اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد نبينا .. للخير ينادينا

محمد نبينا .. للخير ينادينا سيرة الحبيب المصطفى بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-06-2015, 09:57 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء كالرجال


مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء كالرجال[1]

الروض الوريف شرح حقوق ال*** اللطيف [7]


وائل حافظ خلف

كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع الرجالَ على السمع والطاعة والنصرة[2]، وكانت أول بيعة منه لنقباء الأنصار في عَقَبَة مِنًى قبل الهجرة على بيعة النساء كما في السيرة، ولكن آية بيعة النساء لم تكن نزلت، وبايعهم البيعة الثانية الكبيرة على منعه - أي حمايته - مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، وبايع المؤمنين تحت الشجرة في الحديبية على أن لا يفروا من الموت، سنة ست من الهجرة.


وخُصت بيعة النساء[3] بذكر نصها في سورة الممتحنة، وهو قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [الممتحنة: 12].


نزلتْ يومَ فتحِ مكةَ، وبايع النبيُّ صلى الله عليه وسلم بها النساءَ على الصفا بعدما فرغ من بيعة الرجال على الإسلام والجهاد. وكان عمر بن الخطاب يبلغه عنهن وهو واقف أسفلَ منه.


وقد حضرتْ هند بنتُ عتبةَ امرأةُ أبي سفيانَ بنِ حربٍ بيعةَ النساء هذه وهي متنقبة متنكرةٌ مع النساء؛ لئلا يعرفَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت أخرجتْ كَبِدَ عمِّه حمزةَ رضي الله عنه يوم قُتل في أُحُدٍ فمضغتها ولاكتها شماتةً وانتقامًا[4]. ولكنها كانت تتكلم عند كل جملة.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبايعهن" ﴿ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً ﴾ [الممتحنة: 12]، فرفعت هند رأسها وقالت: واللهِ، إنك لتأخذ علينا أمرًا ما رأيناك أخذته على الرجال - وكان بايع الرجال يومئذ على الإسلام والجهاد - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَلاَ يَسْرِقْنَ ﴾ فقالت هند: إن أبا سفيانَ رجل شحيح، وإني أصبت من ماله هَنَاتٍ فلا أدري أيحل لي أم لا؟ فقال أبو سفيان: ما أصبْتِ من شيء فيما مضى وفيما غَبَرَ[5] فهو لك حلال، فضحِك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفها، فقال لها: "وَإِنَّكِ لَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ؟"، قالت: نعم، فاعفُ عما سلف عفا الله عنك، فقال: ﴿ وَلاَ يَزْنِينَ ﴾ فقالت: أوَ تزني الحرة؟! فقال: ﴿ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ ﴾ فقالت هند: ربيناهم صغارًا و***تموهم كبارًا فأنتم وهم أعلم، وكان ابنها حَنْظَلَة بن أبي سفيانَ قد قُتل يوم بدر، فضحِك عُمرُ رضي الله عنه حتى استلقى، وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ﴿ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ ﴾ - وهو أن تقذف ولدًا على زوجها وليس منه - قالت هند: والله إن البهتان لَقبيحٌ وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق. فقال: ﴿ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾ قالت هند: ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء[6]. فأقر النسوةُ بما أخذ عليهن.


وكان صلى الله عليه وسلم يقول لهن عند المبايعة: "فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ، وَأَطَقْتُنَّ"، فيقلن: "اللهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا"[7].


أقول: وأية رحمة ويُسر في الإسلام أوسع من تقييد الله طاعةَ رسوله بالمعروف[8]، وهو لا يأمر إلا بالمعروف [ومنه منع عادات الجاهلية في الموتى[9]] ثم تقييد الرسول نفْسِه ذلك بالاستطاعة والطاقة وفاقًا لقوله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]، وقولِه: ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286]، وقوله: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]، وقوله: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78].


و*** الأولاد يدخل فيه ما كان يفعله بعض العرب من وَأْدِ البنات أي دفنهن حيات اتقاء لعارهن أن يُسبين أو يَفجرن، وقتْلِ الصغار لأجل الفقر أو خوف الفقر إذا كبِرن، وقال بعض المفسرين: إن منه تعمُّدَ المرأة إسقاطَ الجنين لأي سبب من الأسباب[10].


وأما البهتان الذي أُخذ عليهن ألا يفترينه بين أيديهِن فهو أن يُلحقن بالرجل ولدًا ليس له كما فُسِّر في الحديث - أي ولو لقيطًا يلتقطنه فإن المرأة تضع طفلها كذلك، وهذه الكناية من أبدع كنايات القرآن بلاغةً ونزاهة.


ثم بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال بيعة النساء كما في حديث عُبَادَةَ بن الصامت رضي الله عنه المتفقِ عليه، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال: "تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ" - وقرأ الآية التي أُخذتْ على النساء: ﴿ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ ﴾ [الممتحنة: 12] - "فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَهُوَ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ".


وروى الإمام أحمدُ أن فاطمة بنت عُتْبَةَ جاءت تبايعُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأخَذَ عليها ﴿ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ ﴾ [الممتحنة:12] الآيةَ، فوضعتْ يدها على رأسها حياءً، فأعجبه ما رأى منها، فقالت عائشة: [أَقِرِّي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، فَوَاللهِ مَا بَايَعَنَا إِلَّا عَلَى هَذَا]، قالت: [فَنَعَمْ إِذًا]، فبايعها بالآية[11].


[1] أي: فيما أخذ عليهم، وإن مما تفترق البيعتان فيه المصافحةَ، فإنه ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط إلا امرأة يملكها، غير أنه كان يبايع النساء كلامًا يكلمهن به، كما أخبرت أمنا عائشة رضوان الله عليها.
وقد قال صلى الله عليه وسلم لما قالت له النسوة: هلم نبايعْك يا رسول الله، قال: "إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ، إِنَّمَا قَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِا مْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ" أخرجه النسائيُّ [4181] وغيرُه، وصححه ابن الجوزي، وسيأتي مزيد بيان لهذا بعد قليل إن شاء الله تعالى.
وانظر "أحكام القرآن" للقاضي أبي بكر ابن العربي رحمه الله [ج4/ ص1791] ط/ دار الفكر العربي، و"سلسلة الأحاديث الصحيحة" للشيخ الألباني [2/ 63-67].
[2] قال الإمام الشافعي رحمه الله: "أما بيعة النساء فلم يشترط فيها السمع والطاعة؛ لأنهن ليس عليهن جهاد كافر ولا باغٍ، وإنما كانت بيعتهن على الإسلام وحدوده". نقله الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" [5/ 52]، وقال ما مختصره: قد كانت البيعة بيعةُ الرجال على وجوه، منها أنها كانت أولاً على القتال وعلى أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأبناءهم ونساءهم، وعلى نحو ذلك كانت بيعة العقبة الثانية قبل الهجرة. ثم لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بايع الناس على الهجرة، وقال: "أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ بَاقٍ مَعَ مُشْرِكٍ" فكان على الناس فرضًا أن ينتقلوا إلى المدينة إذ لم يكن للإسلام دارٌ ذلك الوقت غيرَها ويدَعوا دار الكفر. ولما فُتحتْ مكةُ لم يبايع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أحدًا على الهجرة وإنما كانت البيعة على الإقامة بدار الهجرة قبل أن يفتح الله على رسوله مكة، وكان المعنى في البيعة على الهجرة الإقامة بدار الهجرة وهي المدينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته حتى يصرفهم فيما يحتاج إليه من غزو الكفار وحفظ المدينة وسائر ما يحتاج إليه، وكان خروجهم راجعين إلى دار أعرابيتهم حرامًا عليهم؛ لأنهم كانوا يكونون بذلك مرتدين إلى الأعرابية من الهجرة، ومَن فعل ذلك كان ملعونًا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[3] قال ابن الجوزي في "زاد المسير": "قد سمينا من أحصينا من المبايعات في كتاب "تلقيح فهوم أهل الأثر" على حروف المعجم، وهن أربعمائة وسبع وخمسون امرأة" ا.هـ.
فائدة:
قال ابن كثير: كان رسول صلى الله عليه وسلم يتعاهد النساء بهذه البيعة يوم العيد، كما قال البخاري [4895]: حدثنا محمد بن عبد الرَّحيم، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني ابن جريج، أن الحسن بن مسلم أخبره عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: شَهِدْتُ الصَّلاَةَ يَوْمَ الفِطْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدُ، فَنَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجَالَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ، حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ مَعَ بِلاَلٍ، فَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ ﴾ [الممتحنة: 12] حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا، ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ: "أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ؟" فَقَالَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ - لاَ يَدْرِي الحَسَنُ مَنْ هِيَ - قَالَ: "فَتَصَدَّقْنَ" وَبَسَطَ بِلاَلٌ ثَوْبَهُ، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الفَتَخَ وَالخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ.
فائدة أخرى:
جاء في كتاب "حُسن الأُسوة" من كلامه على مبايعة النساء وأركانها: "هذه هي البيعة الثابتة بالسنة في دين الإسلام، فمن أنكرها فقد أنكر القرآن. والأمر للوجوب عند الطلب منهن.
وهكذا ثبت ذلك في الرجال، وهي على أنواع: بيعة الجهاد، وبيعة ترك السؤال، وبيعة قبول الإسلام، وبيعة عدم الفرار من الزحف.
وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه مائة ألف وأربعة وعشرون نفسًا كلهم من المبايعين. وبيعة الصوفية [وغيرِهم] اليومَ إذا وافقت إحدى صور البيع المأثورة فهي السنة، وإذا خالفت فأين هذا من ذاك؟! ".
وقال في "فتح البيان في مقاصد القرآن" [9/ 386] ط/ دار الفكر العربي:
"هذا هو البيعة الثابتة بالسنة في دين الإسلام. وأما التي أحدثها الصوفية والمشايخ وجهلة المتصوفة فلا تثبت بدليل شرعي، ولا اعتداد بها، بل هي مصادمة لما ثبت بالكتاب والسنة كما ترى".
[4] لم يثبت هذا عن هند رضي الله عنها، وقصة إخراج كبد حمزة رضي الله عنه وإن كانت من الشهرة بمكان إلا أنه لا إسناد لها يثبت. فتبصر.
[5] غَبَرَ: من الأضداد، بمعنى مضَى وبقِي، والثاني هو المراد هنا، وقد جاء مصرحًا به في رواية الطبري، إذ فيها: "قال أبو سفيان: ما أصبتِ من شيء مضى، أو قد بقي، فهو لكِ حلال".
[6] هذه السياقة لم أرها إلا في كتب التفسير غير المسندة، كتفسير "الكشاف" للزمخشري، و"مدارك التنزيل" للنسفي، وغيرِهما.
وقال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف": "غريب بهذا اللفظ، ورواه الطبري في "تفسيره" مختصرًا، فقال: حدثنا محمد بن سعد، قال: ثنا أبي، عن عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب فقال: "قل لهن: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايعكن على... ". وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن مقاتل بن حيان فذكره كما تقدم، وزاد: "فقالت هند: ربيناهم صغارًا ف***تموهم كبارًا، فضحِك عمر بن الخطاب حتى استلقى" ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "الكافي الشاف": "لم أره بسياقه، لكن أخرجه الطبري بمعناه وأخص منه من طريق العَوْفي عن ابن عباس" ا.هـ.
قلت: عطية العَوفي فيه لين، ثم إن في السياق نكارةً؛ فقد قال العماد ابن كثير في "التفسير": "هذا أثر غريب، وفي بعضه نكارة، والله أعلم؛ فإن أبا سفيان وامرأته لما أسلما لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيفهما، بل أظهر الصفاء والود لهما، وكذلك كان الأمر من جانبه عليه السلام لهما". ا.هـ.
ذلك، وقد قال ابن سعد في "الطبقات الكبير" [ج10/ ص9، 226]: أخبرنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا عمرو بن أبي زائدة قال: سمعت الشعبيَّ يذكر أن النساء حين بايعن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُبَايِعْنَ عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا" فقالت هند: إنَّا لقائلوها "وَلاَ تَسْرِقْنَ" قالت هند: قد كنتُ أصيب من مال أبي سفيان، قال أبو سفيان: فما أصبتِ من مالي فهو حلال لك "وَلاَ تَزْنِينَ" قالت هند: وهل تزني الحرة؟ "وَلاَ تَقْتُلْنَ أَوْلادَكُنَّ" قالت هند: أنت ***تهم.
وهذا سند صحيح مرسل كما قال الحافظ في "الإصابة" [4/ 564] ط/ مكتبة مصر.
ويشاكهه ما قال ابن سعد: أخبرنا عبد الله بن جعفرٍ الرَّقِّيُّ، أخبرنا أبو المَلِيح، عن ميمون بن مِهران أن نسوة أتين النبيَّ صلى الله عليه وسلم - فيهن هند ابنة عتبةَ بنِ ربيعةَ وهي أم معاوية – يبايعنه، فلما أنْ قال: "وَلاَ تُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلاَ تَسْرِقْنَ" قالت هند: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مِسِّيكٌ، فهل عليَّ حرج أن أصيب من طعامه من غير إذنه؟ قال: فرخَّص لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الرطب ولم يرخص لها في اليابس، قال: "وَلاَ تَزْنِينَ" قالت: وهل تزني الحرة؟ قال: "وَلاَ تَقْتُلْنَ أَوْلادَكُنَّ" قالت: وهل تركت لنا ولدًا إلا ***ته يوم بدر؟ قال: ﴿ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾. قال ميمون: ولم يجعلِ الله لنبيه عليهن الطاعةَ إلا في المعروف، والمعروف طاعة الله تعالى.
[7] صحيح: أخرجه الإمام مالك في "الموطإ" [2/ 982-983/ 2]، ومن طريقه أحمد في "المسند" [6/ 357]، والنسائي في "الكبرى"، وابن حبان، والبيهقي في "السنن الكبرى" [8/ 148]، عن محمد بن المنكدر، عن أُمَيْمَةَ بنتِ رُقَيْقَةَ.
وأخرجه أحمد، والنسائي في "الصغرى" [4181]، والترمذي [1597]، وابن ماجه [2874] مختصرًا، والطبري في "التفسير"، من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن المنكدر، عن أميمة. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث محمد بن المنكدر. وروى سفيان الثوري ومالك بن أنس وغير واحد هذا الحديث عن محمد بن المنكدر".
وصحح إسنادَ أحمدَ أبو الفداء ابنُ كثير في "التفسير"، وقال: "وقد رواه أحمد أيضًا من حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن المنكدر، عن أميمة به، وزاد: قالت: "ولم يصافح رسول الله صلى الله عليه وسلم منا امرأة".
وكذا رواه ابن جرير من طريق موسى بن عقبة، عن محمد بن المنكدر به.
ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي جعفر الرازي، عن محمد بن المنكدر، حدثتني أميمة بنت رقيقة وكانت أخت خديجة خالة فاطمة من فيها إلى في... فذكره.
[8] راجع "أحكام القرآن" لابن العربي [4/ 1793].
[9] كنتف الشعور، وشق الجيوب، ولطم الخدود، وخمش الوجوه، ودعاء الويل والثبور، والنياحة، والإسعاد، وهو - حسبما قال ابن الأثير في "النهاية" - الإعانة في المناحات، تقوم المرأة فتقوم معها أخرى من جاراتها فتساعدها على النياحة.
وقد كان نساء الجاهلية يسعد بعضهن بعضًا على النياحة، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخذ البيعة على النساء أن لا يَنُحْن، قلن: يا رسول الله، إن نساءً أسعدتنا في الجاهلية أفَنُسْعِدُهُنَّ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "لَا إِسْعَادَ فِي الْإِسْلَامِ".
فائدة: لم يرخص في الإسعاد إلا لأم عطية رضي الله عنها خاصة وفي حق قوم بأعيانهم كان فيهم مأتم وكانوا قد أسعدوها في الجاهلية، وذلك قبل أن تبايع، والخبر في ذلك مروي من طرق عند مسلم [937]، والنسائي [4179]، وأحمدَ [6/ 408]، وغيرِهم.
[10] قال العماد ابن كثير قدس الله رُوحه ونور ضريحه: قوله تعالى: ﴿ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ ﴾: يشمل ***ه بعد وجوده كما كان أهل الجاهلية ي***ون أولادهم خشية الإملاق، ويعم ***َه وهو جنين كما يفعله بعض الجهلة من النساء، تطرح نفسها لئلا تحبَل، إما لغرض فاسد أو ما أشبهه.
[11] أخرجه الإمام أحمد في "المسند" [ج6/ ص151]، قال: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري أو غيرِه، عن عروة، عن عائشة قال: جاءت فاطمة بنتُ عتبةَ بنِ ربيعةَ تبايع النبي...
وليس الشك في ذا الإسناد بضار الأثر شيئًا، إذ قد رواه غيرُ أحمدَ فقال: [معمر، عن الزهري، عن عروة] بغير شك، بل هو على هذا في "مصنف عبد الرزاق" [9827]، ومن طريقه أخرجه ابن حبان [4554-إحسان]، والبزار [70/ كشف الأستار]، وإسناده صحيح.
والأثر أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 37] وقال: رواه أحمد إلا أنه قال: عن معمر عن الزهري أو غيرِه عن عروة، والبزارُ لم يَشُكَّ، ورجاله رجال الصحيح.


رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 08:10 AM.