حــذاء صديقتــى

[دمياطية]

حــذاء صديقتــى:

#مجرد_رأى
جلستٌ وصديقتى بالأمس القريب فى أحد المطاعم لتناول وجبة خفيفة وبعض السوائل بعد قضاء بعض الأعمال والمهام إستلزمت التنقل من مكان لآخر فى هذا الجو الحار الرطب / أجارنا الله جميعنا من نار جهنم وحرّها وبردها،

غالبية المقاعد فى المطعم محجوزة ما بين الأسر والأصدقاء والثنائيات وغيرهم من النماذج التى لا تخفى عليكم ،
قمنا بتحديد ما نريد وطلبناه من النادل الذى كان وجهه متشرباً بحٌمره لامعة من كثرة المجهود الذى يبذله ورغم هذا قابلنا بإبتسامه ودعابة خفيفة أننا أتينا قبل إنقطاع الكهرباء وقت الذروة ، رغم أننا لمحنا أحد المولدات اليابانية الحديثة أثناء دخولنا للمطعم ، كما هو حال انقاطعها الآن وقت كتابتى تلك ،

تجاذبت وصديقتى أطراف الحديث وعملت أنها كانت تشترى أغراضاً لها قبل وقت اللقاء وقد أحضرتها معها ، وأرادت أخذ رأيى فيها ،
من ضمن الأغراض - حذاء - أعزكم الله جميعا،

فطلبت منها أن ترتديه لأراه فى قدميها وأبدى رأيى كما طلبت ، فتحرجت وإمتنعت ،

فقلت لها : لما كل هذا الإحراج؟
قالت ... المكان ممتلىء بالزبائن سيروننا ،
قلت لها ... ضعيه أسفل المنضدة وأرتديه فلن يشعر بك أحد ،
قالت ... كيف ذلك ، إنظرى هناك من يجلس على الطاولة بجوارنا،
قلت لها ... انظرى أنتى إليهم يتناولا طعامهما فى هدوء ولن يشعرا بنا ،
فقد كانا زوجاً وزوجته ،
هو فى عقده السادس وهى فى عقدها الخامس ، وهكذا ربيع العٌمر،

كانا متقابلين فى جلستيهما ،نظرت إلي الزوج وجدته يتناول ملعقة من طعامه ويمضغها على مهل ،و كأنه يقوم بعد مرات مضضغه لها ، وينظر بعنيه إلى حرف الطاولة الأيسر مركزاً فيه وكأنه يحادثه حديثاً داخلياً يمتد منذ عصور ،

أما الزوجة تنظر تارة لزوجها وتارة لطعامها وتارة أخرى تتحول فى أرجاء المطعم ببصرها ، وهى أثناء تلك الحركة تقابلت عينايا بعينها فما لاحظت وظلت على حالها الذى ذكرت ،
فثبتٌ نظرى إليها وطلبت من صديقتى أن ترقٌبنا ، لم أطلبها منها صريحة بل : بطرقة طفيفة أمامها بأناملى وإشاحة تجاهها بطرف عيني ،
فراقبتنا صدقتى ولدقيقة تقريباً ، حتى ابتسمت فجأة ، عندما لمحت تلك الزوجة قد انتبهت لوجودنا وابتسمت ابتسامة مرتعشة موجهة بصرها إلى عينى وعادت لتناول طعامها .

نظرت لصديقتى وقلت ... هل رأيت وهل فهمت ؟؟؟،
كل مشغول بأموره ، هائم فى عالمه ، تائه فى أسراره وأفكاره ، يتأمل نفسه ، يتدبر حاله ،
لن يلتف إليك مالم تثيرين انتباهه بحركات ملفته أو أصوات مزعجة أو إقتحمت عن عمد خصوصيته وأو إقتربت إليه ،

ابتسمت صديقتى وأخرجت الحذاء وقامت بتجربته وأثنيت عليه ، ووضعته مرة أخرى فى علبته ووضعتها على امقعد المحاور لها ،

وقالت لى ... قد كنتى محقة ، فما انتبه أحد وما إكترث إلىّ،
قلت لها ... قبل أن تهتمى أنتى برأيهم و تعوّلى كثيرا على ردات فعلهم ، أصٌدقى مع نفسك فبما ستفعلين ،
قيمى ماتريدين هل هو صحيح ؟ هل متماشيا مع ديننا وأخلاقنا ؟
هل فيه إيذاء لنفسك وإيذاء لغيرك ؟
هل فيه تجاوزا لحقك ؟ هل فيه إهدار لحق غيرك ؟

فقاطعتى صديقتى قبل أن أكمل قائلة ... ماذا عن الأعراف والعادات والتقاليد ؟
قلت لها ...العادات والأعراف هى سلوكيات ومعتقدات وآراء فرضها الأموات على الأحياء منها ماهو خاطىء ومنها ماهو صحيح ، ولو عادوا إلينا الآن لما فعلوها وحررونا من أسرها وزيف تقديسها وما خضبها عند توارثها وتناقلها من تهديد ووعيد ،

ومن الأقوال ... ليس كل قديم أصيل وليس كل جديد دخيل ،
فقط ... خذ من العادات والتقاليد ما يتناسب مع الدين .

قالت ... ربما يقتصر هذا الوصف على ما نحن فيه من وضع هذا الحين ، لكن الغالبية تكترث دائما لأقوال وردود فعل الأخرين .
قلت ... إسألى أحد تلك النماذج التى عنها تتحدثين ، هل فعلا تشعر بالرضا ؟
هل حياتها تسير وفق ما تخطط وتتجه نحو أهدافها وما إليه ترنوا وتحاول جاهدة التحقيق ؟
قالت ... ربما
قلت... أسألى أحد تلك النماذج وسأنتظر ردك وحينها سأطلعك فكيف سيكون الحال لو لم نكن نحن ردات فعل للآخرين.وها أنا ذا أنتظر !

...................... ®®®