيِّ بعض الوقت الذي يلزمني فيه الإعداد لمذَكِّرة التخرُّج، وأنا والله أحس بثِقَلٍ على صدري كالجبل كلما هممتُ بالدراسة، فأهملتُها، لكن لا بُدَّ مِن فِعْلِ شيءٍ لأكونَ أفضل، ولعل هذا الكُرْه نتيجة الكبت المستمر لبعض القناعات والأفكار السلبية تجاه الدراسة، والتي لم أحاولْ مُناقشتها مع مَن هو أَهْلٌ لذلك، عانيتُ كثيرًا مِن مناقشتها مع نفسي، وتجاهُل بثِّها لأحدٍ؛ لأني لم أجِدْ طرفًا مُحايِدًا. مِن هذه القناعات: • أني تربَّيْتُ على أنَّ الدراسة في الاختلاط لا تجوز، وآثِمٌ مَن يفعل هذا، وأنا لستُ رافضةً لما يقوله الشرعُ بشأن الاختلاط، لكن ليس في بلدي جامعة غير مختلطة. • منها كذلك أنَّ كل العلوم - عدا العلوم الشرعية - علوم دنيوية، وما أدرسه أنا - خاصة (الفيزياء) - غير نافعٍ لي كامرأةٍ مسلمةٍ. كانتْ هاتان الفكرتان معي منذ دُخولي الجامعة، وأيُّ إحباطٍ كنتُ أقع فيه كان يجعلني في صراعٍ مفاده: هل الطريق الذي أسير فيه يُرضي الله؟ أو أني أُحاول الوصول إليه سبحانه بغير ما يريده (والعياذ بالله)؟ لا أُنكر أني أهملتُ في دراستي، ولم أكن الطالبة النجيبة التي تسعى للتعلم حتى إن لم تجدْ معلمًا، لكن هل يمنع هذا أن أحتجَّ على الوضع الكارثي الذي ندرس فيه؟ فأهونُ الأمور أننا ندرس أربعة أشهر على الأكثر في فصلٍ نسميه أكاديميًّا: سداسيًّا، وما خَفِي كان أعظم؛ كل هذا جعَلني أفْقِد الثقة في أساتذتي وجامعتي ونظامنا التعليمي المستورد. كنتُ أحلم أن أكونَ عالمةً - بإذن الله - لكن ساءتْ أحوالي بشكلٍ كبيرٍ، وأصبح وقتي يضيع بشكلٍ مؤسفٍ، أصبحتُ أهرب للنوم مِن تأنيب الضمير. أحاول مراجعة كل إحباط وسوء حال لي بسبب بُعدي عن الله، وأنا بالفعل كذلك، أحاول الرجوع والتوبة، وأسأله دومًا أن يريني الحقَّ حقًّا، ويرزقني اتباعه. أردتُ أن أبثَّ هذه الأفكار إليكم، علَّني أجد مَن يجتث منها الخطأ، ويهديني الله به إلى الحق، ملتَمِسَةً رحابة صدر مَن يقرأ كل هذا. وأعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيرًا. الجواب وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته. حياكِ الله، وشكَر لكِ حُسن ثنائكِ، وتقبَّل دعاءكِ. أولًا: لا يُعاقِب الله عبادَه على مشاعرَ تغزو قلوبهم على غير إرادةٍ منهم، ولا يكون الحبُّ داعيًا لسخط الله حتى يفضيَ إلى معصيةٍ، أو يدعو لمُنكر، وأما الميلُ الفطريُّ والانجذابُ الغريزيُّ الذي تجده الفتاةُ نحو شابٍّ على دينٍ وخُلُقٍ، أو يجده الشابُّ نحو فتاةٍ يغض البصر عنها، ولا يجد في قلبه إلا ميلًا - فذاك مما لا طاقة لبشرٍ في دَفْعِه، ولا حيله له لِردِّه. لكن المشكلةَ ليستْ في هذا الميل الذي تشعرين به، ولا في تلك المحبة الصامتة، بل عليكِ أن تكوني أكثرَ نُضجًا ووعيًا؛ فكم مِن فتاةٍ لعبتْ بها المشاعرُ، وأرهقتْها العواطفُ، وصوَّرت لها أحلامُها أن المحبةَ بينهما متبادلة، وأنه يشعر بما تشعر به أو يزيد؛ ثم تمر الأيامُ، تتلوها الشهورُ، تعقبها الأعوامُ، وهي في حالة انتظار!! وهنا مكْمَن الخطر. ورغم صِغَر سنِّكِ، إلا أن هناك فُرصًا إن ذهبتْ لا تعود، لهذا حاولي التثبُّت مِن أمرك، والتحقُّق من شأنه بأي وسيلةٍ لا يكون فيها ما يحرجكِ، أو يُقَلِّل من شأنكِ؛ فالكثيرُ من الشباب يحتقر الفتاة حين يشعر بميلها نحوه، أو يزدري مَن تُبادر بخطوةٍ في سبيل ارتباطهما، ويزهد فيها من بَعد رغبة! لا توجد ثمَّة مشكلة في الدعاء بأن يُيَسِّر الله زواجكما إن كان فيه الخيرُ لكما، وليس في الدعاءِ له بصلاح الحال ما يضركِ، إلا أنه سيرفع مِن درجة محبتك له، وسيزيد من تعلُّقكِ به، فأرجو أن تعملي على تقليل ذلك، أو تعميم دعواتكِ وجعْلها لشباب المسلمين عامة! وخلاصة نصيحتي لكِ بشأن هذا الحب الذي ترينه متبادَلًا بينكما: أن تُعجِّلي باتخاذ خطوة رسمية بزيارة الشاب لبيتكم، والحديث مع والدكِ حول رغبته في الزواج؛ ليكن بمثابة خِطبة، أو مجرد اتفاق، ريثما تتحسَّن أحواله، ويفتح الله عليه مِن أبواب الرزق ما يُمكنه مِن فتح بيت وإعالة أسرة. ثانيًا: تلمَّستِ رحابة صدر مَن يقرأ تلك المعاناة، والحقيقة أنكِ حصلتِ على أكثر من ذلك؛ فقد تفاعلتُ مع أسطركِ حتى عدتُ بالذاكرة إلى الوراء؛ حيث أصابني بعض ما أصابكِ حين قدَّر الله لي دراسة (الفيزياء) والتخصص فيها كعلم أكاديميٍّ راقٍ يفْتَح الله به على المرء مِن أساليب التفكير العلمي ما ينعكس على كافة جوانب حياته، بما فيها البيت! لا أُخفي عليكِ، رغم سوء الأسلوب الدراسي الذي عانيته، والذي يُعانيه غالب الطلاب في جامعاتنا العربية؛ حيث يتم التركيزُ على المادة العلمية بأسلوب جافٍّ صلب لا يُعين على الإبداع، بل يئد المواهب في مَهْدِها - فإن هذا التخصُّص مِن أرقى وأجمل التخصُّصات التي تفتح الذهن، وتولد الأفكار، وتُشعل فتيل الإبداع، ولو لم يكن في نفس التخصُّص. الاختلاطُ غير جائز لا أختلف معكِ في هذا، لكن ما حيلة مَن لا طاقة له بتغيير الحال؟ أيترك المجال لغيره مِن أهل الشر والفساد حتى يصيرَ أهل العلم منهم، وأهل الجهل من الصالحين؟ فما عليكِ أنتِ وغيركِ إلا أن تتجنبي ذلك الاختلاط، وتتجنبي النظر والتعامل مع الشباب، وتسعي جاهدةً لتحصيل العلم، دون التراجع والتقهقُر. لقد وضعتِ حاجزًا منيعًا، وسدًّا عاليًا بينك وبين عِلمٍ مِنْ أَجَلِّ العلوم وأرفعها، فلم تتمكني مِن الاستمتاع به، ولم تُفسحي المجال لنفسكِ لتُبدع وتُنتج أسمى ما لديها، فإن وصلكِ ردِّي قبل إكمال بحث التخرُّج، فأرجو أن تدفعي تلك الأفكار، وتُلقي بها في أقرب سلة للمهملات، فلا يليق بمثلكِ أن تنْساق وراء أوهام نسَجَها خيالها، وإحباط صوَّره عقلها، ولتنهضي في عزيمةٍ وأملٍ لتُجَدِّدي من طاقتكِ، وتشحذي إيمانكِ، ولتعلمي أنَّ كلَّ عِلم تتعلمينه له وجه للإفادة، بيد أنَّ الكثير لا يعلمون كيف يُوظفونه فيما ينفعهم في دينهم أو دُنياهم، فيخرجون كما دخلوا، وينتهون كما بدؤُوا أو أسوأ، وأرجو ألا تقولي: فات الأوان، فقد اعترفتِ بنفسكِ أن هناك استفادةً حاصلة، إلا أنها ليستْ على نحو يُرضيكِ ويُسعدكِ. أخيرًا قال ابن الجوزي في "صيد الخاطر": "ينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يُمكنه، فلو كان يتصور للآدمي صعود السموات، لرأيتُ مِن أقبح النقائص رضاه بالأرض". أعانكِ الله، وفتح عليكِ، وملأ قلبكِ سعادةً ورضًا، ونفع بكِ وبعلمكِ الطيب والله الموَفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل
__________________
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|