اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > الأدب العربي

الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 25-04-2015, 02:16 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي دفاع عن النحو والفصحى

دفاع عن النحو والفصحى(1)
(الدعوة إلى العامية تطل برأسها من جديد)





د. إبراهيم عوض



توطئة:


"أمامكم فرصة العمر الآن لخنق الإسلام و***ه، فلا تضيعوها"! هذا هو الشعار الذي يتنادى به هذه الأيام أعداءُ دين الله من كل ملة ومذهب، متوهمين في عَمايتهم وغلظ بصيرتهم وأكبادهم أن الإسلام يلفظ فعلًا أنفاسه الأخيرة، وأنهم إذا ما كثفوا جهودهم بعض الشيء في حربه، فسوف يتخلصون منه ويرتاحون إلى الأبد، وهذا غباء مطبق؛ إذ كيف يمكن مخلوقًا عاجزًا فانيًا أن يطفئ نورَ الله الذي يسطع في آفاق السموات والأرَضين بنفَس واهٍ من فمه؟ إن دين محمد باقٍ ما بقيت الحياة، إلا أن أصحاب القلوب الغُلف لا يفهمون، ولسوف يُفيق الأوغاد من أوهامهم على قارعة تصكهم صكًّا، وتبددهم شر مبدد، وعندها سيندمون ندامة الكُسَعِي، ولكن لاتَ حينَ مَندَمٍ.





وهذا الوهم المغفَّل قد سوَّل للصراصير الجبانة أن تخرج من جحورها، وقد قام في خيالها المجنون أن بمستطاعها الإطاحة بالرواسي الشُّم، متناسية أنها مجرد صراصير حقيرة، فرأينا صرصورًا يهاجم القرآن المجيد، وصرصورًا آخر يناطح السنة النبوية المشرفة، وصرصورًا ثالثًا يحاول النيل من سيد الأنبياء والمرسلين، وصرصورا رابعًا يطاعن لسان العرب الذي نزل به كتاب الله، فقضى له مِن ثم بالخلود، وصرصورًا خامسًا...، وصرصورا سادسًا... إلى آخر الصراصير، وما أكثرها! إلا أنها تبقى، في نهاية المطاف، صراصير قذرة، تبعث على الاشمئزاز، وتثير الغثيان، ولا تستحق من أحدنا أكثر من أن يسحقها بحذائه!


الراجي رضا ربه والهائم بحب رسوله





دفاع عن النحو والفصحى:


صدر في العام الماضي عن دار رياض الريس كتاب من 176 صفحة يهاجم العربية الفصحى ونحوَها، بعنوان: "جناية سيبويه - الرفض التام لما في النحو من أوهام"، لشخص يدعى: زكريا أوزون، جاء في مقدمته: أن اللغة العربية أصبحت لغة جامدة، بل تراجعت عالميًّا، حتى إن أهلها أنفسهم لم يعودوا يهتمون بها، وأرجع ذلك إلى سببين: علم النحو العربي، والاشتقاق اللغوي لاستيعاب المفردات والمصطلحات الجديدة، أما الكتاب نفسه فينصبُّ كله تقريبًا على نقد النحو العربي، ومحاولة البرهنة على أن قواعده مجافية للمنطق والعقلانية، أما مسألة الاشتقاق فقد لمسها الكاتب لمسًا عجلًا في صفحات لا تزيد على أصابع اليد الواحدة، مضيفًا إليها دعوته إلى اطِّراح الأرقام التي نستخدمها اليوم، والأخذ بما يسمى بـ: "الأرقام العربية"، التي يكتب بها الأوربيون الآن، وهي: "1.2.3.4".





وبالنسبة لنقد النحو العربي نجد أن المؤلف لا ينهج سبيلًا يعرف القارئ منها بسهولة ووضوح ما يريده بالضبط: هل يريد تخفيف القواعد بحذف بعض أبوابها، أو اختصار شيء من تفصيلاتها، أو الاعتراض على فلسفة هذا الاستعمال أو ذاك منها؟ أم هل يريد إلغاء النحو والإعراب جملة واحدة، والركون إلى تسكين أواخر الكلمات؟





أم هل تراه يريد بالأحرى ترك الفصحى تمامًا، والانكفاء إلى العامية، ثم إن كان المراد هو الهدف الأخير، فأية عامية يا ترى نتخذ، والعاميات (كما هو معروف) كِثارٌ بكثرة عدد الأقطار العربية، لا بل بكثرة عدد المناطق داخل كل قُطر من تلك الأقطار؟ فهذا أول ما يمكن أن يؤخذ على الكتاب ومؤلِّفه.





ولنبسط القول في ذلك بعض البسط:


إنه يأخذ على النحاة مثلًا أن الإعراب لا يجري على أساس المنطق[1]، أتراه إذا ما تبين له أنه يجري على أساس منطقي يرجع عن موقفه؟ فماذا هو قائل إذًا إذا عرفناه أنه يجري على منطق القياس: فكل من نفَّذ الفعلَ أو تحقَّق الفعلُ من خلاله يضم آخره إن كان اسمًا مفردًا أو مجموعًا بغير الواو/ الياء والنون، أو ينتهي بالواو إذا كان من هذا الباب الجمعي، أو كان مما يسمى بالأسماء الستة في حالة إفرادها وإضافتها لغير ياء المتكلم، أو ينتهي بالألف إذا كان يدل على اثنين... وقِسْ على ذلك سائر الحالات في الأسماء والأفعال، فإن شذ شاهد عن ذلك كانت له قاعدته التي تبين سر شذوذه: إما لتخلُّف شرط من الشروط، وإما لأنه يتبع لهجةَ قبيلة بعينها تخالف سائر العرب، وإما لأنه شاهد شعري يخضع لضرورات الوزن والقافية، وإن كان هذا الوضع الأخير مِن الندرة بحيث لا يعوَّل عليه.





صحيح أنه يمكن المجادلة بأنه لا منطق في جعل الفاعل مضمومًا، أو منتهيًا بالواو أو بالألف، أو في جعل المفعولات مفتوحة، أو مكسورة (في جمع الألف والتاء)، أو منتهية بالياء (في حالة جمع المذكر السالم والمثنى)، أو بالألف (في حالة الأسماء الستة)، وهذه حجة يميل كاتب هذه السطور إلى تقديرها والأخذ بها، بل لقد سبق أن رددتُ بها على ابن جني، ذلك اللغوي العظيم، في معرض تحليلي لكتابه القيم: "الخصائص"[2]، ومن ثم فإني لا أجد أية غضاضة في سؤال المؤلف وجوابه التاليين: "ما هي العلاقة التي تربط الرفع (فيما يسمى "الأفعال الحمسة") بثبوت النون، والنصب أو الجزم بحذفها؟ والجواب: لا علاقة البتة بينهما"[3].





لكني مع ذلك أسارع إلى الرد بأنه لا بد، في كل مجال من مجالات الحياة، من نقطة بَدءٍ يتم الاتفاق عليها والتسليم بها، ثم الانطلاق منها وجعلُها قاعدة يقاس عليها ما يجدُّ بعد ذلك من حالات تشبهها، مثلًا: لماذا كان ملعب كرة القدم مستطيلًا بأطواله التي نعرفها؟ ولماذا كانت كرة القد مستديرة، بينما كانت كرة الرجبي بيضية؟ ولماذا هذه الاختلافات بين الملعبين في هاتين اللعبتين وفي عدد أفراد كل فريق وفي الشروط التي تحكم اللعبة؟ ولماذا كان عدد الصلوات خمسًا، وكانت الصبح ركعتين، والمغرب ثلاثًا، وسائر الصلوات أربعًا؟ ولماذا يجوز قصر الصلوات الرباعية ولا يجوز ذلك في الثنائية والثلاثية؟ ولماذا كانت سنوات التعليم الابتدائية ستًّا، وكل من المرحلتين الإعدادية والثانوية ثلاثًا، والجامعية أربعًا؟ إن هذه كلها نُقَط انطلاق فقط، ثم يبدأ المنطق في القياس عليها.





ثم هل تنفرد لغتنا بأنه من الصعب أو ربما من المستحيل معرفة المنطق الذي وراء هذا الإعراب أو ذاك التصريف أو ذلك الاشتقاق مثلًا؟ فما هو إذًا، يا ترى، المنطق الذي يجعل الجملة في اللغات الأوربية - التي درسناها، والتي من الجلي الواضح أن صاحب "جناية سيبويه" يعجب بها أشد الإعجاب - هي جملة اسمية دائمًا؟ ولماذا كان تصريف الأفعال في هذه اللغة أو تلك منها على النحو الذي نعلمه؟ ولماذا يختلف تصريف فعل الكينونة في الإنجليزية عن سائر الأفعال؟ ولماذا يشذ تصريف بعض الأفعال عن نظيراتها؟ ولماذا كان توليد الكلمات في هذه اللغات يقوم بوجه عام على إلحاق المقاطع بأوائلها أو نهاياتها لا بالطريقة الاشتقاقية المتبعة عندنا في معظم الحالات؟ إن مثل هذه الأسئلة لا تنتهي، ولو أن أصحاب كل لغة، حينما فكروا في وضع نحوٍ للغتهم، عملوا على أن يمنطقوا هذه المسلمات التي تنطلق منها، وإلا نبذوها وبحثوا عن لغة جديدة يتحقق فيها هذا الشرط، لَمَا صمدت لغة واحدة لهذا العبث، ولكانت البشرية كلها لا تزال حتى الآن في طور الإشارة باليد والتهتهة باللسان، فعل البكم! فإن كان المؤلف يقصد بغياب المنطق هذا الذي أقوله هنا فهو متعنت، يهرِفُ بما لا يعرف، ويُدخِل نفسه في مآزق لا يستطيع أن يسد فيها مسدًّا، وليس هذا مِن شيمة العلماء الذين يقدرون لأرجُلهم قبل الخَطْو موضعها، بل هو إلى النزق الطفولي أقرب رُحمًا، والآن، وقد عرفنا أن اللغة العربية تجري على منطق القياس في إعراباتها واشتقاقاتها، وإن لم يتبين لنا أنها تجري عليه في أساس هذه الإعرابات والاشتقاقات، هل نطمع في أن يرجع السيد أوزون عن موقفه منها؟





يتبع،،






[1]انظر "جناية سيبويه"/ رياض الريس للكتاب والنشر/ بيروت /2002م/ 15 - 16.




[2] يرجع إلى كتابي "من ذخائر المكتبة العربية"/ دار الفكر العربي / 1421هـ - 2000م/ 118 وما بعدها.




[3]ص 46.






رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:02 AM.